انقلاب الجابون.. اهتمام عربي ودولي كبير ومخاوف من تدهور الأوضاع
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
أثار الانقلاب العسكري في الجابون، الأربعاء، ردود أفعال واسعة عربية ودولية وسط دعوات للحفاظ على أمن واستقرار البلاد.
وصباح الأربعاء أعلنت مجموعة عسكريين عبر التلفزيون الحكومي السيطرة على السلطة بالجابون، بعد ساعات من إعلان فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة في الانتخابات التي جرت السبت.
وفي وقت لاحق أعلن منفذو الانقلاب في بيان متلفز تعيين قائد الحرس الجمهوري الجنرال بريس أوليغي نغيما، رئيساً للمرحلة الانتقالية.
ويعتقد مراقبون أن انقلاب الجابون كان معدًا له مسبقا، خاصة أن فوز بونغو كان متوقعًا في انتخابات شابتها اتهامات بالتزوير وذلك بعد أن جرى تعديل الدستور لتمكينه من الترشح لولاية ثالثة، وسط معارضة شعبية واسعة.
اقرأ أيضاً
آخرها الجابون.. عقد حافل بالانقلابات العسكرية في أفريقيا (تسلسل زمني)
مواقف عربية
وبهذا الصدد، أكدت الخارجية المصرية في بيان للمتحدث الرسمي باسمها أحمد أبو زيد، أنها تتابع باهتمام التطورات في الجابون، داعية جميع الأطراف إلى "إعلاء المصلحة الوطنية".
وحث الخارجية "أعضاء الجالية المصرية المتواجدين في الجابون على توخي أقصى درجات الحيطة والحذر، وتجنب مناطق التوتر الأمني"، معربة عن "تطلع مصر لعودة الاستقرار إلى الجابون في أسرع وقت، والحفاظ على سلامة شعبه".
وفي المغرب قالت وزارة الخارجية في بيان إن الرباط تتابع عن كثب تطور الوضع في الجابون و"تؤكد على أهمية الحفاظ على استقرار البلد الشقيق".
وأضافت الخارجية أن المغرب "يثق في حكمة الأمة الجابونية، وقواها الحية ومؤسساتها الوطنية، للسير قدما نحو أفق يتيح العمل من أجل المصلحة العليا للبلد، وصون المكتسبات التي تحققت والاستجابة لتطلعات الشعب الشقيق".
وفي لبنان، قالت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان إنها "تتابع باهتمام كبير، تطور الأوضاع في الجابون بعد التواصل مع سفارتها هناك".
ودعت الوزارة "كافة اللبنانيين المقيمين في الجابون إلى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر والبقاء في منازلهم بانتظار جلاء التطورات"، موضحة أنه "يمكن للحالات الطارئة التواصل مع السفارة اللبنانية في العاصمة ليبرفيل، لتقديم المساعدة الممكنة ضمن الظروف الحالية".
بدورها أدانت منظمة التعاون الإسلامي "محاولة الانقلاب العسكري في الجابون"، معربة عن قلقها من تطورات الأوضاع في البلد الإفريقي.
وأعرب الأمين العام للمنظمة حسين إبراهيم طه في بيان عن رفضه أي "محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة"، مشددا على "احترام المؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون لضمان الحكم الشرعي في الجابون"، حسب قوله.
كما حث جميع الأطراف على "ضبط النفس واستعادة النظام الدستوري والاحتكام للقانون".
اقرأ أيضاً
من مقر إقامته الجبرية.. رئيس الجابون يطالب العالم بالتحرك ضد الانقلاب
ردود دولية
دوليا أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، "بشدة" محاولة الانقلاب العسكرية في الجابون التي أطاحت بالرئيس بونغو.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي في نيويورك، إن الأمين العام "يتابع عن كتب" تطورات الوضع في الجابون، وفق ما ذكره موقع أخبار الأمم المتحدة.
أكد جوتيريش "معارضته القوية للانقلابات العسكرية"، ودعا الجيش الوطني وقوات الأمن إلى "ضمان السلامة الجسدية لرئيس الجمهورية وعائلته".
كما دعا جوتيريش أيضا "جميع الجهات المعنية إلى ممارسة ضبط النفس، والشروع في حوار شامل وهادف، وضمان الاحترام الكامل لسيادة القانون وحقوق الإنسان"، مؤكدا وقوف الأمم المتحدة إلى جانب شعب الجابون.
فيما أكد البيت الأبيض أن الإدارة الأمريكية تتابع الوضع "المثير جدا للقلق" في الجابون، مشددا على أن واشنطن تدعم الشعب الجابوني.
وقال، جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في إفادة، إن الولايات المتحدة "تشعر بقلق بالغ" إزاء الأحداث في الجابون، مضيفا أن "جنودنا وموظفو سفارتنا هناك في مأمن".
اقرأ أيضاً
انقلاب الجابون.. من هو علي بونجو الذي عزله العسكريون وأنهوا حكم عائلته؟
وفي روسيا قال متحدث الرئاسة (الكرملين) دميتري بيسكوف، إن الوضع في الجابون يثير "قلقًا عميقًا" مؤكدا أن موسكو تراقب ما يحدث عن كثب.
وأضاف بيسكوف في تصريحات للصحفيين: "لن أقوم بتعميم أي استنتاجات".
وفي فرنسا قالت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن في كلمة إن بلادها تتابع تطورات الوضع في الجابون "بأقصى قدر من الاهتمام".
بينما أدان متحدث الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران الانقلاب في الجابون، مطالبا باحترام نتائج الانتخابات.
وقال في مؤتمر صحفي عقب انعقاد مجلس الوزراء بباريس، إن "فرنسا تراقب الوضع باهتمام كبير".
وفي الصين، قال المتحدث باسم الخارجية وانج وينبن، في تصريحات للصحفيين، إن بكين "تتابع عن كثب تطورات الوضع في الجابون، وتدعو الأطراف المعنية إلى العمل من أجل مصلحة الشعب الجابوني".
وأضاف: "تدعو الصين إلى العودة الفورية للنظام الطبيعي وضمان السلامة الشخصية لعلي بونغو".
وفي تركيا قالت وزارة الخارجية إنها تراقب "عن كثب وبدقة" التطورات في الجابون عقب الانقلاب العسكري والإطاحة بالرئيس علي بونغو.
وأعربت الوزارة في بيان، عن تمنياتها بإحلال السلام والاستقرار مجددًا في الجابون.
اقرأ أيضاً
انقلاب في الجابون بعد إعلان فوز رئيسها بونجو بولاية ثالثة
المصدر | الخليج الجديد + وكالاتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الجابون انقلاب الجابون مصر المغرب أمريكا الوضع فی الجابون اقرأ أیضا عن کثب
إقرأ أيضاً:
عن الفكر المتطرف والظلم المتطرف أيضا
ما الذي يجبر الشباب المتحمس الثائر المؤمن المقهور على التفكير خارج صندوق العقل والمنطق وذهنية القطيع غير تلك الحرارة التي لا تطاق المحشورة داخل دفيئات الظلم والقهر والخذلان؟ ما الذي يدفع شبابا لم يتحصل بعد على وضع اجتماعي يليق بالرفاه والبنين، كي يمتشق خيارا قد يودي به إلى التهلكة غير إحساس حارق بالمسؤولية الفردية بعد أن رأى تفريطا مخلا بالمسؤولية الجماعية؟
في "الجرائم" التي تحمل طابعا متطرفا خارج سياقات المحددات التي تحكم ذهنية سواد الجمهور. لا بد أن نبحث عن البيئة الحاضنة التي أنتجت "الطفرة" غير المألوفة في نمو ذهنية "التطرف" إن سلمنا بصوابية هذا الاصطلاح، فقد نال هذه المفردة ما نالها من تشويه شأنها في ذلك مفردة "الإرهاب" هناك جيوش سلطوية ذات أنياب فكرية وعقابية وقانونية تحارب ما يسمونه "التطرف" لكنها تغفل الحاضنة التي أنتجته، مثلا حينما نتحدث عن الفكر المتطرف، لا نتحدث عن الظلم المتطرف، ولا عن القوانين المتطرفة، ولا عن الأحكام المتطرفة، ولا عن الإعلام المتطرف، ولا عن السلطات المتطرفة، ولا عن أجهزة الأمن المتطرفة، وكلها في ميزان المنطق أدوات متطرفة تنتج تفكيرا متطرفا.
نحن لا ننفصل عن الواقع حينما نقول إن على السلطات العربية أن تتفهم حالة الغضب المستعرة في العقل الجمعي العربي، وهو يرى ما يحل بفلسطين من ظلم بشع، مستمر ومتصاعد ومكلل بالدم، ويزداد شراسة، ولها طبعا أن تضرب صفحا عن كل هذا، وتعمد إلى قمع هذه المشاعر بالقانون والعسف والقهر، لكن مثل هذا السلوك له ثمن باهظ على الجميع، إن لم يكن اليوم فغدا، حين يبلغ الغضب مداه وتتعذر عملية السيطرة عليه وترشيده، ولات ساعة مندم!هل هناك سلوك بشري أكثر تطرفا من قصف خيام النازحين بقنابل معدة أصلا للتحصينات العسكرية، فترى الأب يجمع بقايا أبنائه وأشلاءهم في كيس، أو ربما يتعرف أخ على جثة أخيه من إصبعه، أو علامة فارقة في جسده، بعد أن وجد جثته بلا رأس، وربما لا تجد أحدا من الأسرة بقي على قيد الحياة ليبحث عن جثث أفراد أسرته، فيجمع من بقي من المسعفين أحياء جثث الضحايا أو ما بقي منها، بعد الحرق والتقطيع، ماذا يمكن أن نسمي من يرتكب مثل هذه الفظاعات؟ أهو كائن بشري معتدل مثلا؟ بل هل هو أصلا كائن ينتمي إلى جنس البشر؟ ماذا تفعل هذه المشاهد المستمرة منذ نحو سنتين في ذهنية شاب متحمس يرى كل هذه الجرائم ترتكب بلا عقاب، بل يشعر في أعماق نفسه أنه هو قد يكون الضحية التالية؟ هل يمكن أن يكون "متطرفا" مهما خطر في باله من أفعال؟
ولا نريد هنا أن نتحدث عن حكاية الخذلان والتواطؤ الغربي والعربي مع هذه الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في غزة خاصة وفلسطين عامة، فتلك حكاية أخرى تشرخ الروح، ولا تنتج تطرفا، بل تنتج جنونا، إذ كيف يستطيع نظام عربي ما لديه القدرة على نصرة تلكم المظلومين ثم يحجم عن ذلك، بدعوى عدائه للمقاومة، وحرصه على اجتثاث جذورها، كي لا تكون خطرا عليه إن انتصرت، فلئن سلمنا بمثل هذا الافتراض، فما ذنب أكثر من سبعين ألف طفل ونحو ذلك من أمهاتهم، يبادون بسلاح النار والجوع والقنابل الذكية والغبية، لم يكن الصهيوني النازي المجرم ليقدر على ارتكاب جرائمه لولا الإسناد اللوجستي والعسكري والغطاء الإعلامي والسياسي من الغرب والشرق؟ ولولا الدعم المباشر وغير االمباشر لعصابة القتلة المسماة "إسرائيل"؟
بل كيف يطيب عيش وأنت ترى أنظمة عربية لم تزل تقيم علاقات حميمة مع هؤلاء القتلة، وهم لا يكفون على مدار الساعة عن ارتكاب جرائمهم وتوحشهم ومنعهم دخول أسباب الحياة لمليوني غزي؟ كيف يمكن لشخص سوي أن يتعامل مع هذا "التطرف" الصهيوني المقيت؟ هل يبقى في رأس شخص ما عربيا كان أو أجنبيا ذرة "اعتدال" وهو يرى ما يرى يوميا من انتهاك لكل مظاهر الحياة، دون أن يشعر بالتعاطف أقلها بالكلام والنشر، وقد يفعل أكثر من هذا، وهو تحت تأثير تلك المشاعر الإنسانية الجياشة، هل نقول له أنت "متطرف" وخارج عن القانون و"إرهابي"؟ ولئن كان هو متطرفا وإرهابيا وحتى "مجرما" وفق بعض القوانين، فما بال من يرتكب تلك الجرائم؟ ماذا نسميه؟ ولماذا يفلت من العقاب، بل لماذا يترك ليرتكب المزيد والمزيد من التوحش والتنكيل القتل؟ ولا يواجه إلا بالمزيد من الدعم والشد على يديه؟ وفي أحسن الأحوال تتم عملية "إدانة" لفظية أو دعوة مائعة تحثه على وقف العدوان؟
هناك معالجات أمنية جاهزة لتجريم هذا "التطرف" العربي هنا أو هناك، والعدل يوجب أن تترافق المعالجة الأمنية بمعالجة اجتماعية ونفسية، تفسر "جنوح" فئة من المجتمع للتمرد على قوانينه. واستيلاد نهج مغاير ومتمرد على كل ما تواضع عليه فقهاء القانون وواضعو السياسات التي تحكم المجتمع.
أكثر من هذا ومع حرصنا على سلامة مجتمعاتنا ومنعها من الانزلاق إلى الفوضى، لا بد من التعامل مع "تطرف" الشباب بكثير من الحرص على أن لا يتطور هذا التطرف إلى سلوك يتجه إلى "تدمير الذات" وإلحاق الأذى بالنفس والآخرين من أبناء المجتمع، نحن لا ننفصل عن الواقع حينما نقول إن على السلطات العربية أن تتفهم حالة الغضب المستعرة في العقل الجمعي العربي، وهو يرى ما يحل بفلسطين من ظلم بشع، مستمر ومتصاعد ومكلل بالدم، ويزداد شراسة، ولها طبعا أن تضرب صفحا عن كل هذا، وتعمد إلى قمع هذه المشاعر بالقانون والعسف والقهر، لكن مثل هذا السلوك له ثمن باهظ على الجميع، إن لم يكن اليوم فغدا، حين يبلغ الغضب مداه وتتعذر عملية السيطرة عليه وترشيده، ولات ساعة مندم!