الخليج الجديد:
2024-09-18@08:46:13 GMT

تونس.. حركة النهضة في منعطف خطير

تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT

تونس.. حركة النهضة في منعطف خطير

تونس.. حركة النهضة في منعطف خطير

حافظت النهضة على انضباط أبنائها وتمسكهم بالقانونية والشرعية والسلمية.

في غياب رؤية واضحة للمستقبل، يمكن أن يحصل تصعيد ما من هذه الجهة أو تلك، من شأنه خلط الأوراق والتمهيد لسيناريوهات غير متوقعة.

لا توجد مؤشرات على وجود نهضويين يفكرون في اللجوء إلى العنف، وهذا أمر جيد بحد ذاته رغم اعتقال رئيس الحركة وأهم قادتها بدون تهم واضحة.

الخلاف يتمحور حول مسألتين أساسيتين: عقد المؤتمر من عدمه، وثانيا تنفيذ القانون الداخلي الذي يقتضي منع الغنوشي من الترشح مرة أخرى لرئاسة الحركة.

عقد مؤتمر الحركة وترشح الغنوشي مسألتان مترابطتان تؤدي كل منهما مهما كان الاختيار لخسائر سياسية فادحة لحركة النهضة بمرحلة حرجة ستفيد السلطة كثيرا بالأشهر القادمة.

يُخشى أن ينقلب الصراع مع قيس سعيد كرئيس قام بالانقلاب على الانتقال الديمقراطي واستحوذ على جميع الصلاحيات، إلى عداء مفتوح مع الدولة ومؤسساتها الشرعية.

* * *

كتب أحد الكوادر الفاعلة داخل حركة النهضة تدوينة لم ترق للبعض، وأثارت جدلا واسعا في الصفوف؛ جاء في تدوينة المحامي سامي الطريقي متوجها بالخطاب إلى أبناء الحركة ما يلي:

"لا تنساقوا وراء خطاب ترذيل الدولة مهما كان الخلاف جديا. فسواء كنا في السلطة أو في المعارضة، فإنه يجب علينا ألا ننساق وراء خطاب يضعف الدولة؛ لأنه لو سقط سقفها فسوف يسقط على الجميع".

رغم أن صاحب هذا الرأي يعتبر من المقربين جدا لرئيس الحركة ومدافعا شرسا عنه، إلا أنه مع ذلك تعرض لحملة شرسة من داخل الحركة، بلغت حد اتهامه بالخيانة، والتنسيق مع دوائر السلطة من أجل التخلي عن الغنوشي خلال مؤتمر الحركة القادم الذي يجري الإعداد له.

ورد عليه العديد من إخوانه بقولهم: "من قام بترذيل الدولة هو قيس سعيد وليست النهضة". وهو ما يؤشر على أن أجواء المؤتمر ستكون مشحونة، في ظل تجاذبات بين تيارات متصارعة بعد أن استوت الرؤوس في غياب القادة التاريخيين للحركة.

هذا الجدل/ الصراع "الداخلي" الذي تسرّبت أصداؤه عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ يعكس الحيرة الجماعية التي يمر بها عموم النهضويين في هذا الصراع الذي يخوضونه دون استعداد مسبق، وبلا تخطيط واضح.

فالرئيس سعيد بقراراته المتتالية وإصراره على إلغائهم من المشهد الوطني، نجح إلى حد ما في تعميق التناقضات في صفوفهم، وأربك مسارهم بشكل جلي، وجعل منهم، رغم ثقلهم العددي، جسما سياسيا غير قادر حاليا على التأثير في موازين القوى.

ما يُخشى الآن، هو أن ينقلب الصراع مع قيس سعيد بصفته رئيسا متهما بالانقلاب على الانتقال الديمقراطي، والاستحواذ على جميع الصلاحيات، إلى عداء مفتوح مع الدولة ومؤسساتها الشرعية.

إذ يفترض بأن أفراد الحركة على وعي عميق بوجود حد فاصل بين الرئيس والدولة؛ يمكّنهم كحزب معارض أن يعتبروا قيس سعيّد رئيسا "اغتصب السلطة دون حق"، وأن يخاصموه على هذا الأساس.

لكن ما يُخشى في المقابل، هو التورط في بناء خطاب احتجاجي سقفه عال جدا، يتجاوز ما يقوم به رئيس الدولة وما يفعله، ليشمل مؤسسات الدولة فيتم ترذيلها، والحط من شأنها، والتقليل من رمزيتها، والاستخفاف بأهميتها، وذلك في سياق المعركة السياسية الدائرة حاليا مع الرئيس!

حتى لو اعتبرنا أن هذا الرئيس تجاوز بعض الخطوط الحمراء، ووضع نفسه فوق المحاسبة، فهناك من يعتقد بأن الدولة "انهارت يوم 25 تموز/ يوليو 2021"، ومن ثم لا توجد حاليا دولة شرعية، وإنما نحن أمام "دولة الانقلاب".

هذا موقف يضع أصحابه أمام نتائج خطيرة، من شأنها أن تفضي إلى خيارات مغايرة تماما لما تبنته قيادة النهضة، خاصة بعد الثورة.

فالسلطة التي انحرفت عن القانون، لا تواجَه باللجوء بطرق ووسائل غير قانونية، والسلطة القامعة، لا يعتبر سلوكها منطلقا لتبرير خروج معارضيها عن نواميس المقاومة السلمية، وتبنيهم لخطاب غير أخلاقي؛ لأن ذلك من شأنه أن يدفع بالسلطة إلى مزيد التصعيد واللجوء إلى وسائل أشد تنكيلا وانغلاقا، عندها تدخل البلاد في دوامة يصعب الخروج منها.

بالعودة إلى الماضي القريب وتحديدا في مطلع التسعينيات عندما انفجر الصراع بين النهضة ونظام بن علي، شرعت القيادة لأبناء الحركة باللجوء إلى ما سمي بحرية المبادرة، ففتحت بذلك المجال إلى ممارسات خطيرة كادت أن تحولها إلى تنظيم إرهابي.

وما حادثة باب سويقة، وإلقاء ماء الفرق (ماء النار) على الخصوم، وحرق مقرات حزب التجمع الدستوري، سوى أمثلة دالة على خطورة المنعرج الذي كلف النهضويين الكثير، وجعلهم يتيهون في الصحراء لمدة عشرين سنة.

موضوعيا، لا توجد مؤشرات على وجود نهضويين يفكرون في اللجوء إلى العنف، وهذا أمر جيد بحد ذاته، رغم اعتقال رئيس الحركة وأهم قادتها بدون تهم واضحة.

فالحركة حافظت على انضباط أبنائها وتمسكهم بالقانونية والشرعية والسلمية، لكن في غياب رؤية واضحة للمستقبل، يمكن أن يحصل تصعيد ما من هذه الجهة أو تلك، من شأنه أن يؤدي إلى خلط الأوراق والتمهيد لسيناريوهات غير متوقعة.

خاصة أن الخلاف اليوم الذي يشق الصفوف، يتمحور حول مسألتين أساسيتين: عقد المؤتمر من عدمه، وثانيا تنفيذ القانون الداخلي الذي يقتضي منع الغنوشي من الترشح مرة أخرى لرئاسة الحركة.

وهما مسألتان مترابطتان ستؤدي كل منهما مهما كان الاختيار، إلى خسائر سياسية فادحة في مرحلة حرجة، وهو وضع ستستفيد منه السلطة كثيرا خلال الأشهر القادمة؛ لأن المعركة بين الطرفين ستطول كثيرا، وستكون لها تداعيات خطيرة على أكثر من صعيد.

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط تونسي في المجتمع المدني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تونس انقلاب العنف الغنوشي حركة النهضة مؤتمر الحركة قيس سعيد المقاومة السلمية

إقرأ أيضاً:

موقف مصر الثابت من سد النهضة وأهمية تعزيز التعاون الدولي

أكد بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، أن مصر لن تتنازل عن قطرة مياه واحدة من نهر النيل، مشيرًا إلى أن حجم المياه التي تصل إلى مصر سنويًا لا يكفي لتلبية أكثر من 60% من احتياجاتها المائية. 

وأوضح عبدالعاطي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري، بيتر سيارتو، الذي يزور القاهرة، أن مصر بحاجة إلى التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم مع إثيوبيا بشأن تشغيل وإدارة سد النهضة، نظرًا لأهمية هذا الملف للأمن المائي المصري.

تأكيد موقف مصر الثابت

خلال المؤتمر، شدد عبدالعاطي على أن الأمن المائي لمصر يمثل أولوية قصوى. وقال: "لا مجال للتنازل عن قطرة مياه واحدة، لأن المعدلات الراهنة لا تكفي احتياجات الدولة." 

وأكد الوزير أن مصر تعمل على تعزيز إمكانياتها في مجال الطاقة لتصبح مصدرًا رئيسيًا لإنتاج وتصدير الطاقة. 

وأشار إلى أن هناك خططًا استراتيجية لزيادة القدرة على توليد الطاقة، بما في ذلك الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النظيفة، بالإضافة إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره.

التعاون المصري المجري في مجال الطاقة

تضمن اللقاء مع نظيره المجري بحثًا موسعًا حول سُبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الاستثمار والطاقة. 

وأوضح عبدالعاطي أن هناك اتفاقًا بين مصر والمجر على مضاعفة الاستثمارات المجرية في مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع الطاقة. 

وقد تناولت المحادثات أيضًا سُبل التعاون في إنتاج وتصدير الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة، التي تمثل جزءًا أساسيًا من رؤية مصر المستقبلية.

الوضع في غزة والضفة الغربية

ناقش المؤتمر أيضًا الأوضاع الكارثية في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث أكدت المناقشات على أهمية التوصل إلى وقف فوري للعدوان وإطلاق النار.

دعا عبدالعاطي إلى سرعة التوصل إلى صفقة تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن والأسرى المحتجزين، وضمان دخول المساعدات الإنسانية والطبية بشكل غير مشروط. 

وركزت المحادثات على الحاجة الملحة لتقديم الدعم الإنساني العاجل في هذه المناطق المتأثرة بالأزمات.

الأزمات الإقليمية والملفات الساخنة

تناولت المناقشات أيضًا العديد من الأزمات الإقليمية التي تحيط بمصر. فيما يتعلق بالأزمة الليبية، شدد عبدالعاطي على أهمية التوصل إلى اتفاق سريع لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، مع التأكيد على ضرورة تسوية الأزمة الليبية بعيدًا عن التدخلات الخارجية.

أما بالنسبة للأزمة السودانية، فقد أوضح عبدالعاطي أن النقاشات تطرقت إلى الأعباء الكبيرة التي تتحملها مصر في استيعاب ملايين اللاجئين من السودان وسوريا وليبيا واليمن وفلسطين. 

وأكد أن هناك تقديرًا مجريًا وأوروبيًا للدور الكبير الذي تقوم به مصر في استضافة أكثر من 10 ملايين ضيف على أراضيها، رغم التحديات الاقتصادية الكبيرة.

الدعوة لزيادة الاستثمارات الأوروبية

حث عبدالعاطي على ضرورة مضاعفة الاستثمارات الأوروبية في مصر، لتتمكن من التعامل مع الأعباء الاقتصادية وتقديم الدعم اللازم للضيوف من الأشقاء المتواجدين على أراضيها. 

وأشاد بالدور الذي تلعبه مصر في إدارة الأزمات الإنسانية واستقبال اللاجئين، مشددًا على الحاجة إلى دعم دولي أكبر لمواجهة هذه التحديات.

إشادة بالدور المصري في مكافحة الهجرة غير الشرعية

من جهته، أثنى وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري، بيتر سيارتو، على الدور الذي تلعبه مصر في مكافحة الهجرة غير الشرعية، مؤكدًا أن مصر تعد الحاجز الحامي والستار الواقى لجنوب القارة الأوروبية. 

وأشار إلى أن المجر تحترم الجهود المصرية في وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية، مما يعزز من التعاون بين البلدين في هذا المجال الحيوي.

مقالات مشابهة

  • موقف مصر الثابت من سد النهضة وأهمية تعزيز التعاون الدولي
  • الحركة الصهيونية.. وأبعادها الاستعمارية
  • قيس سعيد يتهم جهات أجنبية بالسعي لإفشال حركة التحرر الوطني في تونس
  • اتحاد المحامين العرب: تعديل الحوثيين قانون السلطة القضائية مساس خطير باستقلالية القضاء وحرية مهنة المحاماة
  • مدبولي: توليت الحكومة في منعطف حرج واستهدفنا إعادة مصر إلى المسار الصحيح
  • «الحركة الوطنية»: الدولة نجحت في توفير بيئة متكاملة للصانع المصري والأجنبي
  • غليان في تونس قبل أسابيع من انتخابات الرئاسة.. الاحتجاجات تقلب الموازين
  • قيادي بحماس: الحركة تريد "حكما فلسطينيا مشتركا" لقطاع غزة بعد انتهاء الحرب
  • بالصور.. قيادات حركة العدل والمساواة السودانية تلتقي عضوية الحركة بامبدة
  • «الجنجويد» القادم.. «حركات محاصصة جوبا حليفة الحركة الإسلامية»