الخبر:
2024-10-04@13:58:51 GMT

سعـي في الخيــر ومسابقـة في الخيـــرات

تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT

سعـي في الخيــر ومسابقـة في الخيـــرات

إن الإسلام خير كله، وإن التدين التزاما بالإسلام واعتصاما بأحكامه واستقامة على مبادئه خير كله. هذا أمر بين يكفي المؤمن أن يتلو القرآن الكريم ليرى ذلك الاحتفال الكبير بالخير وأهله، وذلك الاهتمام الكبير بالترغيب في الخير وفعله.

وهذه آية واحدة ترسم للمسلم سبيله ومنهجه، يقول فيها الحق سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا، واعبدوا ربكم، وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} فالخير هو منهج الإسلام، وشيوع الخير وغلبته هو مقصد الإسلام، وفعل الخير هو واجب المسلم، والمقصود بقوله تعالى: {وافعلوا الخير} الأمر بكل خير، مع هذه العبادات، من الإحسان إلى الناس بالقول والعمل، ومن الحكم بين الناس بالعدل، ومن أداء الأمانات إلى أهلها.

. إلى غير ذلك مما هو خير وحسن، ومعروف. وهذه الآية الكريمة ذكرت الواجبات من الأخص إلى الأعم: فقوله تعالى: {اركعوا واسجدوا} المقصود به الصلاة التي هي أم العبادات وركن الدين وعماده، ثم جاء الأمر بالعبادة في شمولها وهي أعم من الصلاة، ثم جاء الأمر بفعل الخير وهذا أعم من الصلاة والعبادة. وهذه معالم سبيل الفلاح: العبادة تصل المسلم بالله سبحانه؛ فتقوم حياته على قاعدة العبودية.

وفعل الخير يؤدي به إلى استقامة سلوكه وخُلقه على قاعدة من الإيمان، وفي هذا الترتيب البديع إشارة مهمة تؤكد المعنى العظيم من معاني التدين الذي نحن بصدد الكلام عليه، وهو أن التدين يبدأ من العبادة صلاة وغيرها كعماد وأساس ويصل إلى فعل الخير، أي أن العبودية الحقة لله عز وجل لا أن تظهر آثارها على المتدين سعيا في الخير وتسابق في الخيرات.
وهذا ما يؤكده الحبيب المصطفى سيد المتدينين وإمامهم وقدوتهم صلّى الله عليه وسلم حيث يقول: «إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير؛ فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه» رواه ابن ماجه وغيره؛ فالمتدين الصادق هو من يكون مفتاحا للخير حيثما حل وحيثما ارتحل، يمشي في ركاب الخير ويمشي الخير في ركابه. بل إن الإسلام لا يرضى ممن رضيه دينا إلا المسارعة والمسابقة في الخير، يقول الله تبارك وتعالى: {ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير}، {يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}، {..إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنَا خاشعين}.

ومن المعلوم بداهة أنه لا يسارع في الخيرات ولا يسابق فيها إلا من كان من أهل الخير متشبعا بمعانيه، والمراد من ترغيب المسلم في التسابق إلى الخير والمسارعة إليه هو أن يحرص على بلوغ أعلى رتبة ممكنة في الخير كما يبينه قول الإمام ابن باديس رحمه الله وأعلى مقامه: “طلب الرتب العليا، في الخير والكمال، والسبق إليها والتقدم فيها مما يدعونا إليه الله، ويرغبنا بمثل هذه الآية فيه كما قال تعالى: {فاستبقوا الخيرات} لأن طلب الكمال كمال؛ ولأن من كانت غايته الرتب العليا إن لم يصل إلى أعلاها لم ينحط عن أدناها، وإن لم يساو أهلها لم يبعد عنهم. ومن لم يطلب الكمال بقي في النقص، ومن لم تكن له غاية سامية قصر في السعي وتوانى في العمل، فالمؤمن يطلب أسمى الغايات حتى إذا لم يصل لم يبعد، وحتى يكون في مظنة الوصول بصحة القصد وصدق النية”.
وعليه؛ فالمتدين الأصل فيه أن يكون من أهل الخير، يشع الخير في أفعاله، ويشع الخير في أقواله، ويشع الخير في سلوكه، ويشع الخير في حياته كلها.

*إمام وأستاذ الشريعة بالمدرسة العليا للأساتذة

المصدر: الخبر

كلمات دلالية: فی الخیر الخیر فی

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الأزهر السابق: الاعتراف بوثيقة «الأخوة الإنسانية» دليل على أهميتها

قال فضيلة الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر السابق، إنه لا يمكن أن نتكلم عن الأخوة الإنسانية حتى نتكلم عن المواطنة، ولا يمكن أن نتكلم عن المواطنة إلا إذا تكلمنا عن السلام، والإسلام هو دين السلام، وهو يدعوا إليه، والمسلمون مأمورون بإفشاء السلام إذ نقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مندهشا ممن يقولون بعد ذلك إن الإسلام دين الإرهاب، والإرهاب لا دين له، ولا وطن، ولا يمكن أن نعيش في سلام إلا إذا كان هناك «تطبيق للمواطنة».

الإسلام أقر حرية العقيدة للتعايش

 وأضاف «المحرصاوي»، في كلمته في ختام أسبوع الدعوة الإسلامية والذي جاء في إطار مبادرة السيد الرئيس «بناء الإنسان»، أن الأزهر الشريف في عام 2017 أقام مؤتمرا عالميا عن المواطنة، وكان من أهم توصيات هذا المؤتمر رفض مصطلح «الأقلية» أيا كانت هذه الأقليه لأن مصطلح الأقلية يدل على الانعزال والتهميش والإقصاء، مما يثير في النفس أشياء، وطالب أن يكون المصطلح البديل مصطلح "المواطنة" بمعنى أن الجميع في الوطن سواء، لافتا أن المواطنة من أسس الإسلام والتعايش مع الآخر.

وذكر «المحرصاوي»، أن الإسلام أقر حرية العقيدة للتعايش، كما أقر احترام عقائد الآخرين، مصداقا لقوله تعالى «لكم دينكم ولي دين»، وأقر الإسلام أيضا التعارف، فقال تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير»، وهذ الأمر قائم على التمييز بين البشر بالتقوى؛ ليس بالعقيدة ولا بالجنس ولا باللغة ولا بالمربع الجغرافي، لافتا أن هذا هو لب المواطنة، أننا جميعا في الوطن سواء.

وأكد رئيس جامعة الأزهر السابق، أنه في إطار إيمان الأزهر الشريف بأهمية المواطنة؛ شرفت بأن أكون في صحبة فضيلة الإمام الأكبر عام 2018، والدكتور محمود حمدي زقزوق وكيل أوقاف الأسبق، والقاضي محمد عبد السلام مستشار فضيلة الإمام الأكبر في ذلك الوقت، كنا في زيارة البابا فرنسيس في الفاتيكان، وعندما حان وقت الغداء اقتسم البابا رغيفا من الخبز «العيش» فضيلة الإمام الأكبر، والرمزية التي تؤخذ من هذا الفعل، أن العالم يتسع للعيش المشترك، ثم بدأ الإمام الحديث عن عمل وثيقة «الأخوة الإنسانية» تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم حينما عمل وثيقة المدينة، حيث قام بالمواطنة أولا وآخى بين الأوس والخزرج، حتى أصبحوا الأنصار، ثم قام بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ثم قام بتأسيس قواعد المدينة.

العالم أصبح قرية واحدة ويريد السلام

ولفت أن الحديث ظل بين البابا حتى استقروا على نص الوثيقة الإنسانية والتي تم توثيقها في 2019 وهناك رمزية عجيبة عندما نحلل هذا الأمر، أن فضيلة الإمام الأكبر -حفظه الله- شيخ الأزهر في مصر وأفريقيا، وبابا الفاتيكان  في أوروبا، ويجتمع القائدان في الإمارات، والإمارات في آسيا، وكأنهم يقولون من طرف خفي: إن العالم أصبح قرية واحدة ويريد السلام.

وأشار إلى أن الاعتراف بهذه الوثيقة على مستوى العالم، وأصبح اليوم الرابع من فبراير كل عام يوماً دولياً للأخوة الإنسانية، ويعد ذلك دليل على أهميتها، المهم أنه بعد التوقيع بعدة أشهر، صدر قرارا بتشكيل لجنة عليا لتنفيذ ومتابعة أهداف الوثيقة، حتى يُضمن تنفيذ بنودها، فكم من الوثائق تم إصدارها ولكنها ماتت بمجرد جفاف حبرها، وكان أول اجتماع لهذه اللجنة يوم الحادي عشر من سبتمبر، وفي هذا اليوم أرادت اللجنة أن ترسل رسالة إلى العالم أن هذا الوقت الذي اتخذه الإرهابي زمنا لإزهاق الأرواح، جعلت منه اللجنة العليا زمنا  لإقرار السلام.

مقالات مشابهة

  • ما فقه المقاومة في الإسلام ودور المرأة والشباب في نصرة الأمة؟
  • قصة «شيف الغلابة» من الضيق لسعة الرزق.. «عز الدين» يتحدى الإعاقة بمطبخ الخير
  • أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ
  • كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟
  • نصر الله.. حتى الاستشهاد
  • رئيس جامعة الأزهر السابق: الاعتراف بوثيقة «الأخوة الإنسانية» دليل على أهميتها
  • المحرصاوي: الاعتراف بوثيقة «الأخوة الإنسانية» لها دليل على أهميتها لبناء الإنسان
  • لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين
  • رئيس مجلس الشيوخ لـ "السيسي": حفظكم الله ورعاكم وسدد على طريق الخير والنصر خطاكم
  • في اليوم العالمي للمُسنِّين.. كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟