ماذا تفعل حتى لا تكون من المفلسين؟.. علي جمعة: تجنب 5 ذنوب
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
لاشك أن الإفلاس ليس بالأمر الذي يمكن تحمله، بل يمكن القول أنه أحرى للفزع منه، سواء في الحياة الدنيا أو بالآخرة ، وأيًا كانت صوره سيظل مرفوضًا ومكروهًا ، ولعل هذا ما يبين أهمية الاستفهام عن ماذا تفعل حتى لا تكون من المفلسين ؟ والذي يُعد مبحثًا لكل من يسأل الله تعالى العافية ، حيث إن الإفلاس بلاء وهلاك، من هنا ينبغي معرفة ماذا تفعل حتى لا تكون من المفلسين ؟.
ماذا تفعل حتى لا تكون من المفلسين
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - حذرنا ونهانًا عن الإفلاس، وذلك من خلال تجنب أسبابه المتمثلة في خمسة أفعال شائعة، وهي : ( الشتم- والقذف- وأكل أموال الناس بالباطل- والضرب - وسفك الدماء).
وأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: ( ماذا تفعل حتى لا تكون من المفلسين ؟)، بما ورد في سنن الترمذي، أنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ -صلى الله عليه وسلم- : إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاته، وصِيامٍه، وزَكاته، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُقْعُدُ فيقتص هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْتَص ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ).
وأضاف أن من شَنائعِ الأمورِ الَّتي يَغفُلُ عنها كَثيرٌ مِن النَّاسِ أنَّهم ربَّما يُحسِنون العباداتِ، إلَّا أنَّهم يَقترِفون معها الذُّنوبَ، والَّتي منها ما يَتعلَّقُ بحُقوقِ العبادِ، وسَوفَ يُحاسَبُ كلُّ إنسانٍ يومَ القيامةِ على ما عَمِل مِن خَيرٍ أو شَرٍّ، وفي هذا الحديثِ سألَ النَّبِيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَهُ رَضيَ اللهُ عنهم: «أَتدْرونَ»، أي: أَتعلَمونَ «ما المُفلِسُ» وما حَقيقتُه؟.
وأشار إلى أن هذا الاستفهامُ للتَّقريرِ وإخراجِ الجوابِ مِن المخاطَبِ؛ لِيَبني عليه الحُكمَ المرادَ، ولمَّا كان المقصودُ السُّؤالَ عن الوصفِ وليْس عن الذَّاتِ عبَّرَ بـ«ما» بدَلَ «مَن»، فَأجابوا: الْمُفلِسُ فِيما بيْننا وفيما نَعرِفُه هو مَن لا يملكُ مالًا، ولا متاعًا، أي: مِمَّا يَحصُلُ به النَّقدُ وما يُتمتَّعُ به مِنَ حَوائجِ وأغراضِ الدُّنيا، مثلُ: الأقمشةِ والجواهرِ والْمَواشي والعبيدِ، وأمثالِ ذلك.
وتابع: والحاصلُ: أنَّهم أجابوا بما عندَهم مِنَ العِلمِ بِحسَبِ عُرْفِ أهْلِ الدُّنْيا، كما يدُلُّ عليه قولُهم: «فِينا»، فقال لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّ المُفلِسَ مِن أُمَّتِي»، أي: المفلسُ الحقيقيُّ، أوِ المُفْلِس في الآخرةِ، هو «مَن يأْتي يوْمَ القيامةِ بِصيامٍ وصَلاةٍ وزكاةٍ» مَقبولاتٍ قدْ أدَّاها كما أمَرَه اللهُ، وذِكرُ هذه العباداتِ ليْس للحصرِ، بلْ هو تَمثيلٌ يَشمَلُ جميعَ الطَّاعاتِ.
واستطرد: ولكنَّه يَأْتي وقدْ شَتمَ هذا، أي: وَقعَ منه شَتْمٌ وسبٌّ لِأحدٍ، وقذَفَ هذا، وهو الاتِّهامُ بِالزِّنا ونحوِه، «وَأكَلَ مالَ هذا» بِالباطلِ، «وسفَكَ دمَ هذا» فأَراقَ دمَه بِغيرِ حقٍّ، «وضرَبَ هذا» مِن غيرِ استحقاقٍ، أو زيادة على ما يَستحِقُّه، وذِكرُ هذه السَّيِّئاتِ ليْس للحصرِ، بلْ هو تَمثيلٌ يَشمَلُ جميعَ المعاصِي، والمقصودُ جَميعُ حُقوقِ العِبادِ.
ونبه إلى أن المعنى: مَن جمَعَ بيْن تلك العِباداتِ وهذه السَّيِّئاتِ، فَيُعْطَى هذا المظلومُ بَعضَ حَسناتِ الظَّالِمِ، ويُعطَى المظلومُ الآخَرُ بعضَ حَسناتِه، فإنْ فَنِيَتْ حَسناتُه قبْلَ أن يُؤدِّيَ ما عليه مِنَ الحقوقِ، أَخَذَ الظالِمُ مِن سيِّئاتِ أصحابِ الحقوقِ، فَطُرحتْ على هذا الظالِم ووُضعَتْ عليه، ثُمَّ أُلْقِيَ ورُمِيَ في النَّارِ؛ كَي يُعذَّبَ بها بقَدْرِ استحقاقِه إنْ لم يُغفَرْ له.
ولفت إلى أن فيه إشعارٌ بأنَّه لا عَفوَ ولا شَفاعةَ في حقوقِ العبادِ إلَّا أنْ يَشاءَ اللهُ، فَيُرضِي المظلومَ بِمَا أرادَ، حتَّى إذا انتهَتْ عُقوبةُ تلك الخَطايا رُدَّ إلى الجنَّةِ إنْ كانت هناك حَسناتٌ باقيةٌ، وإلَّا فبَبركةِ الإيمانِ وبما كُتِب له مِن الخُلودِ، وفي الحَديثِ: بيانُ مَعنى المُفلِسِ الحقيقيِّ، وهو مَنْ أخَذَ غُرماؤُه أعمالَه الصَّالحةَ، وفيه: أنَّ القِصاصَ في الآخرةِ قدْ يَأتي على جميعِ الحسناتِ، حتَّى لا يُبقي منها شَيئًا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإفلاس علي جمعة الم ف ل س ى الله
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: تعظيم النبي أمر إلهي وليس اختراعا بشريا
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق، إن تعظيم النبي محمد ليس اختراعًا بشريًا، ولا بدعة أحدثها الناس، بل هو تعظيم أمر الله به، بل إن الله تعالى هو الذي عظّم نبيه قبل أن يأمرنا بتوقيره، قال تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾، وكلمة "على" تفيد التمكن والتمكين، مما يؤكد أن مكانة النبي من الله تعالى مكانةٌ عظيمةٌ رفيعة.
وأضاف علي جمعة، في تصريح له، أن حقيقة تعظيم النبي تتمثل أولًا وأساسًا في تعظيم ما جاء به من أوامر ونواهٍ، مؤكدًا أن الإسلام ربط المحبة بالطاعة، حيث قال تعالى: ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾، مشددًا على أن تعظيم النبي لا يكون بالكلمات فقط، بل بالاتباع الكامل والاقتداء الصادق.
وأشار إلى أن القرآن الكريم يفيض بآيات تعزز هذا المعنى، ومنها قول الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، وأمره جل وعلا: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾، وأيضًا قوله: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾.
وأوضح أن النبي كان قمةً في التواضع رغم علو مقامه، حتى إنه قال: "لا تفضلوني على يونس بن متى" [رواه البخاري]، مع أن الله هو الذي فضله وجعله خاتم النبيين، وأمرنا باتباعه واتباع سنته، مؤكدًا أن هذا التواضع من النبي لا ينفي أن الله رفعه واصطفاه، فقال له: ﴿ مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ ﴾، وقال: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾، وأعطاه الكوثر، واختاره إمامًا للأنبياء يوم الإسراء والمعراج.
وتابع: "نحن لا نعظم النبي من أنفسنا بل الله هو الذي أمرنا بذلك، وهو الذي رفع مقامه، وجعله رحمةً للعالمين، وأسوةً حسنةً لكل من أراد سلوك طريق الحق والنجاة".
ولفت إلى أن العرب قديمًا كانت إذا أحبت شيئًا أو خافته أكثرت من ذكر أسمائه، فكان للأسد نحو سبعمئة اسم، وللخمر نحو تسعين اسمًا، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى أكثر من أسمائه الحسنى وصفاته العلى ليعرّف عباده بنفسه، وليبني في قلوبهم عقيدةً راسخةً قائمةً على الجلال والجمال والكمال.
وأكد أن تعظيم النبي تعظيمٌ للرسالة، وإحياءٌ للدين، ومظهرٌ من مظاهر الإيمان الحقيقي، وأن الأمة لا تصلح ولا تستقيم إلا بتعظيم رسولها الكريم واتباعه ظاهرًا وباطنًا.