مؤتمر استثنائي ينصب سليمان صندل رئيساً لـ العدل والمساواة السودانية
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
أعلنت قيادات بارزة في حركة العدل والمساواة السودانية، الأربعاء، انشقاقها رسميا من التنظيم واختارت المسؤول السياسي السابق سليمان صندل حقار رئيسا للحركة، قبل أن تعترف بخطأ المشاركة في انقلاب 25 أكتوبر 2021.
وعقدت المجموعة التي يتزعمها أربعة من قيادات الصف الأول أعفاها جبريل إبراهيم من مناصبها في الرابع من أغسطس الجاري مؤتمر عام استثنائي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في الفترة من 28 – 30 أغسطس تحوم الشكوك حول تمويله بواسطة قوات الدعم السريع
وازدادت حدة الخلافات داخل أروقة الفصيل المسلح خلال الشهرين الماضيين بسبب التباين في وجهات النظر بين قياداتها حيال الحرب الدائرة في السودان، ولاحقت المسؤول السياسي سليمان صندل وأمين التفاوض والسلام أحمد تقد لسان، فضلا عن نائب الرئيس عيسى آدم حسابو، وأمين التنظيم والإدارة محمد شرف اتهامات بعقد اجتماع سري مع قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو في العاصمة التشادية انجمينا خلال يونيو الماضي من دون تفويض من مؤسسات الحركة، قبل أن يصدر جبريل إبراهيم قرارا بإبعادهم من مناصبهم.
وقال سليمان صندل في الجلسة الختامية للمؤتمر إن حركة العدل والمساواة ستكون منفتحة على كل القوى السياسية عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول الذي اتهمه بفصل جنوب السودان وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في إقليم دارفور.
وأكد موقفهم المحايد من الحرب التي تدور بين الجيش وقوات الدعم السريع وقال “سنعمل مع كل القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح لوقف الحرب وحماية المدنيين”.
وحث قيادات الجيش والدعم السريع على تحكيم صوت العقل بوقف القتال وناشد السودانيين وكل القوى المدنية بالكف عن خطاب الكراهية والعنصرية وتعزيز السلم الاجتماعي لأن السودان يسع الجميع، حسب تعبيره.
وأجاز المؤتمرون تعديلات حول النظام الأساسي للحركة تتيح للرئيس المنتخب اختيار نائبه ومكتبه التنفيذي، فضلا عن الأمين العام للحركة بدلا عن انتخابهم، كما أجاز ورقة سياسية تتضمن الرؤية المستقبلية للتنظيم الجديد وشكل التحالفات السياسية خلال الفترة المقبلة.
وكشف صندل أن المؤتمر الاستثنائي راجع قرار الحركة السابق بشأن تأييد مشاركتها في انقلاب 25 أكتوبر 2021 وأقر بالخطأ الذي ارتكبته جراء ذلك ومساهمتها في تقويض النظام الديمقراطي المدني.
وتعد حركة العدل والمساواة السودانية، ضمن قوى سياسية وأهلية وجماعات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا للسلام، وفرت الغطاء السياسي لانقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي نفذه قائدا الجيش والدعم السريع ضد الحكومة المدنية التي كان يرأسها عبد الله حمدوك، عندما نظمت اعتصاما أمام القصر الرئاسي قبل أيام من وقوع الانقلاب.
وشدد صندل على أن حركة العدل والمساواة لا تنتمي لليسار أو اليمين وتعمل من أجل المواطنة المتساوية وأكد أن الفساد تسبب في دمار السودان وطالب سكرتارية المؤتمر بأن تضمن مكافحة الفساد في البيان الختامي، وشكر دول أثيوبيا وتشاد ومصر.
وكانت القيادات المشاركة في المؤتمر وجهت انتقادات لاذعة لرئيس الحركة جبريل إبراهيم واتهمته بمخالفة النظام الأساسي الذي يمنع التجديد لرئيس الحركة لأكثر من دورتين كما حملته مسؤولية إبعاد قيادات تاريخية عن الحركة والاستئثار بالمكاسب التي تحققت بفضل اتفاق جوبا للسلام ومنح السلطة لبعض المقربين منه.
في المقابل أعلنت حركة العدل والمساواة بزعامة جبريل ابراهيم عما قالت إنه اجتماع تشاوري موسع لقيادات الحركة يعقد في بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر يومي الخميس والجمعة.
سودان تربيون
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: حرکة العدل والمساواة سلیمان صندل
إقرأ أيضاً:
العلاقات الروسية وخارطة الطريق السودانية
الفيتو الروسي اليوم (18 نوفمبر 2024م) أبطل مشروع قرار الدول الغربية الذي قدمته بريطانيا لمجلس الأمن، والرامي لشرعنة التدخل الإنساني في السودان، وحظر الجيش وكافة عملياته، بالتوقف القسري لجميع العمليات ضد الميليشيا وشرعنة النهب والاغتصاب وقتل المدنيين، مما يعني عمليا تقسيم السودان بين مناطق سيطرة الميليشيا وتلك التي يتواجد فيها الجيش. وهذا يعني انفصال دارفور فعلياً، وخلق كانتونات في الجزيرة وولاية الخرطوم وغيرها، وإصدار شهادة ملكية للميليشيا وشرعنتها بالقانون الدولي والفصل السابع.
نفس القرار طبق من قبل على عراق صدام حسين في التسعينيات، فأدى لإنفصال إقليم كردستان من الناحية العملية، ومثيله القرار ضد ليبيا القذافي عام 2011م فأفضى إلى تشكيل حكومتين في بنغازي وطرابلس لا تزالان تختصمان حتى اليوم.
الذي يحمد للإتحاد الروسي مصداقيته في الوقوف مع سيادة السودان بالعمل وليس بمجرد العبارات المنمقة، كما فعل مع سوريا من قبل. فأوقف مسلسل العبث الطاغي والمتطاول على سيادة السودان، وتسييره مغلولا ومعصوب العينين من قبل دول الاستعمار الجديد المعروفة، لإمضاء مخططاتها المتماهية مع أعدائه المعلنين.
هذا موقف مشرف من الإتحاد الروسي يستحق التقدير ورد التحية بأحسن منها، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
بيد أنه تبين الآن أن تطاول عمليات حسم هذا التمرد المدعوم بأجندة الخارج تعيق التقدم دبلوماسيا، وتكبل السياسة الخارجية. وظل هذا شأن السودان مع هذه الدول منذ الاستقلال، وعلى كافة الحكومات، الإنقلابية والعسكرية، بالتآمر المستمر، وتبادل الأدوار في كل مرحلة حسب مقتضياتها. وينشط التآمر الخارجي بنصب الحبائل في أجواء المعاناة المكفهرة التي تصنعها بيادقه من جيوش العملاء المتماهين مع المرتزقة حملة السلاح، ومن خانوا قسم الولاء للوطن فخانوه، ورفعوا السلاح المعد للعدى في صدور زملائهم رفقاء العقيدة الوطن.
ولذا فيتعين على الحكومة القائمة التعامل مع الوضع الراهن بالجدية والحسم المطلوبين. فأول مطلوب عملي هو تسريع عمليات تطهير البلاد من جيوب التمرد الآفل في كل مسارح العمليات، وبدءا بولاية الجزيرة، قلب السودان النازف، وتسريع عمليات تطهير بقايا التمرد في أطراف الخرطوم لإعلانها ولاية خالية من التمرد، والشروع في إنفاذ برامج إعادة البناء والإعمار.
ففي كل يوم تتأخر فيه القوات المسلحة المدعومة، أكثر من أي وقت مضى، بالمستنفرين والمقاومين، وكل شعب السودان، عن الحزم الموعود، فإن ذلك المدى الزمني يفتح فصولا جديدة من التآمر والتربص ونصب الحبائل. فقد أعلم بمثيل هذا التربص المولى تعالى رسوله، وهو في ساحة الجهاد مع المسلمين السابقين الأولين بقوله:-
“ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا” ثم أوصاهم بعدم التهاون والتردد في الحسم مهما كانت التضحيات:
“ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” موصياً ومحرضاً لهم بالثبات على المبدأ وتحديد الوجهة والتوكل الحازم.
أما على مستوى العلاقات الخارجية الثنائية، فقد تبين الآن للجميع، وبوضوح ساطع، من يقف مع السودان، ومن يدبر له المكائد.
وبالتالي فيتعين أن تعتمد مقاصد وتوجهات السياسة الخارجية هذه البوصلة التي لا تكذب.
فيتعين إبرام اتفاقيات دفاع مشترك واتفاقيات اقتصادية وتجارية، واتفاقيات التبادل النقدي مع دول صديقة وموثوقة كالإتحاد الروسي والصين وكافة الدول الصديقة، التي أكدت بالقول والفعل احترمها لسيادة السودان ووحدة ترابه واستقلال قرار شعبه السياسي، بدلا من الخضوع المتقاعس لأجندة الخارج التركيعية، وتوعداته التثبيطية، التي لن تقود إلا لمزيد من التشظي والفرقة، وبذر الشقاق والاحتراب بين أبناء الوطن الواحد، والسعي لتموضع العملاء والوسطاء لإذكاء المزيد من الفتن واستطالة أمد الحرب.
بالأمس اجتمع المستشار الألماني أولاف شولتز مع الرئيس بوتين، وقد خلص المراقبون إلى أن الهدف من اللقاء المفاجئ، الذي أذهل العديد منهم، يصب في خدمة السياسة المعلنة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي قرر إنهاء الحرب في أوكرانيا، كما أن ألمانيا نفسها ظلت تعاني من التدهور الاقتصادي بسبب قطع إمدادات الغاز والنفط الروسي عنها منذ عام 2022م ، فأدى ذلك لإغلاق عدد من مصانع السيارات مثل شركة فلكسواجن، وتجميد استثمارات أجنبية لصناعة الموصلات الإلكترونية تقدر ب 30 مليار دولار، وتزايد نسب العطالة والتذمر واستقالة وزير المالية والاقتصاد وتصدع الائتلاف الحاكم، فضلا عن أن نسبة النمو الاقتصادي خلال العام الجاري تناقصت إلى 0.2% وعلما بأن الاقتصاد الألماني يؤثر على كل دول الإتحاد الأوربي وضَعفه يعاني معاناتها. وبالتالي فلم يعد لأوروبا من مناص سوى التوصل لحل لمشكلة أوكرانيا نزولا على مبدأ الرئيس ترمب.
وبالتالي فإن الرهان الأوربي للوقوف مع أوكرانيا ضد روسيا وهزيمتها بدون أمريكا أصبحت معالمه واضحة للجميع.
بالأمس أعلنت حكومة الانقلاب في القابون التي يترأسها الجنرال بريس انقويما نتيجة الاستفتاء العام على الدستور الجديد، والذي حصل على تأييد أكثر من 91% من المواطنين، وجاء ذلك بموافقة ورعاية فرنسا ماكرون للانقلاب العسكري الذي جرى في أغسطس 2023م ضد حكومة الرئيس المنتخب علي بونقو في ديسمبر 2022م. وفي السودان نحتاج لتجربة أفضل لأن مرور خمس سنوات دون حكومة منتخبة يضحي أمرا مقلقاً.
عموما على الرئيس البرهان العمل والتصرف كرئيس حكومة أمر واقع، ودولة ذات سيادة، فعليه الشروع في تشكيل حكومة المهام الانتقالية من الخبراء والتكنوقراط، وإعلان برنامج إعادة الإعمار، وإصدار خارطة طريق للانتخابات لاستعادة المشروعية المسنودة بسيادة الشعب وسلطة حكم القانون. فالعالم لا يحترم من يتقاعس وينتزع موقعه المستحق بين الدول، ولا يحتفي بالمترددين المرتكسين المنتظرين لإشارات الآخرين. فالمياه الراكدة يفسدها طول الركود فتفسد ما حولها. والله يخاطب الرسول القائد تعليما للمسلمين في مثل هذه المواقع: ” فإذا عزمت فتوكل على الله”..
دكتور حسن عيسى الطالب
المحقق