رغم واجهة موسكو المشرقة.. سموم الحرب والعقوبات تسري في عروق الاقتصاد الروسي
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
يعمل الإنفاق الحكومي على البرامج العسكرية والاجتماعية على توزيع الأموال على الأفراد والشركات الذين يستخدمون بعضا منها في المنتجات المستوردة.
يبدو أن تذبذب قيمة الروبل الروسي يكشف عن مدى الصدع الذي يعاني منه اقتصاد الرئيس فلاديمير بوتين المحصن، لكن الفريق الاقتصادي في الكرملين سرعان ما يحاول نفي هذه الحقيقة من خلال محاولاته المستمرة لاستعادة مكانة العملة أمام الدولار الأميركي، على الأقل في الوقت الراهن.
ومع كل الجهود المبذولة، تأتي الزيادة الطارئة في أسعار الفائدة لكسر كل الآمال وإظهار المعضلة الكامنة في قلب الاقتصاد الروسي، بما في ذلك كيفية تمويل المؤسسة العسكرية مع عدم تقويض العملة الوطنية وخطورة تعرض الاقتصاد للانهيار من خلال معدلات التضخم المرتفعة التي تتسبب في تآكل الاستثمارات والأعمال وإحراج الجهات الحاكمة على المستوى السياسي.
ولا تزال الحياة في العاصمة موسكو تعكس أسلوب حياة المواطنين الروس على الرغم من كل العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الحرب في أوكرانيا ورحيل مئات الشركات الأجنبية ذات العلامات التجارية الشهيرة.
ويعتبر شارع بولشايا نيكيتسكايا الشهير من أهم الشواهد الحية على نمط الحياة المستقر في موسكو حيث تمتلئ مقاعد المطاعم والحانات الخارجية بزبائن يرتدون ملابس أنيقة ويستمتعون بطقس شهر أغسطس / آب المعتدل.
في الجهة الأخرى، تصدح شوارع أخرى في العاصمة بأصوات الموسيقى الصاخبة فيما تستقبل مراكز التسوق علامات تجارية جديدة للأزياء، مثل "ماغ" و"فيليت"، كبديلة للمتاجر السابقة "زارا" و"إتش أند إم".
وتوجد العديد من المقاييس التي تشير إلى استقرار اقتصاد البلاد، بما في ذلك معدل البطالة المنخفض وانتعاش النمو الاقتصادي والتضخم المعتدل، الذي بلغ 4٪ في يوليو / تموز الماضي.
وقد عبر عدد من الروس عن ارتياحهم ماديا، معتبرين أن الأوضاع في تحسن. أما بالنسبة للشركات التي تحتاج إلى إمدادات من الخارج، فقد قررت التوجه إلى البدائل كحل لمواجهة أزمة نقص المنتوجات.
وقال أندريه لافروف، مالك عيادة لطب الأسنان، إنه اضطر إلى الحصول على الغرز والسيليكون من آسيا لأنه يعتمد في عمله على الكثير من المواد المستوردة من دول أخرى.
وبالفعل، عززت روسيا وارداتها من البضائع عبر دول مجاورة، مثل كازاخستان وأرمينيا، لتجنب العقوبات. كما يعمل الإنفاق الحكومي على البرامج العسكرية والاجتماعية على توزيع الأموال على الأفراد والشركات الذين يستخدمون بعضا منها في المنتجات المستوردة.
استطلاع رأي: روسيا تواجه أكبر نقص في العمالة منذ 27 عاماًالبنك الأوروبي للتنمية: اقتصاد روسيا سينكمش أقل من المتوقع هذا العامهل يصمد شعار "التضحية من أجل روسيا" في ظل التضخم وتدهور الروبل ؟الروبل الروسي يتراجع إلى أدنى مستوياته في مقابل الدولار منذ 12 شهراوفي سياق متصل، يدعم نقص في العمالة ـ الناجم عن مغادرة الأشخاص للبلاد ـ الرواتب، في حين تساعد القروض العقارية المدعومة من الحكومة في الحفاظ على النشاط العقاري.
وعلى الرغم من تعرض قطاع السيارات إلى بعض العقبات بعد تخلي الصنعين الغربيين عن أعمالهم في البلاد، إلا أن واردات السيارات الصينية تمكنت من سد هذا العجز واكتسبت شعبية على الأرض.
وعلى الرغم من كل هذه المؤشرات الإيجابية عن الاقتصاد الروسي، إلا أن خبراء ومحللين اقتصاديين يرون أن انخفاض الروبل لا يعني أن البلاد على وشك الدخول في أزمة مالية كبرى على المدى القصير، موضحين أن سياسة بوتين على المدى الطويل قد تؤدي إلى تآكل النمو الاقتصادي وزيادة الضغط على العملة الوطنية في ظل غيات الاستثمار الأجنبي.
شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أمطار غزيرة تخلف 4 قتلى و48 مفقوداً في الصين شاهد: جرافات إسرائيلية تهدم منزلا لمواطن فلسطيني في الخليل محكمة جزائرية تقضي بسجن باحث جزائري كندي وصحافي جزائري سنتين دولار أمريكي فلاديمير بوتين روسيا الكرملين قوات عسكرية الحرب الروسية الأوكرانيةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دولار أمريكي فلاديمير بوتين روسيا الكرملين قوات عسكرية الحرب الروسية الأوكرانية الغابون انقلاب فرنسا إسبانيا الحرب الروسية الأوكرانية فضاء فيديو فلاديمير بوتين قتل مترو قطار الأنفاق الغابون انقلاب فرنسا إسبانيا الحرب الروسية الأوكرانية
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: الاقتصاد السوري تخنقه العقوبات وبدون رفعها سينهار
نشرت مجلة "ايكونوميست" تقريرا قالت فيه إن الحكومة السورية الجديدة وبعد ثلاثة أشهر من انتهاء الحرب الأهلية السورية التي استمرت 14 عاما، ومع بدء شهر رمضان المبارك، تم استبدال النشوة بالغضب إزاء الضمور المستمر للاقتصاد وعدم قدرة الحكومة الجديدة على عكس ذلك التوجه.
وخلال الحرب انكمش الاقتصاد السوري بنسبة 85 بالمئة٬ وانخفضت الصادرات من 18 مليار دولار قبل الحرب إلى 1.8 مليار دولار في عام 2021. وبلغت احتياطيات النقد الأجنبي 18.5 مليار دولار في عام 2010، ولكن 200 مليون دولار فقط بقيت - وهو ما لا يكفي لتغطية شهر من الواردات. كما هبطت قيمة الليرة السورية من 50 ليرة للدولار إلى ما يقرب من 11 ألف ليرة. والأجور لا تكفي لتغطية حتى نفقات المعيشة الأساسية. ويعيش أكثر من 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر.
ويعد السبب الرئيسي لهذا البؤس هو الحرب التي دمرت الصناعة والبنية الأساسية في البلاد، وقتلت وشردت العديد من شعبها. لكن شبكة العقوبات الغربية المفروضة على سوريا لمعاقبة دكتاتورها بشار الأسد على انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان ساهمت في الانهيار. وبينما انتهت الحرب الآن وأطيح بالأسد، لا تزال العقوبات سارية.
وتتخذ العقوبات عدة أشكال ويستهدف بعضها صناعات حيوية، مثل الطاقة والبنوك والاتصالات، فضلا عن المؤسسات الحيوية، بما في ذلك البنك المركزي. وتحظر مجموعة أخرى تقديم "الدعم المادي" لهيئة تحرير الشام، التي تعد نواة الجماعات المسلحة التي تشكل الحكومة المؤقتة في سوريا.
وترى "إيكونوميست" أن "العقوبات أحادية الجانب التي تفرضها أمريكا هي الأكثر شدة٬ لأنها تحظر على سوريا جميع التعاملات بين الكيانات الأمريكية والسورية، فضلا عن جميع استخدامات الدولار في المعاملات التي تشمل سوريا. وليس الأمريكيون وحدهم هم المقيدون: فالشركات والأفراد الأجانب يواجهون أيضا عقوبات شديدة في أمريكا إذا تعاملوا تجاريا مع سوريا في وطنهم. وتجعل هذه العقوبات "الثانوية" من المستحيل تقريبا، على سبيل المثال، على أي بنك أجنبي كبير تسهيل المدفوعات إلى سوريا".
وتضيف المجلة "ورغم وجود استثناء نظري للمساعدات الإنسانية، فإن المؤسسات المالية تشعر بالقلق بشأن كيفية إثبات أهلية المدفوعات. وعلى نحو مماثل، ورغم تعليق بعض العقوبات الأمريكية في كانون الثاني/ يناير لمدة ستة أشهر، فإن عقوبات أخرى لا تزال قائمة. كما علق الاتحاد الأوروبي بعض القيود المفروضة على التجارة والاستثمار، ولكن ليس كلها".
وتضيف أن نظام الأسد "نجا من هذا الحظر الخانق لفترة طويلة لسببين. أولا، تصادق مع منبوذين آخرين، بما في ذلك إيران وروسيا، مما ساعد في دعمه، ليس فقط عسكريا، بل وأيضا اقتصاديا. وثانيا، حول سوريا إلى دولة مخدرات. وبحلول أوائل عشرينيات القرن العشرين، أصبحت سوريا أكبر منتج في العالم للكبتاغون، وهو مخدر يشبه الأمفيتامين، والذي جلب ربما 6 مليارات دولار سنويا. وظل معظم هذا الدخل في الخارج واستخدم لدفع ثمن واردات النظام".
وتؤكد أن "لم يعد أي من آليات البقاء هذه يعمل٬ ويحرص الزعيم السوري الجديد، أحمد الشرع، على أن يُنظر إليه على أنه شرعي. وقد شن حملة صارمة على إنتاج الكبتاغون. كما أنه ليس صديقا لإيران وروسيا، اللتين ضربت قواتهما هيئة تحرير الشام خلال الحرب. وبدلا من ذلك، حاول الشرع تحرير الاقتصاد، على أمل تحفيز النمو. كما قام بتبسيط الرسوم الجمركية ورفع الحظر على العملة الأجنبية.
كما أنه يعمل على إصلاح البيروقراطية بشكل جذري، وطرد الكثير من الموظفين المدنيين ووعد برفع رواتب أولئك الذين بقوا بشكل حاد. ويأمل في جذب الاستثمار الأجنبي لإحياء صناعة الطاقة في سوريا وإعادة بناء بنيتها التحتية. ولكن بدون تخفيف العقوبات، فإن كل هذه الجهود سوف تذهب سدى.
وألمحت المجلة أن "الطوابير الطويلة أمام ماكينات صرف النقود في دمشق تشير إلى مدى مرض الاقتصاد ومدى الضرر الذي تسببه العقوبات. فسوريا تعاني من نقص حاد في الأوراق النقدية. وفي اقتصاد يعتمد بشكل كبير على النقد، فإن هذا يشبه السكتة القلبية. فالشركات لا تستطيع دفع الأجور والأسر لا تستطيع شراء السلع الأساسية".
وتنقل "إيكونوميست" عن أحد التجار "أن السيارات المستوردة إلى سوريا بعد سقوط الأسد تتراكم عليها الغبار، حيث لا يستطيع أحد جمع ما يكفي من النقود لدفع ثمنها. وقد يكون لدى الشركات والأفراد أموال في حساباتهم المصرفية، ولكن البنوك لا تملك ما يكفي من الأوراق النقدية لدفعها. وبدلا من ذلك، أصدر البنك المركزي تعليمات لهم بالحد من عمليات السحب".
وتحلل المجلة "أن النقص الحاد في النقد شديد لدرجة أن قيمة الليرة السورية ترتفع مقابل الدولار، على الرغم من كل المصاعب الاقتصادية التي تواجهها سوريا. كما تتراجع أسعار السلع اليومية، ويرجع هذا جزئيا إلى أن استيرادها أصبح أسهل الآن، ولكن ربما أيضا لأن هناك قدرا أقل من النقد الذي يمكن شراؤه به. كما لم تقدم الحكومة أي تفسير واضح لما يحدث. ويشتبه البعض في أن السماح للسوريين بامتلاك العملات الأجنبية، وانتشار عمليات تغيير العملة التي أعقبت ذلك، قد امتص قدرا كبيرا من النقد من النظام المصرفي. ويشير آخرون إلى أن تعليق معظم التحويلات الإلكترونية قد دفع إلى اللجوء إلى النقد على نحو أكبر".
وترى أن "الحل هو أن يصدر البنك المركزي المزيد من الأوراق النقدية. وكانت سوريا تطبع نقودها في النمسا، قبل أن تجبرها العقوبات على اللجوء إلى روسيا. وفي شباط/ فبراير الماضي، تلقت سوريا طائرة محملة بالعملة بموجب عقد أبرم في عهد الأسد. من المفترض أن تتمكن روسيا من طباعة المزيد، ولكن روسيا والنظام الجديد ليسا على علاقة جيدة. وفي الوقت نفسه، قد تشعر الشركات الغربية بالقلق من انتهاك العقوبات وقد يستمر الجفاف النقدي لبعض الوقت".