حكاية أول أغنية مصرية بإيقاعات سودانية
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
بقلم/ د. عبدالله المدني
يكاد الغناء السوداني أن يكون الوحيد من بين الفنون الموسيقية العربية التي لم تنتشر بين المستمعين العرب، ولا يوجد له جمهور عريض خارج السودان، وذلك خلافاً لحال الأغنية المصرية واللبنانية والخليجية وحتى المغاربية.
ولا نعتقد أن اللهجة هي الحائل، خصوصاً أن اللهجة السودانية ليست معقدة أو صعبة في الغالب الأعم من مفرداتها.
ربما كان السبب في عجز الأغنية السودانية عن عبور الحدود هو إيقاعاتها الأفريقية الخاصة التي لم يتعود المستمع العربي عليها، خصوصاً أنها تستخدم السلم الموسيقي الخماسي بدلاً من السلم الموسيقي السباعي الشائع، أو ربما كان السبب هو ضعف إمكانيات الإعلام السوداني لجهة نشر الفن الموسيقي لهذا البلد العربي العزيز وتسليط الأضواء على رواده ورموزه، الأمر الذي لم يتعرف معه الجمهور العربي إلا على اسم سوداني يتيم هو الفنان «سيد خليفة» صاحب أغنية «البامبو سوداني»، التي لم تشهرها وسائل الإعلام السودانية بقدر ما كان الإعلامان المصري والخليجي سبباً في شهرتها وشهرة صاحبها.
في عام 1960، حينما شهدت مصر احتفالات مشروع بناء السد العالي ذي التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية على القطرين المصري والسوداني بحكم ارتباط مصيرهما بنهر النيل الخالد، ناهيك عن تأثير المشروع تحديداً على حياة أبناء النوبة الذين يشتركون مع الشعب السوداني في قواسم ثقافية واجتماعية وفنية وتراثية عدة، قررت الدولة المصرية وقتذاك إقامة حفل فني ساهر في الخرطوم بمشاركة ثلة من نجوم الطرب والغناء المصريين المعروفين، خصوصاً أن الحدث تزامن مع احتفالات السودان بـ«أعياد الثورة» في إشارة إلى انقلاب الفريق إبراهيم عبود سنة 1958.
وهكذا شهدت مدينتا الخرطوم وأم درمان في نوفمبر 1960 سبع حفلات غنائية على مسارحهما شاركت فيها بعثة «أضواء المدينة» التي تكونت من صباح وشادية ونجاة الصغيرة وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالمطلب والثلاثي المرح والفرقة الماسية بقيادة أحمد فؤاد حسن، علاوة على وفد إعلامي من الإذاعة المصرية بقيادة المذيع جلال معوض والمذيعة سامية صادق صاحبة برنامج «الأسرة البيضاء».
ما يهمنا هنا هو أن شادية فاجأت الجمهور السوداني بظهورها على المسرح مرتدية الزي التقليدي لنساء السودان. وبعد أن غنت لهم مجموعة من أجمل أغانيها الشائعة آنذاك مثل: «لا يا سي أحمد» (كلمات سيد مرسي وألحان محمد فوزي)، «أحب الوشوشة» (كلمات حسين السيد وألحان رياض السنباطي)، «القلب معاك»، «إنْ راح منك ياعين»، «ألو ألو» (كلها من كلمات فتحي قورة وألحان منير مراد)، فاجأتهم بأغنية أعدت خصيصاً للشعب السوداني.
لم تكن تلك الأغنية التي امتزج فيها الصوت المصري بالموسيقى السودانية، سوى أغنية «يا حبيبي عد لي تاني.. خلي عيني تشوف مكاني» الرقيقة التي صاغ كلماتها بذكاء الشاعر الغنائي المرح فتحي قورة، ووضع ألحانها المبدع منير مراد مستخدماً موسيقى السلم الخماسي ومستعيناً بآلات الموسيقى الأفريقية مثل الوتريات والدفوف والطبل والخشخيشة.
أخبرتنا الكاتبة ناهد صلاح بجريدة «اليوم السابع» المصرية، عن أن تجربة شادية هذه في الغناء للسودان لم تكن الأولى، حيث كتبت: إذا كانت «يا حبيبي عود لي تاني» علامة بارزة في رصيد شادية الغنائي، بما احتوته من مزج مصري/ سوداني، فإنها قد سبقتها بتجربة أخرى في فيلم «بشرة خير» إخراج حسن رمزي، والذي عُرض في أبريل 1952 أي قبل قيام ثورة يوليو بثلاثة أشهر تقريباً، كما لو كانت نبوءة الثورة يبشر بها فيلم رومانسي بسيط، غنت فيه شادية أغنية «النيل» من تأليف جليل البنداري وألحان حسن أبوزيد :
«يا جاي من السودان لحد عندنا/ يا للي تمر من أسوان والقلة من قنا/ يا نعمة من السودان بعتها ربنا/ ومن عمر الزمان وأنت بقلبنا». وفي الفيلم نفسه شاركت مع ثريا حلمي في أوبريت «مصر والسودان»، تأليف السيد زيادة وألحان حسن أبوزيد، حيث مثلت الحضور المصري، بينما مثلت ثريا حلمي الحضور السوداني، وهو أوبريت يستنهض الهمة ويسعى لتأكيد الأخوّة بين الشعبين المصري والسوداني، وضرورة كسر الحواجز بينهما.
نقلاً عن البيان
المصدر: سام برس
إقرأ أيضاً:
غداً .. موريتانيا تستضيف اجتماع لمناقشة الأزمة السودانية وتوحيد المبادرات المطروحة
تستعد موريتانيا لاستضافة اجتماع تشاوري يوم غدٍ الأربعاء، لمناقشة الأوضاع الحالية في السودان و توحيد المبادرات المطروحة لحل الأزمة و إنهاء الحرب التي تعصف بالبلاد.
الخرطوم ــ التغيير
و كشف سفير السودان لدى القاهرة، عماد عدوي، في تصريح لتلفزيون «الشرق»، عن تنظيم اجتماع مهم غدًا الأربعاء في موريتانيا يهدف إلى توحيد جميع المبادرات المطروحة لحل الأزمة السودانية.
و أوضح أن هذا الاجتماع يأتي بدعوة من المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء النزاع المستمر في السودان.
ومن المقرر أن يضم الاجتماع عددًا من الدول المعنية والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، لتبادل الآراء حول سبل التوصل إلى حل سلمي للأزمة. يأتي هذا الاجتماع في وقت حساس، حيث تتزايد المخاوف من تداعيات الصراع على الأمن والاستقرار في المنطقة.
حيث تستعد موريتانيا لاستضافة هذا الاجتماع الاستشاري الدولي في العاصمة نواكشوط يوم الأربعاء 18 ديسمبر الجاري.
وأوضح وزير الخارجية الموريتاني، محمد سالم مرزوق، في حديثه لإذاعة فرنسا الدولية، أن الاجتماع يأتي بناءً على طلب الأمم المتحدة في ظل الأوضاع المتدهورة في السودان، حيث تتواصل الاشتباكات بين الجيش السودني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023. ويُتوقع أن يشارك في الاجتماع عدد من الدول والمنظمات التي لديها مبادرات للسلام في السودان.
وأشار الوزير إلى أن الهدف الرئيسي من الاجتماع هو إنشاء منصة للحوار تهدف إلى تنسيق الجهود من أجل تحقيق وقف إطلاق نار دائم وحل سياسي شامل.
وعند سؤاله عن إمكانية حضور الطرفين المتحاربين في السودان، أجاب مرزوق بأنه سيتم تقييم ذلك لاحقًا، مؤكدًا أن موريتانيا ستقوم بدور الميسر في المناقشات، و أكد أن بلاده تتمتع بروابط وثيقة مع السودان، مما يجعلها تولي اهتمامًا خاصًا لما يحدث هناك على الأصعدة الثقافية والحضارية.
يعقد الاجتماع التشاوري الثالث بدعوة من موريتانيا، التي تتولى رئاسة الاتحاد الإفريقي في هذه الدورة. يضم الاجتماع مجموعة من المنظمات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة ومصر والسعودية، ويهدف إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين الدول والمنظمات المعنية بالأوضاع في السودان. ويعتبر هذا الاجتماع فرصة لتبادل الآراء حول الأزمات الراهنة وسبل الحلول الممكنة.
تشير التقارير إلى أن المنظمات المشاركة تشمل رئاسة الاتحاد الإفريقي، والمنظمة الحكومية للتنمية “إيقاد”، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان لعمامرة. ومع ذلك، لم يتم تأكيد مشاركة المبعوث الأمريكي إلى السودان، توم بريللو، مما يثير تساؤلات حول مدى تأثير غيابه على نتائج الاجتماع.
يُذكر أن جامعة الدول العربية كانت قد نظمت اجتماعًا مشابهًا في 16 يونيو الماضي، بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وإيقاد والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى الدول التي تسعى لتحقيق السلام، مثل مصر والسعودية والولايات المتحدة. كما قام المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيريللو، بزيارة موريتانيا في الأسبوع الثاني من ديسمبر الحالي، في إطار جولة شملت عدة دول، منها نيروبي والدوحة ولندن، مما يعكس اهتمام الولايات المتحدة بالملف السوداني.
و يشهد السودان منذ منتصف أبريل 2023 صراعًا عنيفًا بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية والسياسية في البلاد.
الوسومالاتحاد الأفريقي الايقاد الجامعة العربية السفير السوداني بالقاهرة توحيد المبادرات عماد الدين عدوي موريتانيا