السلطة الفلسطينية.. من رفض التطبيع إلى توظيفه!
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
السلطة الفلسطينية.. من رفض التطبيع إلى توظيفه!
في "نقلتها" الجديدة من رفض التطبيع إلى توظيفه، تجد السلطة الفلسطينية دعماً من أقرب حلفائها.
ما الأسباب و"المراجعات" التي قادت السلطة إلى الانتقال من رفض مسارات تطبيع "اتفاقات أبراهام" إلى محاولة التكيف معها وتوظيفها؟
تنسجم مقاربة السلطة الجديدة مع طروحات عمان والقاهرة، وتُطرب واشنطن وبروكسل، وتلقى قبولاً في بكين وموسكو، ولا تواجه بمقاومة جدية لمحور الممانعة.
الحديث لا يدور عن "مبادرة سلام عربية" ولا عن "حل الدولتين"، والمؤكد أن فكرة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها "القدس الشرقية" ليست على جدول أعمال أحد!
تخشى السلطة من صدام مع قوّةٍ بحجم السعودية وترغب بتجنبه وتراهن على قدرة الرياض على إتمام "صفقة ما" فلسطينيا، تمكّن السلطة، وتعززها، وتوسع سيطرتها ووظائفها!
تشير التقديرات والمعطيات إلى أن التفكير الأميركي-الإسرائيلي ينحصر في تسهيلات تُمنح للسلطة لمنع انهيارها استجابةً للشق الفلسطيني من الشروط السعودية للتطبيع.
تداعيات "صفقة القرن2" التي يعمل بايدن على إنجازها بين السعودية و"إسرائيل"، أحد مصادر "يقظة السلطة"، واستقوائها على خصوم الداخل من فصائل وظواهر مقاومة جديدة.
أوساط بالسلطة لم تكن راضية عن الحملة الفلسطينية على مسار "اتفاقات أبراهام"، وبعض آخر آثر التمييز بين التطبيع والمطبعين، فلا تتأثر علاقة السلطة بالفاعل وتكتفي بنقد الفعل!
* * *
لا ندري بعد ما الأسباب و"المراجعات" التي قادت السلطة الفلسطينية إلى الانتقال من رفض مسارات تطبيع "اتفاقات أبراهام" إلى محاولة التكيف معها (ومثيلاتها) وتوظيفها، لكننا نعرف تمام المعرفة أن هذه النقلة حصلت، وأنها باتت ركناً ركيناً في حسابات السلطة ورهاناتها.
بل إننا كتبنا قبل 3 أسابيع مقالاً تحت عنوان "السلطة إذ تنتقل إلى خط الهجوم... أي رهانات وحسابات؟"، محذرين من تداعيات "صفقة القرن2" التي يعمل بايدن على إنجازها بين السعودية و"إسرائيل"، بوصفها أحد مصادر "يقظة السلطة"، واستقوائها على خصوم الداخل من فصائل وظواهر مقاومة جديدة.
هنا، يمكننا من باب التحليل السياسي وأدواته أن نفترض جملة من الأسباب و"المراجعات" التي حدت بالسلطة إلى استحداث هذه "النقلة"، علماً أن أوساطاً منها لم تكن راضية في الأساس عن الحملة الفلسطينية على مسار "اتفاقات أبراهام"، وبعضها الآخر آثر التمييز بين التطبيع والمطبعين، فلا تتأثر علاقة السلطة بالفاعل وتكتفي بنقد الفعل، ودائماً من باب "سجل يا تاريخ".
الفرضية الأولى تقول إنَّ السلطة خاضت غمار مواجهة لأعوام ثلاثة تقريباً على "جبهات التماس الأبراهامية" دون جدوى. لم يتوقف قطاع التطبيع في أولى محطتيه: أبو ظبي والمنامة، بل مر بالخرطوم والرباط، وما زالت تنتظره محطات جديدة، عربية وإسلامية، فيما علاقات الدول المطبعة، بعالميها العربي والإسلامي، لم تتأثر قيد أنملة، وكل ما انتهى إليه الأمر هو فتور في علاقات المنظمة والسلطة مع هذه الأطراف، من دون أن تترتب عليها أي عواقب أو عقابيل.
الفرضية الثانية تقول إن المحطة التالية لقطار التطبيع ليست كسابقاتها، فهي بوزن السعودية وموقعها ومكانتها في الساحات العربية والإسلامية والعالمية، وليس من السهل على أي طرف، كالسلطة مثلاً، أن يستعدي المملكة، ولا سيما أن الأخيرة وضعت لائحة طويلة وصعبة من الشروط والمتطلبات لاستقبال قطار التطبيع في عاصمتها.
ومن بين هذه الشروط والمطالب ما يتعلق بالفلسطينيين وسلطتهم، وهي من النوع الذي لا تطمح السلطة في أحسن حالاتها إلى ما هو أكبر منه وأبعد منه.
الخشية من صدام مع قوّةٍ بحجم السعودية والرغبة في تفاديه، والرهان على قدرة الرياض على إتمام "صفقة ما" فلسطينياً، تمكّن السلطة، وتعزز نفوذها، وتوسع من نطاق سيطرتها ووظائفها، تقف في صدارة العوامل التي تفسر هذا الانتقال من رفض التطبيع إلى محاولة توظيفه والرهان عليه والتعلق به كما يتعلق الغريق بقشة.
والحقيقة أنها "قشّة" لا أكثر ولا أقل، فكل التقديرات والمعطيات تشير إلى أن التفكير الأميركي-الإسرائيلي ينحصر في رزمة تسهيلات يمكن أن تُمنح للسلطة فتمنع انهيارها، استجابةً للشق الفلسطيني من الشروط السعودية للتطبيع لا أكثر ولا أقل.
فالحديث هنا لا يدور عن "مبادرة سلام عربية" ولا عن "حل الدولتين"، والمؤكد أن فكرة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها "القدس الشرقية" ليست على جدول أعمال أحد، حتى بعد تسمية السفير السعودي في رام الله وتسليم أوراق اعتماده قنصلاً عاماً في القدس.
الفرضية الثالثة تقول إنَّ واشنطن لا تمتلك (حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً) خطة استراتيجية لحل شامل ونهائي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. كل ما تحتويه جعب الموفدين الأميركيين للمنطقة لا يتخطى معادلة "التهدئة/الأمن مقابل الاقتصاد/التسهيلات"، وحزمة من إجراءات بناء الثقة، تقوم أساساً على تمكين السلطة من استعادة دورها الأمني وتفعيل التنسيق والوكالة الأمنيين نظير تسهيلات اقتصادية هنا وترتيبات انتقاليه هناك.
الإدارة الأميركية في سنيها الثلاث الأولى وضعت نُصب عينيها هدفاً رئيساً واحداً: إقناع الأردن والسلطة بالالتحاق بـ"المسار الإبراهيمي"، فمقاطعتهما "مسار النقب" لم يقدم ولم يؤخر، وهما متضررتان من البقاء خارجه...
وقد نجحت واشنطن في إعادة دمج الأردن بهذا المسار من بوابة أمنية: "العقبة – شرم الشيخ"، واقتصادية: "صفقة الماء مقابل الكهرباء"، فيما يجري العمل حثيثاً لاستلحاق السلطة بهذا المسار عبر بوابة التسهيلات الاقتصادية والترتيبات الأمنية.
وستقدم العلاقة المتميزة بين عمان وأبوظبي لرام الله بوصفها تجسيداً لمنطق التمييز بين الفعل والفاعل، فعمان التي تضررت من "صفقة القرن1" وذيولها المتمثلة بمسار "اتفاقات أبراهام" تحتفظ في الوقت عينه بأفضل العلاقات وأكثرها حميمية مع أبوظبي والمنامة، وليس ثمة سبب واحد يدعو إلى الاعتقاد بأن ما يصح لعمان لا يصح لرام الله.
الفرضية الرابعة تقول إن السلطة تخوض منذ عام تقريباً معركة حياتها على جبهتين؛ الأولى، جبهة أقصى اليمين الإسرائيلي الذي لا يرى مصلحة لـ"إسرائيل" في وجودها وبقائها، ويفضل عليها "روابط مدن عميلة" تتبع الإدارة المدنية الاحتلالية... والأخرى جبهة المقاومة الجديدة والمتنامية في الضفة الغربية التي ترى فيها السلطة تهديداً وعبئاً لا ذخراً وسنداً...
إن التهديدين، على اختلاف مصادرهما ومن دون الوقوع في شرك المقارنة، ينظران بقلق إلى محاولة واشنطن إتمام "صفقة القرن 2" بين الرياض و"تل أبيب". الطرف الأول يخشى أن تحد الصفقة من أحلامه التوسعية السوداء، والفريق الآخر يعتبرها طعنة في ظهر المشروع الوطني المقاوم... السلطة اختارت السير في ظلال المملكة وتحت جناحها، حتى وهي تخطو بحذر نحو تطبيع محتمل مع "دولة" الاحتلال والاستيطان والعنصرية.
في "نقلتها" الجديدة من رفض التطبيع إلى توظيفه، تجد السلطة تشجيعاً ودعماً من أقرب حلفائها في الساحتين العربية والدولية، فهذه المقاربة تنسجم مع طروحات عمان والقاهرة، وتُطرب واشنطن وبروكسل، وتلقى قبولاً في بكين وموسكو، ولا تواجه بمقاومة جدية من فرقاء محور الممانعة الذي تتجه أطرافٌ منه، وبقوة، نحو الانفتاح على المملكة (اتفاق بكين وقمة جدة وحضور الأسد وزيارة وفد حماس للسعودية في رمضان الفائت)، فهذه الأطراف ستظل على موقفها الرافض للتطبيع، ولكنها ستفضل التمييز بين الفعل والفاعل، وستظل حريصة على أفضل العلاقات مع الرياض.
هي صفحة طويت في سياسات السلطة وممارساتها حيال مسألة حساسة وشائكة كالتطبيع مع "إسرائيل"، لتفتح صفحة أخرى بدلاً منها، لا مكان فيها لمعارك مع المطبعين الجدد، بل ربما تسجل بداية لمصالحات مع المطبعين القدامى.
*عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية
المصدر | الميادين نتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين السعودية التطبيع السلطة الفلسطينية اتفاقات أبراهام حل الدولتين دولة فلسطينية القدس الشرقية السلطة الفلسطینیة التمییز بین إلى محاولة تقول إن
إقرأ أيضاً:
كييف ترفض إرسال مفاوضيها إلى السعودية.. ماذا تتضمن صفقة «ترامب» لدعم «زيلينسكي»؟
أكد الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، “أن أوكرانيا لن تكون حاضرة في الاجتماع المقرر عقده في المملكة العربية السعودية بشأن تسوية النزاع”.
وقال بودولياك: “ليس هناك شيء على الطاولة يمكن مناقشته”، وزعم “زيلينسكي” نفسه أيضا أن كييف لم تتم دعوتها”.
كما صرح فلاديمير زيلينسكي على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، بأنه “يتوجب على أوكرانيا أن تقرر من يجب أن يكون على طاولة المفاوضات لتسوية الصراع الذي تشارك فيه”.
وقال تعليقا على تصريحات المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لأوكرانيا وروسيا كيث كيلوغ: “سنرى. الحرب ليست في الولايات المتحدة ولا في الاتحاد الأوروبي، الحرب في أوكرانيا. لذلك أعتقد أن أوكرانيا يجب أن تأخذ زمام المبادرة في مسألة من يجب أن يكون على طاولة المفاوضات”.
هذا وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال في وقت سابق، إن “المحادثة ستجري بمشاركة روسيا الاتحادية والولايات المتحدة وأوكرانيا في نهاية فبراير الجاري”.
كما أفادت وسائل إعلام نقلا عن مصادر أمريكية أن “مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى توجهوا إلى السعودية لبدء محادثات مع مفاوضين من روسيا وأوكرانيا في الأيام القليلة المقبلة”.
ووفقا لصحيفة “بوليتيكو”، “سينضم مستشار الأمن القومي مايك والتز في الأيام القليلة المقبلة إلى وزير الخارجية ماركو روبيو والممثل الخاص للرئيس ترامب في الشرق الأوسط ستيف ويتكوف لبدء محادثات حول تسوية النزاع الأوكراني”.
وأشارت “بوليتيكو” إلى أن “المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى أوكرانيا كيث كيلوغ لن يكون حاضرا في الاجتماع، كما قالت المصادر إنه “لا توجد حاليا أي خطط لدعوة ممثلي القوى الأوروبية الكبرى للانضمام إلى المحادثات”.
وفي وقت سابق مساء السبت، أفادت وكالة “بلومبرغ” نقلا عن مصادر بأن اللقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب قد يعقد في السعودية في نهاية فبراير الجاري.
صحيفة أمريكية تكشف صفقة “ترامب” للرئيس الأوكراني
أشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، إلى أن “الصفقة التي عرضتها واشنطن على أوكرانيا تنص على استغلال مواردها الطبيعية في سداد قيمة الأموال والمساعدات الأمريكية التي تسلمتها، ولا تشمل دعما جديدا”.
وحسب الصحيفة فإن “الصفقة التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نصت فقط على حصول الولايات المتحدة على موارد أوكرانيا مقابل مساعدات عسكرية سابقة مقدمة ولم تتضمن أي مقترحات لمثل هذه المساعدات في المستقبل”.
وقال مسؤول أوكراني كبير للصحيفة، إن “كييف تحاول التفاوض على صفقة أفضل”، وأضاف أن “الرئيس الأوكرني فلاديمير زيلينسكي” مهتم أيضا بإشراك دول أخرى والاتحاد الأوروبي في استغلال الموارد الطبيعية في أوكرانيا”.
هذا “ورفض “زيلينسكي” مؤخرا التوقيع على الاتفاق الذي سلمه له وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، وقال إنه رفض طلب نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، التوقيع على اتفاقية الموارد المعدنية مع واشنطن، فيما ذكرت المصادر أن “ترامب” أراد من زيلينسكي التوقيع على الاتفاق التي أحضرها بيسنت معه إلى أوكرانيا قبل عودته إلى واشنطن.
وقبل أيام، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” نقلا عن أعضاء في الكونغرس، أن مسؤولين أمريكيين عرضوا على “زيلينسكي” منح الولايات المتحدة 50% من الموارد المعدنية التي لم يتم استخراجها بعد في أوكرانيا”.