الجنرال بريس كلوتير أوليجوي، الرئيس المؤقت في الغابون، محمولا على سواعد الجنود في لبرفيل 30/8/2023

كأوراق الدومينو تتساقط الحكومات الموالية لفرنسا في غرب ووسط أفريقيا الواحدة تلو الأخرى، في تطور ملحوظ يشي بتغيير سريع تتضح ملامحه يوما بعد يوم في مفردات وقواعد اللعبة بتلك المنطقة من العالم. فإعصار الانقلابات اجتاح تسع دول أفريقية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وكان أحدثها دولة الغابون وذلك بعد أقل من شهر على الإطاحة برئيس النيجر محمد بازوم.

ماكرون: الحكام على دراية بالمصير الذي ينتظرهم

مختارات الغابون.. علي بونغو رئيس قاتَل أكثر من مرة لترسيخ حكمه الاتحاد الأوروبي يتابع بقلق الانقلابات في الغابون ومنطقة الساحل ضباط بالجيش الغابوني يعلنون استيلاءهم على السلطة الرئيس علي بونغو قيد الإقامة الجبرية في الغابون الجيش النيجري في حالة تأهب قصوى "تحسباً لهجوم محتمل" لماذا تعاني المستعمرات الفرنسية السابقة بإفريقيا من الانقلابات؟

وأمام تلك الانقلابات رُفع سلاح العقوبات الدولية في محاولة للعودة إلى الديمقراطية، إلا أنه لم يأت بالنتائج المرجوة، وفقا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية.

وبينما رأت الصحيفة أن المزيد من الحكومات المنتخبة في المنطقة يواجه نفس السيناريو، حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن "جميع الرؤساء في أنحاء المنطقة على دراية بالمصير الذي ينتظرهم"، ما لم تستعاد الديمقراطية، ونسي الحديث عن السبيل لتحقيق ذلك، في ظل عجز عن التدخل لحل أزمة النيجر حتى الآن.

الغابون ليست مثل النيجر

من جهتها، وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الانقلاب الذي أطاح برئيس الغابون علي بونغو بأنه "صفعة جديدة" للمصالح الفرنسية في أفريقيا، بعد سلسلة الانقلابات التي حدثت مؤخرا في مالي وبوركينافاسو والنيجر.

وأشارت الصحيفة إلى أن الغابون، التي كانت مستعمرة فرنسية حتى عام 1960 ، ظلت تحت حكم بونغو وعائلته حليفا قويا لباريس، حتى مع "ضعف القبضة الفرنسية على مستعمرات سابقة". ونوهت الصحيفة بسيطرة شركات فرنسية على صناعة النفط في الغابون، مضيفة أن هناك قوة فرنسية قوامها 400 عسكري على الأقل متمركزون في الغابون، الكثير منهم في قاعدة في العاصمة ليبرفيل.

وعقدت الصحيفة مقارنة بين ردود الفعل الدولية حيال ما حدث صباح الأربعاء في الغابون وما شهدته النيجر، فذكرت أن انقلاب الغابون قوبل بتنديد دولي فوري، إلا أنه "على عكس النيجر، التي هددت دول مجاورة بالتحرك عسكريا لإنهاء انقلاب الشهر الماضي فيها، لم يكن هناك اقتراح لـ(استخدام) القوة" في الغابون.

بونغو يطلب المساعدةلكن الشارع ضده

وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أن بونغو (64 عاما) تعرض لمحاولة انقلاب في عام 2019، عندما سيطرت مجموعة من العسكريين على محطة الإذاعة الحكومية، قائلين إنهم يريدون "استعادة الديمقراطية". وأوضحت الصحيفة أنه تم إخماد التمرد سريعا وأعدم اثنان من المشتبه في تخطيطهم له.

وبعد ساعات من إعلان عسكريين السيطرة على السلطة في الغابون أمس وإلغاء نتائج الانتخابات التي مهدت الطريق أمام بونغو لولاية ثالثة، ظهر الرجل في مقطع مصور يقول فيه إنه محتجز وطلب المساعدة من "جميع أصدقائنا حول العالم"، كما دعا الشعب الغابوني إلى إدانة الانقلاب وأن يرفعوا صوتهم بذلك.

بيد أن المظاهرات التي خرجت في الشارع تأييدا لعزله، ربما برهنت على أن هناك سخطا على سياساته ورفضا لاستئثار طبقة معينة بثروات البلد العضو في منظمة أوبك وسابع أكبر الدول الأفريقية إنتاجا للنفط، وسط اتهامات لبونغو بالمحاباة والمحسوبية، علما بأن الرجل الذي تولى سدة الحكم في عام 2009 كان امتدادا لحكم والده الذي ظل في السلطة طيلة نحو أربعة عقود.

وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن الغابون تنتج حوالي 200 ألف برميل نفط يوميا، "ما يساعدها على أن تكون واحدة من أعلى دول أفريقيا على صعيد متوسط دخل الفرد، إلا أن ثرواتها لا توزع بالتساوي. فأكثر من ثلث سكان الغابون البالغ عددهم 3ر2 مليون نسمة يرزحون تحت خط الفقر ومحرمون من الخدمات الأساسية".

وعززت صحيفة نيويورك تايمز هذا الطرح بنقلها عن البنك الدولي أن "حوالي 40% من الشعب (الغابوني) بين 15 و24 عاما عاطلون عن العمل".

وبينما ركزت صحيفة واشنطن بوست على أن الغابون لم تعان من هجمات للمتشددين أو انعدام للأمن على نطاق واسع، كما هو الحال في معظم أنحاء غرب أفريقيا، إلا أن "قبضة الأسرة الحاكمة على السلطة تعرضت لضغوط خلال السنوات الأخيرة"، مشيرة إلى محاولة انقلاب عام 2019 بعد أشهر من إصابة بونغو بجلطة دماغية أبعدته عن الساحة لعدة أشهر.

هل هناك دورروسي؟

وبعيدا عن هذه الأسباب، يرى الكثير من المراقبين أنه لا يمكن فصل ما حدث في الغابون عن السياق أو الإطار الأشمل، مرجحين ضلوع روسيا متمثلة في مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة فيه، معتبرين أن موسكو أحرزت هدفا جديدا في مرمى الغرب وأن المواجهة بين الجانبين لا تقتصر على ساحات المعارك في أوكرانيا، وإنما تتوسع رقعتها كل يوم في القارة السمراء. فالغابون وبونغو حافظا على علاقات اقتصادية ودبلوماسية وثيقة مع فرنسا ، التي أدانت حكومتها الانقلاب العسكري وأكدت مجددا "رغبتها في احترام نتيجة الانتخابات" في الغابون.

بلد غني بالثروات المعدنية

وألقت واشنطن بوست الضوء على التبعات الاقتصادية التي ربما تترتب على انقلاب الغابون، مستبعدة حدوث هزة في أسواق النفط العالمية حال تأثر إنتاجها نظرا لأنها "منتج صغير نسبيا". وأشارت الصحيفة إلى أن الأهم هو دور هذا البلد في إنتاج المنجنيز الذي يستخدم في صناعة أقوى أنواع الصلب. وأضافت أن النيجر هي ثاني أكبر منتج لليورانيوم في أفريقيا وتصدر معظم إنتاجها لفرنسا، وفقا للرابطة النووية الدولية.

ورصدت الصحيفة في الوقت نفسه أن معظم الدول التي شهدت انقلابات عسكرية في المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، لم تتأثر فيها عمليات التعدين على الرغم من التغيير في السلطة. وفي ظل خروج العديد من الدول الأفريقية مؤخرا من العباءة الفرنسية مع تولي أنظمة عسكرية مناوئة لها السلطة فيها، وتمسك باريس بمناطق نفوذها في القارة وإصرارها على عدم السماح بأن يحل الوجود الروسي بديلا لهذا النفوذ، يخشى مراقبون من أن تتحول القارة السمراء خلال الفترة المقبلة إلى ساحة كبيرة لحرب بالوكالة بين أقطاب عالمية.

ص.ش/ع.ج.م (د ب أ)

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: انقلاب عسكري الدول الإفريقية الغابون الانقلاب العسكري في النيجر النفوذ الروسي في أفريقيا النفوذ الفرنسي في إفريقيا إيمانويل ماكرون المصالح الفرنسية دويتشه فيله انقلاب عسكري الدول الإفريقية الغابون الانقلاب العسكري في النيجر النفوذ الروسي في أفريقيا النفوذ الفرنسي في إفريقيا إيمانويل ماكرون المصالح الفرنسية دويتشه فيله فی الغابون إلا أن

إقرأ أيضاً:

محكمة النقض الفرنسية تدرس مذكرة توقيف بشار الأسد

تدرس محكمة النقض الفرنسية، في 4 تموز المقبل، مدى صحة مذكرة التوقيف الصادرة بحق رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد، بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، والتي صدرت عندما كان لا يزال على رأس النظام السوري، وكان حينها مؤهلاً للحصانة.

وبحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر قضائي، فإن أعلى محكمة في النظام القضائي الفرنسي ستعقد جلسة استماع عامة في جلستها الكاملة، وهي تشكيلتها الأكثر رسمية، والتي يتم عقدها للبت في أهم المسائل القانونية.

وبين المصدر، أنه سيتعين على القضاة أن يقرروا مدى صحة مذكرة التوقيف الصادرة في تشرين الثاني 2023 ضد بشار الأسد، بسبب الهجمات الكيميائية التي نفذها نظامه في عدرا ودوما والغوطة الشرقية، وأسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص بغاز السارين السام، وفق وكالة الاستخبارات الأميركية.

المصدر: تلفزيون سوريا


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند محكمة النقض الفرنسية تدرس مذكرة توقيف بشار الأسد تسريب معلومات أميركية حول الخطة العسكرية السرية لاستهداف الحوثيين مفاوضات برشلونة ودي يونغ..شرط جزائي بـ 80 مليون يورو مصرف الإمارات المركزي يُطلق ورقة نقدية جديدة تونس: تستعين بـ 4 شركات عالمية للخوض بمشاريع الطاقة الشمسية Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • محكمة النقض الفرنسية تدرس مذكرة توقيف بشار الأسد
  • بلدية شيشلي تحت الوصاية.. وصورة أردوغان حاضرة
  • لاعب القادسية يجدد آمال الغابون في التأهل للمونديال
  • اجتماع أمني في إسرائيل بسبب “مخاوف من نفوذ تركيا في سوريا”
  • منظمة التعاون الإسلامي تُدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في النيجر
  • حشود في كيب تاون تستقبل سفير جنوب أفريقيا الذي طردته واشنطن.. ماذا قال؟ (شاهد)
  • السلطات الفرنسية تنقذ 168 مهاجراً
  • الخارجية الفرنسية: قلقون بشدة إزاء تجدد التوتر في جنوب لبنان
  • من المحكمة إلى دار الإفتاء .. كيف نجح خالد أبو بكر في إعادة ابن إلى أمه الفرنسية؟
  • الزاكي : النيجر واجه أفضل منتخب في أفريقيا وأرهقه بدنياً