التوجه نحو الخارج.. ما انعكاسات جولات البرهان وقوى التغيير على حل أزمة السودان؟
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
الخرطوم- فتح خروج رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان للعلن بعد أشهر طويلة من الغياب، الباب أمام إرهاصات بقرب نهاية القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، رغم احتدام المعارك في أجزاء متفرقة في العاصمة الخرطوم وتكثيف الجيش هجماته على مواقع الدعم السريع لأكثر من أسبوع.
فخلال حديثه في قاعدة فلامنغو البحرية بالبحر الأحمر، أعلن البرهان رفضه المغلظ للتفاوض مع الدعم السريع ووصفها بالجماعة الخائنة المتمردة، متعهدا بتحقيق نصر كاسح.
ومن القاهرة، تحدث البرهان عقب اجتماعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن أن الجيش السوداني لا يسعي للاستمرار في الحكم، بل يعمل على "تحقيق تحول ديمقراطي وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة يقرر فيها الشعب السوداني من يحكمه"، مشددا على أنهم "يواجهون حاليا تمردا يسعى للسيطرة على السلطة بالقوة".
وينتظر أن يواصل قائد الجيش جولاته الخارجية في عديد من العواصم الأسبوع المقبل، وتشمل قطر والسعودية وتشاد وربما تركيا، حسب مصادر في وزارة الخارجية السودانية تحدثت للجزيرة نت.
وقالت المصادر نفسها إن البرهان سيشرح لقادة هذه الدول موقف الجيش من الدعم السريع والتطورات الميدانية، كما سيؤكد رفضه العودة للتفاوض قبل خروج الدعم السريع من الأعيان المدنية (الممتلكات الخاصة).
وترافقت جولة البرهان مع طرح قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) على حسابه في إكس (تويتر سابقا) ما قال إنها رؤية سياسية "من أجل بناء دولة سودانية على أسس تحقق السلام المستدام والحكم الديمقراطي المدني وبناء مؤسسات مهنية وقومية".
وتضمنت الرؤية المكونة من 10 مبادئ قضايا التفاوض التي تشمل بناء جيش مهني واحد، وتدابير فترة حكم الانتقال المدني والسلام الشامل والنظام الفدرالي والعدالة الانتقالية، إضافة إلى فصل الدولة عن الهويات الدينية والثقافية والعرقية، علاوة على الانتخابات والتعداد السكاني وصناعة الدستور.
وتحدثت كذلك عن ضرورة إشراك أكبر قاعدة سياسية واجتماعية في المفاوضات السياسية، شريطة عدم إغراقها بعناصر النظام السابق ومن أسماها القوى المعادية للديمقراطية.
تحركات سياسيةوفي موازاة ذلك، بدأت قوى الحرية والتغيير-مجموعة المجلس المركزي- جولة جديدة من الطواف على عواصم إقليمية، تشمل قطر التي وصل إليها قادة بارزون في التحالف مساء أمس الأربعاء، تليها الكويت وجنوب السودان.
وكانت هذه القوى السياسية قد قامت الشهر الماضي بزيارات شملت أوغندا وكينيا وإثيوبيا ثم مصر، ركزت خلالها على التشاور مع قادة هذه الدول بشأن سبل وقف الحرب في السودان، ومساعدة المتضررين من القتال، وإيصال المساعدات للمتأثرين والنازحين، لا سيما في إقليم دارفور (غربي البلاد)، ومعسكرات الإيواء التي أقيمت في عديد من المناطق المتاخمة للخرطوم.
ويقول القيادي في ائتلاف الحرية والتغيير والأمين السياسي لحزب المؤتمر شريف محمد عثمان للجزيرة نت إن الائتلاف شرع منذ 15 أبريل/نيسان الماضي في اتصالات واسعة بين دول المنطقة لمساعدة السودان على تجاوز أزمته، وتأتي جولات قادة قوى الحرية التغيير في ظل أوضاع بالغة التعقيد نتاج تمدد آثار الحرب.
ويحاول التحالف من خلال هذه الزيارات -وفقا لشريف- تحقيق عدة أهداف، بينها حث الدول على تقديم المساعدات الإنسانية للسودانيين، وشرح معاناة المدنيين في الجوانب الإنسانية، إلى جانب حشد الطاقات الدولية للمساهمة في وقف الحرب وممارسة الضغط على طرفي القتال ليختارا الحل التفاوضي لإنهاء معاناة السودانيين.
ويضيف المتحدث نفسه أن قادة الائتلاف سيشرحون خلال هذه الجولات رؤيتهم لاستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي، وتصور التحالف لسودان ما بعد الحرب وحثهم الدول التي تشملها الجولات على الإسهام بمشاريع الإعمار.
الجولة الأساسويرى الخبير العسكري اللواء أمين إسماعيل مجذوب أن زيارات عبد الفتاح البرهان الخارجية هي "الأساس"، لأنها تمثل الدولة والحكومة الموجودة الآن في السودان.
ويقول مجذوب للجزيرة نت إن أي تحركات لتحقيق مصالح السودان العليا، سواء كان إيقاف الحرب والوصول لوقف إطلاق النار، أو تسوية المسألة العسكرية بين الجيش والدعم السريع، تعد هي حجر الزاوية في إيجاد ضوء بآخر النفق.
ويقلل الخبير العسكري من أهمية التحركات الخارجية لقوى الحرية والتغيير بشقيها المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية في القاهرة وأديس أبابا وكمبالا وربما محطات أخرى، ويقول إنه ليس لهذه الجولات تأثير مباشر على الأحداث ولا تغير من المعادلات الموجودة، لأنها ببساطة هي خارج السلطة الآن، وتحاول أن تجد لها موطئ قدم في أي معادلات قادمة.
اللواء مجذوب: جولات قوى الحرية والتغيير لا تأثير لها في الأحداث الجارية بالسودان لأنها خارج السلطة (الجزيرة)ويلفت مجذوب الانتباه إلى أن المعادلة التي يجري الإعداد لها هي حكومة انتقالية من تكنوقراط مستقلين وليس حزبيين، وبالتالي كل الأحزاب السودانية ستكون خارج الفترة الانتقالية وعليها التحضير للانتخابات.
ويمضي اللواء مجذوب بالتأكيد أن أي محاولة لإيجاد تسوية أخرى غير هذه سيحدث صداما مع القوات المسلحة، وبالتالي مع الشعب السوداني الذي تضرر كثيرا من الحرب، مشيرا إلى وجود استقطاب واستقطاب مضاد حاد داخل القوى السياسية، وبناء على ذلك يفضل -كما يقول الخبير العسكري- ترك الأمر لحكومة تكنوقراط، مع وجود مجلس سيادي، سواء كان مختلطا عسكريا مدنيا أو عسكريا فقط، ليكون المخرج للجميع.
واقع جديدويبدي الصحفي والمحلل السياسي عباس محمد إبراهيم قناعته بأنه بعد مرور أكثر من 132 يوما على اندلاع القتال، فإن طرفي الصراع باتا أكثر استعدادا للوصول لتسوية تنهي النزاع، بعد فشل كل منهما في إنهاء الآخر، كما يرى في خروج البرهان للعلن وجولاته الخارجية واقعا جديدا بدأ في التشكل.
ويشير إبراهيم في حديثه للجزيرة نت إلى أن الأطراف الإقليمية والدولية أيضا غير راغبة في استمرار النزاع في السودان، الذي يلقي بتداعيات كارثية على منطقة غير مستقرة.
علاوة على أن ميسري منبر التفاوض في جدة (السعودية وأميركا) وصلوا إلى نقاط مشتركة يتوقع أن تترجم في شكل دعوات لطرفي الحرب لاستئناف التفاوض.
ويقول المحلل السياسي السوداني إن الدعم السريع والجيش وضعا في الأيام الماضية أجندة التفاوض بشكل علني، حين طرح الدعم ما سماها رؤية شاملة للحل، بينما حدد البرهان رؤية الجيش في تصريحاته بالقاهرة.
ويتابع "أما تحالف الحرية والتغيير الذي يمثل الضلع الأخير لمثلث العملية السياسية في السودان، فبدا بعد اجتماعاته في القاهرة أكثر فاعلية بالتحرك في اتجاه وقف الحرب عبر العمل السياسي التفاوضي. واستطاع تشكيل جبهة إقليمية ودولية لدعم موقفه ومحاصرة أي دعم محتمل للأطراف المتحاربة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحریة والتغییر الدعم السریع للجزیرة نت فی السودان
إقرأ أيضاً:
اتهامات لحفتر بدعم حميدتي.. هذه نسب المرتزقة في قوات الدعم السريع
قال ياسر العطا عضو مجلس السيادة ومساعد قائد الجيش السوداني ياسر العطا، إن 25 بالمئة من قوات الدعم السريع هم من ليبيا تحت قيادة خليفة حفتر والمرتزقة من التشاد وبعض الإثيوبيين وأفراد من كولومبيا وأفريقيا الوسطى وبقايا فاغنر ومقاتلين من سوريا، بينما 65 بالمئة من القوة المتبقية من أبناء جنوب السودان، للأسف في حين أن 5% فقط هم من الجنجويد الأصليين كقادة لبعض المجموعات.
وأشار العطا من مدينة بوط بولاية النيل الأزرق إلى أنهم قد تحدثوا مع المسؤولين في جنوب السودان خلال سنتين من الحرب حول هذا الموضوع، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء، حتى على مستوى الإعلام، لتجريم مثل هذه الأفعال.
وأضاف، أنه كان بالإمكان القول في الإعلام إن جنوب السودان يشن حربا ضدهم.
وفي وقت سابق، أكد رئيس جيش تحرير السودان، مني اركومناوي، أن الدعم الأجنبي يتواصل عبر محور ليبيا ويدخل تعزيزات جديدة بقوة قوامها 400 آلية عسكرية متنوعة عن طريق ليبيا إلى دارفور الآن، حسب قوله.
وسبق أن تحدثت تقارير أن كتيبة طارق بن زياد التابعة لصدام حفتر قد توجهت مؤخراً نحو “معطن السارة” لتأمين المنطقة وحماية الطرق المؤدية إلى السودان بما في ذلك إمدادات الأسلحة والوقود التي تنطلق من ميناء طبرق وتصل إلى السودان.
والعام الماضي، هاجم عضو المجلس السيادي السوداني ومساعد القائد العام للجيش الفريق، ياسر العطا السلطات الليبية في بنغازي ومنها قوات "حفتر"، بسبب دعم قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي" عبر مطارات أفريقية، محذرا هذه المؤسسات من تبعات ما وصفه بـ"العبث"، وأن الأجهزة المخابراتية السودانية ستقوم برد الدين والصاع صاعين"، وفق قوله.
والأسبوع الماضي، قالت وكالة “نوفا” الإيطالية، إن روسيا تعمل على توسيع نفوذها في ليبيا من خلال نقل الرجال والمعدات إلى قاعدة “معطن السارة” على الحدود مع تشاد والسودان.
ونقلت الوكالة في تقرير لها، عن مصادر ليبية وصفتها بالمطلعة، أن موقع قاعدة معطن السارة استراتيجي، وقد استُخدمت خلال الحرب الليبية التشادية في الثمانينيات، وتقع الآن في قلب عملية روسية كبرى لتعزيز السيطرة على منطقة الساحل، التي أصبحت بشكل متزايد في مركز المصالح الجيوسياسية لموسكو.
وأوضح التقرير أنه في أواخر العام الماضي، أرسلت روسيا مجموعة من الجنود السوريين الفارين من هيئة تحرير الشام لإعادة القاعدة إلى العمل، بهدف تحويلها إلى نقطة استراتيجية للعمليات العسكرية في إفريقيا، يمكن الإمداد منها مباشرة إلى مالي وبوركينا فاسو وربما السودان.