كان لافتاً موقف الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون الذي حمّل فيه إيران المسؤوليّة بالتدخّل في لبنان، عبر إعاقة الحلّ السياسيّ في الملف الرئاسيّ. وفي هذا السيّاق، رأى مراقبون أنّ الإدارة الفرنسيّة بدأت تُحمّل طهران و"الثنائيّ الشيعيّ" سبب الفراغ، عبر عدم التنازل وتقديم التسهيلات للخروج من الأزمة السياسيّة التي ستدخل شهرها الحادي عشر.
وصحيحٌ أنّ ماكرون رمى كرة التعطيل لدى إيران، عبر تسليمها الملف الرئاسيّ لـ"حزب الله"، وعدم ضغطها عليه للذهاب فعلاً لحوار صريح لا يكون رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة محوره، إلّا أنّ الرئيس الفرنسيّ لم يُجهض جهود موفده إلى لبنان جان إيف لودريان القائمة على تحديد مواصفات الرئيس المقبل، بهدف مناقشتها حول طاولة حوار برعاية فرنسيّة، لتذليل العقبات وتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء اللبنانيين المتخالفين.
وبالعودة إلى موضوع الحوار الذي هو أساس المبادرة الفرنسيّة الجديدة، فإنّه يلقى معارضة من الكتل المسيحيّة "السياديّة" والبعض من حلفائها، ما يضع العوائق أمام المهمّة الفرنسيّة، ويُطيّر آخر حلولها بجمع اللبنانيين للتوافق في ما بينهم. ويقول المراقبون في هذا الإطار، إنّ ماكرون صوّب على إيران و"حزب الله" لأنّهما يُصعّبان الدعوة للحوار في ظلّ تمسّكهما بفرنجيّة، بينما "المعارضة" مستعدّة للتنازل عن الوزير السابق جهاد أزعور ومناقشة أسماء وسطيّة أخرى، لاختيار أحدها بالإجماع وانتخابه.
ويُضيف المراقبون أنّ الإدارة الفرنسيّة التي وقفت إلى جانب المسيحيين تاريخيّاً، تعلم أنّ الحوار مستحيل من دون إنفتاح كافة الكتل النيابيّة على مرشّح ثالثٍ، والتعالي عن مصالحها الشخصيّة والسياسيّة. في المقابل، أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله تأييده لجهود لودريان الهادفة إلى أخذ اللبنانيين للحوار، منتقداً رافضي التقارب بين الأطراف السياسيّة، عبر قوله "لو كان المبعوث أميركياً هل كنتم تجرؤون على عدم الاجابة؟ أو لو كان المبعوث من أحد الدول العربية الأساسية فهل كنتم ستقولون ذلك؟"
وقد رأت أوساط نيابيّة في قوى الثامن من آذار، أنّ كلام السيّد نصرالله يُؤكّد أنّ "حزب الله" متعاون مع الإجابة على رسالة الموفد الفرنسيّ، وطبعاً هو مع الحوار، بينما "المعارضة" هي من وقفت بوجه أولى المبادرات الفرنسيّة، ولا تزال حاليّاً تُشكّل عقبة أمام مهمّة لودريان، وتعكس عبر تطييرها أيّ حلّ داخليّ أو خارجيّ أنّها لا تُريد إنجاز الإنتخابات الرئاسيّة في وقتٍ قريبٍ.
ويرى المراقبون أنّ ما عبّر عنه ماكرون هو انزعاجٌ من النواب اللبنانيين الذين لا يزالون يُضيّعون الفرص لإنقاذ بلدهم، وحتّى لو طالت سهامه "حزب الله" وإيران. ويعتبرون أنّ إنتقاد الرئيس الفرنسيّ للدور الإيرانيّ في المنطقة، ربما يدفع البلدان الخمس المعنيّة بلبنان إلى إشراك طهران في إجتماعاتها، للضغط عليها كيّ تُقدّم الحلول الرئاسيّة، إنّ لم يحصل تقدّم أو يلمس لودريان نتائج إيجابيّة في زيارته المرتقبة إلى بيروت، في أيلول المقبل.
ويُشير المراقبون إلى أنّ فرنسا ليست منزعجة فقط من "الثنائيّ الشيعيّ" الذي يبدو ظاهريّاً داعماً للجهود الفرنسيّة، وإنّما من "المعارضة" أيضاً، التي لا تزال تُعارض أيّ حراك أو مبادرة فرنسيّة، وتعمل الآن من خلال عدم الإجابة على أسئلة لودريان، على إجهاض مهمّة وزير الخارجيّة الفرنسيّة السابق، وأخذ البلاد إلى فراغٍ طويلٍ عبر عدم رغبتها في التحاور مع حارة حريك وعين التينة، ومن خلال تشديدها على تطبيق الدستور والدعوة لجلسات إنتخاب مفتوحة، قد لا ينتج عنها بالضرورة إنتخاب رئيسٍ من دون توافقٍ.
ويوضح المراقبون أنّ تصريح ماكرون عن إيران هو رسالة لـ"حزب الله" كيّ يُسهّل ظروف عقد الحوار، فـ"المعارضة" لن تذهب إليه طالما أنّ "الثنائيّ الشيعيّ" مرشّحه الوحيد سليمان فرنجيّة. ويُؤكّدون أنّ كلام ماكرون أتى ليدعم لودريان الذي سيأتي إلى لبنان لتهيئة الظروف لعقد حوارٍ، هو بمثابة الفرصة النهائيّة أمام اللبنانيين، قبل أنّ تستخدم الدول المعنيّة بلبنان سلاح العقوبات بوجه معرقليّ الإنتخابات والحلول السياسيّة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ماكرون يزور السعودية لتعزيز الشراكة بين البلدين
يجري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة دولة للسعودية من 2 إلى 4 ديسمبر (كانون الأول)، بغية توطيد الشراكة بين البلدين في مجالات عدّة، من الدفاع إلى اقتصاد المستقبل.
وينوي الرئيس الفرنسي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "تعميق التعاون في ميادين استراتيجية"، كالدفاع والأمن والانتقال في مجال الطاقة، وفق ما جاء في بيان للرئاسة الفرنسية.
وكشف الإليزيه أن "المناقشات ستركز أيضاً على مجالات استثمارات المستقبل، على غرار التكنولوجيا المالية والسيبرانية والذكاء الاصطناعي، علماً أن فرنسا تستضيف في فبراير (شباط) المقبل قمّة العمل بشأن الذكاء الاصطناعي".
ويشارك ماكرون خلال زيارته السعودية في القمّة حول المياه المنظّمة في الرياض في 3 ديسمبر (كانون الأول)، على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب16) في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.