الخرطوم- فتح خروج رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان للعلن بعد أشهر طويلة من الغياب، الباب أمام إرهاصات بقرب نهاية القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، رغم احتدام المعارك في أجزاء متفرقة في العاصمة الخرطوم وتكثيف الجيش هجماته على مواقع الدعم السريع لأكثر من أسبوع.

فخلال حديثه في قاعدة فلامنغو البحرية بالبحر الأحمر، أعلن البرهان رفضه المغلظ للتفاوض مع الدعم السريع ووصفها بالجماعة الخائنة المتمردة، متعهدا بتحقيق نصر كاسح.

ومن القاهرة، تحدث البرهان عقب اجتماعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن أن الجيش السوداني لا يسعي للاستمرار في الحكم، بل يعمل على "تحقيق تحول ديمقراطي وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة يقرر فيها الشعب السوداني من يحكمه"، مشددا على أنهم "يواجهون حاليا تمردا يسعى للسيطرة على السلطة بالقوة".

وينتظر أن يواصل قائد الجيش جولاته الخارجية في عديد من العواصم الأسبوع المقبل، وتشمل قطر والسعودية وتشاد وربما تركيا، حسب مصادر في وزارة الخارجية السودانية تحدثت للجزيرة نت.

وقالت المصادر نفسها إن البرهان سيشرح لقادة هذه الدول موقف الجيش من الدعم السريع والتطورات الميدانية، كما سيؤكد رفضه العودة للتفاوض قبل خروج الدعم السريع من الأعيان المدنية (الممتلكات الخاصة).


وترافقت جولة البرهان مع طرح قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) على حسابه في إكس (تويتر سابقا) ما قال إنها رؤية سياسية "من أجل بناء دولة سودانية على أسس تحقق السلام المستدام والحكم الديمقراطي المدني وبناء مؤسسات مهنية وقومية".

وتضمنت الرؤية المكونة من 10 مبادئ قضايا التفاوض التي تشمل بناء جيش مهني واحد، وتدابير فترة حكم الانتقال المدني والسلام الشامل والنظام الفدرالي والعدالة الانتقالية، إضافة إلى فصل الدولة عن الهويات الدينية والثقافية والعرقية، علاوة على الانتخابات والتعداد السكاني وصناعة الدستور.

وتحدثت كذلك عن ضرورة إشراك أكبر قاعدة سياسية واجتماعية في المفاوضات السياسية، شريطة عدم إغراقها بعناصر النظام السابق ومن أسماها القوى المعادية للديمقراطية.

تحركات سياسية

وفي موازاة ذلك، بدأت قوى الحرية والتغيير-مجموعة المجلس المركزي- جولة جديدة من الطواف على عواصم إقليمية، تشمل قطر التي وصل إليها قادة بارزون في التحالف مساء أمس الأربعاء، تليها الكويت وجنوب السودان.

وكانت هذه القوى السياسية قد قامت الشهر الماضي بزيارات شملت أوغندا وكينيا وإثيوبيا ثم مصر، ركزت خلالها على التشاور مع قادة هذه الدول بشأن سبل وقف الحرب في السودان، ومساعدة المتضررين من القتال، وإيصال المساعدات للمتأثرين والنازحين، لا سيما في إقليم دارفور (غربي البلاد)، ومعسكرات الإيواء التي أقيمت في عديد من المناطق المتاخمة للخرطوم.

ويقول القيادي في ائتلاف الحرية والتغيير والأمين السياسي لحزب المؤتمر شريف محمد عثمان للجزيرة نت إن الائتلاف شرع منذ 15 أبريل/نيسان الماضي في اتصالات واسعة بين دول المنطقة لمساعدة السودان على تجاوز أزمته، وتأتي جولات قادة قوى الحرية التغيير في ظل أوضاع بالغة التعقيد نتاج تمدد آثار الحرب.

ويحاول التحالف من خلال هذه الزيارات -وفقا لشريف- تحقيق عدة أهداف، بينها حث الدول على تقديم المساعدات الإنسانية للسودانيين، وشرح معاناة المدنيين في الجوانب الإنسانية، إلى جانب حشد الطاقات الدولية للمساهمة في وقف الحرب وممارسة الضغط على طرفي القتال ليختارا الحل التفاوضي لإنهاء معاناة السودانيين.

ويضيف المتحدث نفسه أن قادة الائتلاف سيشرحون خلال هذه الجولات رؤيتهم لاستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي، وتصور التحالف لسودان ما بعد الحرب وحثهم الدول التي تشملها الجولات على الإسهام بمشاريع الإعمار.

الجولة الأساس

ويرى الخبير العسكري اللواء أمين إسماعيل مجذوب أن زيارات عبد الفتاح البرهان الخارجية هي "الأساس"، لأنها تمثل الدولة والحكومة الموجودة الآن في السودان.

ويقول مجذوب للجزيرة نت إن أي تحركات لتحقيق مصالح السودان العليا، سواء كان إيقاف الحرب والوصول لوقف إطلاق النار، أو تسوية المسألة العسكرية بين الجيش والدعم السريع، تعد هي حجر الزاوية في إيجاد ضوء بآخر النفق.

ويقلل الخبير العسكري من أهمية التحركات الخارجية لقوى الحرية والتغيير بشقيها المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية في القاهرة وأديس أبابا وكمبالا وربما محطات أخرى، ويقول إنه ليس لهذه الجولات تأثير مباشر على الأحداث ولا تغير من المعادلات الموجودة، لأنها ببساطة هي خارج السلطة الآن، وتحاول أن تجد لها موطئ قدم في أي معادلات قادمة.

اللواء مجذوب: جولات قوى الحرية والتغيير لا تأثير لها في الأحداث الجارية بالسودان لأنها خارج السلطة (الجزيرة)

ويلفت مجذوب الانتباه إلى أن المعادلة التي يجري الإعداد لها هي حكومة انتقالية من تكنوقراط مستقلين وليس حزبيين، وبالتالي كل الأحزاب السودانية ستكون خارج الفترة الانتقالية وعليها التحضير للانتخابات.

ويمضي اللواء مجذوب بالتأكيد أن أي محاولة لإيجاد تسوية أخرى غير هذه سيحدث صداما مع القوات المسلحة، وبالتالي مع الشعب السوداني الذي تضرر كثيرا من الحرب، مشيرا إلى وجود استقطاب واستقطاب مضاد حاد داخل القوى السياسية، وبناء على ذلك يفضل -كما يقول الخبير العسكري- ترك الأمر لحكومة تكنوقراط، مع وجود مجلس سيادي، سواء كان مختلطا عسكريا مدنيا أو عسكريا فقط، ليكون المخرج للجميع.

واقع جديد

ويبدي الصحفي والمحلل السياسي عباس محمد إبراهيم قناعته بأنه بعد مرور أكثر من 132 يوما على اندلاع القتال، فإن طرفي الصراع باتا أكثر استعدادا للوصول لتسوية تنهي النزاع، بعد فشل كل منهما في إنهاء الآخر، كما يرى في خروج البرهان للعلن وجولاته الخارجية واقعا جديدا بدأ في التشكل.

ويشير إبراهيم في حديثه للجزيرة نت إلى أن الأطراف الإقليمية والدولية أيضا غير راغبة في استمرار النزاع في السودان، الذي يلقي بتداعيات كارثية على منطقة غير مستقرة.

علاوة على أن ميسري منبر التفاوض في جدة (السعودية وأميركا) وصلوا إلى نقاط مشتركة يتوقع أن تترجم في شكل دعوات لطرفي الحرب لاستئناف التفاوض.

ويقول المحلل السياسي السوداني إن الدعم السريع والجيش وضعا في الأيام الماضية أجندة التفاوض بشكل علني، حين طرح الدعم ما سماها رؤية شاملة للحل، بينما حدد البرهان رؤية الجيش في تصريحاته بالقاهرة.

ويتابع "أما تحالف الحرية والتغيير الذي يمثل الضلع الأخير لمثلث العملية السياسية في السودان، فبدا بعد اجتماعاته في القاهرة أكثر فاعلية بالتحرك في اتجاه وقف الحرب عبر العمل السياسي التفاوضي. واستطاع تشكيل جبهة إقليمية ودولية لدعم موقفه ومحاصرة أي دعم محتمل للأطراف المتحاربة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحریة والتغییر الدعم السریع للجزیرة نت فی السودان

إقرأ أيضاً:

السودان: هجوم للدعم السريع يقتل 6 ويصيب 7 في النيل الأبيض”

أعربت الشبكة عن قلقها من توسع عمليات القتل والتهجير التي تنفذها قوات الدعم السريع في ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض، محذرة من تفاقم الأوضاع الإنسانية واندلاع كارثة إنسانية

التغيير: الخرطوم

أعلنت شبكة أطباء السودان، الأربعاء، عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 7 آخرين في هجوم نفذته قوات الدعم السريع على قرية “شكيري” بولاية النيل الأبيض.

وفي بيان نشرته الشبكة على صفحتها الرسمية في “فيسبوك”، أكدت أن الهجوم أدى إلى مقتل 6 أشخاص، فيما تعرض 7 آخرون لإصابات، وصفت حالتهم بأنها مستقرة.

وأعربت الشبكة عن قلقها من توسع عمليات القتل والتهجير التي تنفذها قوات الدعم السريع في ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض، محذرة من تفاقم الأوضاع الإنسانية واندلاع كارثة إنسانية نتيجة هذه الممارسات.

ودعت الشبكة المنظمات الدولية والإقليمية إلى اتخاذ خطوات حاسمة لإيقاف الهجمات المتزايدة ضد المدنيين العزل، مطالبة بفتح مسارات إنسانية عاجلة للمناطق المحاصرة في ولايات الجزيرة والنيل الأبيض والفاشر.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وجّهت اتهامات للطرفين بارتكاب جرائم حرب، منها استهداف المدنيين، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، واستخدام التجويع كوسيلة حرب.

وقد أجبر النزاع نحو 11.3 مليون شخص على النزوح، بينهم قرابة 3 ملايين فروا إلى خارج السودان، بحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، التي وصفت الوضع الإنساني بأنه “كارثة”.

كما يعاني حوالي 26 مليون شخص من انعدام حاد في الأمن الغذائي، فيما أُعلِنت المجاعة في مخيم زمزم بإقليم دارفور.

في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت وتيرة العنف، حيث أبلغت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، أن كلا الطرفين يعتقد أن بإمكانه حسم الصراع عسكرياً.

الوسومالسودان انتهاكات الدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع ولاية النيل الأبيض

مقالات مشابهة

  • القوة المشتركة: استولينا على إمدادات عسكرية كانت في طريقها إلى الدعم السريع
  • مشروع قرار في مجلس النواب الأمريكي لحظر بيع الأسلحة للإمارات بسبب الدعم السريع
  • عمليات قتل تطال العشرات في ود عشيب السودانية.. واتهامات للدعم السريع بالوقوف وراءها
  • عشرات القتلى في ود عشيب السودانية.. واتهامات لـالدعم السريع بالوقوف وراءها
  • ناشطون: 42 قتيلا برصاص الدعم السريع في قرية وسط السودان
  • قناة القاهرة الإخبارية: ميليشيا الدعم السريع تقصف الفاشر غربي السودان
  • السودان.. قوات الدعم السريع تهاجم قرية وتقتل 40 مدنياً
  • 40 قتيلاً بهجوم لقوات الدعم السريع في وسط السودان
  • السودان: هجوم للدعم السريع يقتل 6 ويصيب 7 في النيل الأبيض”
  • تقدم ملحوظ للجيش السوداني.. والبرهان: لا وقف لإطلاق النار إلا بانسحاب الدعم السريع