الخليج الجديد:
2024-08-10@14:47:04 GMT

جريمة حرق المصحف في سياقها التاريخي

تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT

جريمة حرق المصحف في سياقها التاريخي

جريمة حرق المصحف في سياقها التاريخي

إحدى أهم أفكار إدوارد سعيد أن «كتابات المستشرقين التى تتحدث عن الشرق تتحدث عن الغرب أكثر بكثير مما تقوله عن الشرق نفسه»!

«رغم أن القرآن حافل بالإشارة إلى السيد المسيح باعتباره نبيًا مرسلًا، فإن دانتى كان يصر على (جهل) الفلاسفة المسلمين وخلفائهم بالمسيحية»!

لما كانت المسألة قديمة قدم تعامل الغرب مع «الشرق»، فلا يجوز لنا أن نتعامل مع واقعة السويد أو غيرها دون السياق التاريخى الذى تحدث فيه.

المستشرق، أى الغربى الذى يدرس الشرق دائمًا يضع نفسه «خارج» هذا الشرق، ويكتب للغرب. وهو يقدم «تصوره» الخاص عن هذا الشرق.

حرق المصحف الشريف فى السويد يعبر عن ثقافة الغرب أكثر من تعبيره عن الإسلام. ووضع المسلمين بالمهجر يتحدث عن مجتمعات الغرب أكثر مما يعبر عنهم هناك.

يتم إضفاء الشرعية على ضرورة الهيمنة بدعوى «تحرير العرب والمسلمين» والذى ينطوى ضمنًا على تحريرهم من الإسلام الذى قالوا إنه «لا يعلى من قيمة الحرية».

* * *

كنت قد قدمت فى مقال سابق فى تقديم أهم ما جاء فى كتاب إدوارد سعيد، فقلت إن إسهامه الحقيقى كان فى نقده للمنهج الذى يستخدمه المستشرقون فى الكتابة عما يضعونه فى جرة قلم تحت مسمى «الشرق» أو «الإسلام».

ويقول «سعيد» إن المستشرق، أى الغربى الذى يدرس الشرق، لا كل الغرب، دائمًا يضع نفسه «خارج» هذا الشرق، ويكتب للغرب. وهو يقدم «تصوره» الخاص عن هذا الشرق.

والمنهج الانتقائى للمستشرق يتجلى فى تحويله للتفاصيل التى يكتب عنها إلى رمز للشرق كله ويقفز منها لاستنتاجات غير منضبطة منهجيًا. فآية واحدة من القرآن تُستخدم كدليل على طريقة تفكير المسلمين وسلوكهم فى مصر أو الجزائر المعاصرة! وبالتالى، وتلك واحدة من أهم أفكار «سعيد»، فإن «كتابات المستشرقين التى تتحدث عن الشرق تتحدث عن الغرب أكثر بكثير مما تقوله عن الشرق نفسه»!

وتلك هى الفكرة ذاتها التى اقتبستها من «سعيد»، فى أولى حلقات هذه السلسلة، حين قلت إن حرق المصحف الشريف فى السويد يعبر عن الثقافة الغربية أكثر من تعبيره عن الإسلام. ووضع المسلمين فى المهجر يتحدث عن المجتمعات الغربية أكثر مما يعبر عن المسلمين هناك.

لكن ما قصده «سعيد» بتلك الفكرة أكثر عمقًا مما أشرت له فى ذلك المقال. فهو يقصد أن «الشرق» فى كتابات المستشرقين هو الشرق وفق آليات البحث وأنماط التفكير الغربية.

وهو الشرق وفق الأعراف والتقاليد والمؤسسات وقواعد المنطق الغربية. وفى عبارة ذات دلالة يقول «سعيد» إن «الشرق، على أقصى تقدير، يستفز الباحث ليكتب عنه، لكنه أبدًا لا يكون مرشده عند الكتابة».

و«سعيد» درس كتابات المستشرقين منذ القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فبدأ بالكتابات الأوروبية، ثم الأمريكية وصولًا للمستشرقين الذين عاصروه فوجدها تسير وفق نمط واحد «ثابت لا يتغير»، وكأن موضوع البحث نفسه، أى ذلك «الشرق»، لا يطرأ عليه أى تغيير.

وهو يشرح باستفاضة العلاقة بين مرحلة صعود الحضارة الإسلامية التى تزامنت مع عصور الظلام الأوروبية والتى نُظر خلالها للإسلام باعتباره «هرطقة وردّة عن المسيحية».

ويعطى مثالًا بموسوعة الشرق التى صدرت فى القرن السابع عشر التى لم تُستخدم أبدًا كلمة «المسلمين» وإنما كانت تستخدم كلمة «المحمديين»، وهو الاسم الذى لايزال يستخدم حتى اليوم لإهانة المسلمين والسخرية منهم لدلالاته التاريخية التى كانت تعتبر أن الإسلام «ما هو إلا هرطقة وانحراف عن المسيحية».

ويقول إن المستشرق الفرنسى فرانسوا رينيه تشاتو برياين مثلًا كتب فى القرن الثامن عشر يقول إن «القرآن لا يكره القهر ولا يعلى من قيمة للحرية». والذين يتابعون الكتابات الغربية المعاصرة يجدون تلك الفكرة يعاد إنتاجها حتى اليوم وباستمرار، فنظل معها فى موقف دفاعى حتى نثبت العكس.

ومن هنا أيضًا يتم إضفاء الشرعية على ضرورة الهيمنة بدعوى «تحرير العرب والمسلمين». والذى ينطوى ضمنًا على تحريرهم من الإسلام الذى قالوا إنه «لا يعلى من قيمة الحرية».

وفى عبارة تستحق التأمل يقول إدوارد سعيد إنه «رغم أن القرآن حافل بالإشارة إلى السيد المسيح باعتباره نبيًا مرسلًا، فإن دانتى كان يصر على (جهل) الفلاسفة المسلمين وخلفائهم بالمسيحية»! ليس ذلك فقط، فقد أشار «سعيد» إلى أن عالم الأديان الاسكتلندى وليام روبرتسون (القرن 19) وصف الإسلام بأنه «عبارة عن تلفيق منظّم».

بعبارة أخرى، واقتداء بإدوارد سعيد، ولما كانت المسألة قديمة قدم تعامل الغرب مع «الشرق»، فلا يجوز لنا أن نتعامل مع واقعة السويد أو غيرها دون السياق التاريخى الذى تحدث فيه.

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، خبيرة في الشأن الأمريكي.

المصدر | المصري اليوم

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الإسلام المسيحية الشرق الغرب الهيمنة السويد الاستشراق إدوارد سعيد حرق المصحف الحضارة الإسلامية حرق المصحف الغرب أکثر هذا الشرق تتحدث عن عن الشرق یعبر عن

إقرأ أيضاً:

بريتنى سبيرز تحول مذكراتها إلى فيلم سينمائى

أعلنت نجمة البوب العالمية بريتنى سبيرز عن تحويل كتاب السيرة الذاتية الخاصة بها «المرأة فى داخلى» (The Woman in Me) الذى نُشر فى أكتوبر الماضى وبيع منه أكثر من 2.5 مليون نسخة فى الولايات المتحدة وحدها إلى فيلم سينمائى.

وأحدثت بريتنى سبيرز ضجة كبيرة بمذكراتها منذ الإعلان عنها قبل طرحها، حيث لاقت اعتراضات عديدة من أفراد أسرتها، قبل أن تطرح المذكرات التى كشفت بها العديد من الأسرار عن طفولتها وعلاقتها المضطربة مع أسرتها، بالإضافة إلى عدة قصص عاطفية وتعرضها للإجهاض ورحلتها مع العلاج النفسى وغيرها من الأسرار التى كشفتها لأول مرة من خلال مذكراتها.

وقالت بريتنى سبيرز عن أصداء مذكراتها مؤخراً: «لم يكن الغرض من كتابى الإساءة لأى شخص بأى شكل من الأشكال! كان ذلك أنا حينها... وهذا فى الماضى! أنا لا أحب العناوين الرئيسية التى أقرأها.. ولهذا السبب بالضبط تركت العمل منذ أربع سنوات.. معظم الكتاب يعود تاريخه إلى 20 عامًا مضت، لقد انتقلت إلى أبعد من ذلك، وهى صفحة بيضاء جميلة من هنا.. أنا هنا لأثبت الأمر بهذه الطريقة لبقية حياتى كلها.. وفى كلتا الحالتين، هذا هو الأخير».

بريتنى سبيرز يبدو أنها لن تتوقف عن سرد قصة حياتها وأسرارها، وذلك بعدما كشفت مؤخراً عن عقدها صفقة جديدة من أجل تقديم مذكراتها الأخيرة فى فيلم سينمائى، وهو الأمر الذى شوق الجمهور لمعرفة تفاصيل الفيلم الذى سيحكى أسرار بريتنى سبيرز على الشاشة.

وتصدرت النجمة بريتنى سبيرز الواجهة مؤخراً بعدما كشفت عن مفاجأتها الجديدة للجمهور، حيث أعلنت عن تحويل مذكراتها الأكثر مبيعاً «The Woman in Me»، إلى الشاشة الكبيرة، ونشرت تغريدة على حسابها بمنصة «إكس»، شوقت بها الجمهور لهذا العمل الجديد، وكشفت عن تعاقدها مع المنتج مارك بلات، على تحويل مذكراتها إلى فيلم سينمائى، وقالت: «يسعدنى أن أشارك معجبى أننى أعمل على مشروع سرى مع مارك بلات، لقد صنع دائمًا أفلامى المفضلة... ترقبوا».

وحصلت شركة Universal على حقوق مذكرات بريتنى سبيرز، بعد منافسة قوية مع عدد من المنتجين والشركات التى أرادت الحصول على حقوق مذكرات بريتنى سبيرز بعد المبيعات القياسية لها مؤخراً، ومنها منصة «نتفليكس» وشركة «وارنر براذرز» و«فوكس» و«ديزنى» و«سونى» بالإضافة إلى مارجو روبى بصفتها كمنتجة.

وكشفت سبيرز عن ملامح فيلم قصة الفيلم، والمستوحى من مذكراتها الأخيرة، وعلى رأسها التعاقد مع المخرج جون إم تشو، مخرج فيلم «Wicked» لأريانا، فى حين لم يتم الاستقرار حول هوية الممثلة التى ستؤدى شخصية بريتنى سبيرز فى الفيلم، وسيطرت التكهنات والترشيحات من الجمهور حول الممثلة الأنسب لتجسيد شخصية بريتنى سبيرز فى الفيلم، ولكن بريتنى سبيرز وصناع العمل لم ينشروا المزيد من المعلومات حول الفيلم حتى الآن.

وتعد أيقونة البوب ​​بريتنى سبيرز الحائزة على جوائز البلاتينية المتعددة والحائزة على جوائز جرامى واحدة من أكثر الفنانات نجاحًا وشهرة فى تاريخ الموسيقى، حيث تم بيع أكثر من 100 مليون تسجيل فى جميع أنحاء العالم، وفى عام 2021، تم اختيارها كواحدة من أكثر 100 شخصية مؤثرة فى مجلة تايم. تمت إضافة ألبوم سبيرز Blackout إلى مكتبة وأرشيفات Rock & Roll Hall of Fame فى عام 2012، وهى تعيش فى لوس أنجلوس، كاليفورنيا.

مقالات مشابهة

  • اعتقال أكثر من 700 شخص في بريطانيا إثر موجة العنف ضد المسلمين
  • شكر الله سعيكم.. الفشل فى باريس
  • الفشل المتكرر فى الأوليمبياد
  • لماذا تُؤخِر إيران ضرب إسرائيل؟!
  • خلال يوليو..137 جريمة للاحتلال ضد الصحفيين الفلسطينيين وعائلاتهم
  • بريتنى سبيرز تحول مذكراتها إلى فيلم سينمائى
  • حفلة العار
  • قاتل.. مسلم.. مهاجر.. الجذور العميقة للعنف ضد المسلمين في بريطانيا
  • «الأفق.. ملحمة أمريكية».. معالجة واقعية لنشأة الغرب الأمريكى بنظرة تأملية
  • أمريكا تشعل الشرق الأوسط