افتتاحية الثورة
يضعنا خطاب الرئيس المشاط – الذي ألقاه يوم أمس في محافظة عمران – أمام حقائق ربما يجهلها الكثير، ويعيد تذكيرنا بحقائق واضحة وجلية ربما يتغفلنا العدوان وأبواقه عنها، ويكشف لنا تفاصيل هامة عن تحركات ونشاطات ودعايات وخطط مشبوهة ومعادية، وعن مسارات يتحرك فيها الاصطفاف الدعائي باستثارة الناس وتأجيجهم بالزيف والزور والتضليل والتزوير للحقائق، والتلبس للوطنية والإخلاص والتمظهر بالحرص والمسؤلية.
الخطة ب التي كشف بعضاً منها الأخ الرئيس المشاط تسعى بها الإدارة الأمريكية إلى تقويض الجبهة الداخلية للشعب اليمني وتفكيك عراها وضعضعة متانتها، ونجد ذلك اليوم ماثلاً أمامنا في الاحتشاد الدعائي لمواجهة كل ما يقوي عضد الجبهة الداخلية ، وفي تحميل المدافعين عن اليمن ومن يتصدرون صفوف القتال المسؤولية عن معاناة الشعب اليمني وانقطاع الرواتب وغلاء الأسعار، لكأن حرب الثمانية أعوام وما فيها من حصار وتجويع وقتل وفتك واحتشاد أمريكي وغربي وصهيوني وخليجي ومأجورين ومرتزقة كانت مجرد سحابة ماطرة بالخيرات على اليمن، ولم تكن حرب إبادة أرادوا بها سحق اليمنيين ومحوهم كافة عن الوجود واستباحة واستلاب كل حق وحرمة.
كما نجدها اليوم في موجة هستيرية ضد كل مناسبة تعمق صمود اليمنيين، أو تحيي جذوة نضالهم وإيمانهم وارتباطهم بالأعلام والهداة وحتى رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، وباستجرار العناوين المطلبية ذاتها وتسخيرها لخدمة الأهداف الأمريكية نفسها كـ «المرتبات»، والمرتبات قضية حق أساسية والمطالبة بها وانتزاعها بالتفاوض أو بالحرب واجب وطني وهي جزء من حربنا وسلمنا مع العدوان.
غير أن النابحين والناعقين يقولون للناس زوراً وبهتاناً بأن المرتبات في بدرومات وغرف ومنازل من يقاتلون العدوان ويتصدرون مواجهته، ويقولون للناس زوراً وزيفاً بأن القيادة في صنعاء تنهب المرتبات وليس تحالف العدوان ومرتزقته الذين قرصنوا البنك وسيطروا على الودائع والموارد وعائدات النفط والغاز، ويقولون للناس بأن السلطة الوطنية في صنعاء لا تريد أن يحصل الموظفون على مرتباتهم وتريد حتى أن تمنعهم من المطالبة بها، إلى آخر ذلك من الدجل والزيف والدعايات التي نسمعها اليوم عبر امتداد واسع من المشبوهين والمتربصين وآخرين يقعون في فخ التضليل الذي يمارسه هؤلاء للأسف.
هذه الموجة الهستيرية انفجرت في الوقت الذي كانت قد أوصلت القيادة الوطنية في صنعاء دول العدوان إلى زاوية ضيقة في ملف المرتبات، وحين بدا أن لا خيار أمامه إلا في أن يلتزم بصرفها من عائدات النفط والغاز الموجودة في حسابات البنك الأهلي السعودي، وبذلك أعادت دول العدوان التقاط أنفاسها متكئة على موجة الهستيريات الدعائية التي أطلقتها عبر هؤلاء الناعقين!
كما أن عزف هذه الأبواق على وتر المرتبات بما يبرئ العدوان ويمنحه صك البراءة من مسؤولية نهبه المرتبات والثروات يكشف الأمر كذلك، وتعمل هذه الأبواق بما يضعف الموقف اليمني في هذه المسألة ويقوي شوكة العدوان ويمنطق مماطلاته وهو الذي عليه تحمل كل المسؤولية عن ما يعانيه الشعب اليمني.
وبالمختصر فإن هذه الأبواق التي تظهر في مقايل وحفلات وفعاليات ونشاطات إعلامية وإخبارية في مواقع التواصل الاجتماعي تريد أن تخلي الساحة أمام العدوان الذي يريد التهام اليمن بأكمله، ولهذا وذاك، يجب ألا ينجر الناس لدعايات هذه الأبواق، وأن يتم التصدي لها، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
نعم الشعب اليمني يريد حرية واستقلالا ويريد مرتبات ويريد ثروات ويريد حياة هانئة، ويقف جنبا إلى جنب المجاهدين من أبطال القوات المسلحة واللجان الشعبية في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني المارق.
وهذا الشعب قدم تضحيات جسام وتحمل معاناة كبيرة، وهو ماض في تحرير البلاد واستعادة الحقوق والثروات، ولن يتخلف عن معركته اليوم، ولم تؤثر عليه عواصف الحرب ولا قواصفها ولا حصارها ولا جوعها ولا دعاياتها، غير أن الدعايات التي تنتشر اليوم متلبسة الوطنية والحرص، وتعمل على التشكيك في إخلاص وفي نزاهة من يدافعون عن اليمن يجب كشفها وفضحها حتى لا تؤثر في معنويات الشعب وتضعف إرادته.
نعم قد يكون هناك تقصير وهناك سلبيات وحتى هناك مفاسد ، لكن لا يعني ذلك التضحية باليمن واليمنيين والتفريط بوحدة اليمن وسيادته على أراضيه ، كما تريد هذه الأبواق التي تسخر كل ذلك القصور والسلبيات لنخر الجبهة الداخلية وشرخ صميمها بالدعايات اليومية.
وهي بذلك لا تنتزع مرتباً ولا تستعيد حقاً بل تحقق للعدوان أهدافه، ولهذا يجب التصدي لما تطرحه هذه الأبواق المأجورة والجهات الضالة التي تشكل الطابور الخامس للعدوان، وتشكل امتدادات لمرتزقته في الرياض وأبو ظبي ودبي والمنامة والدوحة!
هي العمالة لا غيرها، هذه الأبواق لا تريد ان يحصل الموظف على رواتبه ولا تريد لليمن حريةً ولا استقلالاً، ولا تريد لليمن أن يخرج من أزماته ولا أن يحقق انتصاراً كاملاً وناجزاً، بل تتربص باليمنيين شراً ومكراً، وتجند نفسها مع العدوان، ومع مرتزقته وأتباعه المقيمين في أبو ظبي ودبي وفي عواصم أخرى.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: لا ترید
إقرأ أيضاً:
الرئيس عباس : حماية حل الدولتين يبدأ بوقف العدوان على غزة
أكد رئيس دولة فلسطين محمود عباس ، اليوم الخميس 14 نوفمبر 2024، أن إعلان الاستقلال الذي أصدره المجلس الوطني في العام 1988 لم يكن خطوة رمزية، بل إنه الهدف المركزي للنضال الوطني الفلسطيني، مشددا على أن الاستقلال حق مشروع نتمسك به ونضحي من أجله.
وقال الرئيس عباس في كلمة عشية الذكرى السادسة والثلاثين لإعلان الاستقلال، "إن الشعب الفلسطيني الباسل والأصيل لا يمكن إلغاء وجوده أو القفز عن حقوقه، وفي مقدمة ذلك حقه في العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال".
وأضاف الرئيس: "نحن الحقيقة الأوضح والأهم، التي فشلت المحاولات كافة على امتداد أكثر من قرن من الصراع على طمسها".
وأكد ، أن إعلان الاستقلال مهّد لمبدأ حل الدولتين، والسلام العادل والشامل المستند إلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وشدد الرئيس عل أن أي حديث عن حماية حل الدولتين يجب أن يبدأ بوقف العدوان على قطاع غزة فورًا، وكذلك ما تتعرض له الضفة الغربية بما فيها القدس من جرائم قوات الاحتلال وإرهاب المستوطنين والاقتحامات، ووقف المخططات والتصريحات التي تنم عن نوايا توسّعية مبيتّة.
ودعا الرئيس عباس المجتمع الدولي إلى تمكين دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، وأن تواصل الدول اعترافاتها بالدولة الفلسطينية، مثمنا مواقف الدول التي اعترفت بدولتنا وحقنا بالحرية والاستقلال.
وأكد الرئيس أننا لن نحيد ولن نتنازل أو نساوم على حقوقنا وثوابتنا الوطنية، وأن يدنا ستبقى ممدودة للسلام، ولكن ليس بأي ثمن، فالسلام يبدأ مع حقنا بدولة فلسطينية مستقلة وسيدة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾
يا جماهير شعبنا الفلسطيني العظيم،
إن إعلان الاستقلال الذي أصدره المجلس الوطني في العام 1988 لم يكن خطوة رمزية، إنه الهدف المركزي للنضال الوطني الفلسطيني، إنه حق مشروع، وتعبير عن العلاقة التي لا انفصال فيها بين الشعب الفلسطيني وأرض وطنه التاريخي، الوطن الذي بنى عليه حضارته، وبلور هويته وشخصيته الوطنية منذ آلاف السنين، على أرضه المقدسة والمباركة، ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
إن الشعب الفلسطيني الباسل والأصيل لا يمكن إلغاء وجوده أو القفز عن حقوقه، وفي مقدمة ذلك حقه في العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال، نحن الحقيقة الأوضح والأهم، التي فشلت المحاولات كافة على امتداد أكثر من قرن من الصراع على طمسها. لقد مهّد إعلان الاستقلال لمبدأ حل الدولتين، والسلام العادل والشامل المستند إلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
لقد قدم إعلان الاستقلال فرصة تاريخية لتحقيق السلام والأمن والاستقرار، ونحن متمسكون بهذه الفرصة ونصرّ عليها، ومؤكدين أن كافة التجارب قد اثبتت، وبما لا يقبل الشك، أن وجود الدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وممارسة الشعب الفلسطيني لحقه المشروع في تقرير المصير هما المدخل لتحقيق السلام الدائم والأمن لجميع شعوب ودول المنطقة، وهما السبيل الوحيد لوضع حد للحروب، فالقضية الفلسطينية ستبقى قضية حية، قضية عقل ووجدان الأمتين العربية والإسلامية وكافة أحرار العالم. ولأنها كذلك، ستبقى ذريعة تستخدم لخلق التوترات في المنطقة والعالم.
إن أي حديث عن حماية حل الدولتين يجب أن يبدأ بوقف العدوان على قطاع غزة فورًا، وكذلك ما تتعرض له الضفة الغربية بما فيها القدس من جرائم قوات الاحتلال وإرهاب المستوطنين والاقتحامات، ووقف المخططات والتصريحات التي تنم عن نوايا توسّعية مبيتّة، ووضع حد نهائي لحرب الإبادة الجماعية البشعة التي يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها بحق شعبنا هناك بأوامر مباشرة من الحكومة الإسرائيلية، والعمل على إدخال المساعدات ووقف مخططات التهجير القسري أو إحداث أي تغيير على واقع القطاع القانوني والسيادي والجغرافي.
إننا وفي ذكرى إعلان الاستقلال ندعو المجتمع الدولي إلى تمكين دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، وأن تواصل الدول اعترافاتها بالدولة الفلسطينية. وبهذه المناسبة، نثمن مواقف الدول التي اعترفت بدولتنا وحقنا بالحرية والاستقلال.
وفي هذه الذكرى، نؤكد أننا لن نحيد ولن نتنازل أو نساوم على حقوقنا وثوابتنا الوطنية، إنها أمانة في أعناقنا، وهي الأهداف التي ضحى من أجلها عشرات الآلاف من الشهداء والأسرى البواسل، إن يدنا ستبقى ممدودة للسلام، ولكن ليس بأي ثمن، فالسلام يبدأ مع حقنا بدولة فلسطينية مستقلة وسيدة، وعاصمتها القدس الشرقية.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء العاجل لجرحانا البواسل، والحرية لأسرانا، والصبر والثبات لشعبنا في أماكن تواجده كافة.
المصدر : وكالة سوا