سُنة مهجورة تجعل الدعاء في الصلاة مستجابا.. مجربة لطلب تفريج الكرب
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
كشفت دار الإفتاء عن سنة مهجورة، تجعل الدعاء في الصلاة مستجابا، وذلك في معرض حديثها عن حكم الجثو على الركبتين عند الدعاء.
سنة مهجورة عند الدعاء في الصلاةوحول سنة مهجورة عند الدعاء في الصلاة، أجابت سائلا يقول: ما حكم الجثو على الركبتين عند الدعاء تضرعًا لله؟، إن هيئة الجثو على الركبتين هي هيئة خشوعٍ وخضوع، ولذلك فهي مستحبة في الجلوس للدعاء والتضرع لله تعالى في الاستسقاء والاستغاثة وطلب تفريج الكرب خارج الصلاة.
وقالت الإفتاء إن الأصل في الجثوِّ على الركبتين أنه هيئة نبوية شريفة من هيئات الصلاة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي» أخرجه البخاري وغيره من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، وقد تواترت هذه الهيئة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل جلوسٍ في الصلاة؛ فالجلوس بين السجدتين والجلوس للتشهد الأخير: من أركان الصلاة، وأكمل هيئاته: الجُثُوُّ على الركبتين؛ لمواظبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها، ولِمَا فيها من معنى الخضوع والخشوع.
قال الإمام أبو عبد الله الحكيم الترمذي في "الصلاة ومقاصدها" (ص: 23، ط. دار الكتاب العربي): [ثُمَّ يجلس جاثيًا بين يديه كهيئة العبد الذي يتضرع إلى ربه سائلًا حوائجه راغبًا إلى الله مفتقرًا] اهـ.
ويقول أيضًا في (ص: 85): [فإذا انتهى العدد الذي أُمِرَ به قال: اقعد جاثيًا كما يقعد العبد بين يدي سيده فتكلم بجوامع الخير ووجيز الكلام واشهد بشهادة الحق] اهـ.
ويقول الشيخ ابن القيم الحنبلي في "الصلاة وأحكامها" (1/ 150، ط. مكتبة الثقافة): [شُرع له أن يجلس في آخر صلاته جِلسةَ المتخشع المتذلل المستكين، جاثيًا على ركبتيه، ويأتي في هذه الجلسة بأكمل التحيات وأفضلها؛ عوضًا عن تحية المخلوق للمخلوق] اهـ.
وبينت أنه لأجل ما في هذه الجِلسة من إظهار الاستكانة والخضوع لله تعالى جاء في الشرع استحباب الذكر عَقِبَ الصلاة على هذه الهيئة قبل أن يغادر المسلمُ مصلَّاه: فعن أبي ذر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الفَجْرِ، وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ، قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحُرِسَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ إِلَّا الشِّرْكَ بِاللهِ» أخرجه الترمذي في "الجامع" وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
وعن عبد الله بن زِمْلٍ رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى الصبح قال وهو ثانٍ رجليه: «سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ، إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا» سبعين مرة، ثم يقول: «سَبْعِينَ بِسَبْعِمِائَةٍ» أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"، والطبراني في "المعجم الكبير".
وعن ثوبان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَ أَحَدًا: (رَضِيتُ بِاللهِ رِبًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا) كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يُرْضِيَهُ» أخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق"، وابن جميع في "معجمه".
ولأجل هذا المعنى جاءت السنة النبوية الشريفة باستحباب هذه الهيئة أيضًا في الدعاء والاستسقاء واللجوء إلى الله تعالى والاستغاثة به في قضاء الحوائج وتفريج الكُرَب: فعن عامر بن خارجة بن سعد، عن جده سعد رضي الله عنه: "أن قومًا شكَوْا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قحط المطر، فقال: «اجْثُوا عَلَى الرُّكَبِ، وَقُولُوا: يَا رَبِّ يَا رَبِّ» فَفَعَلُوا، فَسُقُوا حَتَّى أَحَبُّوا أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ" أخرجه الإمام البخاري في "التاريخ الكبير"، وابن أبي الدنيا في "المطر والرعد والبرق"، والبزار في "المسند"، وأبو عوانة في "المُستَخرج الصحيح"، والعقيلي في "الضعفاء"، والطبراني في "المعجم الأوسط"، وفي "الدعاء"، والبغوي في "معجم الصحابة". وصححه الحافظ السيوطي في "الجامع الصغير".
وفي لفظ البزار في "المسند": "فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْثُوا عَلَى الرُّكَبِ".
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا عصفت الريح يجثو على ركبتيه وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً، وَلَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا، وَلَا تَجْعَلْهَا رِيحًا» أخرجه أبو يعلى في "المسند"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وأبو الشيخ في "العظمة".
قال الحافظ ابن الجزري في "النشر في القراءات العشر" (2/ 459، ط. المطبعة التجارية الكبرى) في ذكر آداب الدعاء: [ومنها: الجُثُوُّ على الركب، والمبالغة في الخضوع لله عز وجل والخشوع بين يديه، ويحسن التأدب مع الله تعالى.. ثم ساق الحديث] اهـ.
بل عدَّها في كتابه "الحصن الحصين" من آكد آداب الدعاء؛ كما في "تحفة الذاكرين" (1/ 55، ط. دار القلم).
وقال العلامة الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (1/ 371): [وفيه الحثُّ على قعدة الاستكانة وتكرير نداء الرب عند طلب الحاجات] اهـ.
وشددت بناءً على ذلك: فهيئة الجثو على الركبتين هيئة خشوع وخضوع، والجلوس للتشهد الأخير وبين السجدتين من أركان الصلاة، وأكمل هيئاته الجِثِيُّ على الركبتين؛ حيث يقوم المصلي بالتحيات لله تعالى، والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ودعاء الله تعالى واستغفاره والتضرع إليه، ولذلك فهي مستحبة أيضًا في الجلوس للدعاء والتضرع لله تعالى في الاستسقاء والاستغاثة وطلب تفريج الكرب خارج الصلاة؛ لما فيها من معاني التضرع والخضوع، وقد وردت بذلك الأحاديث النبوية الشريفة، ونص العلماء على استحباب هذه الهيئة في آداب التضرع والدعاء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدعاء دار الإفتاء سنة مهجورة النبی صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه هذه الهیئة عند الدعاء
إقرأ أيضاً:
محمد أبو هاشم: آل البيت هم السنة العملية لرسول الله ومكانتهم فرض في الصلاة
أكد الدكتور محمد أبو هاشم، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، أن محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم جزء لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية، مشيرًا إلى أن الصلاة عليهم فرض في كل صلاة يؤديها المسلمون.
وأوضح أبو هاشم خلال حلقة برنامج "أهل المحبة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن آل البيت هم النموذج العملي لتطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم، إذ كانوا يقتدون بأفعاله وأقواله وصفاته، مستشهدًا ببيت الشعر: "يا آل بيت رسول الله حبكم.. فرض من الله في القرآن أنزله".
وأضاف أن من ينكر محبة آل البيت أو يعترض عليها لم يدرك أن صلاته لا تُقبل إلا بالصلاة عليهم، معتبرًا أن هذا الرفض نابع من أفكار شاذة يجب تصحيحها.
وأشار أبو هاشم إلى أن من بين الشخصيات العظيمة في آل البيت، سيدنا يحيى الشبيه، وهو يحيى بن القاسم بن محمد الأمين، المنحدر من نسل الإمام الحسين رضي الله عنه، وكان يُعرف بـ"الشبيه" لأنه كان أقرب الناس شبهًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما كان يُلقب بـ"يحيى الديباج" لنعومة بشرته.
وتابع أن سيدنا يحيى كان يحمل بين كتفيه شامة تشبه خاتم النبوة، وهو ما جعله محل تقدير ومحبة بين الناس، وقد وصل إلى مصر في عهد الأمير أحمد بن طولون، الذي أكرمه وأحسن استقباله، وظل مقيمًا فيها حتى وفاته عام 263هـ، حيث دُفن بجوار الإمام الليث بن سعد بالقرب من الإمام الشافعي في حي يُعرف بـ"حي الإمامين".
وأكد أن الشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم سنة، وأن آل البيت يمثلون الصورة الحقيقية لتعاليم الإسلام، داعيًا إلى تعظيم محبتهم والاقتداء بهم.