تكمن قوة مجموعة «بريكس» فى أن الدول المشتركة تضم 3.2 مليار شخص تشكل نحو 42% من إجمالى سكان العالم، كما تمثل اقتصاداتها نحو 27% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، وأكثر من 18% من التجارة العالمية.

وبعيدا عن الأرقام التى تعبر عن حجم التكتل ومدخلات اقتصادية ومؤشرات التكتل والناتج المحلى الإجمالى للتكتل وموازين المدفوعات وأحجام التبادل التجارى فلابد من التأكيد أن الانضمام للبريكس لن ينتشل مصر أو غيرها من الدول التى تعانى من أزمات اقتصادية، وإنما ربما يكون أداة عون وأجواء وفرص مهيأة.

وبلا شك أن هناك مزايا لمصر من الانضمام لهذا التكتل الاقتصادى الضخم ومنها، تقليل التعاملات البينية بين الدول أعضاء التكتل بالدولار وهو ما سيخفف من الضغط على النقد الأجنبى.

ولكن لكى تستفيد مصر من هذا التكتل فيجب على الحكومة المصرية وكافة مؤسسات الدولة بالتعاون مع القطاع الخاص لمواجهة هذه الكيانات العملاقة من الشركاء التجاريين قبل تفعيل انضمام مصر بداية من يناير القادم.

يجب ألا نغفل أننا انضممنا إلى تكتل وتجمع اقتصادى له قوته وعنفوانه عالميا ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس دول التجمع اقتصاد أغنى دول العالم وهو ما أكدته مجموعة جولدمان ساكس البنكية العالمية بدليل أنه فى الفترة من 2006 إلى 2008 ارتفعت حصة البلدان الأربع المكونة لمجموعة البريكس فى الناتج العالمى الإجمالى من 16 إلى 22%.. الأمر الآخر أن دول التجمع سيصبح لديها تأثير كبير فى الاتفاقيات التجارية الأساسية وتشكيل تكتل اقتصادى قوى خارج إطار مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى G7.

ويؤكد الدكتور يسرى الشرقاوى الخبير الاقتصادى ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أن الدولة المصرية يجب أن تعلم جيدا أن الانضمام لهذه التكتلات له معايير وأنماط وقياسات جديدة، وعلينا أن نكون متصارحين جدا مع أنفسنا وصادقين وعازمين على المضى قدمًا وفق حقيقة واحدة هى أننا لن نستغنى اطلاقا عن العملة الدولارية لكن ربما سيخف الضغط العام والعالى تدريجى ونسبى من الاحتياج للدولار.. إذا ما صارت الأمور كلها فى مسارها الطبيعى دون حدوث أى خلل وذلك فى غضون عامين على الأقل بعد تفعيل الانضمام من يناير ٢٠٢٤.

وعن سؤاله بما يجب أن تفعله الحكومة خلال المرحلة القادمة بعد الإنضمام للبريكس فأجاب: أولًا: لابد أن يكون هناك استكمال لمشروع مصرى قومى للاستفادة التامة من الانضمام لتكتل البريكس ويسير مع الإصلاحات الحقيقية التى يجب أن تستكمل فى مسار تحسين مناخ الاستثمار وما يتطلب ذلك من إصلاح هيكلى إدارى وزارى يطال قطاعات كثيرة ومتعددة بما فيها الهيئات والبنوك والمصارف والمؤسسات شبه الحكومية بهدف استكمال القضاء على البيروقراطية والفساد الإدارى مع العمل على ضبط جودة التشريعات بما يختصر الوقت ويضمن سلامة تطبيق القوانين، مع ضرورة رفع مستوى مراكز الأبحاث وإدخال التكنولوجيا الحديثة ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة مع ما يحدث فى دول البريكس، وأن يتم استهداف بناء اقتصاد إنتاجى صناعى وزراعى وليس ريعى أو اقتصاد جبايات ضريبية فقط،، ونتعلم ونعلم أن منطقة البريكس القدامى والجدد ليسوا دولًا عقارية الاقتصاد! بل صناعية زراعية تصديرية.. وضرورة أن نأخذ فى الاعتبار المشروع القومى البرازيلى والإثيوبى والجنوب أفريقى ومن قبلهم الصينى والهندى والروسى.. وهنا نستوعب الدرس جيدًا.

ثانيا: يتم تشكيل خلايا عمل ومواقع Think Tank نزيهة تُشكل بحيادية باختيارات ومعايير مبنية على الكفاءة والأيديولوجيات والخبرات الدولية من المحترفين والخبراء بعيدا عن اقحام الكادر الحكومى والمسئولين الحاليين فى هذه المهمة الصعبة عليهم.. وذلك لدراسة وتحليل دقيق للغاية لدول التكتل وعمل تحليلات ودراسات عميقة لكل مدخلات الإنتاج والحياة الاقتصادية السليمة والمستدامة ووضع خريطة وخطة اقتصادية شاملة ومتنوعة للصناعة والزراعة بأهداف استثمارية وتجارية بينية بين مصر ودول البريكس.

ثالثا: على القطاع الخاص المصرى ومستثمريه وجمعيات ومنظمات واتحادات الأعمال ضرورة العمل على التقارب الشديد بمنهجية وفكر جديد مع نظائرهم فى دول منطقة البريكس.. متسلحين بأيديولوجية جديدة مبنية على دراسات وأبحاث وقدرة تمويلية لاختراق أسواق البيركس والعمل فيها بشكل فعال.. والعمل أيضاً على الترابط الداخلى وتجميع القوى الناعمة الاقتصادية.. وكذلك التنازل عن أساليب قديمة ومنهجيات نجاح ومصالح الأفراد فقط والتى عفا عليها الزمن فى استقبال الشراكات الاستثمارية الجادة بكل صدق وتاسيس صناديق استثمار بفكر وإدارة قوية وإدارات وأدوات مرنة.. وبالتالى نستطيع أن نصل إلى نموذج قوى جدا من الاستثمار البينى والتجارة البينية مع دول البريكس.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: خطوات البريكس التجارة والتصدير التصدير التجارة مجموعة بريكس سكان العالم العالم الناتج المحلي التجارة العالمية الانضمام للبريكس التعاملات التكتل الاقتصادي النقد الاجنبى مصر يناير الخبير الاقتصادي المصريين الأفارقة

إقرأ أيضاً:

سوق دقلو السياسي: من شفشفة البيوت إلى شفشفة السرديات!

‏*كما للميليشيا أسواق دقلو للسلع المادية المشفشفة/ المنهوبة، أيضاً لأعوانها سوقهم للسرديات والسلع الرمزية المضروبة التي تسري عليها قوانين الندرة والتوزيع والهيمنة والطلب والعرض تماماً كما في أي نظام اقتصادي. وقد برز مفهوم ‏”اقتصاد الخطاب” عند بيير بورديو، وميشيل فوكو، وهو لا يتعامل مع الخطاب كمجرد محتوى لغوي، بل كـ”سلعة رمزية”. في إطار هذا الاقتصاد، يتم التعامل مع: الخطاب باعتباره رأسمالاً، يمكن استثماره، وتوظيفه*:
* *لأن الميليشيا حديثة عهد بالسياسة وإنتاج الخطابات فقد كلفت حاضنتها السياسية مهمة إدارة اقتصاد الخطاب “كسلطة منتِجة للخطاب” وإنتاج المعنى وتوزيعه وتدويره وتحديد دوائر تلقيه، ولم تملك “تقدم” إلا التنفيذ، وكانت خسارتها بسبب ذلك لا تعوض .*

* *في هذا الاقتصاد الكلمات عملة منها المشروعة ( كل الكلمات التي تخدم بقاء الميليشيا ونفوذها )، ومنها المحرّمة ( مليشيا، متمردة، إرهابية، خيانة، مرتزقة، عدوان أجنبي). والاقتصاد هنا يشمل الندرة، والتوزيع، والهيمنة، والطلب والعرض، تماماً كأي نظام اقتصادي.*
* *هذا السوق يخدم أسواق دقلو بالصمت وبالكلام، إذ تهمش “تقدم” جرائم النهب واسعة النطاق، ولا يتحدث قادتها وانصارها أبداً عن “أسواق دقلو”، بل ويحتج أحد قادتهم على قول الناس ( “والله العظيم شفشفوا بيوتنا” ) ويستدعي رواية غير موثقة من الماضي لتبرير واقع موثق في الحاضر، ليتحول الخطاب إلى أداة “لإعادة توزيع اللوم”. ولإعادة تعريف “العدو” فيما يخص المنازل والشفشفة، ولخلق “توازن أخلاقي زائف” تميل كفته لصالح الميليشيا!*
* *الاستجابة الانقسامية” : نفذت “تقدم” أمر انتداب جزء منها لحكومة الميليشيا، وهؤلاء وازنوا بين ربح التحالف ( مال، مناصب) وتكلفته ( التشيطن كالميليشيا تماماً )، ورأوا أن الربح أكبر، بينما قدر البقية أن موازنة الأرباح ( الدعم المالي والسياسي من الميليشيا) والتكلفة ( خسارة الرأي العام ) تحتم عليهم البقاء في المنطقة الرمادية.*

* *إدارة الاستثمارات الخطابية بعناية: لا تريد “تقدم” خسارة الشارع فتبقى على مسافة محسوبة من الميليشيا، مسافة تكفي لتقديم الخدمات وتسمح ب”الإنكار المعقول” كما تتصور!*

* *لا تملك “تقدّم” القوة العسكرية، لكنها تملك أدوات خطابية تُعيد تدوير خطاب الهيمنة. فهي تُعيد إنتاج مفاهيم مثل: “لا منتصر في الحرب”، “السودان يهدد الإقليم والعالم”،”يجب تفادي “العداء المجاني” للدول الصديقة”، وهذه المفاهيم ليست بريئة، بل هي جزء من آليات الهيمنة التي تسهم في خلق سردية تخدم مصالح الميليشيا ومصالح إقليمية ودولية.*

* *اقتصاد الإدانة: تستخدم تقدم “الخطاب الدبلوماسي” كغطاء سياسي لتحالفاتها المشبوهة، ولا تدين الدول التي تدعم الميليشيا. لأنها تدير حسابات دقيقة: إدانة هذه الدول لها “تكلفة” لا تريد أن “تدفعها” لناحية التأثير السلبي على علاقتها مع الميليشيا، ومع هذه الدول، ولناحية تجنب خدمة السردية المضادة لسردية الميليشيا. ‏الصمت هنا “خيار اقتصادي”: يضمن لها تحقيق مصالحها، والبقاء في دائرة “الاعتدال” و”العقلانية المقبولة” لدى هذه الدول والميليشيا وحتى الغرب!*

* *محو الفاعل الحقيقي: الحديث عن الكارثة الإنسانية دون ذكر الميليشيا المتسببة فيها، بل واستخدامها لصالحها عبر اتخاذها ذريعةً للتفاوض معها، وتقديم تنازلات كبيرة لها. ‏حين يُمحى الفاعل الحقيقي لغوياً، يُمحى بالتدريج من الذاكرة الجمعية. وهذا يُشكل جزءاً من “صناعة النسيان”، بحيث تُعاد صياغة السردية العامة بشكل يعفي الجناة من المحاسبة. هذا المحو ليس خللاً لغوياً عفوياً، بل قرار استراتيجي.*

* *‏إعادة توزيع الذنب مسبقاً : ( الجيش هو الذي أشعل الحرب) ‏وهو أسلوب يُستخدم لإعادة توزيع الذنب مسبقاً، عبر استباق النقاش وطرح تفسير عام يعفي طرفاً محدداً من المسؤولية، هذه طريقة لإعادة ترتيب مشهد الذنب لتجنيب الحليف السياسي اللوم المباشر.*

* *حوسبة الاتهام: ‏وهي استعارة تشير إلى طريقة حسابية أو “برمجية” تُوزّع فيها التهم والخطايا على الأطراف كما لو كانت نتائج خوارزمية لا تحمل انحيازًا، بينما في الواقع تم تعديل المعادلة لتخدم طرفًا معينًا. هذا يحدث عندما يُستخدم الخطاب كآلة حساب محكومة بالمصالح الخاصة، لا كأداة للعدالة.*

* *حذف الفاعل من المشهد اللغوي: التركيز على معاناة المدنيين دون تحديد الجهة المسؤولة، وهذا ليس مجرد خطأ أسلوبي، بل هو أداة في الصراع على السردية، تُستخدَم لضبط حدود الإدانة، وتوجيه بوصلة الرأي العام، وتوفير حماية للمعتدين باسم الحياد . الحذف هنا فعل سياسي استراتيجي، يقوم به خطاب “تقدم” عن عمد.*

* *”اقتصاد الصمت”: هو أحد الضرورات في لحظات الصراع، وهو ليس مجرد امتناع عن الحديث، بل تكتيك رمزي/سياسي عميق، تُدار عبره موازين القوى ، لا سيما في السياقات التي يكون فيها الكلام محفوفاً بالكلفة أو العواقب. وهو يشير إلى “الأنماط المنظمة التي يتم بها تبرير، وتوظيف، وتوزيع الصمت في المجال العام، وفقاً لحسابات رمزية وسياسية ومعنوية”. أي أنه ليس “غياباً للقول”، بل “قولٌ من نوع آخر”، صمتٌ له وظيفة، وموقع، وسياق، ويُنتج تأثيراً بقدر وربما أكثر من الكلام أحياناً.*

* *”المحايد الناشط”: ‏هو الفاعل الذي يُعلن حياده، لكنه ينشط فعلياً في خدمة طرف معين من خلال مواقف منتقاة، صمت انتقائي، أو نشاط إعلامي موجه. و‏وظيفته ‏صناعة غطاء أخلاقي وقانوني للانحياز، من داخل إطار يبدو “مستقلاً”، وهنا يتحوّل الحياد إلى أداة فاعلة في تثبيت رواية المليشيا.*

* *”‏الخطاب الرمادي” : لا يعيش في الهواء، بل في بيئة شبكة تضليل محكمة التنظيم، يُعاد فيها إنتاج الصمت والتبرير وتجميل الانحياز. ‏و”تقدم” ليست حالة شاذة بل نموذج واضح لما يسميه بورديو:‏”هيمنة بلا عنف، وصراع بلا سلاح، يُخاض في ميدان المعاني.”*

* *إنتاج معنى مربح: من الجريمة إلى الشرعية، وفق اقتصاد الخطاب، ما هو مهم ليس الحقيقة، بل ما يمكن بيعه من المعنى. حين تضغط “تقدم” للتفاوض بشروط الميليشيا، فهي تساهم في إنتاج معنى جديد: الميليشيا ليست خصماً، بل طرف سياسي، التسوية ليست خيانة، بل ضرورة. المحاسبة ليست أولوية، بل عرقلة للسلام. هذا المعنى مربح في سوق يفضل الأرباح على الحقيقة.*

*وهكذا، نجد أن جماعة “تقدّم” تدير خطابها مثلما تُدار الميزانية: بحساب، وتكلفة، وتوازن بين الصمت والتصريح لخدمة مصالحها ومصالح حلفائها في سوق دقلو آخر يمثل “المعادل السياسي” لأسواق دقلو، ويحمل ذات الخلل الأخلاقي لدى البائعين والمشترين.*

إبراهيم عثمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الاقتصاد السوداني بين دمار الحرب وخرافة الإنتاج
  • استكمال محاكمة 64 متهما في خلية "القاهرة الجديدة الإرهابية"
  • سوق دقلو السياسي: من شفشفة البيوت إلى شفشفة السرديات!
  • صندوق النقد يحذّر من خطر التوترات التجارية على اقتصاد العالم
  • ترامب: القرم ستبقى مع روسيا
  • الرئيس اليمني يلتقي قيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية
  • رئيس مجلس القيادة يخاطب قيادات التكتل الوطني للأحزاب: لستم مجرد حلفاء وانما شركاء في التخطيط، والقرار ... تفاصيل
  • مولر رفض الانضمام إلى فيورنتينا وسينسيناتي
  • مولر رفض الانضمام إلى سينسيناتي الأمريكي وفيورنتينا الإيطالي
  • بشاري يكشف: خطة شعبة الاستيراد والتصدير بالغرفة التجارية بالإسماعيلية لتسويق المنتجات المصرية