اجتاحت الاحتجاجات المناهضة للحكومة جنوبي سوريا يوم الأربعاء للأسبوع الثاني على التوالي، مع تصاعد المطالب بالإصلاح الاقتصادي إلى دعوات لرحيل الرئيس، بشار الأسد.

وخرج المئات إلى الشوارع في السويداء والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة في حلب ودرعا ودير الزور وجبلة، احتجاجا على تدهور أوضاعهم المعيشية والاقتصادية وللمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين، وفقا لما أورده تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني وترجمه "الخليج الجديد".

وأدان المحتجون ما وصفوه بالفساد المستمر وسوء الإدارة، ومنهم شادي الدبيسي، وهو متظاهر يبلغ من العمر 25 عاماً من السويداء، قائلا: "يتعلق الأمر بمحاسبة بشار الأسد ومرتكبي جميع الانتهاكات، والدعوة إلى إطلاق سراح المعتقلين والمفقودين".

واندلعت الاحتجاجات بسبب قرار الحكومة بخفض دعم الوقود في وقت سابق من هذا الشهر، وتحفيزها الانخفاض المستمر في قيمة الليرة السورية.

ويتجمع المتظاهرون في ساحة الكرامة بالمدينة بشكل يومي، ويقطعون الطرق ويهتفون ويزيلون صور الأسد.

وأظهر أحد مقاطع الفيديو المتداولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي متظاهرين وهم يشعلون النار في صورة الأسد على لوحة إعلانية.

وبحسب الدبيسي، فهناك نحو 35 أو 40 نقطة تظاهر يتجمع فيها الناس، مشيرا إلى أن القوات الحكومية ردت على الاحتجاجات بالقوة، واستخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية لترهيب المتظاهرين في بعض المناسبات.

وأضاف: "حتى الآن، كل الخيارات مطروحة على الطاولة. لا أحد يعرف إلى أي مدى سنصل مع هذا النظام، ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أننا كشعب سنواصل المظاهرات والمطالبة برحيل النظام".

وذكر التلفزيون السوري أن إطلاق النار وقع في شهبا، شمال محافظة السويداء، دون تسجيل أي وفيات.

الكرامة والحرية

وفي سياق متصل، قال أسعد العمر، وهو متظاهر يبلغ من العمر 32 عاماً في السويداء، إن المظاهرات "سلمية حتى الآن، على الرغم من رد القوات الأمنية".

وأضاف: "نريد أن نعيش بكرامة وحرية.. حاليًا يحاول النظام استفزاز الناس لحمل السلاح وتخريب المنطقة، لكننا مسالمون".

وتابع العمر: "أهم مطلبنا هو إسقاط النظام واستعادة أرضنا. النظام باع الميناء والمطار وسوريا".

اقرأ أيضاً

نهايتان أمام الأسد.. انتفاضة درزية علوية غير مسبوقة تنتشر جنوبا

ويقول أبو علي، البالغ من العمر 66 عاماً، من درعا البلد، إنه يريد العيش "بكرامة وحرية" وأن يحكم سوريا نظام ديمقراطي، مضيفا: "مطلبنا الأول هو الدعوة إلى إطلاق سراح السجناء والكشف عن مصير المختفين قسرياً".

وأضاف: "بعد ذلك، نريد أن نرى تحسناً في الخدمات العامة كالكهرباء والمياه، وأن تتناسب أسعار الوقود مع دخل الشخص السوري العادي".

ويقول أبو علي إن الاحتجاجات لم تهدأ لأن الناس يرون أن الحكومة غير مناسبة لتلبية مطالبهم.

وأضاف: "كل هذه المطالب لا يمكن للنظام الحالي تلبيتها، وهي طلبات محقة. لذلك، لا يمكن حل مشاكلنا في سوريا إلا من خلال تغيير من هم في السلطة، وإعادة بناء البلاد وفتحها على بقية المنطقة، وكذلك الابتعاد عن روسيا وإيران".

وتذكر العديد من الهتافات التي ردد المتظاهرون في الاحتجاجات بتلك التي استخدمت خلال الانتفاضة السورية عام 2011.

وشاركت العديد من المتاجر في إضراب عام الأسبوع الماضي، تعبيرا عن الإحباط بسبب الصعوبات الاقتصادية المتزايدة وارتفاع أسعار السلع الأساسية.

ويقول عبد الكريم العمر، الناشط السياسي من إدلب، إن الاحتجاجات "دليل على إخلاص الشعب السوري للثورة وقيمها"، مضيفا: "لا يوجد حل على الإطلاق في سوريا سوى رحيل هذا النظام وتنفيذ القرار الدولي رقم 2254 الذي يبدأ بتشكيل مجلس حكم انتقالي".

وينحدر العديد من المتظاهرين من الطائفة الدرزية والأقلية العلوية، ولا يزال المئات منهم يخرجون إلى الشوارع.

وبينما التزمت السلطات السورية الصمت إلى حد كبير بشأن الاحتجاجات، كثفت قوات الأمن دورياتها في العديد من المناطق الساحلية.

انهيار الليرة

وانخفضت العملة السورية إلى حوالي 13800 ليرة مقابل دولار أمريكي واحد، لتواصل مسلسل الانهيار الذي بدأ في أعقاب انتفاضة 2011 ضد الرئيس الأسد.

ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن سوريا تمثل واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، حيث يوجد أكثر من 12 مليون سوري نازح وأكثر من 5.4 مليون يعيشون كلاجئين في البلدان المجاورة.

وتشير المفوضية إلى أن أكثر من 14.6 مليون شخص في البلاد بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، مع تدهور الوضع الاقتصادي بشكل كبير بسبب جائحة كورونا، وانخفاض قيمة الليرة السورية، وارتفاع التضخم وأسعار الوقود.

ومع فرض العقوبات الدولية على البلاد، وسيطرة القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة على حقول النفط الرئيسية، ثمة انقطاع متكرر للتيار الكهربائي لفترات طويلة، ما ساهم أيضًا في تزايد الإحباط لدى السوريين، الذين تُركوا دون سبل عيش أو خدمات أساسية أو دعم من الحكومة.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد سلطت الضوء على تدهور الظروف المعيشية في سوريا، في تقرير لها، أورد أن 90% من السكان يعيشون تحت خط الفقر وأن 12.4 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وأشار التقرير إلى أن الحكومة دمرت العديد من المنازل بالعديد من المناطق التي استعادتها، ولا يستطيع أصحابها تحمل تكاليف إعادة بنائها أو تجديدها.

اقرأ أيضاً

تطالب بإسقاط الأسد.. مظاهرات السويداء ودرعا تكمل أسبوعها الأول

المصدر | ميدل إيست آي/ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: سوريا بشار الأسد السويداء إدلب الليرة السورية العدید من فی سوریا

إقرأ أيضاً:

الخارجية السورية توجه دعوة للدبلوماسيين المنشقين عن الأسد

دعت وزارة الخارجية والمغتربين السوريين، الدبلوماسيين الذين انشقوا عن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى تحديث بياناتهم.

وقالت الوزارة في بيان، إنها تعمل حالياً على جمع وتحديث بيانات الزملاء الدبلوماسيين المنشقين عن وزارة الخارجية والمغتربين، إدراكا منها لأهمية تفعيل دورهم، وإيمانا منها بالدور الوطني الكبير الذي قاموا به في الانشقاق عن "النظام البائد" والوقوف "إلى جانب شعبكم وقضيته العادلة".

ودعت الوزارة الدبلوماسيين المذكورين إلى "تعبئة النموذج الذي أعد خصيصاً لهذا الغرض"، متعهدة بأن "جميع البيانات ستعامل بسرية تامة ولن تستخدم إلا في إطار تنظيم العمل الدبلوماسي المستقبلي والتواصل معكم بما يخدم المصلحة الوطنية".

وأضافت في بيانها "أن مساهمتكم في هذا الجهد خطوة مهمة نحو لمِّ الشمل وتنسيق الجهود في هذه المرحلة الدقيقة من مسيرتنا الوطنية".

وزارة الخارجية: بيان بخصوص الدبلوماسيين المنشقين عن النظام البائد.#سانا pic.twitter.com/Q9m82fKOBb

— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) April 21, 2025

 

إعادة هيكلة

وفي مطلع الشهر الجاري، أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بدء "إعادة هيكلة" السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج، غداة قراره إعادة سفيري دمشق من موسكو والرياض.

إعلان

وقال الشيباني في بيان، إن إعادة هيكلة السفارات والبعثات الدبلوماسية تهدف إلى ضمان تمثيل مشرف لسوريا وتقديم خدمات متميزة للمواطنين السوريين في الخارج.

وجاء البيان غداة إعلان مسؤول في وزارة الخارجية السورية، وفق تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية "سانا"، أن الشيباني أصدر "قرارا يقضي بنقل كل من سفيري الجمهورية العربية السورية في روسيا وفي المملكة العربية السعودية إلى الإدارة المركزية، وذلك في إطار حركة التغييرات الدبلوماسية التي بدأت توا".

ويبلغ عدد السفارات السورية -وفقا لموقع وزارة الخارجية السورية- 60 سفارة موزعة على 60 دولة، إضافة إلى قنصليات في عدد من الدول، وتتوزع على قارات أستراليا وآسيا وأوروبا وأفريقيا وأميركا الشمالية والجنوبية.

ويعد قرار الخارجية السورية بشأن بعثات البلاد الدبلوماسية الأولَ منذ بسط فصائل سورية في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

مقالات مشابهة

  • محافظ السويداء للجزيرة نت: الحكومة تتعاون مع الفصائل لضبط الأمن وتفتح الباب للاستثمار
  • سوريا .. اشتباكات دامية في حمص بين الأمن وفلول النظام السابق
  • الداخلية السورية تعتقل قياديا بمخابرات نظام الأسد
  • هل تقوم الحكومة السورية بحذف الأصفار من الليرة؟ جدل متصاعد
  • الأمم المتحدة: تعهدات بإتاحة وصول إنساني كامل إلى الفاشر ومخيم زمزم وسط تفاقم الأزمة
  • سوريا.. اعتقال ضابط كبير بمخابرات الأسد متهم بـ جرائم حرب
  • سوريا: القبض على أحد أبرز ضباط المخابرات الجوية في نظام الأسد
  • الحكومة السورية تصادر أملاك الجعفري.. وبيان عاجل من سفير سوريا لدي موسكو
  • الخارجية السورية توجه دعوة للدبلوماسيين المنشقين عن الأسد
  • صندوق النقد الدولي يشيد بمبادرة المركزي للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة