دبي-الوطن
تدخل اتفاقيتا الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وكل من الجمهورية التركية وجمهورية إندونيسيا حيز التنفيذ غداً (الأول من سبتمبر 2023)، لتفتحا أسواقاً جديدة وتوفران فرصاً واعدة أمام الصادرات والاستثمارات الإماراتية في اثنتين من أهم مناطق النمو الاقتصادي في العالم.

ويعد بدء تنفيذ الاتفاقيتين، بما تمنحانه من حوافز لتدفق التجارة البينية غير النفطية مع تركيا وإندونيسيا كلاً على حدة، محطة مهمة ضمن خطط توسيع شبكة الشركاء التجاريين للدولة حول العالم، وخصوصاً أن الدولتين لديهما أهمية استراتيجية متزايدة على خريطة التجارة الدولية، وتعدان بوابة رئيسية للأسواق الإقليمية المحيطة بهما.

ومع دخول الشراكة مع تركيا وإندونيسيا حيز التنفيذ غداً، يرتفع عدد اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الجاري تنفيذها بالفعل إلى أربع، حيث كانت الشراكة مع الهند قد تم تطبيقها مطلع مايو 2022، فيما دخلت الاتفاقية مع إسرائيل حيز التنفيذ مطلع أبريل 2023. وفي الوقت نفسه، يجري حالياً إنهاء الترتيبات اللازمة لدخول مزيد من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي أبرمتها الدولة حيز التنفيذ تباعاً.

وقال معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية إن بدء تنفيذ اتفاقيتي الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وكل من تركيا وإندونيسيا، كلاً على حدة، يعد محطة مهمة ضمن مستهدفات خطط الدولة لتوسيع شبكة الشركاء التجاريين مع أسواق ذات أهمية استراتيجية إقليمياً وعالمياً، حيث ستفتح الاتفاقيتان آفاقاً واعدة وأسواقاً جديدة أمام الصادرات والاستثمارات الإماراتية في اثنتين من أهم مناطق النمو الاقتصادي عالمياً.

وأضاف معاليه أن الاتفاقيتين مع كل من تركيا وإندونيسيا ستعملان على ترسيخ الشراكة والنمو المشترك مع اثنين من الشركاء التجاريين الأسرع نمواً لدولة الإمارات، حيث صممت كلتا الاتفاقيتين بهدف تحفيز وتسهيل تدفق التجارة البينية غير النفطية، وتأمين سلاسل التوريد وتوفير فرص بناء الشراكات مع مجتمعي الأعمال في الدولتين الشريكتين من أجل تحقيق التوسع والنمو والازدهار الاقتصادي المشترك، بالإضافة إلى تحفيز تدفق رؤوس الأموال لقطاعات واعدة مثل الطاقة والخدمات اللوجستية والسياحة والاقتصاد الإسلامي والزراعة وغيرها.

وأكد معاليه أن توالي دخول اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي أبرمتها الدولة حيز التنفيذ يسهم في تحقيق المستهدفات الوطنية الرامية إلى مضاعفة التجارة الخارجية الإماراتية غير النفطية وصولاً إلى 4 تريليونات درهم، وكذلك مضاعفة الصادرات الوطنية إلى 800 مليار درهم، وفقاً لرؤية “نحن الإمارات 2031″، مشيراً إلى أن الاتفاقيات قيد التطبيق حالياً مع كل من الهند وإسرائيل وتركيا وإندونيسيا تتيح فرصاً واعدة أمام الصادرات الإماراتية في أسواق كثيفة السكان وعالية الاستهلاك.

وتوقع معالي الدكتور ثاني الزيودي أن يتواصل خلال الفترة القادمة ظهور الأثر الإيجابي لاتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي دخلت حيز التنفيذ على المستويات التاريخية غير المسبوقة التي تسجلها التجارة الخارجية غير النفطية للدولة، لتعزز مسارها الصاعد بشكل فصلي ونصف سنوي منذ عام 2020.

وكانت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وإندونيسيا قد تم إبرامها مطلع يوليو 2022، بهدف مضاعفة التجارة البينية عدة مرات وصولاً إلى أكثر من 10 مليارات دولار في غضون خمسة أعوام، وذلك من خلال خفض أو إزالة الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع والخدمات، وبموجب هذه الاتفاقية فإن أكثر من 80 % من الصادرات الإماراتية إلى إندونيسيا ستحظى بإعفاء فوري من الرسوم الجمركية، كما تسهم الاتفاقية في زيادة القيمة الإجمالية للتجارة في الخدمات بين البلدين وصولاً إلى 630 مليون دولار بحلول عام 2030، كما تسهل هذه الاتفاقية التجارة الرقمية، وتفتح آفاقاً واعدة أمام مجتمع الأعمال الإماراتي لممارسة الأعمال مع أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا. كما تستهدف الشراكة الاقتصادية الإماراتية الإندونيسية خلق مزيد من الفرص في قطاعات الاقتصاد الإسلامي سريعة النمو، والذي تشير التقديرات إلى بلوغ قيمته 3.2 تريليون دولار بحلول عام 2024، علماً بأن إندونيسيا تعد صاحبة أكبر حصة في الاقتصاد الإسلامي عالمياً. وبالتزامن مع ذلك، تؤدي الاتفاقية إلى تسريع وتيرة مشاريع استثمارية بقيمة تفوق 10 مليارات دولار في القطاعات ذات الأولوية المشتركة مثل الزراعة والطاقة والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، بالتوازي مع تشجيع التعاون المستقبلي في مجالات السياحة وريادة الأعمال والرعاية الصحية وغيرها.

أما اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا، فتستهدف تحقيق المنفعة المشتركة للطرفين وتعمل على تحفيز النمو الاقتصادي طويل الأمد والمستدام والشامل في كلا البلدين، إذ تلغي الاتفاقية أو تخفض الرسوم الجمركية على 82% من السلع والمنتجات، والتي تمثل ما يفوق 93% من مكونات التجارة البينية غير النفطية، كما تحسن الوصول إلى السوق التركي أمام الصادرات الإماراتية، بما يشمل القطاعات الرئيسية مثل المقاولات والمعادن ومنتجاتها والبوليمرات والمنتجات التصنيعية الأخرى.

وتسهم هذه الاتفاقية التاريخية بشكل فاعل في زيادة التجارة البينية غير النفطية إلى 40 مليار دولار في غضون خمسة أعوام، كما تخلق 25000 فرصة عمل جديدة بحلول 2031، وتزيد الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7%. وتنطلق الشراكة الاقتصادية الإماراتية التركية لتحقيق أهدافها المشتركة من قاعدة صلبة من العلاقات التجارية والاستثمارية المزدهرة بين البلدين، وخصوصاً بعد النمو المتصاعد في التجارة البينية غير النفطية، والتي وصلت إلى 18.9 مليار دولار عام 2022، ونمت بنسبة 40% مقارنة بعام 2021، لتصبح تركيا الشريك الأسرع نمواً بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات. وبلغت الصادرات الإماراتية غير النفطية إلى تركيا 5.6 مليار دولار عام 2022، بزيادة 109% مقارنة بعام 2021.

ويشار إلى أن دولة الإمارات قد أبرمت 5 اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع كل من الهند وإسرائيل وإندونيسيا وتركيا وكمبوديا، وتم بالفعل إنجاز الاتفاقية مع جورجيا تمهيداً لتوقيعها رسمياً قريباً، وقد بدأ بالفعل تنفيذ الاتفاقيات الأربع الأولى، فيما ستدخل الاتفاقية مع كمبوديا حيز التنفيذ لاحقاً. وبالتزامن مع ذلك تتواصل بنجاح المحادثات الرامية إلى إبرام اتفاقيات مثيلة مع مجموعة أخرى من الدول ذات الأسواق الاستراتيجية.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: حیز التنفیذ

إقرأ أيضاً:

خبراء: نمو تجارة الإمارات مع العالم ينعكس في القطاعات كافة

متابعة: عدنان نجم وحازم حلمي

قال الخبير المصرفي حسن الريس: «يواصل قطاع التجارة الخارجية لدولة الإمارات نموه عاماً بعد عام، مع تزايد حجم التجارة والمعاملات، تماشياً مع توجه القيادة الرشيدة لجعل الدولة مركزاً للاستثمار والتجارة الخارجية، لاسيما أن الإمارات تشهد الكثير من الفرص الواعدة نتيجةً للتخطيط الدقيق وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع العالم، بفضل القيادة الرشيدة والمشاركة الفاعلة لوزارة الخارجية، فقد أوجدت بيئة الدولة المتكاملة فرصاً استثنائية في المنطقة والعالم. يشمل ذلك أحدث الموانئ البحرية والجوية وشركات الطيران والموارد البشرية المتميزة والاستقرار النقدي والسياسي والأمن والدعم الحكومي واللوائح التنظيمية المواتية للأعمال وشبكة الطرق والاتصالات المتطورة، ما يجعل دولة الإمارات نموذجاً فريداً يُحتذى، في كيفية دفع المشاركة الفاعلة للاقتصاد نحو آفاق جديدة».
قال الدكتور علي العامري رئيس مجلس إدارة مجموعة الشموخ: «حققت دولة الإمارات قفزة استثنائية في أداء تجارتها الخارجية خلال عام 2024، ما عزز مكانتها قوة تجارية عالمية. وهذه النتائج تعكس روية القيادة الرشيدة باستهداف 4 تريليونات درهم في التجارة الخارجية غير النفطية بحلول 2031».
وأضاف: «في ظل الأحوال المحيطة تؤكّد الإمارات بهذه الإنجازات التزامها بسياسة الاقتصاد أولاً وبناء جسور تجارية تعكس رؤيتها الاستباقية، مع استمرار الاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجيا والشراكات الدولية، حيث تتجه الدولة لتعزيز مكانتها كجسر عالمي بين الشرق والغرب ومواجهة التحديات الاقتصادية العالمية».
علامة بارزة
قال أمجد نصر، الخبير المالي والمستشار بالتمويل الإسلامي: «هذا النمو الاستثنائي لحجم التجارة الخارجية لدولة الإمارات (من 3.5 تريليون درهم عام 2021 إلى 5.23 تريليون درهم 2024) علامة بارزة تؤكد نجاح استراتيجية الانفتاح الاقتصادي والريادة التجارية التي تنتهجها الدولة، فالارتفاع بنسبة 49% خلال ثلاث سنوات فقط يبرهن قدرة الإمارات على اجتذاب الاستثمارات وتنويع شركائها التجاريين في بقاع العالم، ما يعزز مرونتها في مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية».
وأكد أن تصدّر الإمارات لقائمة أكبر مُصدّري السلع والخدمات في المنطقة – بحصة 41% من صادرات السلع و30% من صادرات الخدمات الرقمية يعكس التحوّل النوعي للاقتصاد نحو القطاعات عالية القيمة المضافة، خصوصاً الرقمية. كما أن تحقيق المرتبة الحادية عشرة عالمياً في صادرات السلع والثالثة عشرة في خدماتها، يظهر مدى تنافسية البنية التحتية اللوجستية والتشريعية في الدولة، فضلاً عن جاذبية بيئتها التنظيمية للمبادرات والشركات الناشئة.
وأوضح أنه في ضوء هذه الإنجازات، يُنصح بالمحافظة على وتيرة تنويع الشراكات التجارية وتطوير قدرات السلسلة اللوجستية الوطنية، مع تعميق التركيز على القطاعات المستقبلية مثل التكنولوجيا الخضراء والذكاء الاصطناعي والخدمات المالية الإسلامية. كذلك يظلّ تعزيز التكامل بين موانئ الإمارات والممرّات البرية والبحرية للمنطقة عاملاً حاسماً في ترسيخ موقع الدولة جسراً رئيساً بين الشرق والغرب، وضمان استدامة هذا التقدم الاقتصادي والمملوء بالفرص.
وعد ووفاء
وقال عميد كنعان، الخبير المالي: «ليس من قبيل المصادفة أن تتردد الإمارات اليوم اسماً بارزاً في محافل التجارة العالمية، بل ثمرة لنهج طويل من العمل الجاد والتخطيط المدروس والإرادة التي لا تعرف المستحيل، في عالم تتبدّل فيه المعادلات الاقتصادية باستمرار، حافظت الإمارات على موقعها المتقدم، لا لأنها تملك الموارد فقط، بل لأنها تملك ما هو أثمن: قياده حكيمة تملك رؤية وتعد وتفي وفي السنوات الأخيرة، واجه الاقتصاد العالمي اضطرابات غير مسبوقة، من جائحة غيرت ملامح التجارة، إلى توترات جيوسياسية أعادت رسم خرائط العلاقات الاقتصادية. ووسط كل هذه التحديات، تمسكت الإمارات بثوابتها، وواصلت سعيها نحو موقع الصدارة، مستندة إلى قاعدة صلبة من الانفتاح والتنوع والشراكات المستدامة».
وتابع: «ما يميز التجربة الإماراتية ليس مجرد فتح الأسواق أو توقيع الاتفاقات، بل روح المبادرة والقدرة على التكيف والشغف الدائم بالتحسين، في كل مرة يُظن أن سقف الطموح قد بلغ مداه، ترفع الإمارات هذا السقف وتُعيد تعريف الممكن».
وأضاف: «اليوم لا تنظر الإمارات إلى التجارة على أنها أرقام على الورق، بل وسيلة لتعزيز رفاه شعبها وبناء مستقبل اقتصادي مرن ومزدهر، يكون فيه الابتكار والمعرفة ركائز لا تقل أهمية عن البنية التحتية أو الموارد ومن هنا، تنبع خصوصية النهج الإماراتي: اقتصاد تقوده القيم وتحفّزه الرؤية وتدعمه الإرادة السياسية القوية».
وقال الدكتور ريمون خوري، الشريك المؤسس في «آرثر دي ليتل» بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: تستعد دولة الإمارات لتحقيق قفزة نوعية في صادرات خدماتها التكنولوجية، بفضل استثماراتها الطموحة في الذكاء الاصطناعي ويتجلى ذلك بوضوح في الاستثمارات الاستراتيجية لعمالقة التكنولوجيا مثل «مايكروسوفت» و«بلاك روك»، باستثماراتهما المهمة في شركة MGX. يعكس استثمار مايكروسوفت الذي يقارب ملياري دولار في تطوير أسس وبنية الذكاء الاصطناعي والتزام «بلاك روك» بمليار دولار بالتقنيات الرائدة، إيماناً راسخاً بالإمكانيات الكبيرة التي يزخر بها قطاع التكنولوجيا في دولة الإمارات.
من المتوقع أن تسهم هذه الاستثمارات في تسريع تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، لا سيما في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتمويل. وتشير التوقعات في القطاع إلى أن دمجه قد يعزز صادرات الخدمات الرقمية من دولة الإمارات بنسبة 25% بحلول عام 2030، ما قد يضيف نحو 10 مليارات دولار إلى الاقتصاد الوطني.
كما أن المبادرات الطموحة التي تقودها استراتيجية دبي للذكاء الاصطناعي والشراكات المثمرة مع كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، تعمل على تحفيز الابتكار وتيسير تبادل المعرفة وعبر رعاية كوادر ماهرة في مجال الذكاء الاصطناعي، تخطو دولة الإمارات خطوات واثقة نحو تعزيز مكانتها مركزاً عالمياً للتكنولوجيا، ما يزيد حصتها في سوق الخدمات الرقمية الدولية بشكل ملحوظ.

مقالات مشابهة

  • المالية: الوضع الاقتصادي الراهن يفرض تسريع وتيرة التكامل الأفريقي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة
  • الإمارات تدعو مواطنيها في تركيا إلى الحذر بسبب زلزال إسطنبول
  • فيتنام تشدد إجراءاتها ضد الاحتيال في الصادرات إلى امريكا
  • وزارة التجارة:لدينا “رغبة “بزيادة حجم الصادرات التركية للعراق إلى أكثر من (14) مليار دولار سنوياً
  • تركيا تغرّم شركات أحذية شهيرة بسبب عدم الإفصاح عن استخدام جلد الخنزير
  • منصور بن زايد يؤكد التزام الإمارات بتطوير الشراكة الإستراتيجية مع الصين
  • الرئيس الروسي يصادق على معاهدة الشراكة الإستراتيجية الشاملة مع إيران
  • بوتين يوقّع رسمياً على معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع إيران
  • التجارة تكشف خطة متكاملة لرفع حجم التعاون الاقتصادي مع تركيا
  • خبراء: نمو تجارة الإمارات مع العالم ينعكس في القطاعات كافة