الخليج الجديد:
2024-07-28@07:17:52 GMT

ضرورة إسناد العرب لـبريكس

تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT

ضرورة إسناد العرب لـبريكس

إسناد العرب الضروري لبريكس

لعل العالم الثالث، المتضرر والمهيمن عليه من الغرب الاستعماري الرأسمالي، قبل ووبعد استقلاله، يدرك هذه المرة أهمية مساندته التامة لتكتل بريكس.

هل يتجنب تكتل بريكس المواجهة نفسها المجنونة المتعنتة السابقة من دول الغرب الأمريكي والأوروبي وتابعيه ومن دوائر التحكم الرأسمالي العالمية؟

سيكون محزناً لو وقف العالم الثالث، ومنه العرب، موقفا متفرجا على محاولات بريكس، كما فعل بمحاولات سابقة، وقَبِل بأن يكون تابعاً ذيلاً لدول الغرب الرأسمالية.

إنها الدائرة المفرغة الأبدية تدور حول نفسها، دائرة رفض الرأسمالية لأي محاولة لأنسنة نشاطاتها وتنظيم فوائدها وضبط جنونها وشطحاتها التاريخية وأطماعها المنفلتة.

* * *

في عام 1968 اجتمع ثلاثون من علماء التربية والسياسة والاقتصاد والمال في إيطاليا، وكونوا ما عرف بنادي روما لمناقشة حاضر ومستقبل البشرية وحضارة العالم. وخرج المجتمعون بوثيقة مشروع مستقبل الإنسان، الذي صدر حينئذ في كتاب تحت عنوان «حدود النمو».

شخّص ذلك الكتاب أهم مشاكل ذلك الزمن بأنها: الفقر المذل، وتدهور البيئة المصاحب لتقدم التكنولوجيا ولازدياد عدد السكان، والأزمات الاقتصادية والمالية المتكررة، وفقدان الثقة في مؤسسات المجتمع، وفقدان الأمان في وظائف العمل، وثورات الشباب على القيم والأخلاق، اوجميعها توجد في كل العالم وإن بنسب وتأثيرات متباينة.

وكان الكتاب صرخة تنبيه لضرورة مواجهة تلك المشاكل بحلول فاعلة، قبل أن تصبح كوارث في المستقبل المنظور.

لكن دوائر الرأسمالية الصناعية والمالية، وإعلامها المنحاز لوجهات نظرها، وقوى سياسية انتهازية عمياء، اعتبرت النتائج التي توصل إليها نادي روما مبالغا فيها وأن لهجة التقرير متشائمة أكثر من اللازم، وبالتالي ضرورة تجاهله.

وكرد فعل صدرت مبادرات وتقارير وصيحات وكتب من شتى بلدان الغرب الأوروبي والأمريكي وتابعيها تحذر العالم من أخذ كتاب «حدود النمو» بجدية، لأنه لن يقود إلا إلى إيقاف التقدم والنمو الرأسمالي الهادر والمتعاظم، بل إلى ترجيح كفة القوى اليسارية الاشتراكية المناوئة للغرب ولرأسماليته.

إنها الدائرة المفرغة الأبدية، وهي تدور حول نفسها قرناً بعد قرن، دائرة الرفض التام من قبل الرأسمالية وغالبية الرأسماليين لكل محاولة من أي نوع كان لأنسنة نشاطاتها وتنظيم فوائدها ومحاولة بناء تعايشها مع أي أيديولوجية أو قيم أو أنظمة تحاول ضبط جنونها وشطحاتها التاريخية وأطماعها غير المحدودة.

وكانت من أهم المحاولات أنذاك ما تقدمت بها قوى يسارية في أمريكا الجنوبية لبناء مجتمع اشتراكي تميزه العدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية غير المزيفة، ويقوم اقتصاده على إشباع الحاجات الأساسية لكل ساكنيه، لكن مثل تلك المحاولات ضاعت في أتون الصراع الغربي-السوفياتي المستميت.

اليوم يثبت بصورة جلية موضوعية أن استنتاجات نادي روما وتوصياته، ومختلف مبادرات يسار القرن الماضي لتدجين الرأسمالية الكلاسيكية ومن بعدها الرأسمالية النيوليبرالية كانت جميعها محقة، وكانت تستحق أن يأخذها العالم بجدية وترحيب.

وثبت أنه لو أن العالم تعامل معها بإيجابية وطورها عبر الستين سنة الماضية، لما وجدنا أنفسنا الآن نواجه الأوضاع الحياتية الخطرة التي نعيشها والمستقبل الذي نخشاه.

ولعل تكتل بريكس الاقتصادي الذي يحاول أن يماثل بعض المحاولات السابقة التي ذكرنا، لن يلقى المواجهة نفسها المجنونة المتعنتة السابقة من دول الغرب الأمريكي والأوروبي وتابعيه ومن دوائر التحكم الرأسمالي العالمية إياها..

لعله يعطي فرصة تطوير محاولة إيجاد مخرج من جحيم المصائب والانتكاسات والحروب التي عاشها العالم عبر القرنين الماضيين على الأقل، ونقل العالم إلى نظام دولي أكثر عدالة وأكثر مساواة وأكثر تضامنا في كل مجالات الحياة الإنسانية والبيئية.

ولعل العالم الثالث، المتضرر والمنهك والمهيمن عليه من قبل الغرب الاستعماري الرأسمالي، قبل وأثناء وبعد استقلاله وتحرره، يدرك هذه المرة أهمية مساندته التامة لمجموعة بريكس، وعلى الأخص بعد أن انضمت إليها دول من قلب العالم الثالث، بل وتطالب أغلبيته بالانضمام في القريب العاجل.

سيكون محزناً لو وقفت دول العالم الثالث، ومنها بالطبع دول الوطن العربي، موقف المتفرج على محاولات بريكس، تماماً كما فعل العالم الثالث بالكثير من المحاولات السابقة، وسمح لنفسه بأن يكون تابعاً وذيلاً لدول الغرب الرأسمالية، فكراً واقتصاداً وسياسة وثقافة، وبالطبع يهمنا نحن العرب بالذات أن لا نكون آخر من يأخذ هذه المحاولة الجادة بتبن إيجابي ودعم متفاعل ومساند ومستقل.

اليوم، والغرب يدفع بقوة وجنون نحو عالم بلا روابط عائلية واجتماعية وإنسانية تضامنية، وعالم بلا قيم أخلاقية أو دينية ضابطة، وإلى ثقافة مسطحة استهلاكية جشعة أنانية..

اليوم ما عاد يحق لنا، أخلاقياً ومبدئياً، أن نقف متفرجين بانتظار ردات الفعل والقرارات الأمريكية والأوروبية. آن لهذا العالم أن يخرج من سطوة وجنون سيطرتهما على الحضارة الكونية، وقريباً على الفضاء الخارجي وما فيه من خيرات وإمكانيات.

لعل الوطن العربي، أكثر المناطق استباحة واستغلالاً وتلاعباً بمقدراته، أن يبدأ، من خلال بعض دوله الجريئة، ومن خلال مناقشات جريئة صادقة في مؤسساته الإقليمية، بدعم موضوع بريكس، الذي يمثل فرصة نادرة للعرب قد لا تعود إلا بعد قرون.

*د. علي محمد فخرو وزير بحريني سابق، مفكر قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العرب بريكس الغرب الاستعمار الرأسمالية نادي روما العالم الثالث العالم الثالث دول الغرب

إقرأ أيضاً:

الدول الأفريقية تلجأ للذهب لحماية نفسها من خسائر العملة

بدأت 6 دول أفريقية على الأقل في زيادة احتياطياتها من الذهب أو النظر في ذلك، نتيجة تصاعد التوترات الجيوسياسية.

وتسارع  الدول الأفريقية لبناء احتياطياتها من الذهب للتحوط أمام التوترات الجيوسياسية التي أضرت بعملاتها وسرّعت التضخم، وفقا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ.

وتقول الوكالة إن دولا مثل جنوب السودان وزيمبابوي ونيجيريا اتخذت خطوات لتعزيز احتياطياتها أو تفكر في ذلك.

اندفاع منطقي؟

وتأتي هذه الخطوة بعد أن قامت البنوك المركزية في دول مثل الصين والهند بتكديس الذهب لتنويع احتياطياتها وتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي.

من المتوقع أن يقوم نحو 20 بنكًا مركزيًا بتكديس الذهب في العام المقبل (رويترز)

ومن المتوقع أن يقوم نحو 20 بنكًا مركزيًا بتكديس الذهب في العام المقبل، وفقًا لمسح مجلس الذهب العالمي. وقال رئيس إستراتيجية الاقتصاد الكلي في "فيم بارتنرز" تشارلي روبرتسون: "كإستراتيجية تنويع هذا منطقي". وأضاف أنه "بينما لا يدفع الذهب فوائد، على عكس الاحتياطيات المحتفظ بها في سندات الخزانة الأميركية، لم يكن هذا مهما لأن سعر الذهب ارتفع كثيرا. لقد كانت تجارة مربحة".

وارتفع سعر الذهب بنسبة 16% هذا العام ليصل إلى 2396.59 دولارا للأوقية الاثنين المنصرم.

خطط لزيادة احتياطيات الذهب

وكانت الدول الأفريقية من بين الأكثر تضررا من الاضطرابات في سلاسل التوريد التي تسببت بها جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا وزيادة أسعار الفائدة العالمية التي أدت إلى بيع عملاتها وزيادة التضخم.

وتتزايد التوترات الجيوسياسية مرة أخرى مع استمرار الحرب على غزة، وتوسع الحروب التجارية والقلق مما قد تجلبه فترة رئاسة أميركية جديدة لدونالد ترامب.

وأعاد محافظ البنك المركزي في جنوب السودان جيمس أليك غارنغ، التأكيد نهاية الأسبوع أن البلاد تخطط لتوسيع قاعدة احتياطياتها بإضافة موارد أخرى مثل الذهب. وقال: "نحن في مرحلة إعداد وثائق السياسة ودراسة أمثلة الدول الأخرى والدروس المستفادة".

وخطط البنك المركزي الأوغندي لشراء الذهب مباشرة من عمال المناجم الحرفيين للتخفيف من "تناقص احتياطيات العملة الأجنبية ومعالجة المخاطر المرتبطة به في الأسواق المالية الدولية".

وتضررت احتياطاته من العملات الأجنبية بسبب هروب رؤوس الأموال بعد تشريع مناهض للمثلية الجنسية الذي دفع البنك الدولي في أغسطس/آب من العام الماضي لوقف تمويل جديد للدولة الواقعة في شرق أفريقيا.

ويقترح المشرعون النيجيريون أيضا أن يستخدم البنك المركزي الذهب لدعم وتثبيت العملة النيجيرية "النيرة" وتخفيف مخاطر تضخم العملة في أكثر دول أفريقيا اكتظاظا بالسكان، والتي مثّل أداء عملتها الأسوأ مقابل الدولار عالميا هذا العام بعد الليرة اللبنانية.

مجلس الذهب العالمي تعاون مع البنوك المركزية لتدشين برامج شراء محلية من عمال المناجم الصغار (الفرنسية)

والعام الماضي، اتخذ البنك المركزي في مدغشقر خطوة نحو شراء الذهب المحلي، حيث انخفضت إيرادات صادرات الفانيليا في يونيو/تموز 2023. وقالت تنزانيا إنها ستنفق 400 مليون دولار على ستة أطنان من المعدن النفيس.

وفي زيمبابوي التي جربت لأول مرة العملات الذهبية في 2022، أطلقت الدولة الأفريقية عملة مدعومة بالذهب في أوائل أبريل/نيسان من ذلك العام للمساعدة في كبح دوامة التضخم وتقلبات أسعار الصرف.

وكانت "زيمبابوي غولد" أو "زي جي" المدعومة بـ2.5 طن من الذهب؛ المحاولة السادسة للدولة في 15 عاما لامتلاك عملة محلية تعمل، لتحل محل الدولار الزيمبابوي الذي فقد 80% من قيمته مقابل الدولار الأميركي في 2024.

ويخطط محافظ البنك المركزي في زيمبابوي جون موشاييفانهو، لزيادة الاحتياطيات إلى أكثر من ثلاثة أطنان هذا العام والتوقف عن إصدار العملات الذهبية، موجهًا الذهب عوضا عن ذلك إلى خزائن الدولة.

انحسار الدولار

وعلى مدى العامين الماضيين، تعاون مجلس الذهب العالمي مع البنوك المركزية لتدشين برامج شراء محلية من عمال المناجم الصغار.

وقال رئيس البنوك المركزية العالمي في المجموعة الصناعية شاوكاي فان: "يمكن للبنوك المركزية إضافة الذهب إلى احتياطياتها الرسمية باستخدام عملتها المحلية، مما يسمح لها بنمو أصول الاحتياطي دون الحاجة إلى التضحية بالاحتياطيات الأخرى من العملة الصعبة".

ومع ذلك، فإن الاندفاع نحو الذهب لا يشير إلى توقعات بأن الذهب سيصبح "بديلاً سائلاً" للدولار، على ما قاله حسنين مالك الخبير الإستراتيجي في أسهم الأسواق الناشئة، وأضاف: "مع ذلك بالنسبة لتلك الدول؛ إما أنّ سعر الذهب سيرتفع، أو أنّ سعر الدولار الأميركي سينخفض، أو أنّ وصولها إلى الدولارات الأميركية قد يتعرض للخطر بسبب العقوبات مثلا، ولذلك فإن زيادة تخصيص الذهب في احتياطياتها قد يكون منطقيًا".

مقالات مشابهة

  • هل تنهي بريكس العبودية المالية لأمريكا
  • رئيس وزراء المجر: أوكرانيا لن تحصل على عضوية الاتحاد الأوروبي أو «الناتو»
  • قيمة التبادل التجاري بين مصر ودول “بريكس” تصل إلى نحو 25 مليار دولار
  • بالأرقام.. قيمة التبادل التجاري بين مصر ودول بريكس!
  • "التضامن" تبدأ سحب إسناد مشروعات الرعاية من الجمعيات غير المؤهلة
  • الدول الأفريقية تلجأ للذهب لحماية نفسها من خسائر العملة
  • فصيلة مشاة من المليشيا بكامل تسليحها تُسلِّم نفسها للجيش
  • التضامن: سحب مشروع دار الأمل لرعاية المسنين من جمعية الأسرة والطفولة بالسويس
  • التضامن تسحب إسناد مشروعات الرعاية من الجمعيات غير المؤهلة | تفاصيل
  • قوة من “الميليشيا” تقدر بـ”فصيلة مشاة” بكامل تسليحها سلمت نفسها في شندي