هذا المقال يشكل خاتمة حواري مع صديقي وزميلي الدكتور أحمد عثمان عمر.
جاء المقال الأول بعنوان: (الدكتور أحمد عثمان عمر وحيثيات رفض التحالف مع قحت). قلت فيه:
(لاحظ شعبنا، منذ الحكومة الانتقالية، أن دعاة هذا الخط السياسي، وفي معظم الإصدارات والبيانات والتصريحات والندوات، يوجهون معظم نقدهم، نحو قحت. وتحولت قحت للجهة التي تصوب تجاهها السهام.

أصبح الصراع الأساسي هو مع كل ما يتعلق بقحت، بطريقة أقرب للانشغال الدائم. بدأ ذلك الانشغال بالحديث عن الهبوط الناعم، ثم تحول الخطاب نحو ما سميت بقوى التسوية، حتى موقفها من إيقاف الحرب ثم تصنيفه، بأنه: لا للحرب نعم للإصلاح. هنا، اود، أن أوضح بجلاء تام، وشفافية حقيقية، انني لا انتمى لقحت، ولا أدافع عن خطها السياسي، أو ممارساتها. وكتبت، عدة مقالات، في نقدها، عندما كانت في السلطة، وتملك رصيدا جماهيريا معروفا. لكن، بصريح العبارة وبلغة واضحة، أعترف ان قحت ومكوناتها، قوى وطنية تسعي من اجل الانتقال الديمقراطي، وأنها حليف لكل قوى الثورة. دورنا ان نتحاور معها، بجدية وندية، حول مواقفها، استهدافا للوصول الي ما يجمعنا.)
كان المقال الثاني بعنوان: (الجذريون والوقوف عند محطة الشراكة) جاء فيه ما يلي:
(ساهمت، كما فعل كثيرون، بنقد الوثيقة الدستورية المعيبة، التي انتجت الشراكة. وقد كتبت عن موقف من صاغوها، وقلت انه ناتج عن قلة التجربة، والجهل بتاريخ السودان السياسي، ووصفته بعدم الثقة في الجماهير، والتهيب من العسكر. كما ذكرت ان موقف العسكر هو تكرار ونقل حرفي من محاولة المجلس العسكري الانتقالي، بعد الانتفاضة، بالانفراد بالسلطة كلها، فقاومته الجماهير والتجمع الوطني والنقابي. كما ان ممارسات العسكر خلال الحكومات الانتقالية، أوضحت لكل ذي عينين، ما ينوي عليه ويخطط له العسكر. كما كتبت، قبل انقلاب 25 أكتوبر، بان المكون المدني (في السيادي والحكومة) يتحمل كامل المسؤولية عن تعطيل أهداف الثورة، والسماح للعسكر بتسيير الوطن حسب مخططهم المعادي للثورة. هذا يعني ان قطاع واسع كان ينقد ويحذر قوى قحت من مالات ما يتم آنذاك. لكن في نفس الوقت لا نعتقد انها متآمرة مع العسكر ضد الثورة. يمكننا وصفها بالضعف، أو التكويش وابعاد قوى ثورية مؤثرة وتكبير الكوم، أو أن أحزاب لا وزن جماهيري لها صارت مسيطرة على مفاصل السلطة، أو التعجل للانفراد بالسلطة. ولا نزال ننقد في ممارسات قوى الحرية والتغيير حتى الآن، وندعو للتعلم من كل تلك الأخطاء الكارثية، والعمل على تخطيها، لان ما يهمنا، أولا، وأخيرا، وطننا، وثورتنا.)
اما المقال الثالث (استراتيجية الهبوط الناعم: الفكرة والمقترح وكيف تحولت لسبة؟) كتبت فيه:
(هذا تصور واضعي استراتيجية الهبوط الناعم، وهي كانت نتاج لاعتقاد المجتمع الدولي بعدم قدرة المعارضة على هزيمة النظام. كما كانت الأزمة الاقتصادية الخانقة، ومخاطر اندلاع حرب أهلية شاملة، ومن ثم انهيار الدولة السودانية مخاوف حقيقية للمجتمع الدولي. ومثل نجاح اتفاقية السلام الشامل في السودان، وتجربة جنوب افريقيا وبعض اقطار أمريكا الجنوبية دافعا للتفكير في المشروع. وبخبث الاسلامويين المعروف، فقد استغلوا الاستراتيجية لتحسين صورة النظام امام المجتمع الدولي، ونيل بعض المكاسب. فنظموا ما سمي بحوار الوثبة، وسمحوا للمشاركين بطرح آرائهم، واعداد توصيات جيدة، وضعها البشير في ادراجه، عندما سلمت له.)
(هل سنواصل هتافنا لن يحكمنا البنك الدولي أم هناك بدائل أخري؟) كان عنوان المقال الرابع، وفيه قدمت جزء من خطاب نقد في الجمعية التأسيسية عند مناقشة الميزانية، باعتباره الخطاب العقلاني البديل للشعارات، قال نقد:
(يدور الصراع والخلاف حول تنفيذ برنامج إنقاذ الاقتصاد. لكن، برغم هذا الخلاف، نضع في اعتبارنا اننا نمر بحالة محددة وملموسة. فالسودان يعاني فيها من مشاكل كبيرة: مشكلة المجاعة وذيولها، ومشكلة الحرب الاهلية، وأعتقد أن أي دولة – بصرف النظر عن نظامها الاجتماعي ونوع السلطة السياسية – إذا ابتلاها الله بهاتين المشكلتين (حرب أهلية ومجاعة) لا بد أن تنوء تحت ثقل هذه المشكلة في شقها الاقتصادي (المجاعة) وفي شقها العسكري (الحرب الاهلية). هذه المشاكل إذا وضعت في الاعتبار، فطرق العلاج والحل وطرح المطالب والمطامع والطموحات يمكن أن تتقيد في إطار واقعي ومعقول. والى جانب المجاعة والحرب الاهلية، تواجه مشكلة الديون. صحيح ان هذه مشكلة لا ينفرد بها السودان، لكن السودان لم تكن عليه ديون بهذا الحجم. وكان يمكن الا يستدين كل تلك المبالغ بلا عائد وبلا تنمية وبلا أساس للمستقبل على الأقل لتسديد الديون. والى جانب المجاعة والحرب الأهلية والديون، هناك جهاز الدولة المايوي. ومهما نطرح من سياسات للإصلاح أو الإنقاذ، يمثل هذا الجهاز عقبة. هذه المشاكل الأربع أو هذه العقبات الأربعة نضعها في الاعتبار ونحن نقيم السياسة المالية والميزانية.)
ركزت في المقال على ايراد مواقف الحزب الشيوعي من قضية الحل السياسي وكيف تعامل معها بمسؤولية وقدم مقترحات عملية لإنجاحها. وهو أمر يناقض، تمتما، ما يدعو له الجذريون الآن، جاء في موقف الحزب واضحا وصريحا في اعتماد الحل السياسي:
(من جانبنا نعتمد الحل السياسي كخيار له، مثل خياري الانتفاضة والعمل المسلح، كل مقومات وأساليب العمل النضالي، ويمكن ان تشارك فيه أوسع القوى السياسية والشعبية وتخوض به معارك، وفق شروط معينة، الى تحقيق اهداف مؤقتة او بعيدة المدي، تكتيكية او استراتيجية. هذا يتطلب الوضوح الكامل والحاسم في تحديد الأهداف)
طرح المقال السادس القضية المركزية الآن وهي (أولوية وضرورة تكوين أوسع جبهة لإيقاف الحرب):
(أؤمن جازما، بان الأسباب التي قدمت لرفض التحالف مع قحت لإنهاء الحرب، هي أسباب غير مقنعة، والرفض هو امتداد طبيعي للخط اليساري الذي صار الخطاب السياسي المهيمن للجذريين. في ظل حرب مجرمة دمرت كل شيء، نعم كل شيء، في كل مجالات الحياة الخاصة والعامة، والتي تصر الفلول المهيمنة على الجيش ان تستمر، ليزداد الدمار ونفقد الوطن. في مثل هذه الظروف نرفض التحالف مع قوى جادة في انهاء الحرب، بحجج غير مقنعة، بل ومصطنعة. أما الحديث عن جبهة قاعدية، فلا يوجد توضيح له وكيفية تكوين تلك الجبهة، وامامنا القوى السياسية والمدنية التي تمثل قطاعات واسعة من شعبنا. والاهم لم تتم أي اتصالات جادة وجلوس معا لتحديد نقاط الاختلاف ونقاط الالتقاء، ثم النظر في إمكانية التحالف أو عدمها، واخطار شعبنا بتفاصيل ما تم، وأسباب ونقاط الاتفاق أو جوانب الاختلاف، في شفافية واحترام.)
الآن، وفي هذا المنعطف الحاسم من تطور بلادنا، الذي يهدد بتحول الحرب الي حرب أهلية شاملة، على أساس الهوية والانتماء الاثني والجهوي، والدمار الشامل الذي حاق بالعاصمة القومية ودارفور وأجزاء من كردفان، يصر الاسلامويين على استمرار الحرب. ورغم ان الضرورة التاريخية تستدعي ان توحد قوى شعبنا المدنية قواها، لتفرض حلا سلميا في المفاوضات، ولتبعد قادة المعسكرين المتقاتلين عن الساحة السياسية، نجد ان رفاقنا الجذريين يصرون على رفض قيام الجبهة الواسعة، بالشكل المتعارف عليه مع القوى السياسية والنقابية والمدنية، ويقترحون جبهة قاعدية، مجهولة الهوية، في إصرار عنيد على ابعاد مكونات الحرية والتغيير. نقول ان أي مروع مستقبلي للتغيير لن يتحقق عندما نفقد الوطن.

siddigelzailaee@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. «السيسي» و«بن زايد» يشهدان إطلاق مشروع «رأس الحكمة»

تقرأ في عدد «الوطن» غدا السبت، موضوعات وقضايا جديدة من وجهات نظر مختلفة، حول الشأنين المحلي والدولي، وإلى أبرز العناوين:

الصفحة الأولى

-«السيسي» و«بن زايد» يشهدان إطلاق مشروع «رأس الحكمة»

- رئيسا مصر والإمارات: المشروع يسهم فى تعزيز العلاقات الاقتصادية.. ويمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة

-مصر والسعودية تعلنان التضامن الكامل مع لبنان وتحذران من خطورة التصعيد على شعوب المنطقة

- «الخارجية»: نتابع ملابسات مصرع مصريين فى المكسيك

- «خلاف»: نتواصل مع السلطات المكسيكية للوقوف على ملابسات الحادث

- الاحتلال الإسرائيلى يواصل قتل المدنيين فى «بيروت وغزة والضفة»

- شهادات جديدة لأبطال «أكتوبر»

- قائد أول دبابة تعبر «خط بارليف»: دمرت 4 دبابات ونقلنا أخرى حديثة لدراستها فى مصر

- قائد «سرية مشاة»: الجندى المصرى أظهر معدنه.. ورأيت أسوداً تركض نحو النصر

- أحد أبطال الصاعقة: لقَّنا العدو درساً لن ينساه.. واستعدنا الكرامة المصرية وسط العالم

- حرب الشائعات.. سلاح جديد لـ«قوى الشر»

- منصات نشر المعلومات المضللة تسعى لزعزعة الاستقرار وضرب الاقتصاد والتماسك المجتمعى

- الدولة تبذل جهوداً كبيرة لصناعة الوعى.. و«سعدة»: «المتحدة» تعكس صورة إيجابية للدولة بالخارج

الصفحة الثانية

- فى ذكرى نصر أكتوبر المجيد: «التعليم العالى» يشهد تقدماً غير مسبوق فى سيناء ومدن القناة

- متحف «السادات» بالإسكندرية.. شاهد على مسيرة الزعيم السياسية والعسكرية

- حملة «الوطن» لـ«مجتمع آمن»: التفكير فى الغيبيات طريق إلى الإيمان أو الإلحاد.. فكيف تتمسك بالعقيدة؟

- «البيئة»: نبحث إعلان ساحل البحر الأحمر بالكامل محمية بحرية لدعم السياحة

- «الرى»: استمرار متابعة حالة الترع لتوصيل المياه للمنتفعين

- مقال رأي لـ د. محمود خليل، بعنوان: سر الوصية

الصفحة الثالثة

- إسرائيل تقصف جنوب لبنان وتستهدف قادة «حزب الله»

- قوات الاحتلال تواصل حرب الإبادة فى «غزة» وسقوط شهداء وجرحى.. و«أونروا»: الفلسطينيون يعيشون رعباً لا يمكن وصفه

- «الاتصالات»: نحرص على تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعى

- تعاون «مصرى - كويتى» فى الإنتاج الداجنى والحيوانى والسمكى

- مقال رأي لـ عمار علي حسن، بعنوان: إسناد لبنان لفلسطين

الصفحة الرابعة

- «حروب الشائعات» السلاح الجديد لـ«قوى الشر»

- الدولة تبذل جهوداً كبيرة لمواجهتها وصناعة الوعى

- منصات تدوير ونشر المعلومات المضللة تهديد للأمن القومى

- «ترويج الأكاذيب».. حرب قذرة لزعزعة الاستقرار وضرب الاقتصاد والتماسك المجتمعى

- أستاذة علم الاجتماع السياسى: نعيش مرحلة حرجة من بناء الوعى.. والمواجهة مسئولية مجتمعية

الصفحة الخامسة

- «الشفافية».. سلاح فعال فى مواجهة مثيرى الفتن ومُروِّجى الأكاذيب

- «خبراء وأكاديميون»: الإعلام خط الدفاع الأول لمواجهة التحديات التى تمر بها مصر

- نقيب الإعلاميين: مطلوب مبادرات لتوعية الجمهور بكيفية التمييز بين الأخبار الزائفة والحقيقية

- مقال رأي لـ فتحي شمس الدين، بعنوان: بناء الوعي المجتمعي

الصفحة السادسة

- قائد أول دبابة تعبر «خط بارليف»: دمرنا 4 دبابات ونقلنا أخرى حديثة لدراستها فى أول ساعات الحرب

- العقيد محيى الدين مصطفى: «الشاذلى» أمر بتثبيت «كوبرى الاقتحام» بالمراكب لأعاون المشاة فى مواجهة الدبابات الإسرائيلية

- قائد سرية مشاة: الجندى المصرى أظهر معدنه.. ورأيت أسوداً تركض نحو النصر

- اللواء دكتور محمد ثروت النصيرى: تدربنا ليلاً ونهاراً على لحظة العبور.. وجميع طوائف الشعب شاركت فى المعركة

- أحد أبطال الصاعقة: لقَّنَّا العدو درساً لن ينساه.. وأرضنا مقدسة

- اللواء مجدى شحاتة: كنا حريصين على المشاركة فى الدفاع عن الأرض.. واستعادة الكرامة المصرية وسط العالم

الصفحة السابعة

- مقال رأي لـ النائب علاء عابد، بعنوان: إسرائيل.. كيان سايكوباثي

- مقال رأي لـ محمد مصطفى أبوشامة، بعنوان: زوربا المصري في بيروت!

- مقال رأي لـ بلال الدوي، بعنوان: يا من تريد قتالي احفر لنفسك قبرا قبل أن تلقاني

- مقال رأي لـ مصطفى كفافي، بعنوان: الليالي الباليستية

- مقال رأي لـ عبير فتحي، بعنوان: جيش مصر حصن أمان للأمة العربية

- مقال رأي لـ الشيخ ياسر السيد مدين، بعنوان: لتخرج الناس من الظلمات إلى النور

الصفحة الثامنة

- مقال رأي لـ يوسف القعيد، بعنوان: قصة نصر أكتوبر العظيم كما رواها أحد من شاركوا فيها

- «زرع العلم طرح الأمل».. أطفال فى محاكاة لحرب أكتوبر احتفالاً بالنصر

- صدقة جارية.. بـ«العواقة والفأس».. الأئمة يزرعون مُحيط المساجد

-«نفسى أغنّى معاك».. رامى جمال يحقق أمنية «مارتينا» فى حفل تخرجها

مقالات مشابهة

  • السياسي والعسكري في ظل الحروب الدائرة…تساؤلات للتفكر؟.
  • الجارديان : الحرب في الشرق الأوسط لن تتوقف قبل حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة
  • "الجارديان": الحرب في الشرق الأوسط لن تتوقف قبل حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة
  • وزير المالية الإسرائيلي يحدد 4 أهداف لنهاية حرب تخوضها تل أبيب على أكثر من جهة
  • وزير المالية الإسرائيلي يُحدد أربعة أهداف لانتهاء الحرب
  • عندما رُدعَتْ إسرائيل في حرب أكتوبر 1973
  • التوبة في القرآن الكريم.. فرصة للتغيير وتحقيق السمو الروحي
  • الشرق الأوسط الجديد: كيف يعيد الغرب تشكيل الإسلام السياسي من السودان إلى إيران؟
  • المستشار محمود فوزي: التوصيات الصادرة عن الحوار الوطني تعبر عن الشارع السياسي
  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا.. «السيسي» و«بن زايد» يشهدان إطلاق مشروع «رأس الحكمة»