اعتبر موقع "أويل برايس" الأمريكي، المتخصص في شؤون الطاقة، أن مصفاة الدقم العمانية، التي تعد واحدة من أكبر مصافي النفط في الشرق الأوسط، والتي تنتظر الأسواق العالمية تشغيلها خلال العام الجاري، تمثل خطوة استراتيجية لكل من الصين وإيران.

ووفق مقال نشره الموقع للكاتب "سيمون واتكينز" فإن مشروع مصفاة الدقم التي تبلغ طاقتها 230 ألف برميل يوميا حاسما في خطة الصين لتعزيز وجودها في مجال البتروكيماويات في الشرق الأوسط.

وفي الوضع الحالي، ستعمل مصفاة الدقم قريبًا جنبًا إلى جنب مع مشروع لوى للبلاستيك الذي تبلغ قيمته 4.6 مليار دولار أمريكي.

ممرات شحن النفط

وبشكل عام يرى واتكينز أن أهمية سلطنة عُمان بالنسبة للصين وإيران تتجاوز بشكل كبير احتياطيات الدول الخليجية الصغيرة نسبياً من النفط والغاز (حوالي خمس مليارات برميل فقط من احتياطيات النفط وحوالي 24 تريليون قدم مكعب من الغاز).

وأضاف أن موقع سلطنة عٌمان الجغرافي الاستراتيجي يعد من الأمور الحاسمة لكلا من الصين وإيران، حيث توفر سواحل الدولة الخليجية الطويلة الممتدة على طول خليج عمان وبحر العرب وصولاً غير محدود إلى أسواق الغرب والشرق.

ونقل واتكينز عن مصدر رفيع المستوى يعمل عن قرب مع وزارة النفط الإيرانية قوله إن هدف الصين طويل الأمد هو تأمين السيطرة على عُمان للسيطرة على جميع الممرات الرئيسية لشحن النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا والتي تتجنب طريق رأس الرجاء الصالح (الأكثر تكلفة والأكثر تحدياً من الناحية البحرية) وطريق مضيق هرمز (أكثر حساسية من الناحية السياسية)، ويتوافق هذا مع الهدف الاستراتيجي الكبير لبكين والمتضمن في مشروعها متعدد الأجيال مبادرة الحزام والطريق.

وذكر أن الصين تتمتع بالفعل بسيطرة فعالة على مضيق هرمز من خلال "اتفاقية التعاون الشامل بين إيران والصين والتي تمتد لمدة 25 عامًا، كما تمنح الصفقة نفسها الصين السيطرة على مضيق باب المندب، الذي يتم من خلاله شحن النفط الخام صعودا عبر البحر الأحمر باتجاه قناة السويس قبل أن ينتقل إلى البحر الأبيض المتوسط ثم غربا، وقد تم تحقيق ذلك لأنها تقع بين اليمن (حيث كان الحوثيون مدعومين منذ فترة طويلة من قبل إيران) وجيبوتي (التي أقامت الصين عليها أيضًا قبضة خانقة).

غاز إيران

ووفق واتكينز فإن للصين استخدام آخر لعٌمان، وهو تمكين شريكتها الأساسية في الشرق الأوسط، إيران، من بناء أعمالها في مجال الغاز الطبيعي المسال وتحويلها إلى عملية عالمية النطاق.

وتقضي الخطة بأن تستخدم إيران ما لا يقل عن 25% من إجمالي الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في عُمان البالغة 1.5 مليون طن سنويًا في مصنع للغاز الطبيعي المسال في قلهات بالقرب من صور العمانية.

اقرأ أيضاً

الكويت تمول مشروع مصفاة الدقم العمانية بـ2 مليار دولار

كانت هذه الفكرة في الأصل جزءًا من اتفاق التعاون الأوسع الذي تم التوصل إليه بين عمان وإيران في عام 2013، وتم توسيع نطاقه في عام 2014، وتم التصديق عليه بالكامل في أغسطس/آب 2015 والذي ركز على استيراد عمان ما لا يقل عن 10 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا. (مليار متر مكعب/ سنة) من إيران لمدة 25 عاماً عبر خط أنابيب تحت الماء.

وكان من المقرر أن تبدأ هذه الصفقة في عام 2017، حيث بلغت قيمتها حوالي 60 مليار دولار أمريكي.

تم بعد ذلك تغيير الهدف إلى 43 مليار متر مكعب سنويًا ليتم استيراده لمدة 15 عامًا، ثم تم تعديله أخيرًا إلى ما لا يقل عن 28 مليار متر مكعب سنويًا، أيضًا لمدة لا تقل عن 15 عامًا.

مركز استراتيجي

وذكر واتكينز إن الصين رأت أن مشروع مصفاة الدقم الذي تبلغ تكلفته 8.5 مليار دولار أمريكي وطاقة إنتاجية 230 ألف برميل يوميًا - والمشاريع الملحقة به (10 مليارات دولار أخرى أو نحو ذلك) – هو الطريقة المثلي لكسب التأييد في عمان، وبالتالي تسعى إلى فرض سيطرتها على المناطق الرئيسية لطرق نقل النفط الإقليمية.

كانت المشكلة التي واجهتها عمان في مشروع الدقم الضخم هي أن بناء كيان للبتروكيماويات، كما يهدف المشروع، يتطلب الكثير من الإنفاق مقدمًا قبل أن تتمكن من تحقيق عوائد أكبر في المستقبل، وقد ترك هذا فجوة هائلة في مواردها المالية.

كانت الصين تمثل بالفعل حوالي 90% من صادرات النفط العمانية ومعظم صادراتها من البتروكيماويات حتى ذلك الوقت، وقد سارعت الصين إلى الاستفادة من ذلك للتوقيع على استثمار بقيمة 10 مليارات دولار في مشروع مصفاة الدقم - مباشرة بعد تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران في عام 2016.

وكان تركيز هذه الأموال الصينية في البداية على استكمال مصفاة الدقم، ولكن تم توسيعها أيضًا لتشمل تمويل محطة تصدير المنتجات في ميناء الدقم وخزانات تخزين النفط الخام المخصصة لمصفاة الدقم في منطقة رأس مركز لتخزين النفط.

كما تم توجيه المزيد من الأموال الصينية نحو تشييد وبناء منطقة صناعية تبلغ مساحتها 11.72 كيلومترًا مربعًا في الدقم في ثلاث مناطق هي الصناعات الثقيلة، والصناعات الخفيفة، والمتعددة الاستخدامات.

 وفي وضعها الحالي، ستعمل مصفاة الدقم قريبًا جنبًا إلى جنب مع المجمع الصناعي لمشروع لوى للبلاستيك الذي تبلغ قيمته 4.6 مليار دولار أمريكي، والذي يقع أيضًا بالقرب من مصفاة صحار التابعة لشركة النفط العمانية للمصافي والصناعات البترولية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

الجزء الأخير من رؤية عمان لبناء شركة عمانية متكاملة للتكرير والبتروكيماويات هو خط أنابيب مسقط صحار الذي يبلغ طوله 290 كيلومترًا لنقل المنتجات المكررة.

ويربط خط الأنابيب الذي تبلغ تكلفته 336 مليون دولار مصافي ميناء الفحل وصحار بمنشأة التوزيع والتخزين الوسيطة في الجفنين.

 وبالنسبة للصين وإيران، ستكون كل هذه المرافق مفيدة للغاية في أعمالهما اليومية، ولكن الأمر الأكثر أهمية بشكل كبير هو حقيقة أنهما تمكنتا من السيطرة على هذا المركز الاستراتيجي العالمي الحيوي في عمان.

اقرأ أيضاً

بداية العام المقبل.. مصفاة الدقم العمانية تتسلم شحنة النفط الأولى

المصدر | سيمون واتكينز/ أويل برايس- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: سلطنة عمان إيران الصين ملیار دولار أمریکی ملیار متر مکعب الشرق الأوسط الذی تبلغ الدقم ا فی عام سنوی ا

إقرأ أيضاً:

تحذيرات من ازدياد الفجوة بين إيران والدول العربية بالاقتصاد الرقمي

الاقتصاد نيوز - متابعة

حذر مفكر في مجال التنمية والاقتصاد السياسي أنه في حال لم يتغير موقف إيران تجاه الرقمنة، فسيكون هناك فجوة كبيرة مع بلدان الخليج في السنوات العشرين المقبلة.

وقال محمود سريع القلم، على هامش مؤتمر فرص وتحديات صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في غرفة التجارة الإيرانية: تغير تعريف الحكومة بشكل جذري في عالمنا اليوم، لكن التعريف الحالي لحكومة بلادنا لا يزال يعود إلى الستينيات في أفريقيا والسيطرة القوية التي كانت موجودة على المجتمع والاقتصاد والثقافة في هذه المنطقة خلال تلك الحقبة.

وأضاف في تصريحات نشرتها إيلنا: النفس الإيرانية تعاني من مشكلة مع مسألة التنمية، فالإيرانيون لديهم علاقة مفرطة في فرض السيطرة على بعضهم البعض، ويمكننا مشاهدة هذا الأمر حتى في المؤسسات الخاصة. بينما في الهند والصين اليوم، تغير نموذج الإدارة هذا وتشكل هذه السيطرة والتحكم عائقًا كبيرًا أمام التنمية. فهذه السيطرة تبدأ في المؤسسة الأسرية وتستمر في الحكومة وفي المؤسسة التعليمية أيضاً.

يقول هذا المفكر في مجال التنمية والاقتصاد السياسي:  في النظام الدولي الحالي فإن الحكومة ليست سوى جهة ميسّرة وليست مالكة. وأنا لا أتحدث عن أمريكا وأوروبا واليابان، بل أتحدث عن جنوب أفريقيا والهند والبرازيل والصين والمكسيك وفيتنام فالحكومة هي الميسرة للمؤسسات الخاصة والمجتمع، وقد أوكلت أساس الحوكمة إلى الشركات وأعطتها المسؤولية والسلطة، وقد قامت الشركات بتفويض قاعدة عملها للموظفين وتحاول الحصول على رضاهم ومواهبهم. فإذا كانت روسيا متخلفة في الاقتصاد العالمي، فذلك لأنها لا تملك مثل هذه الشركات، على عكس الصين، التي رغم انغلاقها وانعزالها سياسيا، إلا أنها تمتلك مؤسسات موثوقة يمكن تقديمها على المستوى العالمي.

وتناول سريع القلم موضوع الذكاء الاصطناعي، وأوضح: تم القيام بالكثير من الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي في الإمارات والسعودية، ويوجد صندوق احتياطي للعملات الأجنبية بقيمة 4 تريليون دولار في دول الخليج، الأمر الذي جعلها أهم بنك في العالم، وتحاول جميع شركات التكنولوجيا والطاقة في العالم الحصول على حصة من هذا الصندوق في هذه المنطقة.

وواصل: لدى أبوظبي صندوق بقيمة 968 مليار دولار، والسعودية 925 مليار دولار، وقطر 510 مليارات دولار، ودبي 360 مليار دولار، والكويت 846 مليار دولار، ومجموعة تسمى مبادلة 303 مليارات دولار، كما أعلنت السعودية والإمارات أنهما تتجهان تدريجيا نحو تنويع ناتجهما المحلي الإجمالي، وتتوقع السعودية أنه بحلول عام 2030، ستحصل على 12% من ناتجها المحلي الإجمالي من إنتاج الرقائق الإلكترونية، وبحلول عام 2025، ستأتي 500 شركة غربية وآسيوية إلى السعودية ليتم تمويلها وتدريبها لاستثمار 100 مليار دولار في مجال الرقائق.

وأردف: خلافًا لتصوراتنا، فقد تم رقمنة مستوى كبير من الحياة في الدول العربية في الخليج، بل إنها تجاوزت أوروبا وأمريكا في هذا الصدد. بالتالي، إذا لم يتغير موقف إيران تجاه الرقمنة، فسيكون هناك فجوة كبيرة مع هذه البلدان في السنوات العشرين المقبلة.

وأكد سريع القلم: طالما أن علاقاتنا الخارجية مع العالم ليست طبيعية، فلا يمكن أن يكون لدينا أي نشاط اقتصادي. وتمثل الطاقة النظيفة نحو 36% من استهلاك الطاقة في دولة الإمارات، وقد قررت الإمارات استقطاب العقول والمهارات والمواهب لبلادها.

وذكر هذا المفكر في الختام: إن الدول التي لا تعمل بالذكاء الاصطناعي سوف تتخلف عن الحضارة الإنسانية، والمجتمعات التي لا تتمتع بالانضباط الفكري سوف تتخلف في تطبيق الذكاء الاصطناعي. بعد 36 عاماً من التدريس الجامعي، توصلت إلى نتيجة مفادها أن الإيرانيين لديهم القليل من التركيز العقلي.

 

مقالات مشابهة

  • تحذيرات من ازدياد الفجوة بين إيران والدول العربية بالاقتصاد الرقمي
  • العراق يحتل المرتبة الرابعة من بين كبار مصدري النفط للصين في حزيران الماضي
  • خبير يتوقع تراجع الدولار في البنوك إلى 45 جنيها.. ما الأسباب؟
  • خبير عسكري: لهذه الأسباب عاش جيش الاحتلال يوما صعبا بمدينة غزة
  • لهذه الأسباب عليك ممارسة الرياضة أثناء الحمل
  • سياسي يمني : لهذه الأسباب فشلت مفاوضات مسقط 
  • خبير: الوصول لإتفاق بوقف إطلاق النار في غزة متوقع.. لهذه الأسباب
  • خسائر كردستان تقترب من 13 مليار دولار جرّاء توقف تصدير النفط
  • خسائر كردستان تقترب من 13 مليار دولار جرّاء توقف تصدير النفط- عاجل
  • أول تعليق للصين على الرسوم الأوروبية