ازدحام وسهرات وطعام حتى الصباح.. وجبات الوافدين تشعل وسط القاهرة

انتشرت مئات المطاعم العربية بوسط العاصمة القاهرة، وتحتل قائمة المطاعم السورية المركز الأول، تليها المطاعم اليمنية ثم الخليجية والمغربية، فضلا عن المطاعم السودانية، وأصبحت هذه المطاعم تبحث طوال الوقت عن طباخين عرب سواء للمطبخ السوري أو السوداني، أو المغربي، وزادت استثمارات رجال الأعمال في شركات غذائية ومنتجات الطعام، بسبب الطلب على الوجبات العربية بشكل كبير.

يقول زين مزمل طباخ سوادني في مطعم أبوانا: معظم ضيوف المطعم (سودانيون من الجالية) مع أقاربهم المصريين، طبعا ونقدم معظم الأطعمة السودانية مثل الخبز الذي يطلق عليه السودانيون (الرغيف) أو(العيش البلدي)، والفول المدمس السوداني، والكعك و الكسرة والقراصة والعصيدة أو«اللقمة»مضافا إليه «الويكة»وهي مطحون نوع من البامية، بعد الساعة السابعة مساءً تبدأ معركة الفطائر العربية فتجد الرواد الوافدين من الشام، وقد احتشدوا أمام خمسة عشر مطعمًا بشوارع وسط القاهرة( كل أصحاب المطاعم اتفقوا فيما بينهم علي عدم الحديث للصحف )، تبدأ الرحلة من أول طلعت حرب حيث أهم مطعم سوري يقدم وجبات سريعة لمنتجات الألبان.

(صاحب المطعم) السوري (ب- س) يؤكد أن الشعب المصري له ذوق مميز في الطعام، وهو يتماشى مع مهارة الشيف السوري، ومنتجات الفطائر السورية المصنعة من الألبان مميزة، والأسعار عندنا معقولة.. يتدخل أحد الأشخاص فيقول الأسعار غالية، لكن أولادي يحبون فطائرهم، وقد نجح السوريون في تحويل (أم علي) لكي تصبح (ستو كريمة)، وهي عبارة عن جلاش أربع قطع سعرها يبدأ من أربعين جنيهًا، ويصل حتى 175 جنيهًا، وفي شارع طلعت حرب قسم السوريون المطاعم بطريقة ذكية جدًا، ففي مساحة لا تزيد على المائة متر تجد ثلاثة مطاعم كبرى (تقدم) الوجبات السريعة (تك اواي) وتقدم وجبات العائلات، والثالثة تقدم الحلويات الشامية.

(وليد صاحب أكبر مطعم شامي) رفض نشر اسمه واكتفى بالاسم الأول تساءل: ما المشكلة؟.. نحن نقدم أفضل الوجبات للزبون السوري بالمقام الأول، وطوال فترة الصيف عندنا زوار الشام، ومع ذلك نجد الزبون المصري يقبل على منتجات الشاورما السوري سواء التي تعد من اللحم أو الدواجن، وكذلك الفلافل وهي أحد أهم الأصناف الشعبية المصرية التي تصنع من الفول، لكن السورية منها تكون من السمسم، وتمثل السلاطة والمقبلات أيضا أحد جوانب تميز المطبخ السوري، ومنها سلطة الفتوش مع دبس الرمان الشامي، والسلطة الشامية الخضراء، والتومية، والتبولة الشامية بزيت الزيتون، وأيضا من أبرز الأصناف السورية التي لاقت قبولا واسعا لدى المصريين الفراخ المشوية على الفحم التي تعد بخلطة سورية خاصة تتكون من مجموعة توابل أبرزها الزعتر.

أما في شارع شريف فقد ظهر مطعم شهير جدًا يقدم المشروبات التركية (تخصص ليمون نعناع)، ويقدم مشروبًا أو أيس كريم يصنع في الحال، والأسعار تتفاوت بين العشرين والمائة جنيه، والمحل التركي فتح بجوار أشهر محل مصري قديم جدًا كان يقدم الحلويات الشرقية (المصرية) منذ زمن البشوات قبل يوليو 52، يقول حاتم فهمي شيف حلويات في مطعم (س):للأسف الشديد المطاعم السورية تشكل عاملاً رئيسيًّا في ارتفاع أسعار الحلويات الشرقية، فهم مع بعضهم لهم طرقهم الخاصة في تزويد مطاعمهم بالمواد اللازمة لصناعة الحلويات، ولديهم مصانع صغيرة في مدينة نصر تعد لهم (الجلوكوز) في الوقت الذي ارتفع فيه سعر السكر ليصل لثلاثين جنيهًا (جملة)، ولا نستطيع أن ننافس أصحاب المطاعم السورية.

يقول محمد رزق مهندس معماري: لازم تعرف أن المطاعم السورية بالقاهرة جعلت الزبون يعرف الفرق بين جودة المنتج المصري والسوري، وأتحدى أي صاحب مطعم مصري أن يقدم الطعمية بزيت نقي كما يفعل السوريون، انظر أمامك أقدم محل فول وطعمية شهير جدًا وكان يقدم السندويتشات للصحفيين الآن صار بلا رواد تقريبًا، ولا أحد يقترب منهم سوى من لا يطلبون جودة (زيت القلي) رديء جدًا جدًا.

بينما يؤكد أحمد عبد العزيز صاحب مطعم يمني بالدقي أن الشيف الرئيسي لديه يمني حرصا على جودة الطعام، لأنه يضمن أن تكون الأطباق يمنية مائة في المائة، ونتج عن ذلك تنافس كبير بين المطاعم للاستحواذ على الطباخين المتميزين الوافدين من اليمن وعددهم كبير في القاهرة والأسكندرية، ونقوم باستطلاع آراء زبائننا اليمنيين بشكل دوري، فالمطبخ اليمني له خصوصية كبيرة بتوابله المتنوعة، في طهي اللحوم، المعروفة بـالمندي حيث يتم طهو اللحوم أو الدواجن بطريقة الشوي الحراري في أفران عبارة عن حفرة في جوف الأرض.

وفي ميدان عرابي وسط القاهرة تجد أقدم محل كبابجي للفنانين ورواد المسارح وقد تراجع عدد رواده، ويؤكد الشيف رمضان البربري-عامل توصيل بالمطعم- أن كل المطاعم السورية أصبحت هي المفضلة عند المصريين بسبب واحد، وهو (عامل النظافة والأمانة )وللأسف أصحاب المطاعم المصرية يقدمون منتجًا ليس بجودة السوري، والآن أعمل في توصيل طلبات الفطائر السورية على مدار 24 ساعة، باستثناء مطعم واحد (مصري) قرر صاحبه تغيير الاسم لسوري، والآن بعض أصحاب المطاعم استبدلوا (صنايعية سوريين) بدلًا من المصريين.

وفي العتبة أشهر الطاعم السودانية في مصر، وتقدم«التقلية»، وهي عبارة عن لحم يطبخ جافا مع البصل والزيت والصلصة، و«العصيدة» التي تصنع من الدقيق، و«الشية السودانية»، وهي عبارة عن لحم مشوي على الفحم تضاف إليه البهارات وخلطة خاصة من التوابل.

ويقول حمادة الدلتاوي صاحب مكتبة بوسط القاهرة: للأسف الشديد طمع أصحاب المطاعم المصرية هو السبب في تراجع شعبيتهم بسبب سوء المنتجات (والمواد الخام) درجة ثالثة، لكن انظر إلى الجلاش السوري في المطعم السوري بجواري الذي يظل يعمل حتى الساعة الثالثة صباحًا، وهو يقدم الكنافة بالفحم، وهذا ابتكار سوري جميل كما أن الأسعار لو غالية جدًا فهي تناسب الجودة العالية التي تميز الوجبات الحلويات الشامية وذكاء الشيف السوري في اقتحام الذوق المصري، وخلال سنوات قليلة أتوقع تحول معظم المطاعم نحو الذوق المصري الذي كان يتميز بالجودة، ولعل ارتفاع أسعار اللحوم جعل إقبال المواطن المصري على وجبات سريعة من الفطائر الحلوة السريعة، ثم إن الفطير المشلتت المصري أصبحت أسعاره عالية جدًا وسعر الفطيرة الواحدة يصل لمائة وخمسين جنيهًا، والبديل منتج سوري بحوالي 50 جنيهًا والفرق كبير، وقد انتشرت المطاعم اليمنية في منطقة الدقي بكثرة، وفي شارع مصدق تجد أكثر من خمسة مطاعم يمنية، والغريب أنها تقدم منتجات مصرية وسورية كالحلويات والفطائر، وحتى الزلابية السودانية.

وفي مدينة نصر لا يمكن أن يخفى عليك تعداد المطاعم السورية التي غزت الحي العاشر وبقية المطاعم المصرية حتى اليوم في التنافس وأشهرهم صاحب فرع شهير وسط القاهرة.

المصدر: الأسبوع