صحيح أنّ العدّ العكسي قد بدأ استعدادًا للعودة المنتظرة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، في سياق ما وصفها هو بـ"الفرصة الأخيرة" لإنقاذ لبنان، وإخراجه من "عنق" الفراغ الرئاسي، إلا أنّ الصحيح أيضًا أن "الرهان" على قدرة الرجل على إحداث "خرق فعلي" بات في أدنى مستوياته، بل يكاد يلامس "الصفر" إن جاز التعبير، في ضوء المواقف التي تعمّد البعض إطلاقها قبيل وصول الرجل إلى بيروت.


 
فعلى الرغم من أنّ بعض القوى السياسية لا تزال مصرّة على إبداء "الإيجابية" إزاء جهود الرجل، وقد تجاوبت مع "الأسئلة" التي وجّهها للنواب، وبعثت بالإجابات المطلوبة في الوقت المحدّد، إلا أن أحدًا لا يبدو متفائلاً بـ"خاتمة سعيدة" لهذه الجهود، في ظلّ "تمترس" الفريق الآخر خلف "لا ناهية" للحوار مع "حزب الله"، وقد تلطّت خلف "سابقة" الرسالة التي وجّهها لودريان، لتضرب "مبادرته" على الوتر "الحسّاس"، وتفرغها من مضمونها.
 
وأبعد من كلّ ما تقدّم، ثمّة من يصرّ على أنّ "الفرصة الأخيرة" التي أراد لودريان "حشر" اللبنانيين بها، "انقلبت ضدّه"، باعتبار أنّه تبيّن أنّ زيارته المقبلة لن تكون سوى "فرصته الأخيرة" على المستوى الشخصي، قبل انتقاله إلى العُلا السعودية حيث يتولى منصبه الجديد، وبالتالي قبل "سحب" الملف من يده، فهل أضحى هذا الأمر "تحصيلاً حاصلاً"؟ وما حقيقة الحديث عن بدء التحضير لمرحلة "ما بعد لودريان"، وعن "رهان" على دور قطري تحديدًا؟!
 
"الفرصة الأخيرة"
 
على الرغم من أنّ تحرّك الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان يندرج في خانة "المجموعة الخماسية" المعنيّة بشأن لبنان، والتي تضمّ إلى فرنسا كلاً من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ودولة قطر وجمهورية مصر، وهو ينطلق حتى في مسعاه "الحواريّ" ممّا تمّ الاتفاق عليه في الاجتماع الأخير الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة، إلا أنّ الثابت كما يقول العارفون أنّ "التفويض" المعطى له ليس "مفتوحًا"، وأنه اقترب عمليًا من النفاد.
 
ليس خافيًا على أحد في هذا السياق، وجود "تباينات" حتى داخل المجموعة الخماسية، فالإجماع غائب مثلاً عن فكرة الحوار، الذي يشكّل "ركيزة" المبادرة الفرنسية، بدليل أنّ بيان الدوحة الشهير خلا من أيّ إشارة صريحة أو ضمنية للحوار، وهو ما أدى إلى استبدال المصطلح بعبارة "اجتماع عمل"، وحصره بملفّ الرئاسة دون أيّ شأن آخر، نتيجة "الهواجس" المعروفة من نوايا قد تكون مبيّتة لدى البعض بفتح النقاش حول النظام ككلّ من بوابة استحقاق الرئاسة.
 
وفيما يذكّر العارفون بتلويح اجتماع الدوحة بـ"إجراءات" ضدّ معطّلي الانتخابات الرئاسية في لبنان، ما أثار "سخط" البعض الذين اعتبروا حينها عودة لودريان "لزوم ما لا يلزم"، يلفتون إلى أنّ الاتفاق جرى على منح موفد الرئيس إيمانويل ماكرون "فرصته" لتحقيق "رؤيته"، رغم الصعوبات والمعوّقات التي يواجهها، علمًا أنّ سائر مكوّنات "الخماسية" نأت بنفسها نسبيًا عن الأمر، ولم تتبنَّ جهوده بصورة رسمية، أو حتى تقدّم لها الدفع المطلوب.
 
مرحلة "ما بعد لودريان"
 
استنادًا إلى ما تقدّم، يرى العارفون أن هناك من يترقّب الزيارة المقبلة للودريان، لا من أجل رصد أيّ "تقدّم" يمكن أن تفضي إليه، بعدما بات هذا الاحتمال "بعيدًا"، ولو أنّه يبقى "واردًا"، ولكن لإعلان "انتهاء" المبادرة الفرنسية، على الأقلّ بصيغتها الحالية، بما قد يسمح بتحرّكات موازية من قبل أطراف ووسطاء آخرين، كانوا ينتظرون ما ستفضي إليه مساعي لودريان، ليُبنى على الشيء مقتضاه، وهو ما كان.
 
في هذا السياق، ثمّة من يلفت إلى "حراك قطري" تحديدًا تتركّز عليه الرهانات، علمًا أنّ الدوحة التي نشطت على خط الأزمة الرئاسية في مرحلة من المراحل، لم "تنكفئ" عمليًا بحسب ما يقول العارفون، وإن قلّصت من حركتها الظاهرة، بانتظار "نضوج" المساعي الفرنسية، حيث يشدّد هؤلاء على أنّ الدور القطري استمرّ خلف الكواليس، استعدادًا لمرحلة "ما بعد لودريان" التي قد تبدأ قريبًا جدًا، وبدفع من الفرنسيين أنفسهم.
 
ولعلّ "ميزة" الحراك القطري تكمن في أنّه "منسّق بالكامل" مع سائر أطراف "الخماسية"، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ما يجعل "الرهان" عليه واقعيًا برأي كثيرين، ولو أنّ البعض يعتقد أنّ مشكلته تبقى في "المقاربة"، خصوصًا أنّ هناك من ينظر إلى "حراك الدوحة" على أنّه "داعم" لترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي يواجه "فيتو" الوزير السابق جبران باسيل، ولو أنّ هناك من يقول إنّ الحراك لا يزال "بعيدًا" عن الأسماء.
 
لعلّها مفارقة مثيرة للاهتمام أن تتنّقل "رهانات" اللبنانيين لحلّ أزمتهم، من دولة إلى أخرى، فبعد فرنسا، التي سعت لجمعهم على طاولة واحدة، وتكاد تعلن "الاستسلام"، يأتي دور قطر، التي لم تكن بعيدة عن المساعي الفرنسية، لتنتقل الكرة بعدها ربما إلى ملعب الولايات المتحدة، أو حتى إيران التي يريد البعض "إشراكها" في اللعبة. وبين كلّ هذه الدول، يبقى السؤال الكبير: أين دور لبنان في كلّ هذه المعمعة؟ ولماذا انتظار كلمة السرّ من الخارج دائمًا؟! 
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس مجلس السيادة يطّلع على أداء وزارة الداخلية واستعداداتها لمرحلة ما بعد الحرب

إطّلع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد مالك عقار إير على مجمل الأوضاع بوزارة الداخلية والأداء الشرطي في المرحلة الحالية والدور المجتمعي المنتظر في مرحلة إعادة البناء والإعمار.وشدّد سيادته لدى لقائه بمكتبه ببورتسودان الأحد وزير الداخلية اللواء م خليل باشا سايرين، على ضرورة فرض سيادة القانون وعدم الإفلات من العقاب وبسط هيبة الدولة فضلا على الدور المجتمعي للشرطة والقضاء والنيابات وتضافر الجهود الرسمية والشعبية من أجل بسط السلم والأمن المجتمعي.وأشار عقار إلى أهمية الانخراط في إعداد الخطط والبرامج المستقبلية لإعادة تأهيل المراكز الشرطية والسجون ومواكبة التطور العالمي في مجال الشرطة والقضاء والنيابة العامة ومكافحة الجريمة وخدمة المجتمعات التى تعد من أهم مطلوبات المرحلة القادمة.من جانبه أوضح وزير الداخلية في تصريح صحفي، أن الاجتماع ناقش جملة من الموضوعات المهمة على رأسها الاستعداد لمرحلة ما بعد الحرب وفق أُسس علمية مواكبة للتطورات الإقليمية والدولية فضلا عن تفعيل أجهزة تنفيذ القوانين والعدالة بمفاهيم ورؤى جديدة.وأبان سيادته أن الوزارة بصدد إستيعاب وتأهيل دفعات جديدة من الضباط وضباط الصف والجنود بالشرطة بمؤهلات أكاديمية عالية حدها الأدنى الشهادة السودانية وفق أسس ومناهج علمية علي أن تكون العقيدة التدريبية جديدة تعزز العدالة الاجتماعية وتعكس هيبة الدولة بعيداً عن العنصرية والقبلية والجهوية تعزيزاً لقيم العدالة والمساواة وروح المواطنة.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عبد المحسن سلامة: أخوض المعركة من أجل نقابة قوية للجميع بعيداً عن الشللية والاستقطاب
  • بطاطس محشية باللحمة المفرومة.. وصفة بيتي سهلة التحضير
  • الرئيس السنغالي يجري مباحثات مع مسؤول قطري بارز
  • وزير الطوارئ والكوارث يناقش مع المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر التحديات التي تواجه الشعب السوري
  • كانت معدّة للتهريب.. شاهدوا كميات البنزين الكبيرة التي تم ضبطها في عكار (صورة)
  • خاتم ياسمين عبد العزيز يلفت الأنظار في أحدث ظهور لها
  • محمد الصاوي عن هجوم البعض على "إش إش": الراقصة موجودة من أيام الفراعنة
  • السعودية تضع خططًا جديدة لمرحلة ما بعد الحوثيين: هل يشهد اليمن تحولًا جذريًا؟
  • حوار إستراتيجي قطري بريطاني يبحث مسارات تعزيز الشراكة
  • نائب رئيس مجلس السيادة يطّلع على أداء وزارة الداخلية واستعداداتها لمرحلة ما بعد الحرب