هجرة الأدمغة تقضم إيران من الداخل.. القمع وتردي الاقتصاد السبب وهذه الحلول الضرورية
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
في عام 2019، شهدت إيران "ثاني أكبر هجرة للأدمغة في العالم، مع هجرة ما يقرب من 180 ألف متخصص متعلم، وفقا لما نشرته منصة "إيران نيوز واير"، وهو ما يدمر إمكانات البلاد، ويجبرها على دفع تكاليف باهظة لسياسات اقتصادية واجتماعية وسياسية طاردة للكفاءات، ويبدو أن أسباب تلك الهجرة ستظل مستمرة، وبالتالي سيتواصل نزيف الأدمغة في إيران.
ما سبق كان خلاصة تحليل كتبه الباحث والأكاديمي الدكتور مصعب الألوسي، الزميل غير المقيم في "منتدى الخليج الدولي"، وصاحب الدكتوراه من مدرسة فليتشر-جامعة تافتس، محذرا من تداعيات استمرار هذه الظاهرة، ومجملا عددا من الطرق التي يمكن من خلالها الحفاظ على الأدمغة المهاجرة من إيران.
ملامح المشكلةدفعت الأوضاع المتدهورة داخل إيران العديد من مواطنيها إلى البحث عن حياة أفضل في أماكن أخرى، وخاصة المهنيين المتعلمين.
ولمجموعة متنوعة من الأسباب، غادر أهل الفكر في إيران - بما في ذلك الأكاديميون والباحثون والأطباء والعمال المهرة - البلاد بأعداد متزايدة على مدى نصف العقد الماضي، الأمر الذي أدى إلى هجرة الأدمغة، وهو الأمر الذي تحاول الحكومة الإيرانية مكافحته.
اقرأ أيضاً
استقطاب الكفاءات أو قرصنة الغرب الجديدة!
ولهذا الاتجاه آثار كبيرة على اقتصاد البلاد، وقطاع التعليم، وبرامج البحث والتطوير، وازدهارها العام، ولكن – بحسب الكاتب - لا توجد علامات على التراجع بسبب الآفاق القاتمة للإصلاح السياسي والاقتصادي.
أرقام مقلقةومن بين أربع مجموعات اجتماعية رئيسية - طلاب الجامعات والخريجين والأطباء والأساتذة - أعرب ما بين 40% و53% عن رغبتهم في الهجرة في الاستطلاعات الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، يريد نصف العاملين في مجال التكنولوجيا الناشئة في إيران مغادرة البلاد، وفقًا لبعض الاستطلاعات، ويخطط غالبيتهم للبقاء في الخارج.
تشمل عملية هجرة الأدمغة أيضًا المهنيين المستقبليين، حيث أعرب أكثر من 90% من الإيرانيين الذين يدرسون حاليًا في الولايات المتحدة عن رغبتهم في البقاء في البلاد بشكل دائم دون إمكانية العودة إلى إيران.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على الطلاب الموجودين حاليًا خارج إيران؛ وكشفت دراسة أجراها مركز الإمارات للسياسات أن 82 من أصل 86 إيرانياً فازوا في المسابقات العلمية الدولية اختاروا مغادرة إيران ، وأن 4% فقط سيعودون طوعاً.
وتشير الدراسات إلى أن 96% من براءات الاختراع المسجلة من قبل مخترعين إيرانيين المولد بين عامي 2007 و2012 تم تسجيلها من قبل إيرانيين يعيشون في الخارج.
وبالمقارنة، بالنسبة للصين، كان هذا المعدل 17% فقط.
اقرأ أيضاً
سردية جديدة.. هكذا تعيد الاحتجاجات تعريف إيران
أسباب هجرة الأدمغةويقول الألوسي إن هناك عوامل كثيرة تساهم في هجرة الأدمغة في إيران، حيث كان أداء الاقتصاد الإيراني سيئاً لسنوات عديدة، وكان معدل البطالة مرتفعاً للغاية، وكذلك التضخم المفرط الذي أدى إلى خسارة الريال 45% من قيمته في العام الفارسي السابق (مارس/آذار 2022 حتى مارس 2023)، وهو انخفاض يؤثر بشكل طبيعي على رواتب الطبقة المهنية في إيران.
والنتيجة 900 من أساتذة الجامعات غادروا البلاد عام 2020 بمفردهم بسبب عدم الرضا عن رواتبهم.
ويشكل الوضع السياسي في إيران عاملاً آخر غير جذاب بشكل خاص.
لقد احتج الإيرانيون عدة مرات ضد الظروف السياسية والاقتصادية المروعة التي تمر بها البلاد، لكن هذه المظاهرات لم تؤد إلى تغييرات ملموسة في سياسة الحكومة.
وقد استمرت الاحتجاجات الأخيرة ضد إلزامية ارتداء الحجاب لمدة عام تقريبًا، وقُتل المئات نتيجة لذلك.
كما كان للمجالين الاقتصادي والسياسي تأثير غير مباشر على مجالات أخرى.
على سبيل المثال، يواجه القطاعان الأكاديمي والبحثي في إيران قيودًا على التمويل، وقيودًا في الوصول إلى الموارد، ونقصًا في الحوافز مثل المنح البحثية والاعتراف بالمهنيين.
وتعني الصعوبات الاقتصادية أيضًا أن الطلاب الإيرانيين يفتقرون إلى حد كبير إلى إمكانية الوصول إلى أحدث المختبرات والتكنولوجيا المتقدمة والمعدات المتخصصة لإجراء الأبحاث المتطورة.
وحتى لو حققت إيران مكاسب مالية غير متوقعة، مما سمح لها بتحديث هذه المعدات، فإن العديد من الإيرانيين يفضلون مع ذلك العيش في نظام سياسي أكثر انفتاحاً وبيئة أكثر تسامحاً تتوافق مع قيمهم وتطلعاتهم الشخصية، يقول الكاتب.
اقرأ أيضاً
إيران.. احتجاجات جديدة في جامعات كردستان بعد وفاة طالبة
هجرة الأدمغة تهدم إمكانات إيرانوتعني هجرة المهنيين والخبراء أن البلاد تفقد رأس المال البشري القيم الذي يمكن أن يزيد النمو الاقتصادي والتنمية البشرية.
ويؤدي تدفق المهنيين من إيران إلى تعطيل النظام البيئي للتوظيف في البلاد من خلال الحد من مجموعة الخبراء المتاحين للتعاون، وبالتالي إبطاء وتيرة الابتكار.
وأشار وزير العلوم والبحوث والتكنولوجيا الإيراني السابق إلى أن إيران تقدر أن تخسر 150 مليار دولار سنويا لأن المتخصصين المتعلمين فيها موجودون في أماكن أخرى.
علاوة على ذلك، فإن الباحثين والعلماء والأكاديميين الذين يغادرون إيران يتسببون في انخفاض مخرجات البحث والابتكار.
ويؤدي انخفاض الابتكار إلى خنق تطوير التكنولوجيات والمنتجات والصناعات الجديدة، التي تشكل ضرورة أساسية للتقدم الاقتصادي.
اقرأ أيضاً
تفاصيل مروعة.. إيرانية تروي وقائع اغتيال زوجها المعارض وطفلها قبل سنوات
اقتراحات للحلوعند البحث عن حلول يقول الكاتب إنه يجب أن تشتمل الجهود الرامية إلى معالجة هجرة الأدمغة في إيران على مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية، وتحسين تمويل البحث والتعليم، وزيادة الدعم لريادة الأعمال والابتكار، وخلق بيئة أكثر ملاءمة لازدهار المهنيين المهرة.
ومن الأهمية بمكان أن معالجة هذه القضية المعقدة ستتطلب أيضًا اتباع نهج شامل ومتعدد الأوجه يأخذ في الاعتبار مختلف العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وفقا للألوسي.
وسوف تبدأ هذه العملية بالإرادة السياسية لإصلاح البلاد، وهو ما يستلزم المزيد من الحريات وتقليل القمع على الجبهة الداخلية وسياسة خارجية أقل تصادمية في الخارج.
لكن الكاتب يتوقع، في نهاية تحليله، بعدم تحقق أية من تلك الاحتمالات في المستقبل المنظور.
ولذلك، فإن هجرة الأدمغة سوف تستمر، وربما تزداد حدتها، مع استمرار تدهور الأوضاع داخل إيران، عل حد قوله.
المصدر | الخليج الجديد + متابعاتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الاقتصاد الإيراني اقرأ أیضا فی إیران
إقرأ أيضاً:
فرنسا..ارتفاع هجرة المتطرفين الإسلاميين إلى الدول المسلمة
أكدت دراسة حديثة في فرنسا تزايد أعداد الإسلاميين الذين رصدتهم الاستخبارات الفرنسية، بسبب تطرفهم بين 2007 و2022.
وحسب نتائج، المحللين التي نشرتها مجلة "جورنال دو نيوز"، فإن وتيرة المغادرة كانت محدودة للغاية حتى 2012 بمعدل 4 هجرات سنويا، قبل أن تتسارع بين 2013 و2016 بمعدل تراوح بين 10 و50 مغادرة سنوياً.
ونقلت الدراسة عن تقرير للاستخبارات، تزايد الهجرة إلى الذروة في 2019 بمغادرة 62 إسلامياً قبل أن تتراجع في 2020 بسبب القيود على السفر التي رافقت جائحة كورونا، لترتفع مرة أخرى في 2022 بمغادرة 69 إسلامياً البلاد.
فرنسا تُغلق آخر معاقل الإخوان التعليميةhttps://t.co/7LhowWOZRV pic.twitter.com/blRKwVY2Ek
— 24.ae (@20fourMedia) January 23, 2025وأرجعت الدراسة أسباب الهجرة إلى البحث عن بيئة إسلامية ملائمة لهويتهم الدينية مع إعطاء الأولية إلى الدول التي يشكل فيها المجتمع المسلم الأغلبية.
وحسب نتائج الدراسة، اختار 45% من المغادرين مغادرة نهائية لفرنسا في حين كانت مغادرة 55% مؤقتة، ما يعني العودة إلى الأراضي الفرنسية.
وشكل المغرب البلد الأكثر استقطاباً للمغادرين بـ 45%، ثم الجزائر18%، ومصر11، والمملكة المتحدة 8% والسعودية 5%، وموريتانيا 5%، وتونس 5%، وتركيا 5%.
وتشير الدراسة إلى أن واحداً من كل 3 إسلاميين هاجروا، من أتباع السلفية.
وكتب معدو الدراسة: "يفضل هؤلاء الأصوليون الانفصال عن المجتمع الغربي، الذي يعتبرونه منحطاً. لذلك فإنهم يهاجرون إلى البلدان التي يشكل فيها المسلمون الأغلبية".
وتشير الدراسة إلى نمط آخر من المغادرة يتمثل في"الهجرة الداخلية" لأسباب اقتصادية ومهنية، وتعني الانعزال عن المجتمع الفرنسي، وتأسيس بيئة موازية مثلما هو شائع على نطاق واسع في مرسيليا، أو فالنس، على سبيل المثال.