لم يتمكن نشوان الجعشني (26 عاماً) من زيارة أقاربه في العاصمة اليمنية صنعاء بعد عجزه عن توفير بعض تكاليف تلك الزيارة، حيث بات يهدد الصراع الدائر في اليمن منذ سنوات بتفكك العلاقات الأسرية على مستوى كل المناطق.

 

يفيد نشوان بأنه اعتاد كل يوم جمعة على زيارة خالته للاطمئنان على صحتها وأوضاعها في منزلها الكائن بحي نقم بصنعاء، لكنه بات عاجزاً عن الزيارة مكتفياً بالتواصل معها عبر الهاتف، نظراً لأن راتبه الشهري يعادل 130 دولاراً، ولا يكاد يغطي مصروفه اليومي وبعض متطلبات أسرته المكونة من 18 شخصاً، جلهم من النساء والأطفال، حيث يقطنون في إحدى القرى بمحافظة إب.

 

ويعد نشوان واحداً من بين مئات آلاف اليمنيين ممن عجزوا أشهراً وربما سنوات عن زيارة أقرب الناس لهم نتيجة استمرار تصاعد حدة الضغوط المعيشية، التي أفقدت غالبيتهم التمسك بالروابط الأسرية.

 

ويرى باحثون اجتماعيون يمنيون أن الصراع الدائرة في اليمن منذ سنوات كان سبباً في إحداث شرخ كبير في العلاقات الأسرية على مستوى كل المناطق اليمنية، الأمر الذي زاد من حدة العنف الأسري وتصاعد معدل الجريمة الأسرية.

 

كانت أغلب العائلات في اليمن تبدي كل الحرص على لم الشمل باجتماع كل أفرادها، خصوصاً في أيام المناسبات والأعياد وكل يوم جمعة، كواجب ديني يحث على صلة القربى، وفرصة لمزيد من اللقاءات الأسرية الحميمة.

 

معضلة الرواتب

 

تقول «أم صلاح»، وهي من سكان صنعاء، إنها محرومة منذ عامين من رؤية نجلها الأكبر مع أسرته، بعد عجزه عن زيارتها، على خلاف ما كان عليه سابقاً، حيث كان يقوم بزيارات متكررة لها خصوصاً عند المناسبات.

 

وتضيف «أم صلاح»، في حديثها إلى «الشرق الأوسط»، أن نجلها موظف تربوي في الحزم بمحافظة الجوف، وكل مرة تطلب منه عبر الهاتف القدوم إليها برفقة أحفادها، يبكي قهراً ويظهر عجزه عن القيام بذلك نتيجة استمرار انقطاع راتبه الذي أفقده القدرة على السفر إلى أي مكان.

 

أما صفية، وهي أم لأربع فتيات من صنعاء، فتقول إنها قبل اندلاع الحرب كانت تلتقي ببناتها مع أزواجهن وأطفالهن في منزلها وسط العاصمة كل يوم جمعة، أما الآن فباتت تعيش مع ابنها الوحيد (16 عاماً) بعد فقدان زوجها، حيث تتلقى الزيارات من بناتها بين وقت وآخر، وأحياناً لا أحد يزورها، مرجعة ذلك إلى ضيق الأحوال التي يكابدها أزواج بناتها بسبب حرمانهم كموظفين حكوميين من رواتبهم منذ سنوات.

 

وتفيد البنت الأكبر لصفية، «الشرق الأوسط»، بأنهم لم يجنوا من تبعات الحرب غير مزيد من المآسي والأوجاع والفقر والتفرقة والشتات على المستويين الأسري والمجتمعي، كاشفة في الوقت ذاته عن وجود الآلاف من القصص الأسرية المأساوية والأليمة التي خلفها الصراع وما رافقها من ممارسات وجرائم وانتهاكات لا حصر لها.

 

تحول اجتماعي

 

يؤكد باحثون يمنيون أن الحرب التي يعيشها اليمن منذ سنوات، دمرت كل مقومات الدولة وبنيتها التحتية، وخلّفت ركوداً اقتصادياً وتحولاً اجتماعيّاً غير مسبوق بلغت تأثيراته حياة كل يمني.

 

وحسب دراسة يمنية سابقة، فإن الحرب أضرت بكل العلاقات الاجتماعية، وأشعلت مواقف عدائية، ورفعت من خطاب الكراهية ومنسوب الجرائم الأسرية.

 

وتؤكد الدراسة أنه كلما طال أمد الحرب، كلما زاد تهتك النسيج المجتمعي، وظهرت الأمراض الاجتماعية التي تنهش في جسد المجتمع حتى تقضي عليه.

 

وحسب الدراسة، التي أعدتها الباحثة اليمنية سامية الأهدل، بعنوان «آثار الحرب على الأسرة اليمنية في الفترة من 2014 - 2022»، فقد أصبحت علاقة الأسر اليمنية مع أفرادها نتيجة الحرب علاقة تخلٍ، بحيث يمكن للشخص أن يترك زوجته وأهله وأولاده عرضة للضياع والشتات، وتتخلى الأسرة عن أطفالها.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: منذ سنوات فی الیمن

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الأمريكي: استمرار الصراع يدمر أوكرانيا ويفاقم خسائرها

أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الخميس، أن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية يتسبب في تدمير أوكرانيا وفقدانها المزيد من الأراضي.

وقال روبيو خلال مقابلة أجرتها معه الصحفية ميجين كيلي: "نحن نمول مأزقًا، صراعًا طال أمده، يتم خلاله تدمير أوكرانيا وفقدانها المزيد من الأراضي".

وأضاف وزير الخارجية الأمريكي، أن هذا الوضع أصبح واضحًا حتى داخل صفوف الحزب الديمقراطي الأمريكي، الذي ينتمي إليه الرئيس السابق للبلاد، جو بايدن.

وأعرب روبيو عن اعتقاده بأنه سيكون من الصعب على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تقديم تنازلات لتسوية الصراع، مشيرًا إلى ضرورة تقبل الواقع، وفق تعبيره، وقال: "هناك حقائق لا مفر منها في الحياة، وهذا هو الاتجاه الذي سيتم فيه تحديد العمل".

وشدد روبيو على أن كلا الطرفين لديه حافز لإنهاء الصراع، مؤكدًا أن الحل لن يكون من خلال تحقيق أهداف متطرفة من جانب واحد.

وسبق وأن حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائه مع قيادة وزارة الخارجية الروسية في 14 يونيو 2024، الشروط اللازمة لتسوية الوضع في أوكرانيا.

وتضمنت هذه الشروط: انسحاب القوات المسلحة الأوكرانية من منطقتي دونباس ونوفوروسيا، وتخلي كييف عن خطط الانضمام إلى حلف "الناتو".

كما طالب الرئيس الروسي بضمان حقوق وحريات المواطنين الناطقين بالروسية في أوكرانيا بشكل كامل، وإلغاء جميع العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وبقاء أوكرانيا في وضع البلد غير المنحاز والخالي من الأسلحة النووية.

مقالات مشابهة

  • الصراع على النفوذ يتجدد في حضرموت شرقي اليمن
  • تأثير التكنولوجيا على العلاقات الأسرية في العصر الرقمي.. خبيرة توضح
  • وزير الخارجية الأمريكي: استمرار الصراع يدمر أوكرانيا ويفاقم خسائرها
  • آفة هذا الصراع
  • السجن 3 سنوات لمنى فاروق بتهمة التعدي على القيم الأسرية
  • الحبس 3 سنوات والغرامة لمني فاروق بتهمة التعدي على المبادئ والقيم الأسرية
  • حبس منى فاروق 3 سنوات بتهمة التعدي على المبادئ والقيم الأسرية
  • حبس منى فاروق 3 سنوات وغرامة 100 ألف بتهمة التعدى على القيم الأسرية
  • الحبس 3 سنوات وغرامة 100 ألف لـ منى فاروق بتهمة التعدى على القيم الأسرية
  • الحبس 3 سنوات وغرامة 100 ألف للفنانة منى فاروق بتهمة التعدى على القيم الأسرية