تقرير: ما الذي يدور في دهاليز الشرعية.. وهل بدأت الخلافات الخفية تظهر إلى السطح؟
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
تقرير يسلط الضوء على تحركات عضو مجلس القيادة الرئاسي عثمان مجلي ومطالبه بالتحقيق مع رئيس الحكومة د. معين عبدالملك..
كيف وصلت الأزمة إلى هذا المستوى العلني والفاضح.. وهل بات الوضع خطيرًا؟
ما حقيقة الاتهامات الموجهة لرئيس الحكومة.. وكيف سيتم التعامل معها؟
التردي الخدمي والمعيشي.. ألا يجعل الحكومة ورئيسها في موضع المسئولية والمساءلة؟
هل هناك تقصير حقيقي.
علاقات معين القوية بالرياض.. كيف ستنفذه من هذه الأزمات والاتهامات الحادة؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
لم يكن مفاجئًا الهجوم الصريح والحاد الذي شنه عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، عثمان مجلي، على رئيس الحكومة اليمنية الدكتور معين عبدالملك، ومطالب الأول بإحالة الأخير إلى التحقيق على خلفية اتفاقيات وقرارات "مخالفة"، بالإضافة إلى التدهور الخدمي والمعيشي الذي فشلت حكومة معين في كبح جماحه.
وما يجعل الرسالة التي وجهها مجلس إلى رئيس المجلس الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي غير مفاجئة، هي أنها جاءت في ظل سخط شعبي عارم على سياسات الحكومة الفاشلة، التي لم تقوَ على إصلاح انهيار العملة المحلية أو توفير الخدمات العامة وأساسيات للحياة للمواطنين.
كما أنها جاءت عقب تحرك برلماني برئاسة رئيس مجلس النواب اليمني سلطان البركاني، وتكليف لجنة برلمانية بالتحقيق مع الحكومة في ما أسمته بـ "المخالفات الخدمية" التي طالت قطاعات عديدة في المناطق المحررة، وخلصت اللجنة إلى منح الحكومة أسبوعين كمهلة لمعالجة وتصحيح الاختلالات التي حدثت في قطاعات الكهرباء، النفط، لاتصالات والجوانب المالية الأخرى.
وسبق كل ذلك حادثة حصار رئيس الحكومة في قصر معاشيق الرئاسي غداة عودته إلى عدن، من قبل قوات ألوية العمالقة التي يقودها عضو المجلس الرئاسي أبو زرعة عبدالرحمن المحرمي، وهو نفسه الذي سبق وهاجم رئيس الحكومة في مناسبة سابقة واتهمه بالفساد والمخالفات المالية.
كل تلك الأحداث هي من جعلت مطالب مجلي بالتحقيق مع معين أمرًا عاديًا وغير مفاجئ على خلفية التدهور والمخالفات الخدمية والمعيشية التي يكتبها الناس، لدرجة أن رسالة عضو المجلس الرئاسي كان شديدة اللهجة، وحملت رئيس المجلس الدكتور العليمي مسئولية عدم التعاطي مع ما جاء في الرسالة، والإسراع بالتحقيق مع رئيس الحكومة.
مطالب مجلي في رسالته بإحالة رئيس الوزراء معين عبدالملك استندت على كل ما له علاقة بالملفات المشمولة بتقرير ورسالة مجلس النواب للتحقيق وإلغاء كل الاتفاقيات والإجراءات التي وقعت من قبلهم والتي تمس الثروات السيادية للدولة اليمنية، وفق وصفه.
مجلي صدّر رسالته بمتطلبات شعبية وتشريعية، وقال فيها: "براءةً للذمة أمام شعبنا اليمني الذي يعاني جراء هذه الممارسات الكارثية واحترامًا للمؤسسة التشريعية التي أقسمنا أمامها باحترام الدستور والقانون ووضع مصلحة الشعب اليمني فوق كل المصالح الضيقة والحفاظ على سيادة البلد"، بحسب ما تضمنته الرسالة.
وفي الحقيقة، فإن رسالة مجلس لم تكن سوى حلقة أخيرة في سلسلة طويلة من المطالب التي انطلقت شعبيًا عطفًا على تردي الخدمات وانهيار الوضع المعيشي، وتعاضدت هذه الظروف مع سخط برلماني من اتفاقيات وصفها أعضاء في مجلس النواب اليمني بأنها "مشبوهة" و "تمس سيادة البلد"، ولعل آخرها اتفاقية إنشاء شركة اتصالات إماراتية، دون إخضاع الاتفاقية للإجراءات القانونية المتبعة أو المناقصات الدولية، خاصة وأنها تستحوذ على مقدرات مزود الخدمة الوطني.
ومن المؤكد أن تكون هذه الاتفاقية التي دار حولها الكثير من الجدل هي "القشة التي قسمت ظهر البعير"، كما يقال، وجاءت بكل المتربصين برئيس الحكومة اليمنية، بما فيهم رجل الأعمال المقرب من السلطة أحمد العيسي.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن رسالة مجلي الحادة كشفت عن حجم الصراع والأزمة التي تعصف بقوام جبهة الحكومة الشرعية بكافة مكوناتها السياسية والعسكرية والقبلية، وأكدت أن الخلافات التي ظلت فترة طويلة تحت الطاولة بدأت تتصاعد مؤخرًا إلى السطح، وبشكل عاصف، قد يعصف معه بما تبقى من قوام للشرعية.
> خلافات الشرعية
وبمنأى عن رسالة مجلي، وتوصيات اللجنة البرلمانية ومهلتها للحكومة بتصحيح الأوضاع، كشفت تلك المستجدات عن خلافات عاصفة لا تقف عند حد معين في أروقة معسكر الشرعية اليمنية بكافة قواه ومكوناته المتناقضة، والتي وإن كانت أصواتها خافتة إلا التي تهالت مؤخرًا بصور مختلفة.
فبعد مرور أكثر من عام ونيف على تأسيس المجلس الرئاسي ما زالت التركيبة المتنوعة التي تشكل منها تثير الكثير من الخلافات في أروقة ودهاليز الشرعية اليمنية، وتصنع حالة من عدم الاستقرار السياسي في البلاد برمتها، انعكست على الوضع المعيشي والاقتصادي الذي مس حياة الناس البسطاء بالدرجة الأولى دون غيرهم.
لكن أن تصل الأزمة إلى هذا المستوى العلني حد الفضائح، وعبر وسائل الإعلام، فإن هذا لا يدل إلا عن أن الوضع داخل معسكر الشرعية الذي صار خطيرًا للغاية، وينذر بوجود تصدع قد يودي بالمجلس الرئاسي غير المتوافق ولا المتناسق برمته.
لم تكن الخلافات خافية على أحد، ولمن كافة قيادات المجلس الرئاسي كانت تداريها وإن اعترف بها فمن باب الأمور الاعتيادية التي يعاني منها البيت الواحد، ويتم حلها ومعالجتها داخل إطار هذا البيت، غير أن ما يحدث الآن لا يبشر بأن ما يجري أمرًا طبيعيًا أو صحيًا.
عملية الربط بين الاتهامات والمخالفات الموجهة لرئيس الحكومة وبين الخلافات العاصفة داخل المجلس الرئاسي ليس ضربًا من الخيال أو التلفيق، ولكن من سياق الاتهامات، ثمة تمترس من قبل بعض أعضاء المجلس مع/ وضد معين عبدالملك، وهذا ظهر على لهجة رسالة مجلي بمطالبة التحقيق مع رئيس الوزراء وتحذير على رشاد العليمي من المماطلة أو تعطيل هذه المطالب، ما يشير إلى أن ثمة من يقف مع معين في وجه الطرف الآخر المطالب بإقالته أو التحقيق معه.
بالإضافة إلى أن ما قام به عضو المجلس الرئاسي المحرمي قبل أسابيع، ومحاولة حصار معين عبدالملك في الرئاسي قابلها تأييد شعبي عطفًا على ما يعانيه الشعب من مشاكل ومعاناة معيشية وخدمية متردية، في ظل استمرار رئيس الحكومة في منصبه، رغم مطالب إقالته نظرًا لفشل الحكومة في معالجة التدهور الحاصل.
وفي حقيقة الأمر، فإن الفشل الحكومي يلقي بآثاره على استقرار المجلس الرئاسي ويعبر عن وجود فشل ما في الضغط على الحكومة لعمل شيء تجاه التردي الخدمي والاقتصادي، وكبح جماح الانهيار الواقع في كل المجالات، وهو ما يبرر الهجوم على الحكومة ورئيسها ربما.
> ما حقيقة اتهام معين؟
منبع المشكلة الأساسية كانت القرارات والاتفاقيات التي عمل عليها الدكتور معين عبدالملك رئيس الحكومة، وعلى رأسها موضوع الشركة الإماراتية للاتصالات، واتهامات البرلمان اليمني بالمساس بالسيادة الوطنية، لكن هناك من يرى أن المشكلة نابعة مما لم يقم به وإن يعمله معين وحكومته أساسًا، وليس ما قام به من اتفاقيات.
فالاتهامات الموجهة للحكومة، وبالتالي رئيسها، تتعلق في المقام الأول، بالعجز عن توفير الخدمات والفشل في تحسين الأوضاع المعيشية، وهذا من المؤكد أنه ما يهم المواطنين البسطاء والسواد الأعظم منهم، بعيدًا عن الاتفاقيات التي تورط فيها معين لهذه الجهة أو تلك.
فالتردي الخدمي والمعيشي برأي كثيرين هو من يجب أن يضع هذه الحكومة ورئيسها في موضع المسئولية والمحاسبة، أما إذا صحت بقية المشاكل المتعلقة بالتورط في اتفاقيات مشبوهة أو مخالفة فذلك مجاله التحقيق والقضاء، ووفق الإجراءات القانونية، أما الفشل الخدمي والمعيشي فلا شيء يقابله سوى الإقالة بعد أن أثبتت الحكومة عجزها.
وفي اعتقاد كثيرين، أن خصوم معين وجدوا ضالتهم في الحقيقة الوحيدة المتمثلة حاليًا والتي لا تحتاج إلى أي دلائل، وهي العجز والفشل الخدمي والمعيشي، وهي البداية التي دفعت مخالفي معين عبدالملك إلى فتح ملفات أخرى تتعلق بموضوع السيادة والاتفاقيات المشبوهة مع شركات وجهات خارجية عديدة.
وهنا تبرز نقطة في غاية الأهمية، يتحدث فيها البعض عن إمكانية أن يكون هو "كبش الفداء" أمام كل هذا الفشل المنتشر في كافة أروقة الدولة وليس فقط الحكومة، وتحميله المسئولية كونه لم يأتِ من حزب قوي أو قبيلة بها وضعها، بغض النظر عن أن يكون معين والحكومة برمتها مدانة بالتقصير والفشل في خدمة المواطنين وإنقاذهم من التردي الخدمي، وهي إدانة حقيقية ولا يوجد فيها أي افتراء على معين أو حكومته.
في المقابل، يرى آخرون أن معين يمكن أن يستثمر علاقاته القوية بحليفته الرياض التي دفع به أولا ليكون وزيرًا قبل أن يصعد به على سدة الحكومة اليمنية، دون أن يمتلك خبرة سياسية وإدارية معتبرة، خاصة وأن كل تاريخ الرجل قادم من مشاركاته في ثورة الشباب خلال احتجاجات عام 2011، ومشاركته الفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل عامي 2013 و2014، بالإضافة إلى تواجده في لجنة صياغة الدستور اليمني الجديد الذي لم يكتب له الحياة بعد.
ومن المتوقع أن تتدخل حليفة معين بفرض رؤيتها، والإبقاء على رجلها في اليمن، أو على الأقل -في أسوأ الظروف- ضمان خروج مناسب يليق به ويحفظ ماء وجهه، في ظل كل هذه الأزمات والاتهامات التي تعصف بالحكومة ورئيسها.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: المجلس الرئاسی معین عبدالملک رئیس الحکومة بالتحقیق مع الحکومة فی التحقیق مع
إقرأ أيضاً:
الصول: الرئاسي ليس له علاقة بقانون المصالحة والبرلمان لن يرد على مخاطبته
أكد عضو مجلس النواب، علي الصول، أن المجلس الرئاسي ليس له علاقة بقانون المصالحة والبرلمان لن يرد على مخاطبته.
وقال الصول في تصريح لشبكة “لام”: “المجلس الرئاسي لا شرعية له وليس له علاقة بقانون المصالحة الوطنية، ومجلس النواب لن يرد على مخاطبة الرئاسي، واختصاص الرئاسي هو استلام ملف المصالحة الوطنية وليس تحويل القانون، فقانون المصالحة يأتي من لجان مجلس النواب بالتواصل مع الوزارات المختصة بالمصالحة”.
وأضاف “جميع الأعيان حضروا ملتقى المصالحة في بنغازي، ومن بينهم أعيان مدينة مصراتة، ونحن مستمرون في اعتماد قانون العدالة الانتقالية، والرئاسي لا يسوى شيئًا أمام الأعيان والقبائل الليبية، فالمجلس الرئاسي أخفق في مهمته الأساسية وهي توحيد المؤسسة العسكرية، وكذلك قانون المصالحة الوطنية، الذي أنفق عليه 200 مليون دينار ليبي دون تحقيق نتائج”.
وتابع “هل هناك مصالحة وطنية اجتماعاتها تُعقد خارج ليبيا؟ فنحن أصدرنا قانون العفو العام، ولا يوجد أي مبرر لإجراء مصالحة، ومن المتوقع أن تكون جلسة الاثنين المقبل لمجلس النواب حول اعتماد قانون العدالة الانتقالية، شاء أم أبى المجلس الرئاسي، وهذا من اختصاص مجلس النواب، و الرئاسي لا يستطيع إجبار مجلس النواب على اعتماد قانونه المحال”.
الوسومالبرلمان الصول المجلس الرئاسي قانون المصالحة ليبيا