هل تنقل الطائرات المسيّرة العالم إلى نظام جديد متعدد الأزمات؟
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
نشرت صحيفة "التايمز" مقالا للصحفي روجر بويز قال فيه "إننا نجحنا في اجتياز حرب نووية، وتفادينا الكساد ووجدنا لقاحات للوباء، ومع ذلك فإن الكلمة الطنانة لعام 2023 لا تزال هي المصطلح المخيف "الأزمات المتعددة".
وأضاف في المقال الذي ترجمته "عربي21" أنه "سمع ذلك مرة أخرى منذ بضعة أيام من مسؤول استخباراتي كبير في محطة توقف في لندن لاستخلاص المعلومات من نظرائه البريطانيين.
وخلص الصحفي إلى أن "عصر حرب المسيرات المتقدمة، والفعالية المفاجئة من حيث التكلفة وقوة الأسلحة الجوية بدون طيار، جعل الصراع العسكري خيارا سياسيا أسهل، ما من شأنه أن يحفز إعادة ترتيب النظام العالمي".
وأكد وهو عالق في كلمة (polycrisis) على أنه "عالم متعدد الأزمات، وعلينا فقط أن نعتاد على ذلك".
وتحدث بويز عن تشابك الحرب في أوروبا مع الحرب في الشرق الأوسط، وعن تنافس القوى العظمى الذي يضيق الخيارات أمام البلدان الأصغر حجما، والدول العديدة في منطقته التي كانت تكافح بالفعل من أجل البقاء - لبنان ومصر والأردن والسودان.
وطرح تساؤلات عدة "حول ما سيحدث عندما يتم إنتاج نسخة محسنة من مسيرة شاهد الإيرانية بكميات كبيرة بموجب ترخيص في روسيا العام المقبل، وما إمكانية أن ينتهي الأمر بها إلى جيش حزب الله المتوسع بعد انقضاء الحاجة إليها في الحرب ضد أوكرانيا".
وأضاف: أينما نظرنا نجد تدفقا مستمرا. فالماء، كما يقول أحد المرشدين الجيوسياسيين، هو النفط المستقبلي.
كما تساءل حول المنطق الاستراتيجي لتوسيع نادي مجموعة "بريكس" ليشمل إيران والسعودية والإمارات ومصر وإثيوبيا والأرجنتين.، مشيرا إلى أن هناك أمر واحد وراءه، وهو تجنيد المبتدئين الذي يشكل علامة أخرى على أن الصين تحاول بناء كتلة مناهضة للعقوبات الغربية عندما تتخذ خطواتها ضد تايوان".
وتابع: هناك القليل من الراحة في الطريقة التي يتكيف بها فن الحكم وبناء التحالفات مع ثورة التكنولوجيا العسكرية. المسيرات هي البارود الجديد. أدى انتشار البارود في أوائل أوروبا الحديثة إلى إضفاء الطابع الاحترافي على القوة العسكرية، واستبدال سلاح الفرسان الثقيل وسلطة مركزية أكبر.
وأشار الكاتب إلى أن "المسيرات تفعل العكس، حيث تثير حماسة المراقبين الشباب ذوي الخبرة التقنية، ما يمكن أدنى المستويات الممكنة من الابتكار والنجاح في المعركة"، مضيفا أن "البنتاغون تخلى عن خطط لبناء عدة آلاف من المسيرات على مدى العامين المقبلين، وهي قوة قادرة على ضرب 1000 هدف خلال 24 ساعة".
وأضاف: الميزة التي تتمتع بها الصين على الغرب هي الكتلة - المزيد من السفن، والمزيد من الصواريخ، والمزيد من الأشخاص"- وأحد الإجابات في الوقت الذي تستعد فيه منطقة المحيطين الهندي والهادئ لتنافس عسكري هو زيادة هذه الاحتمالات من خلال هجمات المُسيّرات. المشكلة التقنية هي كيفية إنشاء جيش المُسيّرات لاستخدامه ضد الصين دون استخدام مكونات صينية.
وشدد على أن الأوكرانيين "ينشرون المسيرات ليس فقط لمراقبة ساحة المعركة وتحديد المدى، بل في غارات تكتيكية على قوافل الدبابات، ورفع الروح المعنوية في الداخل وإثارة الإبداع العسكري، بل وأيضا لتفجير الفقاعة حول الشعب الروسي".
وأردف: في هذا الصيف، أجبروا الكرملين على إغلاق المطارات القريبة من موسكو مؤقتا؛ وأطلقوا 42 مسيرة على شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا. وضرب مبنى في وسط موسكو وقاذفة قنابل أسرع من الصوت متمركزة في مطار جنوب سان بطرسبرغ".
ورأى بويز أن "المسيرات تطرح نقطة سياسية: ربما تقوم الولايات المتحدة بتزويد الأسلحة بشرط عدم استخدامها ضد الأراضي الروسية، لكن لا يوجد الكثير مما يمكن لواشنطن أن تفعله لمنع أوكرانيا من استخدام أسلحتها الخاصة لشن هجمات رمزية".
المسيّرات رخيصة الثمن وتصبح أرخص. حتى أن الأوكرانيين كانوا يشترون مسيرات من الورق المقوى من شركة أسترالية تستخدمها لتوصيل الطرود على بعد 75 ميلا إلى المناطق النائية. يمكن تكييفها لحمل ثلاثة كيلوغرامات من المتفجرات البلاستيكية ولها أجنحة مشمعة للحماية من المطر وتجنب الرادار، وفقا للمقال.
ونوه بويز إلى أن "قلة تكلفتها تعني أن إنشاء سرب من المسيرات الانتحارية وشل حركة الطائرات الروسية المتوقفة لا يتطلب الكثير". وتساءل :هل هذا سيكسب الحرب في نهاية المطاف؟ لا نعرف حتى الآن، لكن في بعض الأحيان يكون شن الحرب بطريقة مبتكرة أفضل من القلق بشأن شكل المعركة النهائية.
وتابع: بينما تستثمر روسيا في إنتاج المُسيّرات في إيران، تشتري السعودية، المنافس اللدود لطهران، مُسيّرات من تركيا. منذ أيلول/ سبتمبر2019، عندما أطلق المتمردون الحوثيون المدعومين من إيران مسيرات وصواريخ كروز على مصانع معالجة أرامكو.
ويحاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إيجاد طرق لحماية صناعة النفط، حيث لم الولايات المتحدة لم تحرك ساكنا بعد الهجوم على منشآت أرامكو، على الرغم من أنه تم توجيهه بوضوح من قبل طهران، وذلك بحسب بويز الذي رأى أنه نتج عنه: "تعاون أوثق مع الصين وتركيا، التي من المرجح أن تتجاوز صادراتها العسكرية إلى الرياض هذا العام 7.5 مليار دولار".
وتطرق الكاتب إلى ما يتداول حول "احتمال الوصول إلى اتفاق مع السعوديين للاعتراف بإسرائيل"، مشير إلى "أن الولايات المتحدة في تلك الحالة سوف توافق، بعد موافقة الكونغرس، على البرنامج النووي المدني السعودي، وربما إلى حد التخصيب".
وأضاف: لكن تركيا والصين شقتا طريقهما لكي تصبحا دولتين متأرجحتين لا غنى عنهما في الشرق الأوسط.
بناء على ذلك، رأى بويز أن "التعديل الكبير الذي يشكل سمة مركزية للأزمات المتعددة يجري الآن، وهو مليء بانعدام الثقة المتبادل والحسابات المحلية وستكون التحالفات أكثر مرونة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة روسيا الصين الصين روسيا سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن
إقرأ أيضاً:
وول ستريت جورنال: ترامب يقلب النظام العالمي الذي بنته أميركا رأسا على عقب
قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن احتضان الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين جعل الحلفاء القدامى للولايات المتحدة ينظرون إليها، لا باعتبارها حليفا غير موثوق به فقط، بل باعتبارها تهديدا محتملا لأمنهم.
وذكرت الصحيفة -في تقرير بقلم ياروسلاف تروفيموف- أن بقاء أميركا لمدة 80 عاما كقوة خيرية نسبيا مهيمنة في العالم، جذب لها شركاء وحلفاء راغبين في التعاون، وذلك يعود إلى مبادرتين رئيسيتين أطلقتهما استجابة للاضطرابات التي أحدثتها الحرب العالمية الثانية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيروزاليم بوست: هل معاهدة كامب ديفيد للسلام في خطر؟list 2 of 2صحف عالمية: ترامب يرضي اليمين الإسرائيلي وحكم غزة صعب دون رضا حماسend of listكانت الأولى عقد مؤتمر بريتون وودز عام 1944، الذي كرس فكرة التجارة الحرة والتعريفات الجمركية المنخفضة، وأدى إلى ازدهار غير مسبوق بالنسبة للغرب، وكانت الثانية قيادة إنشاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو التحالف الذي انتصر في الحرب الباردة وضمن السلام في أوروبا.
ولتشكيل هذا النظام من الفوضى، وعلى أنقاض الحرب العالمية الثانية، كما كتب دين أتشيسون، المستشار الرئيسي للرئيسين فرانكلين روزفلت وهاري ترومان المعادي للانعزاليين الذين ينادون بشعار "أميركا أولا"، يجب أميركا أن "تبذل جهدا خياليا فريدا من نوعه أكثر حتى من ذلك الذي بُذِل في فترة الحرب السابقة".
إعلان
البحث عن رد
ورأت الصحيفة أن إرث هاتين المبادرتين بدأ يتراجع بسرعة مذهلة بسبب مساعي ترامب الذي استهدفت إدارته الثانية أقرب حلفاء أميركا برسوم جمركية عقابية، وأمرت بوقف مفاجئ للمساعدات العسكرية لأوكرانيا، وجمدت المساعدات الخارجية، وتميل إلى إعادة تنظيم جيوسياسي جانح لروسيا الاستبدادية، على حد تعبير الصحيفة.
وقد دفعت تحركات ترامب هذه بقية العالم -حسب الصحيفة- إلى البحث عن رد، وقال النائب الكندي إيفان بيكر، مرددا وجهة نظر أصبح عليها إجماع أوروبا "لقد غيرت الولايات المتحدة من وقوفها مع الديمقراطيات مثل كندا وفرنسا واليابان، وهي تقف الآن مع الدكتاتوريين مثل بوتين، ويجب أن يشعر الناس في البلدان الحرة في جميع أنحاء العالم بالقلق الشديد".
وفي خطاب دراماتيكي، طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بحملة إعادة تسليح كبرى، وقال إن أوروبا لا يمكنها السماح لواشنطن وموسكو بتحديد مستقبلها، وبالتالي يجب عليها الآن الاستعداد لأميركا التي لم تعد إلى جانبها.
وإذا كان ترامب -كما ترى الصحيفة- شكك أثناء رئاسته الأولى، علنا في قيمة التحالفات والتجارة الحرة، وأعرب عن إعجابه بالزعماء الاستبداديين واحتقاره للديمقراطيات الأخرى، لا سيما في أوروبا، فإنه اليوم يعود بلا معارضة تقريبا لمتابعة هذه الدوافع بقوة غير مقيدة وبلا مثيل، مضيفا إليها المطالبات المفترسة بأراضي الغير، مثل كندا وغرينلاند وقناة بنما وحتى قطاع غزة.
وقال مايكل فوليلوف، المدير التنفيذي لمؤسسة لوي للأبحاث في أستراليا، إن "ترامب في ولايته الأولى، اعتقد أن أميركا كانت ضحية للخداع، وكان رد فعله هو التقشف، أما في ولايته الثانية، فيدفعه الاعتقاد نفسه لطلب المزيد من أموال الحماية والمزيد من الأراضي، وهو مستعد لاستخدام الإكراه للحصول على هذه الأشياء".
إعلانوحذرت إيفلين فاركاس، المديرة التنفيذية لمعهد ماكين، من أن المزيج المتفجر من مذهب ترامب التجاري الجديد واحتضانه التفكير الإمبراطوري الذي يشبه القرن التاسع عشر قد يدفع العالم نحو حريق جديد، لأن "كلا من جانبي سياسته الخارجية، المكون الأمني وكذلك المكون التجاري والاقتصادي، يحملان الكثير من الخطر، ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة، بل والعالم".
وذكرت وول ستريت جورنال أن الولايات المتحدة، التي لم تكن دائما قوة عالمية حميدة، لم تحاول طوال قرن من الزمان الاستيلاء بشكل دائم على أراضي دول أخرى، رغم أنها دعمت الانقلابات والدكتاتوريات القمعية في أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وغزت واحتلت العراق عام 2003.
غير أن حروب ترامب التجارية -كما تقول الصحية- وإذلاله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وتهديداته لكندا وبنما والدانمارك، وتهميشه الحلفاء الأوروبيين أدت إلى تآكل هذا الإرث في جميع أنحاء العالم، وغيّرت صورة أميركا في آسيا "من دولة محررة إلى دولة هدامة"، كما قال وزير الدفاع السنغافوري نغ إنغ هين، أحد أقرب شركاء واشنطن الآسيويين.
والسؤال الحاسم الذي يطرحه الحلفاء الآسيويون على أنفسهم هو الآن: هل إدارة ترامب، بعد أن بدت وكأنها تقبل حق روسيا في منطقة نفوذ بأوروبا، ستسعى أيضا إلى إيجاد تسوية مماثلة فوق رؤوسهم لتقاسم العالم مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، خاصة بعد أن قال وكيل وزارة الدفاع الأميركية للشؤون السياسية إلبريدج كولبي إن تايوان، رغم أهميتها الكبيرة بالنسبة للولايات المتحدة، ليست "مصلحة وجودية؟".
الصين أم أوروبا؟وفي هذا السياق، قدمت الصين نفسها للأوروبيين على أن نهجها الدبلوماسي يؤكد على السلام والصداقة وحُسن النية والتعاون المربح للجانبين، معربة عن فظاعة تعامل ترامب معهم، واتفقت معهم على أن مستقبل أوكرانيا لا ينبغي أن تقرره واشنطن وموسكو وحدهما.
إعلانويأتي ذلك -حسب الصحيفة- في وقت أدركت فيه الحكومات الأوروبية أن الولايات المتحدة تتحول من حليف إستراتيجي إلى مفترس، مما يعني أن إعادة التوازن أمر لا مفر منه، وإن كانت لا تزال تتشبث بالأمل في أن الرابطة عبر الأطلسي التي استمرت 8 عقود من الزمان سوف تبقى بطريقة أو بأخرى.
وتساءلت ريم ممتاز، المحللة في مؤسسة كارنيغي بباريس، هل الأوروبيون قادرون على أن يصبحوا القطب الرابع، بحيث لا يتم استيعابهم في مجالات نفوذ روسيا ولا الولايات المتحدة ولا الصين، أم إنهم مقتنعون بأنهم لا يستطيعون ذلك، ومن ثم سيكون هناك تقسيم لأوروبا".
وقال المارشال الجوي المتقاعد إدوارد سترينغر، رئيس العمليات السابق في هيئة أركان الدفاع البريطانية، إن نوعا من "تحالف شرق الأطلسي"، ربما يشمل كندا، قد يحل محل الناتو في السنوات المقبلة، وأوضح "أن أوروبا لديها فرصة عابرة لمواجهة التحدي الذي يفرضه بوتين وترامب بشكل مباشر وغير مباشر".
وقال ثورستن بينر، مدير معهد السياسات العامة العالمية في برلين، متحدثا عن أوروبا "لقد اتبعنا دائما مبدأ الأمل في الأفضل، ولكننا الآن نستعد أخيرا للأسوأ، بأن تصبح الولايات المتحدة قوة معادية علنا متحالفة مع روسيا"، وتساءل: هل فات الأوان؟
في حين أن تآكل التحالفات بين الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى يصب في مصلحة الصين، فإن الفائز الأكبر في النهاية قد يكون أوروبا، كما يرى الأدميرال البحري الأميركي المتقاعد جيمس ستافريديس، الذي يقول "إن الأحداث التي تنسحب فيها الولايات المتحدة من الممكن أن تدفع أوروبا إلى التوحد والإرادة والوحدة، وتجعلها قوة أكثر أهمية في العلاقات الدولية".