د. الشفيع خضر يكتب: مقترحات القوى المدنية لوقف الحرب في السودان
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
د. الشفيع خضر يكتب: مقترحات القوى المدنية لوقف الحرب في السودان
صحيح أن وقف الحرب المدمرة والمستعرة في الخرطوم منذ 15 أبريل/نيسان الماضي، هي القضية المركزية التي تشكل جوهر خطاب كل المبادرات السودانية والإقليمية والدولية. ولكن، فيما عدا مبادرة منبر جدة برعاية المملكة السعودية والولايات المتحدة، فإن كل المبادرات الأخرى، بما في ذلك مبادرة الاتحاد الأفريقي ومبادرات المجموعات المدنية السودانية المختلفة، يقتصر خطابها على المطالبة أو ديباجة الوقف الفوري للحرب دون التقدم باقتراحات ملموسة حول الكيفية والآليات التي تحقق ذلك.
منبر جدة طرح التفاوض بين طرفي القتال كآلية لوقف الحرب، وتوصل الى إتفاق أولي تضمن سبعة بنود ركزت على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين وحمايتهم، وكان بصدد بحث إمكانية التوصل لاتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار، ولكنه عجز عن ذلك ثم توقف، وظلت نتائجه أقل بكثير من أمنيات وتوقعات الشعب السوداني في وقف القتل والدمار واحتلال منازل السكان المدنيين. ويومها، ومباشرة بعد التوقيع على ذلك الاتفاق الأولي، أعربنا عن تشككنا القوي في أن يلتزم طرفا القتال بما وقعا عليه، وذلك في ظل غياب الآليات المعروفة دوليا لمراقبة وحماية وقف إطلاق النار، ولخلق ممرات آمنة ومحمية لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، وقلنا إنه بعدم توفير هذه الآليات، سيظل الاتفاق مجرد ورقة صماء في دفاتر الوسطاء.
وفي تقديرنا، أن آلية التفاوض بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع لوقف الاقتتال، في منبر جدة أو أي منبر آخر، ستظل عاجزة عن تحقيق هدفها الرئيسي في وقف العدائيات ما لم تستصحب عددا من الآليات الأخرى المتاحة والممكنة حسب الشرعية الدولية، للضغط على طرفي القتال بشأن وقف دائم للأعمال العدائية.
والآليات الأخرى هذه، تشمل منع تدفق الأسلحة والذخيرة إلى الطرفين، تجميد الأرصدة والحسابات في البنوك العالمية والإقليمية، العقوبات على المؤسسات والأفراد، وكذلك بحث فرض إعادة تموضع القوات المتحاربة وفرض المناطق الخضراء، أو منزوعة السلاح، مع الأخذ في الاعتبار تجربة قوات الأمم المتحدة في السودان وجنوب السودان ودارفور، (يوناميس و يوناميد).
هذه الآليات وغيرها المصاحبة لآلية التفاوض لوقف الحرب، يتطلب إقرارها وتنفيذها مشاركة دولية وإقليمية واسعة، وفي إطار الشرعية الدولية والقانون الدولي، كما يتطلب مشاركة دول الجوار، وخاصة مصر، ومشاركة الدول ذات العلاقة المباشرة بطرفي القتال أو أحدهما، كدولة الإمارات العربية المتحدة.
بالنسبة لمبادرات القوى المدنية السودانية، فبينما جميعها يشدد على الوقف الفوري للحرب، إلا أن أيا منها لم يتقدم بمقترحات عملية لكيفية تنفيذ هذا الوقف الفوري.
صحيح أن مجموعة الآلية الوطنية لدعم التحول المدني الديمقراطي ووقف الحرب ومجموعة تحالف القوى المدنية لوقف الحرب واستعادة الديمقراطية (مجموعة إعلان المبادئ) تقدمتا برؤية مشتركة جوهرها أن وقف الحرب والوقف الدائم لإطلاق النار يجب أن يتم عبر التفاوض، وأن يتزامن مع قيام القوى المدنية بتشكيل حكومة طوارئ تكون مسؤولة عن إدارة الأزمة الناجمة عن الحرب وآثارها وما بعدها. وكنا في مقالات سابقة قد أشرنا إلى أن تشكيل حكومة الطوارئ بعد توقف الحرب ومن كفاءات وطنية غير حزبية، أمر منطقي ومقبول ومطلوب، ولكنا تشككنا في استطاعة أي حكومة طوارئ أو حكومة منفى تشكلها القوى المدنية قبل توقف الحرب، أن تكون بمثابة آلية ناجعة لإيقاف الحرب.
وفي ذات السياق، نتفق تماما مع ما جاء في مكتوب الصديق الأستاذ عبد الرحمن الغالي بعنوان (مقدمة في فقه الأولويات وضرورة التنازل) والذي يدعو فيه إلى إلتئام حوار وتفاوض بين القوى المدنية الرافضة للحرب، كلها دون عزل أو إقصاء، للاتفاق على رؤية وطنية لأسس وقف الحرب، تقدم إلى الوسطاء (في منبر جدة أو خلافه) ليتم التوصل لوقف إطلاق النار، ثم يعقد مؤتمر سلام قومي برعاية دولية واقليمية متوازنة تتفق عليها كل الأطراف وبمشاركة كل القوى السياسية السودانية دون عزل لأية جهة، يتم فيه الاتفاق على الأسس العامة لشكل الحكم ومؤسساته المدنية والعسكرية في الفترة الانتقالية، وينتهي المؤتمر بتكوين حكومة قومية مستقلة لا حزبية تمهد الطريق للانتخابات بعد الفترة الانتقالية.
ونعتقد أن هذا الطرح يمكن مناقشنه مقرونا باقتراحنا الذي طرحناه في مقال سابق ويقرأ أن تتوج العملية السياسية بتشكيل آلية قومية تضم قيادات كل القوى السياسية والنقابية والحركات المسلحة ولجان المقاومة والقوى الشبابية والقيادات النسائية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية، باستثناء دعاة استمرار الحرب، وذلك لإختيار قيادة الفترة الإنتقالية، رأس الدولة ورئيس الوزراء، على أساس النزاهة والأهلية والكفاءة والقدرة السياسية والتنفيذية، وبعيدا عن أي ترضيات أو محاصصات سياسية وحزبية.
ثم تواصل الآلية القومية الإطلاع بمهام التشريع والرقابة والمحاسبة، كمجلس تشريعي إنتقالي، إما حسب تكوينها المشار إليه أعلاه، أو يتم توسيعها بإضافة أعضاء آخرين، وفي هذه الحالة فلابد أن يتم ذلك بالتوافق والحرص على إختيار كفاءات وقدرات حقيقية، وليس لمجرد الترضيات والمحاصصات السياسية، مع مراعاة تمثيل المرأة والشباب ولجان المقاومة تمثيلا حقيقيا، وليس شكليا أو صوريا، ودائما التقيد بشرط الكفاءة والقدرة.
وخلال الفترة الانتقالية، فإن القيادات السياسية والحزبية مكانها هذه الآلية القومية/المجلس التشريعي، بينما القيادات العسكرية مكانها مؤسساتها النظامية ومجلس الأمن والدفاع القومي. لكن، مبادرات القوى المدنية لن تحقق أهدافها بدون تنسيق نشاطها في منبر يضم الجميع، غض النظر عن أي مواقف سياسية سابقة لهم، وأن تستند المجموعات المشاركة إلى قاعدة ملموسة تعمل على الأرض، ولعل الجبهة النقابية المكونة من قيادات النقابات والإتحادات المنتخبة ولجان التسيير، هي أنسب نواة تأسيسية لهذا العمل، وأن يتسم نشاط المنبر بالشفافية والبعد عن أي مؤثرات دولية أو إقليمية.
* نقلاً عن القدس العربي
الوسومالتحول المدني الحرب السعودية السودان القوى المدنية الولايات المتحدة د. الشفيع خضر سعيد منبر جدةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الحرب السعودية السودان القوى المدنية الولايات المتحدة منبر جدة القوى المدنیة لوقف الحرب وقف الحرب منبر جدة
إقرأ أيضاً:
مسؤول إسرائيلي يدعو لوقف حرب غزة وإطباق الحصار عليها
نشرت وسائل إعلام إسرائيلية ، مساء اليوم الثلاثاء 7 يناير 2025 ، رسالة بعثها ناتان إيشل المدير الأسبق لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، والتي دعا فيها لوقف حرب غزة وإطباق الحصار عليها.
ودعا إيشل لوقف حرب غزة معتبرًا أنها لا تحقق أي مكاسب عسكرية أو أمنية لإسرائيل وتتواصل دون طائل أو جدوى.
وقال إيشيل إنه "لا جدوى من استمرار القتال في غزة، ولذلك يجب إيقافه على الفور"، داعيا لإطباق الحصار على القطاع.
إقرأ/ي أيضا: رويترز: الإمارات تبحث المشاركة في إدارة مؤقتة لقطاع غـزة
وجاء في رسالة إيشيل أنه "من المؤسف أن نفقد المزيد من الجنود أو أن يُصابوا ببتر بالأطراف أو فقدان أعين، علاوة على الآلاف الذين دفعوا الثمن بالفعل، وسيدفعون ثمنًا إضافيًا نتيجة استمرار القتال غير الضروري في غزة".
وشدد على أن "الحرب في غزة حاليًا لا تُعيد الرهائن، ولا تحقق مكاسب عسكرية أو أمنية. من وجهة نظري، يجب وقفها فورًا". واقترح إيشيل حلاً لإنهاء الحرب، قائلًا: "بما أن القطاع محاصر، فإن الحل الوحيد هو فرض حصار شامل".
والحصار الذي اقترحه إيشيل يتضمن "عدم إدخال مساعدات أو طعام إلى قطاع غزة. وفي الوقت ذاته، يتم السماح بخروج منظم وخاضع للمراقبة (للغزيين) إلى مناطق يمكن لإسرائيل التحقق منها، لكل من يرغب في الحياة".
وتابع "أما من لا يرغب في الحياة، ويرفض المغادرة بطريقة منظمة وخاضعة للمراقبة، فإما أن يموت برصاص جنود الجيش الإسرائيلي، أو من الجوع". واعتبر أن هذه الطريقة "هي الوحيدة التي أسقطت القدس و‘مسادا‘ وجميع الحروب في التاريخ".
كما اتهم إيشيل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تقترب من انتهاء ولايتها بعد أقل من أسبوعين، بأنها لم تكن ترغب في حسم الحرب على غزة بشكل نهائي، بل سعت إلى إبقاء قدرتها على "مناورة" إسرائيل، على حد تعبيره.
وأضاف إيشيل أنه "يمكننا منذ الآن الاستعداد والإعلان أن هذا (الحصار) ما ستفعله إسرائيل بعد أسبوعين، عندما تدخل إدارة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. هذا الأمر جيد لإسرائيل، وهو جيد أيضًا لسكان غزة غير المتورطين والراغبين في الحياة".
يُذكر أن إيشيل لا يزال ضالعًا بقضايا السلطة في إسرائيل بشكل غير رسمي، على خلفية قربه من رئيس الحكومة، نتنياهو، إذ كشفت حادثة حديثة عن دوره في الضغط على وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، للاعتذار لنتنياهو.
وبعد اعتذار بن غفير مساء السبت الماضي على إجباره نتنياهو الخروج من المستشفى لدعم مشروع قانون يتعلق بالميزانية، بعث إيشيل برسالة إلى بن غفير، كتب فيها: "سعيد لأنك استمعت إلى نصيحتي في نهاية الأمر واعتذرت. أسبوع سعيد".
ولكن الرسالة أُرسلت عن طريق "الخطأ"، على ما يبدو، إلى مراسل موقع "واينت"، إيتمار آيخنر، عوضا عن إرسالها إلى إيتمار بن غفير؛ ما كشف دور إيشيل في الضغط على بن غفير وضلوعه في القضايا الائتلافية.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية ساعر يلتقي نظيره الإماراتي في أبو ظبي بالصور: الجيش الإسرائيلي: العمليات البرية في قطاع غزة استُنفدت مُقرّب من نتنياهو: يجب وقف الحرب في غزة الأكثر قراءة محدث: 21 شهيدا في القطاع – هكذا استقبلت غزة العام الجديد! سعر صرف الدولار مقابل الشيكل اليوم 01 يناير 2025 أحوال طقس فلسطين بأول أيام العام الجديد 2025 محدث: إصدار أمر إخلاء جديد لـ "البريج" عقب إطلاق صاروخين من وسط قطاع غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025