سلط مركز "ستراتفور" الضوء على الانقلاب العسكري الأخير في الجابون بعد ساعات من إعلان فوز الرئيس، علي بونجو، بولاية ثالثة، مرجحا أن تكون تداعياته "محدودة نسبيًا"، استنادا إلى اتجاه الجيش الجابوني إلى حماية صادرات النفط والغاز.

وذكر المركز، في تقدير موقف نشره بموقعه الإلكتروني وترجمه "الخليج الجديد"، أن الفترة الانتقالية الموعودة لن تؤدي بالضرورة إلى عمليات ديمقراطية، وتخاطر بتحفيز المزيد من الانقلابات في جميع أنحاء وسط إفريقيا، خاصة أن الانقلابيين في الجابون أعلنوا أنهم يمثلون كل قوات الأمن والدفاع، وأنهم تصرفوا ردًا على "الأزمة المؤسسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الشديدة".

كما أعلن قادة الانقلاب حل الحكومة ومجلس الشيوخ والبرلمان والمحكمة الدستورية، فضلاً عن إغلاق حدود البلاد "حتى إشعار آخر"، وسط أنباء عن احتجاز علي بونجو قيد الإقامة الجبرية مع عائلته.

واندلع إطلاق نار لفترة وجيزة في العاصمة ليبرفيل بعد أن أعلن الضباط الانقلاب، لكن لم تقع حوادث أمنية كبيرة قبل أن يخرج مئات الأشخاص للاحتفال بالإعلان عن الإطاحة عسكريا ببونجو.

وفي وقت لاحق من يوم 30 أغسطس/آب، قام الجنود على شاشة التلفزيون الوطني بتعيين الجنرال، بريس أوليجوي نجويما، كزعيم للفترة الانتقالية.

تأييد شعبي

 ويشير الاستياء واسع النطاق من حكم بونجو إلى أن المؤسسة العسكرية تحظى بدعم قسم كبير من المواطنين الجابون، وهو ما من شأنه أن يحد على الأرجح من تعطيل التغيير السياسي، بحسب تقدير "ستراتفور"، مشيرا إلى أن فوز بونجو في انتخابات 26 أغسطس/آب كان من شأنه إطالة حكم عائلته، المستمر منذ 56 عاما.

فوالد الرئيس المخلوع، عمر بونجو، حكم الجابون من عام 1967 حتى وفاته عام 2009 عندما خلفه ابنه، وانخرط كلاهما في عمليات احتيال وعنف ومحسوبية وفساد متكررة والاستيلاء على الدولة من أجل تحقيق انتصارات انتخابية متتالية، وهو التقليد الذي تعهد قادة الانقلاب الجدد بكسره. وبعد عقود من الحرمان من الحريات الأساسية وانتشار تصورات واسعة النطاق عن إثراء الحكومة الذاتي على حساب الشعب الجابوني، أصبحت المقاومة ضد نظام بونجو واسعة النطاق وتميل إلى الاشتعال خلال الدورات الانتخابية، وهو سبب آخر قدمه قادة الانقلاب لتدخلهم.

اقرأ أيضاً

انقلاب الجابون.. إثبات جديد على أزمة سياسة فرنسا في أفريقيا

غير أن تقدير "ستراتفور" يشير إلى أن الوضع في الجابون لايزال متطورا و"من الممكن إثارة مقاومة الانقلاب بين الموالين لبونجو".

 ومع ذلك، يبدو كما لو أن الجيش الجابوني يحظى بدعم غالبية السكان، ما يخفف من الضغوط المحتملة على الإدارة الجديدة، بحسب التقدير ذاته.

ومن المرجح أن يؤدي الدعم الشعبي للجيش، والاستجابة الدولية الخافتة ضد الانقلاب، إلى الحد من الاضطرابات، على الرغم من أن استيلاء الجيش على السلطة لن يؤدي بالضرورة إلى تحسين الحكم، بل قد يزيد من خطر حدوث المزيد من الانقلابات في وسط أفريقيا الأوسع.

الساحل الأفريقي

وتختلف ديناميكيات الانقلاب في الجابون تماما عن تلك التي شهدتها الانقلابات الأخيرة في دول الساحل الأفريقي مثل النيجر ومالي، فقد أطاح قادة الانقلاب في الجابون بزعيم استبدادي لا يحظى بشعبية، ووعدوا على الأقل بإعادة بناء مؤسسات البلاد.

وعلى النقيض من ذلك، استخدم قادة الانقلابات في منطقة الساحل بشكل متزايد المشاعر المعادية لفرنسا والتعدي الجهادي كمبرر منطقي لهم، باستثناء الانقلاب الأخير في النيجر وانقلاب عام 2020 في مالي (لكن نتيجة هذين الانقلابين أدت مع ذلك إلى تطورات مماثلة).

اقرأ أيضاً

آخرها الجابون.. عقد حافل بالانقلابات العسكرية في أفريقيا (تسلسل زمني)

 وإزاء ذلك، ونظرا لطبيعة نظام بونجو الاستبدادي، يرجح "ستراتفور" أن تكون الاستجابة الدولية للانقلاب في الجابون أكثر اعتدالاً، وأن يؤدي اعتماد الجابون على عائدات النفط إلى كبح أي من التطلعات الأكثر تطرفاً لقادة الانقلاب، حيث تمثل صناعة النفط والغاز في البلاد أكثر من ثلث عائدات الحكومة ونحو ثلثي صادراتها.

فمن غير المرجح أن يعطل المجلس العسكري الجديد علاقاته مع شركات النفط الدولية، بل ربما يسعى إلى التوصل إلى ترتيب سياسي يكون مقبولاً لشركائه الخارجيين، ما قد يحد بشكل أكبر من شدة الاستجابة الدولية ضد الانقلاب.

وعلى هذا النحو، من المرجح أن تقترح القيادة الجابونية الجديدة جدولًا زمنيًا انتقاليًا، ستحاول خلاله بناء مؤسسات حكومية جديدة، وتطهير الحكومة من الموالين لبونجو وإجراء انتخابات، مع بعض التدخل العسكري.

عدوى الانقلاب

لكن تقدير "ستراتفور" يشير إلى أن الفترة الانتقالية ليست مضمونة على الإطلاق لإنتاج مؤسسات مستقرة أو حكم ديمقراطي، كما قد يكون لها أصداء إقليمية من خلال احتمالية تحفيز "عدوى الانقلاب" التي تنتشر إلى بلدان أخرى في منطقة وسط أفريقيا، التي ترزح تحت حكام مستبدين من سلالات تفتقر إلى خلفاء واضحين، مثل بول بيا في الكاميرون، ودينيس ساسو نجيسو في جمهورية الكونغو، ووتيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو في غينيا الاستوائية.

وتختلف المحفزات الدقيقة لمزيد من الانقلابات من بلد أفريقي إلى آخر، لكن بشكل عام، فإن تصور مدبري الانقلاب بأنهم قادرون على الإطاحة بالحكومة بنجاح دون معارضة داخلية أو أجنبية كبيرة يمكن أن يدفع القادة العسكريين الانتهازيين، وغيرهم من الجهات الفاعلة، إلى محاولة الاستيلاء على السلطة في بلدان بوسط أفريقيا.

وأدان الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، إلى جانب فرنسا والعديد من الحكومات الغربية الأخرى، انقلاب 30 أغسطس/آب في الجابون باستخدام لغة مشابهة لتلك المستخدمة في أعقاب الانقلابات في منطقة الساحل في السنوات الأخيرة.

 لكن تقدير "ستراتفور" لا يرجح أن تتخذ هذه الكيانات الدولية موقفاً متشدداً ضد المجلس العسكري الجديد في البلاد.

اقرأ أيضاً

من مقر إقامته الجبرية.. رئيس الجابون يطالب العالم بالتحرك ضد الانقلاب

المصدر | ستراتفور/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الجابون أفريقيا الانقلاب علي بونجو قادة الانقلاب الانقلابات فی فی الجابون إلى أن

إقرأ أيضاً:

شيخ الدروز الهجري في سوريا: حكومة دمشق متطرفة ومطلوبة دولياً ولا توافق معها

الخميس, 13 مارس 2025 6:23 م

بغداد/المركز الخبري الوطني

أعلن شيخ الدروز في سوريا حكمت الهجري، اليوم الخميس، أنه لا وفاقَ ولا توافقَ مع السلطات في دمشق.

وقال الهجري في كلمة له: “حكومة دمشق متطرفة بكل معنى الكلمة، وهي حكومة مطلوبة للعدالة الدولية هولاء الأشخاص”.

وشدّد خلال لقائه عدداً من الأشخاص على أن “أي تساهل في هذا الأمر لا يمكن أن نقبل به.. وهذا حق من حقوقنا”.

وأضاف الهجري: “نحن في مرحلة نكون أو لا نكون، ونعمل لمصلحتنا كطائفة، وسنذهب باتجاه ما هو مناسب للطائفة”.

وفي تعليقه على أحداث الساحل السوري الأخيرة، قال: “نأسف على أبناء السويداء الذين يبيعون دماء وكرامة أهلهم في الساحل”.

مقالات مشابهة

  • الفياض ينفي موقفا رسميا أمريكيا بخصوص الحشد.. ويحذر من “النوايا المبيتة”
  • البيت الأبيض يرجح استمرار الضربات الجوية على اليمن لعدة أسابيع
  • تقديرًا لنجاح برنامجه.. الوطنية للإعلام تُكرم الفنان سامح حسين
  • زيلينسكي: يجب أن نحدد موقفاً واضحاً بشأن الضمانات الأمنية
  • حبيب العسكر.. تفاصيل جديدة عن قائد الجيش الجديد
  • ضرورة تقدير الموقف
  • مجلس الوزارء السوداني يتخذ موقفا حاسما تجاه المنتجات الكينية
  • شيخ الدروز الهجري في سوريا: حكومة دمشق متطرفة ومطلوبة دولياً ولا توافق معها
  • مصر أكتوبر: كلمة الرئيس السيسي بالأكاديمية العسكرية تعكس تقدير الدولة للشهداء
  • أمريكا تضغط .. مسؤول عراقي يرجح فرضية نقل تسوركوف لإيران وشقيقتها تشكك