عربي21:
2025-05-01@21:52:47 GMT

ستيفن كوك: السيسي محكوم بالخوف رغم كل ما يمارسه من قمع

تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT

ستيفن كوك: السيسي محكوم بالخوف رغم كل ما يمارسه من قمع

استعرض الكاتب ستفين كوك بمقال في مجلة فورين بوليسي، أجواء القمع التي يواصل رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، حكم البلاد عبرها، بالتخويف المستمر والاتهام بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين لكل من يعارضه، لأنه لا يزال يشعر بالخوف.

وقال كوك بمقال له في ترجمته "عربي21"، إن الرد الروتيني والطائش، من لكل من ينتقد السيسي ومؤيديه، هو الاتهام بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، التي لعبت دورا لا يمكن إنكاره في التاريخ المصري الحديث، في العديد من الأحداث التاريخية.



وأضاف: "هذا الرد يستخدمه السياسيون حين يشعرون بالخوف، وبقدر ما يحكم السيسي بالخوف، إنه محكوم به".

وتابع: "المؤيدون لا يمكنهم استحضار رد متماسك على منتقديهم، والسيسي يلجأ لاستخدام الكثير من القوة والعنف، والاتهام بتقاضي أجر من الإخوان أو العضوية في الجماعة، قاس للغاية، ونتيجة لذلك، اقتيد معارضون سلميون مصريون من غير الإسلاميين إلى السجن، في أمر يجعل من الصعوبة والخطورة على النشطاء تحقيق أجنداتهم".

وشدد على أن الأسئلة الأساسية حول المجتمع والحكم والهوية، الدور العالمي لمصر، موضع جدل منذ فترة طويلة، لكن لأن قادة مصر، يعتمدون في الأغلب الخوف والإكراه للحفاظ على سيطرتهم السياسية، فإن يتعرضون للزعماء السياسيين الذين لديهم إجابات على هذه الأسئلة.



وتحدث الكاتب عن الحملة التي شنها مؤيدو السيسي عليه، بسبب مقال له وجه فيه انتقادات حادة للنظام، لعدم قدرته على تلبية احتياجات المصريين، إلى حد اتهام أحد الإعلاميين المدافعين بشراسة عن النظام وهو نشأت الديهي للكاتب الأمريكي، بأنه يتقاضى أجره من جماعة الإخوان المسلمين.

وقال كوك: "لفت انتباهي في الحملة ضدي، اتهام مؤيدي السيسي للمنتقدين بأنهم أعضاء في الأخوان، وهو ما يؤشر على مشكلتين مترابطتين، يعاني منها السيسي وأنصاره، ولا يملكون لها الإجابة".

وأضاف: "أولا هناك تباين كبير ومتزايد بين وعود الحكومة للمصريين، والكيفية التي يعيش بها الشعب حياته، وحين يتجرأ الناس على الكلام، فإنهم يصنفون كإخوان مسلمين، ويتعرضون للجسن والتعذيب كما جرى مع الكثيرين، وهذا الرد الشرس، هو مقياس لمدى معرفة السيسي، ومؤيديه، من أن هناك كثيرا من المصريين الذين يدركون الفجوة المزعزعة للاستقرار".

أما الأمر الثاني بحسب الكاتب، فهو أن "السيسي ورغم الجهود التي بذلها سابقا، لا يزال غير قادر على التخلص من الظل الطويل، الذي يواصل الإخوان إلقاءه على السياسة والمجتمع المصري".

وقال إن العهد الذي سبق السيسي بفترة طويلة، كان المسؤولون يسترضون فيه الإخوان ويقمعونهم بالتناوب، وفي أوائل الأربعينات، استسلم رئيس الوزراء مصطفى النحاس للضغوط السياسية، التي مارستها جماعة الإخوان المسلمين وقام باتخاذ إجراءات صارمة ضد الكحول والدعارة بينما سمح للجماعة بنشر صحفها، وبعد بضع سنوات، قامت حكومة جديدة بقمع جماعة الإخوان، قبل أن تستأنف حكومة أخرى استرضاء الجماعة.

ولفت إلى أن حقبة عبد الناصر، اتسمت بسجن الآلاف من الإخوان، وإطلاق سراح بعضهم، وإعاد سجنهم مرة أخرى، لكن في عهد خلفه السادات، أطلق سراحهم، ومنحوا الفرصة للنشر والوعظ، وبعد اختلافهم مع اتفاقية السلام مع إسرائيل، عادت السجون لتمتلأ بهم مرة أخرى.

وقال إن المرحلة التي تلت اغتيال السادات، وصعود مبارك للسلطة، عادت أنشطة الإخوان للاستئناف، لاعتقاده أن ظهورهم في التعليم والنشر والمجتمع المدني، يمكن أن يجذب الناس بعيدا عن المتطرفين الذين اغتالوا الرئيس السابق، لكن بعد مضي عقد، رأى مبارك أنه اكتفى، وأطلق يد الأجهزة الأمنية عليهم، لإخضاعهم، ورغم هذا النمط من التسوية والمواجهة، ظلت الجماعة، لاعبا سياسيا، واجتماعيا وثقافيا مهما في البلاد.

لكن الكاتب قال إن السنوات الأخيرة، باتت عمليات القمع للإخوان، ووصم الناس بتمهة الانضمام إليهم، أكثر وضوحا وخطورة، لأن السيسي "سعى إلى إعادة صياغة الخطاب القومي في مصر، عبر استبعاد الإخوان المسلمين منه".

وأضاف: "هذه القومية ليست أمرا عفويا، بل إنه مستحضر متخيل، ونتيجة لمشاريع متضافرة، وهو يخضع بصورة دورية، لإعادة التفسير، تبعا لاحتياجات القادة السياسيين، وهو ما يفعله السيسي تمام، لتصوير الجماعة، التي تضرب مكانتها وصورتها أمام العالم، وهي صاحبة الجذور الراسخة في التجربة المصرية، بأنها جسم عنيف وغريب عن المجتمع الذي ولدت فيه".

وقال الكاتب، إنه وعقب الانقلاب الذي أوصل السيسي إلى الحكم، وبالتوازي مع حملة  الدولة الإعلامي، لإنشاء مخزون من الدعم، لما يسمى "الثورة الثانية"، كان هناك دافع لتصوير الإخوان على أنهم "الطابور الخامس"، ورسمت لهم صورة بشكل روتيني على أنهم "عملاء لقطر أو الأتراك".

وأشار إلى أن السيسي برر لنفسه استخدام القوة لقمع الإخوان، عبر اتهامهم بالإرهاب، وقامت الحكومة المصرية، بربطهم بالتطرف الشبيه بتنظيم الدولة، وحين شكك المحللون بخطاب النظام، تم اتهامهم على الفور، بأنهم أدوات في أيدي الإخوان.

وشدد على أن محاولة النظام، إقصاء الإخوان محاولة فاشلة، فقد لعبوا دورا مهما في أحداث قومية في القرن العشرين، فهم ثاروا ضد الاحتلال البريطاني، ورغم ميلهم بشكل إيجابي في البداية تجاه النظام الملكي المصري، لكنهم عارضوا الملك فاروق على مدار عقدين من الزمن.



وقال كوك، إن الإخوان من أوائل الجماعات التي دقت ناقوس الخطر، بشأن الصهيونية، والهجرة اليهودية إلى فلسطين، وفي حرب 1948، حارب الإخوان، ضد الإسرائيليين قرب بئر السبع، وبيت لحم والقدس، على الرغم من أنهم ميزوا أنفسهم، بمساعدة الآلاف من الجنود والضباط المصريين الذين تقطعت بهم السبل في جيب الفالوجة بالقرب من قطاع غزة، نهايات الحرب.

ولفت الكاتب إلى أن الإخوان لم يكونوا الفاعلين الوحيدين، في تلك الأحداث المعقدة، فكان هناك حزب الوفد والضباط الأحرار وأحزاب أخرى، لكن في الوقت الذي يحاول فيه السيسي التخلص منهم، لا يمكن إنكار دور الإخوان في القضايا التي كاتت ولا تزال حاسمة بالنسبة للسرد القومي في مصر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة القمع المصري السيسي الإخوان مصر السيسي الإخوان قمع صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإخوان المسلمین على أن

إقرأ أيضاً:

عندما يرسم الكاتب

القصيدة وعاء والشعر سائل... هذا ما وصلت إليه إليسا جابرت في مقالتها (شكل الفراغ- نحو تعريف للشعر)، تبدو الفكرة جذابة لدرجة الجزم بصحتها باعتبار الشعر كيانا أثيريا لا يقتصر تواجده على القصائد والنصوص الشعرية بل يتجاوزه ليتخلل القصص والروايات ويمتد ليشمل اللوحات والمنحوتات والعوالم الفنية تشكيلية مسرحية وسينمائية، ويمكن أيضا تلمس النفس الشعري حتى في التفاصيل اليومية الصغيرة، وبالقياس يمكن اعتبار تمايل الشّجرة وهجرة الطيور وعلاقة الموج بالشّواطئ كلها شعرا خالصا، فكأنّ الشّعر وجدانيات كثيفة وروحانيات صوفيّة مرهفة تعتمر الرّوح وتقدم نفسها بين أيدينا على شكل مفردات أو خطوط وألوان، رقصاً أو نغمات وموسيقى.

وهذا إذن السبب الرئيس وراء تمازج الفنون، حيث يندر أن نجد أديبا لم يحاول الرسم أو يقارب الغوص في عالم اللون، وبالمقابل تستهوي الرسام الكلمات وقد يقع في شرك الكتابة، العزف أيضا مجال عريض الأبواب للدخول ومحاولة إحلال العلامات الموسيقية مكان الأحرف المكتوبة لدى الأصابع، معظم هذه المحاولات تكون خاصة لا يطلع عليهم سوى دائرة ضيقة من المقربين، بينما تكون علنية عند آخرين، مما لا يجدون ضيرا في عرض نتاجهم.

سنسترق النّظر هنا لنشاهد تجارب عدد من الكتّاب الذين لم تكن علاقتهم بالفن علاقة سرية، بل رسموا بالتوازي مع عملهم الكتابي وعرضوا نتاجهم بمعارض فنية أو عبر صفحاتهم على وسائل التّواصل الاجتماعي، وقد استخدمت مصطلح ـ استراق النظر ـ عن قصد لأن السمات العامة لمحاولات الكاتب أن يقترب من عالم الفن كانت تتسم بخجل ووجل طفوليين أجبرت بعض الكتاب على محاولة إخفاء إنتاجهم الفني ولعل أشهرهم كان كافكا الذي خبأ رسوماته عن الأنظار، يقول جوستاف يا نوخ في كتابه «حوارات مع كافكا» إنّه حين شاهد كافكا يرسم، أخفى الرسومات عنه، لكنه سمح لجوستاف برؤيتها فيما بعد، وأضاف: «هذه الرسومات ليست بريئة كما تبدو لأول وهلة. إنها بقايا رغبة قديمة وعميقة» فكأنها ما ترسب في الأنا ولم تستطع الكتابة إخراجها، تقنيا كانت هذه الرسوم بسيطة بالحبر الأسود ذاته الذي كان يكتب به كافكا قصصه ورواياته لكن تكثيفها ورشاقة خطوطها هما سمتاها المميزتان، وكأن هذه الرسومات امتداد لما يكتبه من أدب، ويذكر الناقد الفني فيليب هارتغان أن هذه الحركات السريعة والتعبيرات البسيطة تحوي الكثير من الاقتصاد في الرسم يمكن للرسامين التعلّم منه. الخطوط هنا تعكس ثقةً وقوة لم تكونا واضحتين في شخصية كافكا، وكالعادة النتاج الفني يفضح بعض التّفاصيل الدّاخلية العميقة والتي ربما حتى الفنان نفسه لا يعرفها عن نفسه، حجمها الصغير يشي بخوف وحياء من تجربة الرّسم، وذاك ليس غريبا على فرانز كافكا الذي كان يتأخر بنشر نتاجه الأدبي، حتى أن أشهر أعماله (المسخ) انتهى من كتابتها في 1912 ولم تنشر إلا بعد 1915.

أما رامبو الشّاعر الفرنسي المغامر الذي لجأ للرمز والسريالية في شعره فقد رسم أيضا مجموعة من اللوحات رافقت أسفاره ورحلاته لمدن كثيرة، وكانت لوحاته مائية هادئة المزاج خلافا لشعره الذي شكّل انقلابا في الشعر الفرنسي، فكانت تمثّل السكون الذي يربض خلف غضبه وثورته المستمرة، وقد تكون مطالعة شعر رامبو مع مشاهدات لوحاته فسحة جديدة تزيد من عمق الشعر وتقدم مسارات لقراءة شعرية أكثر غنى.

بالطبع لا نستطيع إغفال جبران خليل جبران الذي عرف عالميا ككاتب أكثر من كونه رساما مع أنه قضى حياته يكتب ويرسم في آن واحد، وقد بدأ حياته رساما! وترك خلفه حوالي 700عمل ما بين تقنية الفحم والألوان المائية، وكان يعتبر الرسم فعلا لا يحتاج الوعي كالكتابة يقول عن ذلك: «عندما أعكف على الرّسم وأنتج شيئا جيدا قليلا أو يستحق التقدير يجيء ذلك على غير وعي مني، وأنا على خلاف ذلك في كتاباتي فأنا أعرف عما أكتب في حين أنني أجهل لم أرسم أو أصور» إذن كان الفن عنده هروبا من قيود الوعي وراحة للعقل، حيث كان بإمكانه أن يرسم ما يعتمر في لاوعيه دون رقيب.

أدونيس الشاعر أدخل الفن التشكيلي أيضا لعالمه ومزجه مع الشعر ليس على المستوى المعنوي فقط بل أننا عندما نشاهد رسومه نجدها محاطة بكلمات وأشعار لـ(المتنبي، المعري، النفري...) وكأنهما -الشّعر والفن- كيانان يحتفل كل منهما بالآخر، رسم بالحبر الأسود رسوما رمزيّة مختزلة تشبه رسوم الإنسان القديم على جدران الكهوف، كما أنها تحمل مسحة طفولية بعفويتها وفطريتها وعن ذلك يقول أدونيس في أحد تصريحاته: (... في فني أبحث عبر شيخوختي عن طفولتي المفقودة التي اقترب حزنها من حلم الفرح) اللون الأحمر كان حاضرا كذلك في العديد من رسومه بقوته ووضوحه يمنح اللوحة قوة ويسحب الانتباه إليها، حينها يبدأ المتلقي بقراءة الكلمات وتأمل التفاصيل البارزة في العمل فقد استخدم أدونيس الكولاج أيضا ليضيف مواد متنوعة ويصنع بذلك عملا بتقنية خاصة به وقد أسمى أعماله بـ(اللوحات الرقيمة) فهو يريدها أن تشبه الرّقم، وقد بدأ بتنفيذها بعد مروره بمراحل لم يستطع خلالها القراءة أو الكتابة فخطر بباله السؤال التالي: لم لا أعطي ليدي نوعا من الحرية لأعرف ما يمكنها أن تصنع، فكانت بداية الدخول للتجربة التّشكيلية.

وهذا السبب يتشابه عند الكثيرين فعند التوقف أو التردد عن التعبير بالأداة التي احترفوها يفرحون بامتلاك أداة مختلفة تحتوي على ذات الخواص، وهو سلوك طبيعي يشبه سلوك السواقي التي تباشر في حفر مسار جديد عندما تعترضها عقبة جيولوجية، فتنشر الجمال والخضرة في جغرافيا جديدة، كأن تخونك لغتك، فتنساب لغة جديدة تمنحك القدرة على نقل رؤاك وأفكارك بعناصر شكلية هذه المرة.

وهذا ما لجأ إليه الشاعر والمترجم أحمد. م. أحمد الذي شغلته الترجمة في فترة عن إبداعه الشّعري، وصارت كلماته مسخّرة لترجمة نتاج الآخرين، وبدأت مشاعره (الغضب، اليأس، الترقب...) تتراكم فوق صدره، فبدأ بالرّسم وكان طوق النجاة، خرجت لوحاته للجمهور ناضجة فكان أشبه بطفل خطا خطواته الأولى بثقة، لم يحبُ لم يتأرجح ببداية سيره!.

من ناحية الشكل نجد هذه الأعمال تنتمي للمدرسة الفطرية يرسمها بطريقة طفولية –وهذا تبريره عند الفنانين الأكاديميين مختلف عن تبريره لدى الداخلين عالم الفن حديثا.

فهنا يرجع استخدام هذا الأسلوب لرغبة عارمة للتعبير والبوح عن شعور كامن دون أن يلقي بالا بالطرق الأكاديمية في الرسم؛ المواضيع عند أحمد شائكة معقدة تفاجئ المتلقي بكثرة التفاصيل، فيحتاج المشاهد لوقت طويل حتى يلم بالعناصر ويحصي الألوان المستخدمة، فيجد نفسه في مأزق التفسير الشاق ولا يلبث أن يكتفي بالتذوق.

الأعمال عبارة عن مساحات لونية كتيمة لا فراغات بيضاء تسمح لها بالتنفس، الألوان قوية جريئة حيوية ودرجاتها قاتمة، تتوزّع بتواتر مدروس أحيانا وعشوائي غالبا يشي باختلاط المشاعر، فخلف كل لون خلجة من خلجات مشاعره يسكبها على سطح اللوحة دفقةُ واحدة، ليكسبها حياة وجمالا ينافس فيها الفنانين، وليزيد لوحاته غنى يضمنها مقاطع من شعره أو جمل ترجمها ليخرج عمله الفني مشكلا على طريقة فريده يختص بها دون سواه.

أما تجربة القاص والرّوائي إسلام أبو شكير فكانت مختلفة، فقد أتقن دور الفنان التشكيلي، وقرّر الرسم بطريقة أقرب للواقعية، تطورت تجربته شيئا فشيئا فصارت لوحاته الواقعية دقيقة لحد كبير، رسم تفاصيل يومية كوب الشاي، قارورة الماء، سلة الغسيل، الكنبة... وغيرها، لينتقل في مرحلة أخرى للوحات تعبيرية تحمل الكثير من الأفكار (الموت، الهجرة، الوحدة...)، فنجد المشانق مدلاة من السماء في إحداها، وقاربا مكتظا بالهاربين يرسو على الرمال وكأن البحر الذي كان الفرصة الأخيرة المتاحة أمامهم جف وتركهم لمصيرهم، تتقاطع هذه المواضيع مع مواضيع أعماله الأدبية التي تحفر عميقا في الصعيد الإنساني، لكنها تطل للمتلقي بزي مختلف محافظة على الحس الجمالي الذي لا يغيب مهما كانت المواضيع قاسية.

بالطبع هنا مررنا على عينات اختيرت بشكل عشوائي من قائمة تطول من الكتّاب والشعراء من عصور مختلفة وانتماءات متباينة، ممن لجأوا إلى الفن التشكيلي ليكون نافذتهم على العالم، فقد أرادوا وسيلة أخرى غير الكلمة تترجم ما يجول داخلهم، فرحّب بهم الفن التشكيلي وفتح أمامهم أبوابه ومنحهم أسراره، وذلك لأنهم حقّقوا أهم الشروط ليكون الفن فنا وهو الصدق في العاطفة وبالتأكيد الرغبة في التعبير عما يجول في النفس والتي لولاها لما كانوا دخلوا عوالم الرسم أصلا، وأعتقد أن وجودهم في عوالم الأدب والشعر تجعلهم مطلعين أكثر من سواهم على أهمية الفن، لذا كان سعيهم (بشكل واع أو عفوي) لإنتاج أعمال إما جمالية صرفة، أو فكرية مباشرة، أو فلسفية معقدة هو الدافع المباشر للرسم.

أما الدافع غير المباشر الذي يجعل الفنان يعود كلّ يوم ليمسك قلمه وريشته، أو يعجن طينه ويحمل إزميله هي المتعة التي تتركها ممارسة الفنّ والراحة التي تستقر في الرّوح بعد تفريغ الشحنات السلبية، هذه المتعة تجعل كل من يمسك قلما يرسم وحتى إن لم يكن موهوبا، والكتب المدرسية غير مثال على ذلك، فالرسم كان وسيظلّ حبل النّجاة من الملل الذي يملأ بعض الحصص المدرسية!

بسمة شيخو كاتب سورية متخصصة في الفن التشكيلي

مقالات مشابهة

  • أنباء عن اعتقال رئيس دائرة فلسطين في جماعة الإخوان المسلمين بالأردن
  • أربعة أحكام بالسجن لعشرين عاما على متهمين في قضية مرتبطة بالإخوان المسلمين في الأردن
  • وفاة الكاتب الرياضي محمد الشنيفي
  • منظمة ‏Global Justice‏ ‏تكرم في دمشق سفير الولايات المتحدة الأمريكية ‏لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب ‏
  • ديمبلي يعرب عن عدم قلقه من الإصابة التي تعرض لها أمام أرسنال
  • على طريقة الأفلام.. هروب سجين محكوم بجريمة القتل من مستشفى في دهوك
  • وزير أردني سابق: كيف سيؤثر حظر الإخوان المسلمين على مستقبل البلاد؟
  • كاتب أردني: كيف سيؤثر حظر الإخوان المسلمين على مستقبل البلاد؟
  • عندما يرسم الكاتب
  • البرهان في القاهرة… دلالة الزيارة ومآلاتها والرسائل التي تعكسها