الخليج الجديد:
2025-03-17@08:07:57 GMT

ضرورة إسناد العرب لـبريكس

تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT

ضرورة إسناد العرب لـبريكس

إسناد العرب الضروري لبريكس

لعل العالم الثالث، المتضرر والمهيمن عليه من الغرب الاستعماري الرأسمالي، قبل ووبعد استقلاله، يدرك هذه المرة أهمية مساندته التامة لتكتل بريكس.

هل يتجنب تكتل بريكس المواجهة نفسها المجنونة المتعنتة السابقة من دول الغرب الأمريكي والأوروبي وتابعيه ومن دوائر التحكم الرأسمالي العالمية؟

سيكون محزناً لو وقف العالم الثالث، ومنه العرب، موقفا متفرجا على محاولات بريكس، كما فعل بمحاولات سابقة، وقَبِل بأن يكون تابعاً ذيلاً لدول الغرب الرأسمالية.

إنها الدائرة المفرغة الأبدية تدور حول نفسها، دائرة رفض الرأسمالية لأي محاولة لأنسنة نشاطاتها وتنظيم فوائدها وضبط جنونها وشطحاتها التاريخية وأطماعها المنفلتة.

* * *

في عام 1968 اجتمع ثلاثون من علماء التربية والسياسة والاقتصاد والمال في إيطاليا، وكونوا ما عرف بنادي روما لمناقشة حاضر ومستقبل البشرية وحضارة العالم. وخرج المجتمعون بوثيقة مشروع مستقبل الإنسان، الذي صدر حينئذ في كتاب تحت عنوان «حدود النمو».

شخّص ذلك الكتاب أهم مشاكل ذلك الزمن بأنها: الفقر المذل، وتدهور البيئة المصاحب لتقدم التكنولوجيا ولازدياد عدد السكان، والأزمات الاقتصادية والمالية المتكررة، وفقدان الثقة في مؤسسات المجتمع، وفقدان الأمان في وظائف العمل، وثورات الشباب على القيم والأخلاق، اوجميعها توجد في كل العالم وإن بنسب وتأثيرات متباينة.

وكان الكتاب صرخة تنبيه لضرورة مواجهة تلك المشاكل بحلول فاعلة، قبل أن تصبح كوارث في المستقبل المنظور.

لكن دوائر الرأسمالية الصناعية والمالية، وإعلامها المنحاز لوجهات نظرها، وقوى سياسية انتهازية عمياء، اعتبرت النتائج التي توصل إليها نادي روما مبالغا فيها وأن لهجة التقرير متشائمة أكثر من اللازم، وبالتالي ضرورة تجاهله.

وكرد فعل صدرت مبادرات وتقارير وصيحات وكتب من شتى بلدان الغرب الأوروبي والأمريكي وتابعيها تحذر العالم من أخذ كتاب «حدود النمو» بجدية، لأنه لن يقود إلا إلى إيقاف التقدم والنمو الرأسمالي الهادر والمتعاظم، بل إلى ترجيح كفة القوى اليسارية الاشتراكية المناوئة للغرب ولرأسماليته.

إنها الدائرة المفرغة الأبدية، وهي تدور حول نفسها قرناً بعد قرن، دائرة الرفض التام من قبل الرأسمالية وغالبية الرأسماليين لكل محاولة من أي نوع كان لأنسنة نشاطاتها وتنظيم فوائدها ومحاولة بناء تعايشها مع أي أيديولوجية أو قيم أو أنظمة تحاول ضبط جنونها وشطحاتها التاريخية وأطماعها غير المحدودة.

وكانت من أهم المحاولات أنذاك ما تقدمت بها قوى يسارية في أمريكا الجنوبية لبناء مجتمع اشتراكي تميزه العدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية غير المزيفة، ويقوم اقتصاده على إشباع الحاجات الأساسية لكل ساكنيه، لكن مثل تلك المحاولات ضاعت في أتون الصراع الغربي-السوفياتي المستميت.

اليوم يثبت بصورة جلية موضوعية أن استنتاجات نادي روما وتوصياته، ومختلف مبادرات يسار القرن الماضي لتدجين الرأسمالية الكلاسيكية ومن بعدها الرأسمالية النيوليبرالية كانت جميعها محقة، وكانت تستحق أن يأخذها العالم بجدية وترحيب.

وثبت أنه لو أن العالم تعامل معها بإيجابية وطورها عبر الستين سنة الماضية، لما وجدنا أنفسنا الآن نواجه الأوضاع الحياتية الخطرة التي نعيشها والمستقبل الذي نخشاه.

ولعل تكتل بريكس الاقتصادي الذي يحاول أن يماثل بعض المحاولات السابقة التي ذكرنا، لن يلقى المواجهة نفسها المجنونة المتعنتة السابقة من دول الغرب الأمريكي والأوروبي وتابعيه ومن دوائر التحكم الرأسمالي العالمية إياها..

لعله يعطي فرصة تطوير محاولة إيجاد مخرج من جحيم المصائب والانتكاسات والحروب التي عاشها العالم عبر القرنين الماضيين على الأقل، ونقل العالم إلى نظام دولي أكثر عدالة وأكثر مساواة وأكثر تضامنا في كل مجالات الحياة الإنسانية والبيئية.

ولعل العالم الثالث، المتضرر والمنهك والمهيمن عليه من قبل الغرب الاستعماري الرأسمالي، قبل وأثناء وبعد استقلاله وتحرره، يدرك هذه المرة أهمية مساندته التامة لمجموعة بريكس، وعلى الأخص بعد أن انضمت إليها دول من قلب العالم الثالث، بل وتطالب أغلبيته بالانضمام في القريب العاجل.

سيكون محزناً لو وقفت دول العالم الثالث، ومنها بالطبع دول الوطن العربي، موقف المتفرج على محاولات بريكس، تماماً كما فعل العالم الثالث بالكثير من المحاولات السابقة، وسمح لنفسه بأن يكون تابعاً وذيلاً لدول الغرب الرأسمالية، فكراً واقتصاداً وسياسة وثقافة، وبالطبع يهمنا نحن العرب بالذات أن لا نكون آخر من يأخذ هذه المحاولة الجادة بتبن إيجابي ودعم متفاعل ومساند ومستقل.

اليوم، والغرب يدفع بقوة وجنون نحو عالم بلا روابط عائلية واجتماعية وإنسانية تضامنية، وعالم بلا قيم أخلاقية أو دينية ضابطة، وإلى ثقافة مسطحة استهلاكية جشعة أنانية..

اليوم ما عاد يحق لنا، أخلاقياً ومبدئياً، أن نقف متفرجين بانتظار ردات الفعل والقرارات الأمريكية والأوروبية. آن لهذا العالم أن يخرج من سطوة وجنون سيطرتهما على الحضارة الكونية، وقريباً على الفضاء الخارجي وما فيه من خيرات وإمكانيات.

لعل الوطن العربي، أكثر المناطق استباحة واستغلالاً وتلاعباً بمقدراته، أن يبدأ، من خلال بعض دوله الجريئة، ومن خلال مناقشات جريئة صادقة في مؤسساته الإقليمية، بدعم موضوع بريكس، الذي يمثل فرصة نادرة للعرب قد لا تعود إلا بعد قرون.

*د. علي محمد فخرو وزير بحريني سابق، مفكر قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العرب بريكس الغرب الاستعمار الرأسمالية نادي روما العالم الثالث العالم الثالث دول الغرب

إقرأ أيضاً:

هل انقرض أهل الكوميديا!؟

حمد القشانين*

قبل صلاة المغرب تجد برنامجين أو 3 على قنوات يتابعها الشارع السعودي، فقط لو لم تنتج سوى تلك البرامج لكفتنا، فمثلاً برنامج (حكاية وعد) وبرنامج (سين) والتي تظهر للمشاهد حقيقة السعودية ومستقبلها، وكيف أنها تنافس، بل وتتخطى قوى عظمى لها عشرات السنين في مصاف اقتصادات العالم، وكيف أننا وبقيادة عراب رؤيتنا وصلنا وحققنا في أقل من 10 أعوام ما لم يحققه غيرنا في خمسة أضعاف هذا المدة.

وما أن يؤذن المغرب حتى يبدأ التهريج والاستخفاف بعقل المشاهد، وجعله سلعة تتشاطره شركات التسويق مع منتجي المسلسلات الكوميدية، فحتى لا يتأخر المسلسل عن عرضه في هذا الوقت الذهبي تجد مسلسلاً يقدم “الهبل” نفسه بالشخصيات نفسها والإعادة نفسها، بل إنه يكرر ذلك حتى في الحلقة نفسها، فعلى أساس أنه بشخصيات منفصلة عن بعضها، ولكن لأنه لا يوجد سوى هذا الممثل، فالمخرج يقول له نحن سنبدأ التسجيل وأنت “قل أي شيء”، ثم تبدأ الشخصية الأخرى، ويقول له المخرج الكلام نفسه، فيعيد الكلام الذي في المشهد السابق، ولكنه غير لهجته حسب ما يرتديه من ملابس.

أخبار قد تهمك «ملحمة التأسيس».. تاريخ ممتد لثلاثة قرون.. 22 فبراير 2025 - 1:34 مساءً التـداوي بالتـاريـــخ.. 20 ديسمبر 2024 - 10:04 صباحًا

أما النص فهو “قل أي شيء”، ثم ينتهي هذا المكرر من “الأفيهات” التي لم نخرج من مشاهدتها بمعنى، فيبدأ مسلسل آخر على أساس أنه يظهر حياة “المهايطية” ثم تجد أنه لتقليل كلفة الإنتاج فكأن المنتج يقول للمشاهد “خسارة في عقلك السطحي” أن نعامله بنوع من الإحترام، فتجد التصوير كله والذي على أساس أنه في أحد أحياء مدينة الرياض، يتم تصويره بالكامل داخل غرفة (كروما) وبجدران من الفلين المقوى وبسيارات «شد الوكالة» ودون لوحات لإعادتها للوكيل، الذي يريد أن يقتسم كعكة عقل المشاهد بأقل التكاليف، فتجد أن لوحات السيارات مكتوبة بالخطاط، وكأن هذا الأمر ليس مجرماً قانوناً، بل ويدخل في دائرة التزوير إن ضبطت المركبة وهي بهذه الحالة في الحياة الواقعية بالرياض.

وبالسؤال عن تكلفة الإنتاج، فالطبيعي أنها ذهبت لمشهورات “السناب” اللائي يتسابق عليهن المنتجون بعد أقل من ربع ساعة من خروجهن على وسائل التواصل دون الالتفات لأي شيء آخر، فأصبحت خريجات المعاهد والفنون المسرحية والتمثيل عاطلات، وهؤلاء يتصدرن المشهد بعد بذلهن مجهوداً كبيراً يقارب (ربع ساعة “تميلح” أمام كاميرا في غرفة النوم).

السؤال هنا ألم يكن يعرض في هذا الوقت مسلسل “سيلفي” والذي ناقش بجرأة التطرف الديني والطائفي والمهايطة والمثلية الجنسية، وغيرها من السموم التي يخشى أن تنتشر في المجتمع، وبـ”كوميديا سوداء” تنتهي الحلقة منها وكأن عقلك قد أنير؛ فأي كوميديا هادفة في هذا الرمضان، دلوني أو تحيروا معي في تساؤلي (هل انقرض أهل الكوميديا الهادفة؟).

*كاتب سعودي
نقلاً عن: alwatan.com.sa

 

مقالات مشابهة

  • إسناد غزة بعيداً عن الظواهر الصوتية
  • ترامب ..ثور الرأسمالية الهائج..!!
  • مقارنة بين وقوف الغرب مع أوكرانيا وموقف العرب من فلسطين
  • رحلة حول العالم.. أفضل الوجهات الساحرة للمسافرين العرب
  • هل انقرض أهل الكوميديا!؟
  • السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
  • كيف زيِّفت أوروبا ذاتها الحضارية؟!
  • ترامب والجدلية الرأسمالية
  • سلامي يشرح سبب عدم التحاق المحترفين بمنتخب النشامى
  • خلافات أمريكا وأوروبا.. هل هي بداية انقسام حضارة الغرب وماذا سيفعل عندها العرب؟