انقلابات أفريقيا ـ مغادرة الوصاية الفرنسية والدخول تحت نفوذ روسيا؟
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
الجنرال بريس كلوتير أوليجوي، الرئيس المؤقت في الغابون، محمولا على سواعد الجنود في لبرفيل 30/8/2023
كأوراق الدومينو تتساقط الحكومات الموالية لفرنسا في غرب ووسط أفريقيا الواحدة تلو الأخرى، في تطور ملحوظ يشي بتغيير سريع تتضح ملامحه يوما بعد يوم في مفردات وقواعد اللعبة بتلك المنطقة من العالم. فإعصار الانقلابات اجتاح تسع دول أفريقية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وكان أحدثها دولة الغابون وذلك بعد أقل من شهر على الإطاحة برئيس النيجر محمد بازوم.
ماكرون: الحكام على دراية بالمصير الذي ينتظرهم
مختارات الغابون.. علي بونغو رئيس قاتَل أكثر من مرة لترسيخ حكمه الاتحاد الأوروبي يتابع بقلق الانقلابات في الغابون ومنطقة الساحل ضباط بالجيش الغابوني يعلنون استيلاءهم على السلطة الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية في الغابون الجيش النيجري في حالة تأهب قصوى "تحسباً لهجوم محتمل" لماذا تعاني المستعمرات الفرنسية السابقة بإفريقيا من الانقلابات؟وأمام تلك الانقلابات رُفع سلاح العقوبات الدولية في محاولة للعودة إلى الديمقراطية، إلا أنه لم يأت بالنتائج المرجوة، وفقا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
وبينما رأت الصحيفة أن المزيد من الحكومات المنتخبة في المنطقة يواجه نفس السيناريو، حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن "جميع الرؤساء في أنحاء المنطقة على دراية بالمصير الذي ينتظرهم"، ما لم تستعاد الديمقراطية، ونسي الحديث عن السبيل لتحقيق ذلك، في ظل عجز عن التدخل لحل أزمة النيجر حتى الآن.
الغابون ليست مثل النيجر
من جهتها، وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الانقلاب الذي أطاح برئيس الغابون علي بونغو بأنه "صفعة جديدة" للمصالح الفرنسية في أفريقيا، بعد سلسلة الانقلابات التي حدثت مؤخرا في مالي وبوركينافاسو والنيجر.
وأشارت الصحيفة إلى أن الغابون، التي كانت مستعمرة فرنسية حتى عام 1960 ، ظلت تحت حكم بونغو وعائلته حليفا قويا لباريس، حتى مع "ضعف القبضة الفرنسية على مستعمرات سابقة". ونوهت الصحيفة بسيطرة شركات فرنسية على صناعة النفط في الغابون، مضيفة أن هناك قوة فرنسية قوامها 400 عسكري على الأقل متمركزون في الغابون، الكثير منهم في قاعدة في العاصمة ليبرفيل.
وعقدت الصحيفة مقارنة بين ردود الفعل الدولية حيال ما حدث صباح الأربعاء في الغابون وما شهدته النيجر، فذكرت أن انقلاب الغابون قوبل بتنديد دولي فوري، إلا أنه "على عكس النيجر، التي هددت دول مجاورة بالتحرك عسكريا لإنهاء انقلاب الشهر الماضي فيها، لم يكن هناك اقتراح لـ(استخدام) القوة" في الغابون.
بونغو يطلب المساعدةلكن الشارع ضده
وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أن بونغو (64 عاما) تعرض لمحاولة انقلاب في عام 2019، عندما سيطرت مجموعة من العسكريين على محطة الإذاعة الحكومية، قائلين إنهم يريدون "استعادة الديمقراطية". وأوضحت الصحيفة أنه تم إخماد التمرد سريعا وأعدم اثنان من المشتبه في تخطيطهم له.
وبعد ساعات من إعلان عسكريين السيطرة على السلطة في الغابون أمس وإلغاء نتائج الانتخابات التي مهدت الطريق أمام بونغو لولاية ثالثة، ظهر الرجل في مقطع مصور يقول فيه إنه محتجز وطلب المساعدة من "جميع أصدقائنا حول العالم"، كما دعا الشعب الغابوني إلى إدانة الانقلاب وأن يرفعوا صوتهم بذلك.
بيد أن المظاهرات التي خرجت في الشارع تأييدا لعزله، ربما برهنت على أن هناك سخطا على سياساته ورفضا لاستئثار طبقة معينة بثروات البلد العضو في منظمة أوبك وسابع أكبر الدول الأفريقية إنتاجا للنفط، وسط اتهامات لبونغو بالمحاباة والمحسوبية، علما بأن الرجل الذي تولى سدة الحكم في عام 2009 كان امتدادا لحكم والده الذي ظل في السلطة طيلة نحو أربعة عقود.
وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن الغابون تنتج حوالي 200 ألف برميل نفط يوميا، "ما يساعدها على أن تكون واحدة من أعلى دول أفريقيا على صعيد متوسط دخل الفرد، إلا أن ثرواتها لا توزع بالتساوي. فأكثر من ثلث سكان الغابون البالغ عددهم 3ر2 مليون نسمة يرزحون تحت خط الفقر ومحرمون من الخدمات الأساسية".
وعززت صحيفة نيويورك تايمز هذا الطرح بنقلها عن البنك الدولي أن "حوالي 40% من الشعب (الغابوني) بين 15 و24 عاما عاطلون عن العمل".
وبينما ركزت صحيفة واشنطن بوست على أن الغابون لم تعان من هجمات للمتشددين أو انعدام للأمن على نطاق واسع، كما هو الحال في معظم أنحاء غرب أفريقيا، إلا أن "قبضة الأسرة الحاكمة على السلطة تعرضت لضغوط خلال السنوات الأخيرة"، مشيرة إلى محاولة انقلاب عام 2019 بعد أشهر من إصابة بونغو بجلطة دماغية أبعدته عن الساحة لعدة أشهر.
هل هناك دورروسي؟
وبعيدا عن هذه الأسباب، يرى الكثير من المراقبين أنه لا يمكن فصل ما حدث في الغابون عن السياق أو الإطار الأشمل، مرجحين ضلوع روسيا متمثلة في مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة فيه، معتبرين أن موسكو أحرزت هدفا جديدا في مرمى الغرب وأن المواجهة بين الجانبين لا تقتصر على ساحات المعارك في أوكرانيا، وإنما تتوسع رقعتها كل يوم في القارة السمراء. فالغابون وبونغو حافظا على علاقات اقتصادية ودبلوماسية وثيقة مع فرنسا ، التي أدانت حكومتها الانقلاب العسكري وأكدت مجددا "رغبتها في احترام نتيجة الانتخابات" في الغابون.
بلد غني بالثروات المعدنية
وألقت واشنطن بوست الضوء على التبعات الاقتصادية التي ربما تترتب على انقلاب الغابون، مستبعدة حدوث هزة في أسواق النفط العالمية حال تأثر إنتاجها نظرا لأنها "منتج صغير نسبيا". وأشارت الصحيفة إلى أن الأهم هو دور هذا البلد في إنتاج المنجنيز الذي يستخدم في صناعة أقوى أنواع الصلب. وأضافت أن النيجر هي ثاني أكبر منتج لليورانيوم في أفريقيا وتصدر معظم إنتاجها لفرنسا، وفقا للرابطة النووية الدولية.
ورصدت الصحيفة في الوقت نفسه أن معظم الدول التي شهدت انقلابات عسكرية في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، لم تتأثر فيها عمليات التعدين على الرغم من التغيير في السلطة. وفي ظل خروج العديد من الدول الأفريقية مؤخرا من العباءة الفرنسية مع تولي أنظمة عسكرية مناوئة لها السلطة فيها، وتمسك باريس بمناطق نفوذها في القارة وإصرارها على عدم السماح بأن يحل الوجود الروسي بديلا لهذا النفوذ، يخشى مراقبون من أن تتحول القارة السمراء خلال الفترة المقبلة إلى ساحة كبيرة لحرب بالوكالة بين أقطاب عالمية.
ص.ش/ع.ج.م (د ب أ)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: انقلاب عسكري الدول الإفريقية الغابون الانقلاب العسكري في النيجر النفوذ الروسي في أفريقيا النفوذ الفرنسي في إفريقيا إيمانويل ماكرون المصالح الفرنسية دويتشه فيله انقلاب عسكري الدول الإفريقية الغابون الانقلاب العسكري في النيجر النفوذ الروسي في أفريقيا النفوذ الفرنسي في إفريقيا إيمانويل ماكرون المصالح الفرنسية دويتشه فيله فی الغابون إلا أن
إقرأ أيضاً:
تقارير: أسماء الأسد طلبت الطلاق أملا في مغادرة موسكو إلى لندن
أفادت تقارير إعلامية بأن أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، تقدمت بطلب للطلاق أملا في الانتقال للعيش بالعاصمة البريطانية لندن.
وتأتي هذه التطورات عقب أيام من الإطاحة بنظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، وانتقال عائلته للعيش في العاصمة الروسية موسكو.
وبحسب تقرير لموقع "آ هبر" التركي، فإن أسماء الأسد تسعى للعودة إلى بريطانيا التي ولدت وتربّت فيها وتحمل جنسيتها، مشيرا إلى أنها تتواصل مع مكاتب محاماة كبرى للانفصال عن الرئيس المخلوع.
وبحسب التقرير، فإن والدتها سحر العطري تقود جهود الانفصال، وتدفع برغبة ابنتها في مواصلة علاجها في لندن بعد تشخيصها بسرطان الدم النخاعي الحاد في مايو/أيار 2024.
ومن المتوقع أن تواجه أسماء عقبات قانونية تتجاوز مسألة ارتباطها بالأسد، إذ تفرض عدة دول أوروبية ومنظمات دولية عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد الأموال لاتهامها بالتورط في قضايا فساد وثراء غير مشروع خلال فترة حكم زوجها لسوريا.
يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أسماء الأسد شملت حظر السفر وتجميد الأصول "لاستفادتها من النظام السوري" (وكالة الأنباء الأوروبية)وبحسب "آ هبر"، فإن السيدة البالغة من العمر 49 عاما تعاني من قيود صارمة في موسكو وتتعرض لقيود مشددة على تحركاتها.
إعلانوأفاد التقرير بأنها طلبت تصريحا خاصا من السلطات الروسية للسماح لها بمغادرة البلاد، إلا أن الطلب ما زال قيد التقييم ولم يتم البت فيه حتى الآن.
ويُعتقد أن رغبتها في العودة إلى بريطانيا لا تقتصر على الأسباب الصحية فقط، بل تشمل أيضا البحث عن حياة أكثر استقرارا وأمانا بعيدا عن الأنظمة التي أثرت على حياتها وعائلتها.
أسماء الأسدوكانت أسماء الأخرس (كنيتها الأصلية) وُلدت في لندن لأبوين سوريين، وقد تخرجت في علوم الكمبيوتر والأدب الفرنسي من كلية كينغز لندن، وواصلت مسيرتها المهنية في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية في "جي بي مورغان". وكانت تخطط للدراسة للحصول على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة هارفارد عندما التقت بشار الأسد قبل أن يصبح رئيسا خلفا لوالده حافظ الأسد.
وبعد فترة وجيزة، انتقلت أسماء إلى سوريا وتزوجته في ديسمبر/كانون الأول عام 2000.
وبعد اندلاع الثورة السورية في نيسان/آذار 2011، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليها شملت حظر السفر وتجميد الأصول، مبررا ذلك بأنها "تستفيد من النظام السوري المرتبطة به". وعلى الرغم من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، فإن لندن أبقت على هذه العقوبات.
وفي عام 2020، فرضت الولايات المتحدة عقوبات إضافية على أسماء، متهمة إياها بتجميع "مكاسب غير مشروعة على حساب الشعب السوري" واستخدام "جمعياتها الخيرية المزعومة" لتعزيز قوتها الاقتصادية والسياسية كما شملت العقوبات الأميركية أفرادا من عائلتها، بمن فيهم والداها فواز الأخرس وشقيقاها.
وبعد فرارها مع عائلتها إلى روسيا إثر سقوط نظام زوجها، أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي أن أسماء الأسد "غير مرحب بها" في المملكة المتحدة، مشيرا إلى أنها "موضع عقوبات" على الرغم من حملها جواز سفر بريطانيا.
وعلى الصعيد الصحي، خضعت أسماء لعلاج سرطان الثدي عام 2018، قبل أن يتم الإعلان عن شفائها في 2019. وفي مايو/أيار 2024، أعلنت تشخيصها بسرطان الدم النخاعي الحاد الذي سيمنعها من المشاركة في العمل العام.
إعلانوانهار حكم حزب البعث العربي الاشتراكي الذي تولى السلطة في سوريا عام 1963 ودام 61 عاما، مع فقدان نظام بشار الأسد السيطرة على العاصمة دمشق ودخولها في قبضة فصائل غرفة العمليات العسكرية.