يُحكى أن ثلاثة من العميان أرادوا أن يتعرفوا على شكل الفيل، ولم تكن لديهم أية فكرة سابقة عنه، وكانت وسيلتهم الوحيدة للتعرف عليه – بطبيعة الحال – هي اللمس، فلما أُحضر الفيل إليهم، وقعت يد أحدهم على رجليه، ووقعت يد آخر على نابه، بينما وقعت يد الأخير على أذنه، فلما سألهم أحد العميان الآخرين الذي لم تتح له فرصة اللمس، فكانت أجوبتهم مختلفة، فقال الذي لمس رجل الفيل ” إن الفيل ما هو إلا مثل أسطوانة خشنة الظاهر إلا أنه ألين منها” وقال الذي لمس الناب ” ليس كما يقول، بل هو صلب لا لين فيه، وأملس لا خشونة فيه، وليس في غلظ الأسطوانة أصلا، بل هو مثل عمود” فاعترض الذي لمس الأذن قائلا ” ما قيل ليس صحيحا “فما هو بعمود ولا هو مثل أسطوانة، وإنما هو مثل جلد عريض غليظ”.

.
مشكلة هؤلاء العميان لم تكن في صدق أحدهم أو كذب الآخر، ولكن مشكلتهم أنهم نسوا أنهم عميان، وأن وسيلتهم في المعرفة هي اللمس، وأنه من الجائز جدًا أن يكون كل منهم لمس جزءا من الفيل، ولم تتح له الفرصة كي يتعرف على بقية أجزائه، فلو كلف أحدهم نفسه أن يفكر قليلا لاستوعب حقيقة الأمر، ولجمع الرؤى المتعددة وكون بها صورة كاملة عن الفيل، لكنه الغرور الذي يخيل لصاحبه أنه يملك الحقيقة المطلقة، والعمى الذي يُعمي العقول قبل أن يعمي الأبصار، فهؤلاء العميان هم نحن، وسائلنا فى المعرفة محدودة، ولكن غطرستنا لا حدود لها. المس ما شئت من فيل المعرفة وحقائق الأمور، لكنك فى النهاية لن تحصل سوى على جزء من الصورة، وبقية الصورة لدى الآخرين، احترم الآخر تكتمل رؤيتك، تغطرس بما لديك، فلن تعرف ولن يكون نصيبك سوى وهم معرفة لا أكثر..
صدقوني ليست المشكلة في منع بعض تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي أو منع الآراء باعتبارها شاذة أو تُهدد سلامة المجتمع من وجهة نظر البعض، المشكلة الحقيقية أن تحديد الشاذ من الأفكار أو الذي يُهدد السلم المجتمعي أمر نسبي، فلك أن تعيد النظر في التاريخ الإنساني كله، هل رحب مجتمع أيا كان بأي جديد.. ؟!! سواء كان الجديد دينيا أو معرفيا، هل قوبل نبي من أنبياء الله ورسله بالترحاب حين قال لأبناء جلدته إنكم على الخطأ وقد جئتكم بالصواب.. ؟!! لم يحدث هذا على مدار التاريخ، لأن القضية في جوهرها ليست قضية صواب وخطأ أو سلامة مجتمع، بل القضية هي “العادة” التي كانت أقوى الأسلحة التي ووجه بها الأنبياء والرسل والمصلحون والفلاسفة على مدار التاريخ، فالبشر لا يتخلون عن عاداتهم بسهولة مهما كانت درجة الخطأ فيها، بالإضافة طبعا لمصالح جهات معينة تعتاش على هذه الأفكار القديمة، وتحصل منها على قوتها وهيمنتها، سواء كانت قوة أدبية أو مادية أو عسكرية، وهؤلاء يقاتلون بشراسة كل جديد لأنه يهدد سلطانه أصلا ..
قد يسأل البعض وما الآلية التي سنواجه بها الآراء التي تبدو غير مفيدة أو حتى شاذة وتهدد السلم المجتمعي .. ؟!! والإجابة هي أن المجتمعات لا تتبنى آراء ونظريات بدون وعي، بل الفيصل في النهاية هو ما يحقق مصلحة الأفراد والمجتمعات، معيار الناس و المجتمعات غير المعلن هو المصلحة، ما عدا ذلك يغيب في مجاهل النسيان، والأمثلة على ذلك كثيرة، ونذكر جيدا حين وقف شيوخ وفقهاء كثيرون يحرمون التليفزيون مثلا، هل نجحوا في النهاية أم صاروا هم أنفسهم نجوم التليفزيون اليوم .. ؟!!، ومثلا عندنا في اليمن عندما ظهرت المسيرة القرآنية، نذكر جيدا كيف إن الآلة الإعلامية والمذهبية والسياسية والدبلوماسية والمناطقية وقفت بوجهها ووصل الأمر إلى القتل والتنكيل بالمنتسبين لها طوال ستة حروب متتالية، فهل نجحت تلك الآلة في وقف المسيرة القرآنية وقتلها ووأد فكرتها، أم أن المسيرة القرآنية اليوم أصبحت هي المنهج والعقيدة والمشروع والوعي الذي يحكم و يدافع عن عرض وأرض وشرف وكرامة اليمن كلها، هكذا هو الأمر في كل ما يحقق فائدة البشر، سواء كان فكرة أو تقنية، فهي بالأساس فكرة لتطوير وعي الناس بمصلحتهم، فإذا عرف وادرك الناس أن مصالحهم تتحقق من هذه الفكرة اتبعوها وطوروا كافة استخداماتها بما ينفعهم ويبقي على مصالحهم..

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

شرطة دبي تُنهي خلافاً بين زوجين بالنظر إلى المصلحة الفضلى لطفليهما

 

تمكنت القيادة العامة لشرطة دبي ممثلة بالإدارة العامة لحقوق الإنسان، من حل خلاف عائلي بين زوجين، وإصلاح ذات بينهما، وتقديم النصح والمشورة والتوجيه لهما، بالنظر للمصلحة الفضلى للطفلين، ووفقاً للقانون الإماراتي “وديمة”، والذي يُحتم عليهما ضمان وحماية حقوق طفليهما أولاً.
وفي تفاصيل الشكوى، قال الرائد راشد ناصر آل علي، رئيس قسم حماية الطفل، في إدارة حماية حقوق الطفل والمرأة في الإدارة العامة لحقوق الإنسان، إن الزوجة تقدمت بشكوى إلى السفارة الإماراتية في الدولة الأوروبية، تُفيد فيها بأن زوجها حجز لها تذكرة ذهاب مع طفليها إلى الدولة الأوروبية التي يُقيم فيها ذويها، لقضاء إجازتها، ثم تعنت في دفع مصاريف نفقة طفليه وحجز تذاكر عودتهم إلى الدولة، فما كان منها إلا اللجوء إلى سفارة الدولة بحثاً عن حل يُنصف طفليها.
وأضاف الرائد آل علي ” إن الزوجة الأوروبية وأثناء قضاء فترة إجازة مع ذويها، تقدمت بشكوى إلى السفارة الإماراتية (عبر الجهات المختصة)، تُفيد بعدم دفع زوجها نفقة إقامتها وطفيلها، أحدهما عامين، والآخر 5 أشهر، وتعنته عن دفع وحجز تذاكر العودة إلى الإمارات، وبتواصل السفارة مع الجهات المختصة، وصولاً إلى شرطة دبي، سارعت شرطة دبي إلى التواصل مع الأب لاستيضاح موقفه من الشكوى، ومحاولة التوصل إلى حلول ودية بين الطرفين وحل خلافاتهما دون الإضرار بالطفلين، ووضع مصلحتهما الفضلى فوق أي اعتبارات أخرى. وبتقديم النصح والتوجيه له، وبيان بنود القانون الإماراتي “وديمة”، عمل الأب على إرسال النفقات وحجز تذاكر عودة لعائلته، وتابعنا الحالة إلى حين التأكد من استيفاء كافة المطالب وعودتهم سالمين إلى الدولة، إلى جانب إلحاقهم في برنامج “طفل آمن” بغية التأكد من توفير بيئة آمنة تحقق الاستقرار للطفلين.”
وأكد الرائد أن قسم حماية الطفل حريص على استقبال ومتابعة كافة الشكاوى والحالات الواردة إليه، سواء من داخل الدولة، أو القادمة من الخارج عبر الجهات الرسمية، منوهاً بأن شرطة دبي حريصة على ترسيخ العلاقات مع الشركاء ضمن عمل متسق ومتكامل يخدم مصلحة الأطفال ويكفل حقوقهم، إلى جانب التوعية على مدار العام بحقوق الطفل وفق القانون الإماراتي “وديمة”، ومتابعة كافة البلاغات الواردة بشأن الأطفال، واتخاذ إجراءات فورية تصون وتحمي حقوقهم التي كفلها لهم القانون.
يُذكر أن الإدارة العامة لحقوق الإنسان تستقبل كافة البلاغات المتعقلة بحماية حقوق الطفل، عبر خدمة حماية الطفل والمرأة في الموقع الإلكتروني لشرطة دبي، والتطبيق الذكي لشرطة دبي، إلى جانب الاتصال بالرقم (901)، واللجوء إلى واحة الطفل بمقر القيادة العامة الرئيسي بمنطقة الطوار.


مقالات مشابهة

  • هلا رشدي تحتفل بعيد ميلادها الـ 34 بإطلالة ساحرة على إنستجرام وتحقق نجاحات فنية مبهرة
  • شرطة دبي تُنهي خلافاً بين زوجين بالنظر إلى المصلحة الفضلى لطفليهما
  • «أكاديمية» مانشستر سيتي تخدم «البريميرليج»!
  • وزير الإعلام : تصريحات المدعو نصر الله حول مأرب كشفت عن حجم المؤامرة التي كانت تستهدف هذه المحافظة البطلة
  • طلاب الدفعة (26 طب) مارسوا نفس الفوضي التي كانت تحدث في الخرطوم فتم طردهم الى السودان
  • نائب حسن نصر الله يكشف أسماء القيادات التي كانت مع الأخير ولقيت مصرعها بعملية الاغتيال بضاحية بيروت الجنوبية
  • محاولة أولية.. في فلسفة القانون وفي أخلاقه القرآنية
  • نقول لأصحاب الفيل: لا منتصر في هذه الحرب اللعينة..!
  • قيادي في الاتحاد الاشتراكي ينتقد تعليم الكتاتيب القرآنية ويقول إن التدريس زمن الأندلس كان لا يقوم على تلقين القرآن!
  • المقاومة اللبنانية تدك معسكر “أوفيك” الصهيوني ‏بصلية من صواريخ “فادي 1‏” وتحقق إصابات مباشرة