انقلاب الجابون.. لهذا يرجح ستراتفور موقفا دوليا خافتا ضد العسكر
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
سلط مركز "ستراتفور" الضوء على الانقلاب العسكري الأخير في الجابون بعد ساعات من إعلان فوز الرئيس، علي بونجو، بولاية ثالثة، مرجحا أن تكون تداعياته "محدودة نسبيًا"، استنادا إلى اتجاه الجيش الجابوني إلى حماية صادرات النفط والغاز.
وذكر المركز، في تقدير موقف نشره بموقعه الإلكتروني وترجمه "الخليج الجديد"، أن الفترة الانتقالية الموعودة لن تؤدي بالضرورة إلى عمليات ديمقراطية، وتخاطر بتحفيز المزيد من الانقلابات في جميع أنحاء وسط إفريقيا، خاصة أن الانقلابيين في الجابون أعلنوا أنهم يمثلون كل قوات الأمن والدفاع، وأنهم تصرفوا ردًا على "الأزمة المؤسسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الشديدة".
كما أعلن قادة الانقلاب حل الحكومة ومجلس الشيوخ والبرلمان والمحكمة الدستورية، فضلاً عن إغلاق حدود البلاد "حتى إشعار آخر"، وسط أنباء عن احتجاز علي بونجو قيد الإقامة الجبرية مع عائلته.
واندلع إطلاق نار لفترة وجيزة في العاصمة ليبرفيل بعد أن أعلن الضباط الانقلاب، لكن لم تقع حوادث أمنية كبيرة قبل أن يخرج مئات الأشخاص للاحتفال بالإعلان عن الإطاحة عسكريا ببونجو.
وفي وقت لاحق من يوم 30 أغسطس/آب، قام الجنود على شاشة التلفزيون الوطني بتعيين الجنرال، بريس أوليجوي نجويما، كزعيم للفترة الانتقالية.
تأييد شعبي
ويشير الاستياء واسع النطاق من حكم بونجو إلى أن المؤسسة العسكرية تحظى بدعم قسم كبير من المواطنين الجابون، وهو ما من شأنه أن يحد على الأرجح من تعطيل التغيير السياسي، بحسب تقدير "ستراتفور"، مشيرا إلى أن فوز بونجو في انتخابات 26 أغسطس/آب كان من شأنه إطالة حكم عائلته، المستمر منذ 56 عاما.
فوالد الرئيس المخلوع، عمر بونجو، حكم الجابون من عام 1967 حتى وفاته عام 2009 عندما خلفه ابنه، وانخرط كلاهما في عمليات احتيال وعنف ومحسوبية وفساد متكررة والاستيلاء على الدولة من أجل تحقيق انتصارات انتخابية متتالية، وهو التقليد الذي تعهد قادة الانقلاب الجدد بكسره. وبعد عقود من الحرمان من الحريات الأساسية وانتشار تصورات واسعة النطاق عن إثراء الحكومة الذاتي على حساب الشعب الجابوني، أصبحت المقاومة ضد نظام بونجو واسعة النطاق وتميل إلى الاشتعال خلال الدورات الانتخابية، وهو سبب آخر قدمه قادة الانقلاب لتدخلهم.
اقرأ أيضاً
انقلاب الجابون.. إثبات جديد على أزمة سياسة فرنسا في أفريقيا
غير أن تقدير "ستراتفور" يشير إلى أن الوضع في الجابون لايزال متطورا و"من الممكن إثارة مقاومة الانقلاب بين الموالين لبونجو".
ومع ذلك، يبدو كما لو أن الجيش الجابوني يحظى بدعم غالبية السكان، ما يخفف من الضغوط المحتملة على الإدارة الجديدة، بحسب التقدير ذاته.
ومن المرجح أن يؤدي الدعم الشعبي للجيش، والاستجابة الدولية الخافتة ضد الانقلاب، إلى الحد من الاضطرابات، على الرغم من أن استيلاء الجيش على السلطة لن يؤدي بالضرورة إلى تحسين الحكم، بل قد يزيد من خطر حدوث المزيد من الانقلابات في وسط أفريقيا الأوسع.
الساحل الأفريقي
وتختلف ديناميكيات الانقلاب في الجابون تماما عن تلك التي شهدتها الانقلابات الأخيرة في دول الساحل الأفريقي مثل النيجر ومالي، فقد أطاح قادة الانقلاب في الجابون بزعيم استبدادي لا يحظى بشعبية، ووعدوا على الأقل بإعادة بناء مؤسسات البلاد.
وعلى النقيض من ذلك، استخدم قادة الانقلابات في منطقة الساحل بشكل متزايد المشاعر المعادية لفرنسا والتعدي الجهادي كمبرر منطقي لهم، باستثناء الانقلاب الأخير في النيجر وانقلاب عام 2020 في مالي (لكن نتيجة هذين الانقلابين أدت مع ذلك إلى تطورات مماثلة).
اقرأ أيضاً
آخرها الجابون.. عقد حافل بالانقلابات العسكرية في أفريقيا (تسلسل زمني)
وإزاء ذلك، ونظرا لطبيعة نظام بونجو الاستبدادي، يرجح "ستراتفور" أن تكون الاستجابة الدولية للانقلاب في الجابون أكثر اعتدالاً، وأن يؤدي اعتماد الجابون على عائدات النفط إلى كبح أي من التطلعات الأكثر تطرفاً لقادة الانقلاب، حيث تمثل صناعة النفط والغاز في البلاد أكثر من ثلث عائدات الحكومة ونحو ثلثي صادراتها.
فمن غير المرجح أن يعطل المجلس العسكري الجديد علاقاته مع شركات النفط الدولية، بل ربما يسعى إلى التوصل إلى ترتيب سياسي يكون مقبولاً لشركائه الخارجيين، ما قد يحد بشكل أكبر من شدة الاستجابة الدولية ضد الانقلاب.
وعلى هذا النحو، من المرجح أن تقترح القيادة الجابونية الجديدة جدولًا زمنيًا انتقاليًا، ستحاول خلاله بناء مؤسسات حكومية جديدة، وتطهير الحكومة من الموالين لبونجو وإجراء انتخابات، مع بعض التدخل العسكري.
عدوى الانقلاب
لكن تقدير "ستراتفور" يشير إلى أن الفترة الانتقالية ليست مضمونة على الإطلاق لإنتاج مؤسسات مستقرة أو حكم ديمقراطي، كما قد يكون لها أصداء إقليمية من خلال احتمالية تحفيز "عدوى الانقلاب" التي تنتشر إلى بلدان أخرى في منطقة وسط أفريقيا، التي ترزح تحت حكام مستبدين من سلالات تفتقر إلى خلفاء واضحين، مثل بول بيا في الكاميرون، ودينيس ساسو نجيسو في جمهورية الكونغو، ووتيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو في غينيا الاستوائية.
وتختلف المحفزات الدقيقة لمزيد من الانقلابات من بلد أفريقي إلى آخر، لكن بشكل عام، فإن تصور مدبري الانقلاب بأنهم قادرون على الإطاحة بالحكومة بنجاح دون معارضة داخلية أو أجنبية كبيرة يمكن أن يدفع القادة العسكريين الانتهازيين، وغيرهم من الجهات الفاعلة، إلى محاولة الاستيلاء على السلطة في بلدان بوسط أفريقيا.
وأدان الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، إلى جانب فرنسا والعديد من الحكومات الغربية الأخرى، انقلاب 30 أغسطس/آب في الجابون باستخدام لغة مشابهة لتلك المستخدمة في أعقاب الانقلابات في منطقة الساحل في السنوات الأخيرة.
لكن تقدير "ستراتفور" لا يرجح أن تتخذ هذه الكيانات الدولية موقفاً متشدداً ضد المجلس العسكري الجديد في البلاد.
اقرأ أيضاً
من مقر إقامته الجبرية.. رئيس الجابون يطالب العالم بالتحرك ضد الانقلاب
المصدر | ستراتفور/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الجابون أفريقيا الانقلاب علي بونجو قادة الانقلاب الانقلابات فی فی الجابون إلى أن
إقرأ أيضاً:
لهذا كان الشعار
لم يكن من شأن الهجمة الصهيونية التغريبية الاستكبارية الشرسة والتي وجدت أمتُنا العربية الإسلامية نفسها في مهبها المستكلب المسعور منذ نهايات القرن العشرين الميلادي وحتى اليوم، إلا أن تستولد ضروبا من المقاوَمات لغلوائها وردات فعل طبيعيةً في مواجهتها رغم ما بدت من استكانة ظاهرة طبعت سطح الواقع السائد خصوصا في مستوى النخب الحاكمة..
ظلت تفاعلات التيقظ والاستشعار لمخاطر تلك الهجمة رهينةَ الكمون تحت ذلك السطح لعقود، ومع تطور الأوضاع التي أفضى إليها الواقع الصراعي المحتدم مع القوى الخارجية والداخلية الضالعة في المشروع التوسعي الهيمني الغربي وأداته الصهيونية الغريبة المباشرة المستزرعة في قلب منطقتنا: الكيانِ الصهيوني وعكاكيزها المتواطئة في الإقليم والدواخل القطرية.. أخذت تجلياتُ الصحوة التحررية النهضوية الفاعلة تتبلور أكثر في هذا الواقع العربي الإسلامي المحاصر بحبائل الأعداء والمآسي والأوجاع التي أنتجتها على نحو جعل الأمة بكلها تقريبا كتلة عملاقة من الآهات والآلام والجروح النازفة والمظلوميات، قلبُها فلسطين وأطرافُها وبقيةُ أعضائها قلما تجد واحدا منها مستثنى من هذا الواقع القاتم .
في ظل هذا الواقع المأزوم والمقفل الآفاق تفتحت مسام حركة النهوض المعاكسة لمفاعيل الهجمة العدوانية وتداعياتها وأسفرت شيئا فشيئا عن مواليدها الواعدة، بدءا بالثورة الإسلامية في إيران ومرورا بالمقاوَمات الفتية في لبنان وفلسطين عبر مسار شهد تحولات عميقة في موازين الصراع مع المشروع الصهيوني الأمريكي التغريبي وأدواته، وتُوج بالإنبثاقة النوعية لمشروع النهوض القرآني التحرري الحضاري المتكامل من مهاده اليمنية على يد السيد القائد المؤسس الشهيد حسين بدرالدين الحوثي (ر)، الذي تُوجت هُويته الحركية والموضوعية رمزيا بالشعار الشهير المختزِل لطبيعة صراع الأمة مع أعدائها واستدعاءاته ومآلاته في الآن ذاته..
هذه هي خلاصة الحامل الموضوعي للوعي المنصف والمستنير والحصيف، بحقيقة الشعار بشقيه: السياسي الثقافي (الصرخة) والاقتصادي (المقاطعة) والوعي كذلك بجوهره ومغزاه وفقَ ما بلورته رؤيةُ الشهيد القائد المؤسِّس الحكيمة والسديدة.