انقلاب الغابون.. نكسة جديدة لفرنسا
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
يعتبر انقلاب الغابون حلقة جديدة في سلسلة النكسات التي تتعرض لها فرنسا في مستعمراتها السابقة بغرب إفريقيا، حيث سعت إلى الاحتفاظ بالسيطرة حتى بعد إستقلال هذه البلدان.
عائلة بونغو تمول الأحزاب السياسية الفرنسية على مدى عقود حتى انكشاف الأمر
كان علي بونغو، الرئيس الغابوني المخلوع، ووالده عمر، شخصيتين محوريتين في إفريقيا الفرنكوفونية وشبكات الظل، التي زرعها القادة الفرنسيون طويلاً في مرحلة ما بعد الاستعمار.
ويرى سايج في مقاله بصحيفة "التايمز" إن سقوط بونغو، الذي أتى عقب انقلابات في ثلاث مستعمرات فرنسية سابقة، هي بوركينا فاسو ومالي والنيجر، يؤشر إلى تراجع في نفوذ باريس.
في إفريقيا، يرحب بعض المراقبين بالتراجع الفرنسي، كانتصار على قوة رفضت رفضاً مطلقاً الإعتراف بإنتهاء الحكم الاستعماري.
وفي فرنسا، يساور المسؤولين الفرنسيين القلق، من ملء روسيا والصين الفراغ، مع نتائج كارثية بالنسبة لأوروبا وإفريقيا.
ولعقود، كان ينظر إلى بونغو الأب والإبن على أنهما صديقان لفرنسا. وعمر بونغو، على سبيل المثال صار فاحش الثراء من طريق اقتطاعه عائدات من حقول النفط التي تديرها مجموعة إلف-أكتين الفرنسية للطاقة، التي استحوذت عليها الآن شركة توتال إنيرجيز.
وأنفق عمر بونغو الكثير من ثروته في فرنسا، مستحوذاً على أصول تشمل منزلاً تقدر قيمته بـ20 مليون يورو في باريس، وفيلا في نيس بـ12 مليون يورو، وسيارات تقدر قيمتها بمليون يورو وثياب بـ950 ألف يورو.
وكانت عائلة بونغو تمول الأحزاب السياسية الفرنسية على مدى عقود حتى انكشاف الأمر في بات يعرف بأكبر فضيحة فساد في 2001، أدت إلى أحكام بالسجن على سياسيين بارزين ومديرين تنفيذيين في صناعة النفط.
وتشير تقديرات القضاة الذين حققوا في القضية، إلى أن أموال الرشى الغابونية، نجم عنها مئات ملايين الدولارات نقداً للسياسيين الفرنسيين، الذين كانوا يغضون الطرف عن ممارسات عائلة بونغو غير الديمقراطية.
ويقول عمر بونغو، إن "إفريقيا من دون فرنسا هي سيارة بلا سائق...وفرنسا من دون إفريقيا هي سيارة بلا وقود".
في 1990 و 2009، عندما اندلعت انتفاضات ضد السلالة الحاكمة، أرسلت فرنسا قوات إلى ليبرفيل لاستعادة النظام.
وهذه المرة، فإن تدخلاً مماثلاً لا يبدو محتملاً، وفق الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، الذي قال إنه "ليس من حق فرنسا الحلول محل الأفارقة في تقرير مستقبلهم".
وربما بدت الكلمات نبيلة، لكنها مجرد اعتراف بالأمر الواقع. ووسط تراجع النفوذ الاقتصادي وغليان الاستياء في أوساط الأجيال الإفريقية الشابة بسبب التدخل الفرنسي، فإن باريس تفتقر إلى النفوذ من أجل إعادة تظهير الأنظمة الصديقة في القارة.
وأتى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى السلطة عام 2017، متعهداً وضع حد لسياسة "فرنسا الإفريقية" كما باتت تعرف سياسة فرنسا في مرحلة ما بعد الإستعمار.
ومع ذلك، فإن أفعاله تناقضت مع أقواله. وعندما، على سبيل المثال، قتل الرئيس التشادي إدريس ديبي عام 2021، سارع ماكرون فوراً إلى دعم إبنه محمد، لتسلم السلطة كرئيس غير منتخب.
وفي المقابل، استمرت التشاد في قبول وجود أكثر من ألف جندي فرنسي على أراضيها، وفق مجلس الشيوخ الفرنسي. لكن في أماكن أخرى من غرب إفريقيا، فإن الحضور العسكري الفرنسي في انحدار، حيث تم إنهاء مهمة 5 آلاف جندي لمحاربة الجهاديين في مالي بعد انقلاب 2021.
ولا يزال هناك 1200 جندي في النيجر، على رغم أن وجودهم هناك قد يكون لفترة وجيزة، عقب الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم على يد مجلس عسكري.
ومن الناحية الاقتصادية، فرنسا في حالة انحدار بإفريقيا. في 2020، كانت تشكل نسبة 10 في المائة من التجارة الدولية للقارة. والآن انخفضت هذه النسبة إلى 5 في المائة.
ومع ذلك، تحافظ فرنسا على قطاعات رئيسية. ولا تزال توتال إنيرجيز تشغل عدداً من حقول النفط في الغابون. وتستخرج شركة إيرامات للتعدين النيكل في البلاد، وقد اعلنت الشركة تعليق أعمالها عقب الإنقلاب.
وفي النيجر، تستخرج شركة أورانو النووية- التي تملكها الدولة الفرنسية- ما بين 10 و15 % من الأورانيوم المستخدم في المفاعلات الفرنسية، التي تنتج ما يتراوح بين 60 % و70 % من كهرباء فرنسا.
إن المعضلة بالنسبة لماكرون، هي في كيفية الحفاظ على هذه المصالح، من دون مفاقمة المشاعر المناهضة لفرنسا التي تجتاح القارة.
في خطاب أمام الديبلوماسيين الفرنسيين هذا الأسبوع، أعلن ماكرون عن تأييده سياسة "لا تتسم بالأبوية ولا بالضعف".
وعند التطرق إلى النيجر، لم يصل ماكرون إلى حد التعهد بتدخل فرنسي عسكري لإعادة بازوم إلى السلطة. لكنه حض المجموعة الإقتصادية لغرب إفريقيا على مثل هذا التدخل، قائلاً إن فرنسا ستقف خلفهم إذا ما أقدموا على ذلك.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني انقلاب الغابون
إقرأ أيضاً:
حكومة جديدة في فرنسا.. كيف ستتعامل مع أزمة الميزانية؟
أعلنت فرنسا، الاثنين، تشكيل حكومة جديدة تتألف من وزراء سابقين وموظفين كبار في جهاز الدولة يأمل رئيس الوزراء فرانسوا بايرو أن تتمكن من الإشراف على إقرار ميزانية 2025 ومنع تفاقم الأزمة التي تمر بها البلاد.
وتولى إريك لومبار (66 عاما)، رئيس صندوق الودائع والأمانات، وهو الذراع الاستثمارية للحكومة الفرنسية، منصب وزير المالية، بينما تولت أميلي دي مونشالو منصب وزيرة الميزانية.
وسيتعين على لومبار ومونشالو البدء في العمل على الفور مع بايرو لإقرار مشروع ميزانية 2025 بعد أن أدى الرفض البرلماني للمشروع المقترح إلى الإطاحة برئيس الوزراء السابق ميشيل بارنييه.
ومن المتوقع أن يواجه فريق بايرو ضغوطا لتقليص العجز المتوقع أن يبلغ بنهاية العام مستوى يتجاوز ستة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لما ذكرته رويترز.
والبرلمان في عطلة حتى الثالث عشر من يناير. ولكن بمجرد عودته، من المرجح أن يواجه بايرو وفريقه تهديدا مستمرا بسحب الثقة.
ويأمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يتمكن بايرو من تجنب التصويت بسحب الثقة حتى يوليو على الأقل، عندما تجري فرنسا انتخابات برلمانية جديدة.
وعلى صعيد المناصب الوزارية الأخرى، ظل برونو ريتايو وزيرا للداخلية كما استمر جان نويل بارو في منصبه وزيرا للخارجية وسيباستيان ليكورنو وزيرا للدفاع.