عربي21:
2024-07-06@17:03:10 GMT

الذكرى 31 ليوم إيقافي بطلب من نظام بن علي

تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT

يوم 25 آب / أغسطس 1992 كان يوم ثلاثاء صيفيي عادي في قرية (شفروز) الجميلة في ضواحي باريس وكنت أسكن بيتا قديما وكان ابني (الطيب) ينام هادئا مطمئنا وهو في سنته السادسة.

على الساعة السابعة سمعنا رنة جرس الباب إلا أن المفاجأة هذه المرة كانت من الحجم الثقيل فإن بالباب شرطيين من الشرطة العدلية الفرنسية قدما لإيقافي على ذمة طلب جلب تقدمت به السلطات التونسية عبر الإنتربول.

. وفي الحقيقة لم أتوقع مثل هذا الإيقاف ولم أحتط له استباقيا بطلب اللجوء السياسي مثلا، فقد كنت أعتقد أن بلاهة الطاغوت التونسي لها حدود وأن الطاغية يدرك بأن فرنسا دولة قانون ولديها مؤسسات دستورية تتجاوز التعاطف السياسي لتحمي الأبرياء الملتجئين لحماها..

والغريب أن هذا الطلب التونسي جاء بعد ستة أعوام من خروجي من تونس والسبب هو أن الرئيس المخلوع كان يعتقد أو لديه معلومات بأنني مع الصديقين محمد مزالي رئيس حكومة تونس المنفي مثلي (رحمة الله عليه) وأحمد بنور وزير الدولة للدفاع ثم للداخلية المناضل الصامد ضد الطاغوت والمنفي مثلي أيضا رحمه الله أننا الثلاثة اشتركنا في توريط شقيق الرئيس المنصف بن علي في قضية مخدرات بباريس، حيث حوكم بإحدى عشرة سنة سجنا وقبض عليه في مطار باريس متلبسا بتهريب أموال ترويج المخدرات ولكنه غادر التراب الفرنسي بتواطؤ مشترك بين جهازي الدبلوماسية والأمن في البلدين.

المهم كانت جريمتي الحقيقية وجريمة مزالي وبنور هي مقاومة الفساد المتفشي في أعلى هرم السلطة، أما الملفات الكيدية التي طبخها لنا وزير الظلم المسمى رسميا وزير العدل عبد الرحيم الزواري والقاضي المسخر حسن بن فلاح الملقب بعميد قضاة التحقيق فهي ملفات تتعلق بسوء تصرف واختلاس أي من نوع قضايا الحق العام التي تبدو وكأنها لا علاقة لها بالسياسة وهي القضايا التي طالت كل المقاومين للطاغوت في ذلك العهد.

وعلمت بعدئذ أن عبد الرحيم الزواري هو الذي أقنع بن علي بأنه يستطيع جلب مزالي والقديدي وبنور "مكلبشين" من فرنسا خاصة وأن جهاز أمنه نقل لابن علي أني ألقيت محاضرة في فضاء (لوبورجيه) أمام عشرة آلاف مسلم اجتمعوا ضمن مؤتمر الجمعيات الإسلامية في أوروبا وكانت المحاضرة حول الوحدة الإسلامية.

وهو ما أثار ضدي في كانون أول / ديسمبر 1991 موجة من شتائم الإعلام الفرنسي اليميني المتطرف نقلتها بأمانة الصحف التونسية كبرهان على ما أسمته "انتماء القديدي للتيار السلفي".

ولنعد إلى يوم 25 آب / أغسطس 1992 لأقص حكاية الإيقاف فقد أخذني محافظ الشرطة (لوجندر) وزميله (فوكاد) لمحكمة (فرساي) بعد أن انحنيت على سرير ابني وقبلت جبينه وهو نائم مودعا قبل مواجهة مصيري المجهول.

وكانت المفاجأة في بهو المحكمة التي وصلناها الساعة الثامنة: جموع غفيرة كانت في انتظار قدومي لمساندتي وشد أزري وتوجيه صفعة للنظام، والسر هو أني هاتفت مزالي قبل أن يعتقلني الشرطيان فعلم أصدقائي بخبر إيقافي فهرع للمحكمة قبلي رئيس حكومة تونس السابق محمد مزالي ورفيق الكفاح الوزير أحمد بنور ومعارضون تونسيون شجعان من بينهم د. أحمد المناعي الخبير الأممي ود. منذر صفر اليساري النبيل ود. مجيد بودن المحامي والمضطهد والمازري الحداد.. وجاء من شرفاء الفرنسيين (روبير فردييه) رئيس المنظمة الفرنسية لحقوق الإنسان و(ويليام بوردون) المحامي والمدافع الشرس إلى اليوم عن كل ضحايا القمع في العالم العربي كما جاء صحفي من وكالة (فرانس برس) الرسمية للأنباء الذي أذاع برقية فورية باعتقالي وتعرضي للقتل في حال تسليمي للنظام.

وللأمانة فقد هندس كل هذه التعبئة صديقنا طيب الذكر رحمة الله عليه علي السعيدي الذي اغتيل سنة 2003 في تونس في ظروف غامضة وهو الذي جند من أجلي رجلين فرنسيين شهيرين يومئذ هما الكاتب (جيل بيرو) الذي فقدناه منذ أسبوع ورجل الكنيسة بكاتدرائية (إفرو) المنشق المعروف بمواقفه المشرفة (منسنيور جاك غايو).. وعندما شاهد حاكم التحقيق السيد (دوجاردان) هذا الحشد الكريم يلفني ويغمرني بتعاطف صادق بدأ يداخله الشك في أن قضيتي سياسية وأن نظام تونس تحرك بشكل كيدي ولكن المنقذ الحقيقي لي من هذه المؤامرة كان صديقي الوزير الفرنسي (برنار ستازي) الذي هاتف زميله وزير العدل (ميشال فوزال) وشرح له خفايا العملية فأصدر الوزير لوكيل الجمهورية بمحكمة (فرساي) أمرا بإطلاق سراحي بضمانه الشخصي.

وهكذا كان فتهللت وجوه الحاضرين وهلت التبريكات بالنجاة من مخالب وأنياب عصابة السوء وخرجت من قصر العدالة على الساعة الخامسة عصرا مقتنعا بأن الله سبحانه يحق الحق ويزهق الباطل وبأن نصر الله قريب وبأن العاقبة للمتقين.

فأغلب من ظلمونا وشردونا وأخرجونا من ديارنا بغير حق هم اليوم إما في السجون أو في المنافي أو موصومون بعار السكوت عن الحق غفر الله لهم ولنا.

ومنذ ذلك اليوم بدأت قصة معاناتي الطويلة مع الأنتربول التي استمرت عشرة أعوام لأنني كنت مطلوبا في كل مطارات العالم ما عدا مطارات فرنسا ودولة قطر التي آوتني وأكرمت مثواي ونصرتني على الطغمة وهي إلى اليوم كعبة المظلوم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التونسية الإيقاف فرنسا قصة فرنسا تونس معارض إيقاف قصة مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة رياضة اقتصاد صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بن علی

إقرأ أيضاً:

احتفالات السنة الهجرية 1446 في تونس

 تحتفل تونس ببداية السنة الهجرية، وهي مناسبة دينية هامة تخلد ذكرى هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.

 تعتبر هذه المناسبة فرصة للتأمل والتذكير بالقيم الإسلامية والروحانية، وتتميز احتفالات السنة الهجرية في تونس بمظاهر دينية واجتماعية تعكس تنوع وثراء الثقافة التونسية.

مظاهر الاحتفال بالسنة الهجرية في تونس

1. **الأنشطة الدينية**:
  - **الخطب والمواعظ**: تقوم المساجد بتنظيم خطب ومواعظ دينية تركز على أهمية الهجرة النبوية والدروس المستفادة منها. يتحدث الأئمة عن قيمة الصبر والتوكل على الله وأهمية الوحدة والتعاون بين المسلمين.
  - **الذكر وتلاوة القرآن**: يحرص التونسيون على قراءة القرآن والإكثار من الأذكار والدعاء في هذا اليوم، تعزيزًا للروحانية وتقربًا إلى الله.

2. **الاحتفالات العائلية**:
  - **الولائم والتجمعات**: تجتمع الأسر التونسية في ولائم عائلية تتضمن تقديم الأطعمة التقليدية الخاصة بهذه المناسبة، مثل الكسكسي والبسيسة. تسود أجواء من الفرح والألفة بين أفراد العائلة.
  - **تبادل التهاني**: يتبادل الناس التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية سواء بشكل مباشر أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يعزز من روح المحبة والتواصل الاجتماعي.

3. **الأنشطة الاجتماعية**:
  - **زيارات الأقارب والجيران**: يقوم التونسيون بزيارة الأقارب والجيران لتقديم التهاني وتبادل الهدايا الرمزية، مما يعزز من الروابط الاجتماعية ويؤكد على أهمية العلاقات الإنسانية.
  - **الأعمال الخيرية**: يُشجع العديد من التونسيين على القيام بأعمال خيرية في هذه المناسبة، مثل تقديم الصدقات وتوزيع الطعام على المحتاجين، اقتداءً بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

4. **البرامج الثقافية والإعلامية**:
  - **برامج تلفزيونية وإذاعية**: تبث القنوات التلفزيونية والإذاعية برامج خاصة عن الهجرة النبوية، تتضمن حوارات مع علماء الدين ومداخلات حول أهمية الحدث ودروسه.
  - **مقالات صحفية**: تنشر الصحف والمجلات مقالات تشرح أهمية السنة الهجرية وتسلط الضوء على الدروس المستفادة من الهجرة النبوية، مما يعزز من الوعي الديني لدى الجمهور.

5. **الأنشطة التعليمية**:
  - **أنشطة مدرسية**: تقوم المدارس بتنظيم أنشطة تعليمية وثقافية، مثل المحاضرات والمسابقات الدينية، لتعريف الطلاب بأهمية الهجرة النبوية وزرع القيم الإسلامية في نفوسهم.
  - **مسابقات ثقافية**: تُقام مسابقات في حفظ القرآن والأحاديث النبوية وسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما يعزز من التفاعل الثقافي والديني بين الشباب.

6. **الطقوس التقليدية**:
  - **تزيين المنازل**: تقوم بعض الأسر بتزيين منازلها بالزينة التقليدية، احتفاءً ببداية العام الهجري الجديد.
  - **اللباس التقليدي**: يرتدي التونسيون في هذه المناسبة اللباس التقليدي، مما يعكس احترامهم للتقاليد والعادات الموروثة.

الختام

تعد احتفالات السنة الهجرية في تونس مناسبة دينية وثقافية تجمع بين الروحانية والتقاليد الاجتماعية، تعكس هذه الاحتفالات التزام التونسيين بتعاليم الإسلام وحبهم لإحياء ذكرى الهجرة النبوية الشريفة. 

من خلال الخطب الدينية، والتجمعات العائلية، والأنشطة الاجتماعية، يعزز التونسيون من الروابط الاجتماعية والدينية، ويحيون قيم التعاون والتآزر والمحبة في المجتمع.

مقالات مشابهة

  • احتفالات السنة الهجرية 1446 في تونس
  • بحضور سياسي وشعبي.. إحياء الذكرى الـ 104 لثورة العشرين في مبنى خان ضاري
  • مساجد الجزائر تحيي الذكرى 62 للإستقلال
  • ضربة لإسرائيل: الشعاع الحديدي لمواجهة الحزب خارج الخدمة.. ولن يكون جاهزًا قبل هذا الموعد!
  • الشعاع الحديدي خارج الخدمة.. ضربة لإسرائيل بمواجهة حزب الله
  • السيد القائد: المعركة في البحر الأحمر أثبتت أن حاملات الطائرات الأمريكية نظام قديم عفا عليه الزمن
  • رواندا تحيي الذكرى الثلاثين للتحرير
  • وزير التعليم الجديد يتوجه لمكتبه صباح اليوم ويؤكد بعقد اجتماعات مع القيادات لمناقشة الملفات
  • تونس.. 6 أكتوبر موعد إجراء الانتخابات الرئاسية
  • مختص يكشف لـ"اليوم" سبب تطبيق نظام التأمينات فور موافقة مجلس الوزراء