بين الطيونة والكحالة والقرنة السوداء.. ماذا لو كان الامام موسى الصدر بيننا؟
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
هو ذاك الغريب غير المنسي، الذي مرّ على تاريخ بلد افترسته الطائفية والفساد والاحزاب، فشكل نهجا وانتماء برؤية مختلفة. واليوم، تمر الذكرى السنوية الخامسة والأربعين لتغييب الامام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب وعباس بدرالدين. فماذا لو كان بيننا اليوم حقا؟
ربما واحدة من أشهر الاقوال للسيد موسى الصدر عندما قال: "امنيتي تحويل النظام الطائفي في لبنان الى نظام ديمقراطي يعتمد على الكفاءات، ولا اقول نظاما علمانيا، لان بين الطائفية والعلمنة النظام المتدين".
بائع البوظة
هو رجل الدين الشيعي الذي كان له خطوات لافتة تجاه المسيحيين ليس فقط في لبنان بل في الشرق الاوسط ايضا.. وذلك لم يكن تنظيرا بل حركة موثقة على الارض بخطوات ثابتة لرجل استثنائي. والجميع يعلم تلك الرواية لبائع البوظة في صور الذي شكا من فتوى لرجل دين تحرّم أكل المسلمين البوظة من متجر لشخص مسيحي، فنزل الامام الصدر بعد صلاة يوم جمعة على الارض ودعا المصلين لتناول البوظة عند البائع المسيحي.
وتلك الرواية ايضا، عندما كثرت المشاكل في البقاع مع اهالي دير الاحمر وشليفا والمناطق المسيحية، حينها أطلق الامام الصدر الشعار الشهير: "من يطلق النار على دير الاحمر... كأنه يطلق النار على عمامتي وجبتي ومحرابي"، وزار بعدها تلك المناطق بخطاب عقلاني متفهم ترك اثرا ايجابيا على المنطقة.
غياب الحوار
كان الامام الصدر يعي تماما خطورة ما يحصل وما سيكون مستقبل البلد في ظل غياب الحوار والوحدة، فقدم مشروعا اصلاحيا ولكنه اصطدم بكثير من العراقيل التي وضعها المستفيدون من ضرب نهج الحوار في مقابل كثر ممن أرادوا وحلموا حقا بالوصول الى دولة حقيقية تقوم على الانسان اول بعيدا من اي خلفية سياسية. فحلم ببناء دولة المواطنة واحترام الانسان وحقوقه وكرامته بما يليق بفكر المساواة ودولة الحق والواجبات بين المواطنين، وليس دويلات المحاصصات والمناطقية والمذهبية.
والامام الصدر هو صاحب مقولة "ستمر علينا محن ونعيش في عالم تملأه الذئاب"، وهو من قال: "سأبقى القلم الذي لا يذرف الا بحبر الحقيقة مهما كانت مرة"، وصاحب مقولة "الطائفية في لبنان بحث سياسي وليس بحثاً دينياً".
واليوم، كم يشبه ما نعيش تلك المرحلة التي كان يتنقل فيها الامام الصدر بين المناطق داعيا للحوار ونبذ الفتنة، في ظل غياب اصوات عاقلة بل منابر متشنجة وخطابات فتنوية في كل مرة يُصاب فيها السلم الاهلي بزعزعة ما على الارض، كما حدث في الطيونة والكحالة والقرنة السوداء، فماذا حقا لو كان الامام الصدر موجودا بيننا اليوم؟
الطيونة والكحالة
وما بين الطيونة والكحالة والقرنة السوداء، وغيرها من المناطق اللبنانية التي فشلت وتفشل مرات كثيرة في اختبار العيش المشترك، مهما كانت الظروف والمعطيات المؤدية لاسباب الحوادث المتفرقة ومهما كان من على صواب أو خطأ، فان النتيجة واحدة.. رفع السلاح بوجه الاخر وسقوط الدماء.
واليوم، ربما قلائل جدا من هم على قدرة على التفرد بأداء صوت العقل الذي كان يقدمه الامام الصدر في مراحل البلد الحساسة والتوترات الطائفية، ومن له القدرة ايضا على القراءة الصحيحة لمستقبل الاحداث في البلد، حيث كان الامام الصدر متفردا في قراءة ما سيحصل ولمس برؤية استباقية مستقبل البلد، بما يجعلنا نفكر بحاجتنا اليوم الى هذا النهج في زمن الصعاب وخصوصا من قبل رجال الدين لوقف وتجنب اي توتر طائفي على الارض.
وما بين الامس واليوم، حتما ستبقى هذه الذكرى خالدة، لرجل غريب غير منسي في قلوب كثيرين، الى حين أن تظهر الحقيقة.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
غزة ولبنان وإيران.. ماذا سيفعل ترامب؟
تنتظر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب العديد من الملفات التي تستوجب حلا في المنطقة، لا سيما في ظل الصراع المتصاعد في كل من غزة ولبنان.
وتحتاج المنطقة التي تعاني من تحديات أمنية وسياسية معقدة، إلى استثمارات دبلوماسية وجهود تنسيق دولية لضمان الاستقرار.
ومع بلوغ حرب إسرائيل في غزة عامها الأول، وفتح جبهة جديدة في لبنان، وظهور تصعيد مباشر وشيك بين إسرائيل وإيران، يأمل الجميع أن يتبنى الرئيس الأميركي المقبل دورا أكثر جرأة.
ويعتبر ترامب بشكل عام داعما قويا لإسرائيل، وخلال فترة رئاسته السابقة، نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وهو ما أثار غضب الفلسطينيين.
لكنه انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصراحة وقال إن إسرائيل عليها "إنهاء مهمة" الحرب بسرعة.
ورغم أن ترامب في كل أحاديثه يحاول إظهار قدر حبه الكبير لإسرائيل، فإنه أيضا يدلي بتصريحات تنتقد اليهود إلى درجة أن البعض اتهمه بمعاداة السامية.
وتعهّد ترامب مرارا بالعمل من كثب مع القيادة الإسرائيلية إذا ما فاز بالانتخابات الرئاسية المقرّرة في 5 نوفمبر.
وخلال زيارته للكونغرس الأميركي في نهاية يوليو، وجّه نتنياهو تحية حارة جدا إلى ترامب، وشكره على "كلّ ما فعله من أجل إسرائيل".
أما فيما يخص لبنان، فقد صرح ترامب قبل 3 أيام فقط من الانتخابات الرئاسية أن الوقت حان لإنهاء الصراع الإسرائيلي اللبناني.
وأضاف ترامب "أعرف الكثيرين من لبنان وعلينا إنهاء هذا الأمر برمته".
وقبلها بأيام، قال ترامب في تغريدة على منصة "إكس": "خلال فترة إدارتي كان هناك سلام في الشرق الأوسط، وسوف ننعم بالسلام مرة أخرى قريبا جدا! سأصلح المشاكل التي تسبب فيها (نائبة الرئيس منافسته الديمقراطية) كامالا هاريس و(الرئيس) جو بايدن، وأوقف المعاناة والدمار في لبنان".
وأضاف: "أريد أن أرى الشرق الأوسط يعود إلى السلام الحقيقي. السلام الدائم. وسننجز ذلك بشكل صحيح حتى لا يتكرر كل 5 أو 10 سنوات. سأحافظ على الشراكة المتساوية بين جميع المجتمعات اللبنانية".
ولم يذكر ترامب خططه بشأن "وقف الدمار في لبنان".
ماذا عن إيران؟
وفيما يتعلق بإيران، أوضح ترامب أنه سيعود إلى سياسة الضغط الأقصى على إيران، ربما للتوصل إلى اتفاق جديد مع طهران أو لتقييد إيران أكثر.
وقد قاد إدارته عندما كان رئيسا إلى الإنسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، المعروفة أيضا باسم الاتفاق النووي الإيراني.
وأكد ترامب أن هذا النهج وضع ضغوطا اقتصادية على إيران وقلل من قدرتها على تمويل الجماعات التي تعمل بالوكالة عنها.
وأشار مستشاروه أيضا إلى أنهم سيمددون حملة الضغط القصوى ويوفرون الدعم الكامل للمعارضة الإيرانية والنشطاء.
ومع ذلك، من دون أهداف واضحة أو استعداد للتفاوض مع طهران لاحتواء المزيد من التطورات النووية، قد تكون النتيجة جولة جديدة من عدم الاستقرار.