في العشر السنوات الأخيرة زاد عدد المصابين بمرض السرطان بشكل يفوق كل التوقعات، زيارة واحدة إلى قسم الأورام بمجمع السلمانية الطبي أو مستشفى الملك حمد الجامعي، تكفي لمعرفة مدى انتشار هذا المرض اللعين الذي يفتك بلا رحمة بكل الفئات العمرية، من شيوخ ورجال ونساء وشباب وأطفال ورضع، والسؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين في المجتمع، هل هناك دراسة جدية من قبل الجهات المعنية بصحة الإنسان في بلدنا لهذا الحال المأساوي الذي أخذ بالانتشار السريع، وكأنه النار في الهشيم؟ وهل السلطة التشريعية مهتمة بهذا الأمر أم أنه ليس من ضمن اهتماماتها التشريعية؟ والمصيبة في هذا المرض أنه لا تظهر له أعراض واضحة في بدايته، يعمل بهدوء ومن دون استعجال في نشر خلاياه السرطانية الخبيثة في مختلف أجزاء جسم الإنسان، إذا لم يكتشف مبكرا.

لقد قرأنا التقارير التي تتحدث عن بعض المواد التي تسبب السرطان، وتضمنت التقارير تحذيرات من استخدامها منذ أكثر من عشر سنوات، ولكن لم تجد تلك التقارير من الجهات المعنية بصحة الإنسان في البلاد، ولا من الناس، ولا من الأماكن التي تستخدم تلك المواد الخطرة أي خطوة تدل على الأخذ بها. مازالت الممارسات مستمرة من دون اكتراث بالعواقب الخطيرة المحتملة، لا ندري لماذا يتم التعامل مع التقارير المهمة لصحة الإنسان بمثل هذا التساهل غير المبرر؟ ألم تقل التقارير الصحية أن وضع الخبز فور إخراجه من «التنور» في كيس النايلون يتسرطن؟ وهكذا عندما يتم وضع البقوليات الساخنة في أكياس النايلون! لماذا لا تبادر الجهات المعنية في بلدنا بمنع الخبابيز من ممارسة هذا السلوك الخاطئ والمضر بصحة الناس؟ وأخذ الإجراءات الصارمة على من يخالف المنع ويستمر في استخدامها من دون اهتمام بصحة البشر! هل انتشار أمراض السرطان في البحرين ناتج من هذا السبب فقط الذي ذكرناه آنفا؟ بالطبع أن هناك أسبابًا أخرى، من ضمنها ما تخرجه عوادم السيارات والمركبات الثقيلة والخفيفة من غاز أول أكسيد الكربون الخانق الذي تستنشقه الناس بمختلف أعمارهم وجنسياتهم طوال اليوم بلا أي احترازات وقائية، ولم ننس الغازات الكيماوية السامة التي تلوث الهواء ولم نتغافل عن الغازات التي تخرجها المصانع المنتشرة في الكثير من الأماكن القريبة من المناطق السكنية، فالإنسان في البحرين معرض بأن يصاب بأخطر الأمراض التي تنهي حياته، فبقاء الحال على هذا النحو، ينذر بزيادة نسبة الإصابات بمختلف الأمراض الخطيرة، وفي مقدمتها مرض السرطان. ومن أجل التعامل مع هذا الأمر بواقعية، لابد من إيجاد مركز دراسات وأبحاث تكون مهمته دراسة المواد التي يشك في احتوائها على مواد مسرطنة، والغازات التي باستنشاقها تؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان، وتكون التقارير التي يصدرها معتمدة رسميا؛ لكي تأخذ مكانها في سن القوانين اللازمة لهذا الشأن المهم. ولابد أن تشارك عدة جهات رسمية وخاصة في تنفيذها، ومن ضمن الجهات الرسمية على سبيل المثال، وزارة التجارة ووزارة الصناعة وإدارة المرور ووزارة الصحة ووزارة الإعلام ووزارة التربية والتعليم، وغيرها من الجهات التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بهذا الشأن. من المؤكد أن تضافر كل الجهود يعطي نتائج قيمة في هذا الاتجاه، ويقلل من نسبة الإصابات بمرض السرطان من خلال برامج الوقاية الجدية التي تقدم للناس، إذ إن ترك الأمر من دون إجراءات وقائية يفاقم الوضع أكثر مما هو متوقع. نأمل أن تأخذ الجهات المعنية بسلامة الإنسان في البحرين هذه المسألة بعين الاهتمام؛ لأن تركها يكلف ميزانية البلد مئات الملايين من الدنانير، والاهتمام بها يحد من نسبة النفقات التي تدفع لمعالجة الأمراض التي قد تحدث من هذه الأمور، لا ريب أن ذلك سيكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد وصحة الإنسان، دعواتنا الخيرة لكل الناس الذين يعيشون على هذه الأرض الطيبة بأن يمن عليهم جميعا بالصحة والعافية وأن يبعد عنهم سوء الأمراض الخطرة. سلمان عبدالله

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا الجهات المعنیة الإنسان فی من دون

إقرأ أيضاً:

كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالي

في الظروف التي نعيشها حاليا كسودانيين راقني كتاب المفكر والداعية محمد الغزالي ( جدد حياتك ) ولما رأيت فيه من فوائد جليلة أردت تلخيص جانب منه يسير ومشاركته مع الأصدقاء في هذه الصفحة ، لأن هذا الكتاب كأنما يخاطب حالنا ولحظتنا الراهنة ..
والكتاب نسخة ( إسلامية ) من كتاب ديل كارنيجي دع القلق وأبدأ الحياة ، كما ذكر المؤلف أنه مستوحي من ( وحي التجربة ووحي السماء ) ..
تقوم فكرة الكتاب علي إستنهاض النفوس وتحفيزها لمواصلة السير في الحياة بيقين المؤمنين ، وعزم المتوكلين ، إذ يؤكد علي حاجة الإنسان لفتح صفحة جديدة في حياته ( يكون فيها نسخة محسنة من نفسه كل يوم ) والأمر كذلك فإن الإنسان لا يجب أن يقارن نفسه مع الآخرين ، بل يجب عليه أن يطور نفسه ليكون يومه خير من غده وغده خير من يومه دائما ..
وآفة التغيير هو التسويف والتأخير في إنتظار مناسبة ، أو تحسن حال ، كمن ينتظر شهر رمضان كي يتوب ، أو من ينتظر إستلام الشهادة الجامعية ليبدأ مشوار البحث عن العمل ( الرجل المقبل علي الدنيا بعزيمة وبصر لا تخضعه الظروف المحيطة به مهما ساءت ولا تصرفه وفق هواها )
( لا تعلق بناء حياتك علي أمنية يلدها الغيب ، فإن هذا الإرجاء لا يعود بخير ) ، ويقرر الغزالي أن الإنسان يجب عليه خوض الصعاب في سبيل تغيير نفسه نحو الأفضل ، ويراجعها أولا بأول ( فما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين ) إذ أن عدم المراجعة يقود إلي الغفلة ، والغفلة تؤدي إلي طمس البصيرة وإتباع الهوي ( من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ) ..
ويركز الكتاب علي أن الإنسان العاقل هو من يركز علي يومه فيعيش اللحظة التي هو فيها برضا كامل وسعي متصل ، فلا الماضي سيعود ولا المستقبل بين أيدينا ( تجزئة الحياة واستقبال كل جزء منها بنفس محتشدة وعزم جديد ، ولا يعني ذلك تجاهل المستقبل أو ترك الإعداد له فإن إهتمام المرء بغده وتفكيره فيه حصافة وعقل ) ، وتلك دعوة إلي إهتمام المرء بمعالجة مشكلة الحاضر بتركيز شديد دون الغرق في القلق الزائد علي المستقبل ، ولذلك يقتبس من ديل كارنيجي طريقة عملية لتقبل صعوبة اللحظة وتجاوز آلامها ، يقول كارنيجي :
– سل نفسك ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لي ..
– ثم هيئ نفسك لقبول أسوأ الإحتمالات
– ثم أشرع في إنقاذ ما يمكنك إنقاذه
وإذا وقعت المصيبة فإن الغزالي يدعو إلي الآتي ( أعدوا أنفسكم لتقبل الحقيقة ، فإن التسليم لما حدث هو الخطوة الأولي في التغلب علي المصائب ) ..
وللأسف فإن الألوف من الناس قد يحطمون حياتهم في سورة غضب ، لأنهم يرفضون التسليم بالواقع المر ، وبدلا من أن يحاولوا بناء آمالهم من جديد يخوضون معركة مريرة مع الماضي وينساقون مع القلق الذي لا طائل منه ) ..
في سبيل الخروج من الواقع الأليم وبعد الدعوة لمراجعة النفس وتطويرها ومحاسبتها يوما إثر يوم ، والسعي لأن ( تكون أفضل نسخة من ذاتك ) ينادي الغزالي بضرورة الإستقامة أولا والتمسك بالحق ( كلما استمسك المرء بعري الإستقامة واستكشف الحق فيما يعرض له من مسائل اليوم والغد فإنه يكون أدني للتوفيق ) ..
واذا استبدت بالإنسان الأفكار والمخاوف واليأس فسلك طريق ضلالة تحت أي ضغط أو إغراء فليجتهد ألا يتوغل فيه ، وليعد من أقرب نقطة ، فقد يصاب الإنسان لقارعة يهتز لها تماسكه بيد أن من الرشد إستعادة الثبات والهدوء ..
كما أن الإنسان مدعو للصبر الذي هو حبس النفس علي ما تكره ، دون الإستكانة للأحزان وإلإستغراق في التفكير في المآسي ، ولكن الصبر الذي يحمله علي مواجهة الشدائد وفي نفس الوقت يشجعه علي مواصلة الحياة ..
نقطة مهمة وأخيرة وهي العمل من أجل تغيير النفس وتغيير الواقع الذي ولد المصائب ، فلا يجب أن يركن الإنسان لظرف صعب ، ولا فرص غائبة وإنما عليه الإجتهاد من أجل خلق تلك الفرص وتطويع الظروف لمجابهة الواقع المرير ..
وأخيرا علي الإنسان وهو في قمة سعيه نحو التغيير أن يستذكر قول ربنا الكريم ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) ..

ياسر يوسف

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • باسيل: أهم ما في التيار هو الإنسان وكرامته
  • غدا .. انطلاق برنامج الانضباط العسكري بمحافظة ظفار
  • مواطنو هذه الدول يحتاجون إلى تأشيرة شنغن للسفر إلى أوروبا
  • كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالي
  • علاقة الاكتئاب بصحة الأمعاء
  • ما علاقة الاكتئاب بصحة الأمعاء؟
  • والد الطفل العبقري الصغير يسلم وليد السعيدي يشكر هذه الجهات فقط فمن هي!؟
  • دراسة نقدية : مشفوعة بقصة قصيرة
  • دور الساعة البيولوجية في علاج السرطان.. دراسة تحسم الجدل
  • العيد والإجازة