أويل برايس: أزمة المياه تهدد مستقبل الهيدروجين الأخضر بالشرق الأوسط
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
سلطت الكاتبة المتخصصة في شؤون الطاقة، فيليسيتي برادستوك، الضوء على مشكلات المياه في الشرق الأوسط وتأثيرها على مستقبل صناعة الهيدروجين الأخضر، باعتباره المصدر المستقبلي الأبرز للطاقة المتجددة في المنطقة.
وذكرت فيليسيتي، في مقال نشرته بموقع "أويل برايس" وترجمه "الخليج الجديد"، أن مجموعة من شركات الطاقة والحكومات في جميع أنحاء العالم تدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر، الذي بات يحظى بشعبية كبيرة، إذ يمكن استخدامه لإزالة الكربون من قطاع النقل، الذي يصعب تنظيفه، كما يمكن استخدامه كبديل في الصناعات شديدة التلويث للبيئة.
وبما أن 1 كجم من الهيدروجين يحتوي على حوالي 3 أضعاف الطاقة الموجودة في 1 كجم من البنزين، فإن الكثيرين ينظرون إليه على أنه وقود فائق للتحول الأخضر.
ولكن على الرغم من التفاؤل الكبير بشأن الهيدروجين كمصدر للطاقة، يتهم بعض الناشطين في مجال حماية البيئة الشركات المنتجة له بالمبالغة في نظافته إذا كان.
وتتم صناعة الهيدروجين الأخضر عادةً باستخدام الطاقة النظيفة من مصادر الطاقة المتجددة الفائضة، مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، لتقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين من خلال التحليل الكهربائي.
ويختلف الهيدروجين الأخضر عن الهيدروجين الرمادي المشتق من الوقود الأحفوري، وبحلول نهاية عام 2021، كان حوالي 1% فقط من إنتاج الهيدروجين العالمي أخضرًا.
ويعود سبب انخفاض هذا الرقم إلى التكاليف المرتفعة المرتبطة بإنتاج الهيدروجين الأخضر، مقارنة بإنتاج الرمادي.
مكان التصنيع
وفي أعقاب مؤتمرات قمة المناخ الأخيرة، تدفع عديد الحكومات للابتعاد عن الوقود الأحفوري وتستثمر المزيد من الشركات في مشروعات الهيدروجين الأخضر، وتعمل شركات الطاقة على تطوير محطات ضخمة له في مناطق مختلفة من العالم، في حين تعمل المنظمات الإقليمية على تطوير ممرات نقل رئيسية للوقود النظيف.
وفي حين يبدو تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر وسيلة جيدة لخفض الكربون وإنتاج طاقة نظيفة، "فمن المهم للغاية النظر في مكان تصنيع هذا الهيدروجين"، حسبما ترى فيليسيتي، مشيرة إلى أن هذا التصنيع يتطلب كميات هائلة من المياه، وهو أمر يسهل توفيره إلى حد ما في مناطق مثل أوروبا وأمريكا الشمالية، ولكن أقل من ذلك في مناطق الجفاف، مثل الشرق الأوسط وأجزاء من أفريقيا.
فإنتاج الهيدروجين الأخضر في دول مثل السعودية وتونس يتطلب تحلية مياه البحر على نطاق واسع لتوفير المياه لعملية التصنيع.
وبينما تتصدر أوروبا حاليًا إنتاج الهيدروجين الأخضر، تأمل العديد من الدول في الشرق الأوسط في التنافس قريبًا لتصبح رائدة عالميًا في إنتاج الهيدروجين النظيف، ومنها تونس.
فشركات الطاقة تستثمر في مشروعات بالبلدان منخفضة الدخل، مثل تونس، حيث يمكنها إنتاج مصدر الطاقة عالي التكلفة بتكلفة أرخص، وهو ما تراه فيليسيتي أمرا منطقيا، "بصرف النظر عن حقيقة أن تطوير المشروعات في البلدان القاحلة قد يجعل الهيدروجين أقل خضرة".
اقرأ أيضاً
الهيدروجين الأخضر.. دول الخليج تبدأ الاستثمار في "وقود المستقبل"
وينظر الاتحاد الأوروبي إلى تونس، وهي واحدة من أكثر البلدان جفافا في أفريقيا، باعتبارها مفتاحا لإنتاج الهيدروجين الأخضر لتصديره إلى أوروبا، إذ من السهل إنتاج الطاقة اللازمة للتحليل الكهربائي من أشعة الشمس الوفيرة في البلاد، ولكن الحصول على المياه اللازمة لهذه العملية أقل سهولة، إذ يجب الشركات تحلية المياه من البحر المتوسط لضمانها.
ومع ذلك، أظهر تقرير لمؤسسة "هاينريش بول"، صدر عام 2022، أن عملية تحلية مياه البحر "قذرة وتستهلك الكثير من الطاقة"، وأن تدهور النظم البيئية البحرية في تونس يعود إلى "الحمأة السامة التي تنتجها مرافق تحلية المياه".
وتعتمد الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي حاليا بشكل كبير على إنتاج الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا وأوكرانيا للوفاء بتعهدها بخفض 55% من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2030.
قانون بايدن
وتقوم الشركات بإنشاء مشروعات في البلدان منخفضة الدخل بسبب التكاليف المرتفعة الإنتاج الهيدروجين الأخضر، وإلى أن يتمكن الاتحاد الأوروبي من تقديم إعانات كبيرة لتلك المشروعات، مثل تلك التي يقدمها قانون الرئيس الأمريكي، جو بايدن، للحد من التضخم (IRA) في الولايات المتحدة، فمن غير المرجح أن تكون الشركات على استعداد للاستثمار في مشروعات الهيدروجين المحلية، بحسب فيليسيتي.
وتؤكدا الكاتبة المتخصصة في شؤون الطاقة أنه من المهم الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة بالبلدان منخفضة الدخل للمساعدة في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، والمساعدة في تطوير اقتصاداتها، ودعم التحول الأخضر، على التوازي مع التأكد من أن المشروعات "الخضراء" تعزز المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وتوفر طاقة نظيفة بالكامل.
فتوصيف مشروع بأنه "أخضر" فقط لاستخدامه عملية خضراء في توفير المنتج النهائي، دون النظر إلى تلويث العمليات السابقة له للبيئة "ما هو منحدر زلق لتأييد المزيد من الغسيل الأخضر في صناعة الطاقة"، حسبما ترى فيليسيتي.
ولذا فإن تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر بشكل فعال يستلزم وضع الحكومات، التي تملك مصادر كبيرة للمياه العذبة، سياسات وطنية تعزز تطوير الصناعة، فضلا عن توفير الإعانات والأطر الضريبية المواتية لتشجيع مشروعات الهيدروجين الأخضر الجديدة.
فالتوسع السريع للقطاع وزيادة الاستثمار في التقنيات المبتكرة من شأنه أن يساعد على خفض التكاليف المرتفعة المرتبطة بالهيدروجين الأخضر، لضمان أن يكون الإنتاج نظيفًا وإتاحة مصدر الوقود النظيف على نطاق أوسع.
اقرأ أيضاً
على بساط الهيدروجين الأخضر.. اليابان والخليج "زواج في طور التكوين"
المصدر | فيليسيتي برادستوك/أويل برايس - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الهيدروجين الأخضر تونس خفض الكربون السعودية إنتاج الهیدروجین الأخضر فی مشروعات
إقرأ أيضاً:
تفاقم أزمة المياه في غزة مع نقص الإمدادات
أحمد مراد (غزة، القاهرة)
أخبار ذات صلةتسببت الحرب الإسرائيلية على غزة في تدمير شبكات المياه، ما جعل غالبية مناطق القطاع غير صالحة للسكن، حيث يواجه سكان القطاع صعوبة بالغة لتلبية احتياجاتهم الضرورية من المياه.
وأعلنت سلطة المياه الفلسطينية خروج 208 آبار من أصل 306 من الخدمة بشكل كامل، وخروج 39 بشكل جزئي، وتبلغ تكلفة إصلاح قطاعي المياه والصرف الصحي نحو 2.7 مليار دولار.
وحذرت مديرة المكتب الإعلامي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في غزة، إيناس حمدان، من خطورة تفاقم أزمة المياه التي يُعاني منها غالبية سكان القطاع، حيث تشير تقديرات إلى أن إنتاج المياه وإمداداتها لا تزال عند ربع مستويات ما قبل أكتوبر 2023.
وشددت حمدان، في تصريح لـ«الاتحاد»، على ضرورة تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لإعادة إصلاح وترميم شبكات المياه بشكل عاجل، حتى يعود سكان القطاع إلى حياتهم الطبيعية، إذ إن الـ1500 نقطة مياه التي تعمل الآن في غزة، لا تلبي احتياجات الأهالي.
وذكرت أن «الأونروا» تُعد من أكبر الجهات الفاعلة في توفير المياه النظيفة في القطاع، وخلال الأشهر الأخيرة قدمت فرق الوكالة نحو 44% من خدمات المياه والصرف الضرورية للتخفيف من معاناة السكان، ووفرت المياه النظيفة لنحو 475 ألف شخص، إضافة إلى جمع أكثر من 3400 طن من النفايات الصلبة، وذلك منذ وقف إطلاق النار في 19 يناير الماضي.
بدوره، اعتبر الخبير في الشؤون الفلسطينية وأستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، أن أزمة المياه في غزة تتفاقم بشكل مقلق للغاية، مع عودة مئات الآلاف إلى مناطق إقامتهم، في شمال أو جنوب أو وسط القطاع، بعدما استهدفت إسرائيل غالبية مصادر المياه، ما تسبب في خروجها من الخدمة.
وكشف الرقب في تصريح لـ«الاتحاد» عن أن بعض سكان غزة يلجأون إلى الأساليب البدائية لتلبية احتياجاتهم من المياه من بينها حفر الآبار في المناطق القريبة من البحر، فيما يعتمد البعض الآخر على محطات التحلية التي أنشئت بتبرعات دولية، أو المياه المالحة من الخزان الجوفي الوحيد الذي تختلط مياهه بالصرف الصحي ومياه البحر.
وتصل بعض الشاحنات المحملة بالمياه للمناطق المدمرة، ويصطف الآلاف من السكان في طوابير طويلة للحصول على المياه في أواني الطعام، ويواجهون مصاعب كبيرة للحصول على كميات قليلة من مياه الشرب، حيث تعرضت بعض مصادر المياه للتلوث بسبب اختلاطها بالمواد المتفجرة والصرف الصحي، وهو ما يُنذر بتفشي الأمراض والأوبئة.