الحروب لا تعرف الهدأة والاستقرار، فدائمًا تكون طلقات الرصاص جاهزة في البنادق لتكون الصوت المسموع ولا صوت يعلو على صوته، حروب لا تفرق بين أطفال وصغار وشباب وكبار، فكلًا على الهاوية، ولكن لا بد أن ننظر إلى الطفل الصغير الذي يتربى في بيئة لا تعرف سوى الرصاص، هل عندما يكُبر هذا الطفل سيكون إنسان صالح لنفسه ومجتمعه، أم مشرد لجأ إلى السرقة والنهب والسطوة ليعيش، أي بيئة تخلفها هذه الحروب، من أين تأتي الأجيال النافعة والبلاد المتقدمة والسلاح فيها سابق العقل، كيف لطفل يحمل لعبته أن يتحول فجأة لكهل يريد الخلاص من أجل الخلاص!.

مسرحية لدعم أطفال السودان

وفي سياق متصل، يجلس الأطفال الصغار في مراكز إيواء النازحين بمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان حول فرقة مسرحية تقدم فنون درامية تحت مسمى " فن العرائيس"، لتخفيف آثار الحرب عن هؤلاء الأطفال الذين لا يسمعون في حياتهم سوى طلقات الرصاص والقذف في كل مكان.

وتقدم هذه المبادرة التي يقوم عليها ممثلون سودانيون صورة مغايرة لواقع القتل ورعب البنادق التي كونها الأطفال قبل فرارهم مع أسرهم من الحرب المحتدمة في الخرطوم، من خلال مسرحيات بسيطة مليئة بالحياة والأمل والمستقبل المشرق.

وامتدت أعمالهم الدرامية إلى الإشراف على ورش عمل الرسم والتلوين التي يقوم بها الأطفال في مركز الإيواء كجزء من برنامج العلاج النفسي، ولا تتوقف عند عمل الدراميون عند حد تمثيل المسرحيات القصيرة فقط.

وتضرر هؤلاء الأطفال كثيرة من ويلات الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي، فراح الآلاف منهم ضحية للقتل والتشريد والجوع.

ونقلت منظمة يونيسف ما يقرب إلى  2500 انتهاك صارخ لحقوق الطفل  بمتوسط واحد على الأقل في الساعة، إلى جانب نزوح 1.9 مليون طفل داخل السودان، وأجبر 1.7 مليون طفل إضافة على ترك منازلهم وهم يتنقلون الآن داخل البلاد وعبر حدودها.

من أين جاءت الفكرة ؟

وجاءت هذه الفكرة لدى مبادرة مسرح العرائيس بمجرد خروجها بعائلتها من الخرطوم عقب اندلاع الحرب، وأن المسرحية مستوحاه مما تم مشاهدته من تأثيرا على صغارها بسبب القتال، كما أن هذه المبادرة فكرت في أن يكون الطفل في مراكز إيواء النازحين منتجًا لشتى الفنون الإبداعية من رسم وحكايات حتى يتمكن من التغلب على آثار الحرب التي تمثلت في الخوف والرعب وغياب الإحساس بالأمان

وأشارت مبادرة مسرح العرائس إلى أن عملها يقوم على ثلاث عرائس، وهي بنت الماحي الجدة صاحبة السبعين عامًا والتي تعرف محليًا بالحبوبة، وتحظى بحب الاطفال نظرًا لحكايتها المشوقة، إلى جانب العروستين ميمي وتمبوشة، وهن صغيرتان يتحدثا بلغة وأسلوب الأطفال بشكل شبه حقيقي.

وتعمل الماحي إلى جانب طبيب نفسي يدعى معاذ شرفي والذي يقوم بتصميم الرسائل التوعوية حسب حاجة الأطفال في كل مركز إيواء بناء على ما تعرضه له، ومن ثم يقوم الممثلين بتقديمها بشكل مختصر يناسب حالة الصغار

ويتواجد في مدينة ود مدني أكثر من 30 مركزًا لإيواء للنازحين من الحرب الدائرة في الخرطوم، كما أنها تضم آلاف الأطفال الذي يعيشون وسط نقص في الأغذية وظروف إنسانية بالغ السوء، وكان يعاني أطفال السودان العديد من المخاطر قبل اندلاع الصراع، لا سيما ارتفاع معدلات الإصابة بسوء التغذية والتسرب المدرسي ووجود ملايين من الأطفال خارج التعليم، فالقتال والحرب الدائرة أدت إلى تفاقم المشكلة، حسب أسماء جمعة مدير مركز الإرشاد النفسي بجامعة النيلين السودانية.

وارتفعت هذه المخاطر بعد الحرب خاصة جانبي التغذية والتعليم، الذي نتج عن غلق المدارس، وحالات الرعب والخوف التي خلفها الصدام المسلح، وكل هذه المعطيات هي التي نتج عنها وجود برامج للعلاج والدعم النفسي للأطفال، فالمسرح وجميع الفنون من شأنها أن تحمو آثار الحرب عن الاطفال.

وفي النهاية، فهناك الحاجة الماسة إلى مزيد من هذه المبادرات الهادفة من مسرح وفنون ورسم تعمل وسط الأطفال النازحين حتي يتمكنوا من تجاوز هذه المصاعب النفسية، ومن غير ذلك سيكون التهديد الوجودي لنواة المستقبل حاضر في البلاد.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: المد مخاطر ارتفاع المستقبل مراكز علي ترك حاج السودان أطفال حقوق الطفل

إقرأ أيضاً:

الثقافة تنهي المرحلة الأولى من مبادرة "أنا موهوب" بالتعاون مع التضامن الاجتماعي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أنهت وزارة الثقافة المرحلة الأولى من مبادرة "أنا موهوب"، في إطار التعاون المشترك مع وزارة التضامن الاجتماعي، ضمن المبادرة الرئاسية "بداية" لبناء الإنسان ليكون أكثر وعيا وتقدما، ولتنمية وبناء شخصية الإنسان، وتطوير مهاراته وقدراته، وتعزيز روح فريق العمل من أجل مشاركة مجتمعية فعالة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في إطار رؤية مصر 2030.

وتُمثل مبادرة "أنا موهوب" أحد المساعي الحثيثة لاكتشاف وتنمية ودعم الموهوبين، وبناء شخصية الأطفال، وتحقيق العدالة الثقافية، حيث تستهدف مرحلتها الأولى 1000 طفل من أطفال نوادي الطفل التابعة للتضامن الاجتماعي ومراكز مكافحة عمالة الأطفال بمجموعة من المحافظات القاهرة، مرسى مطروح، شمال سيناء، الإسكندرية، المنيا، والغربية، حيث إن نوادي الطفل العاملة وعددها 3040 تستهدف عدد 11537 طفلًا من أعمار 6 إلى 14 سنة وكذلك مراكز الطفل العاملة على مستوى الجمهورية. 

وبدأت المبادرة في حيز التنفيذ من خلال المرحلة الأولى بتدريب الميسرين من المديريات المختلفة والباحثين لتطبيق المنهج العلمي لطرق اكتشاف المواهب باستخدام المقاييس العلمية، وذلك من يوم السبت الموافق 2 نوفمبر حتى الثلاثاء الموافق 5 نوفمبر، وتأتي هذه المبادرة تحت إشراف الدكتور أسامة طلعت، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، من خلال المركز القومي لثقافة الطفل برئاسة الباحث أحمد عبد العليم، وتنفيذ إدارة بحوث ثقافة الطفل بالمركز القومي لثقافة الطفل، وبالتعاون مع الإدارة المركزية لشؤون الأسرة والطفل والإدارة العامة لشؤون الطفل بوزارة التضامن.

وتضمن برنامج المبادرة في المرحلة الأولى التدريب على حقوق الطفل وتطبيق مقاييس علمية لاكتشاف الموهوبين، والمرحلة الثانية مرحلة الاكتشاف بتطبيق المقاييس العلمية وعمل لقاءات وندوات مع أولياء الأمور لتوفير بيئة ممكنة لتنمية المواهب، والمرحلة الثالثة تنمية المواهب بعمل برامج علمية وأدبية وفنية للاطفال وفقًا لنوع الموهبة لتأهيل الأطفال للاشتراك في مسابقة الدولة للمبدع الصغير.

مقالات مشابهة

  • أفلام الكرتون .. سلاح ذو حدين على سلوك الطفل وتنشئته
  • فرن بلدي| أطفال يقدمون نموذجا لمحاكاة حياة الريف بمزرعة جنوب سيناء ..صور
  • إطلاق النسخة الـ12 من جائزة الملتقى العربي لناشري كتب الأطفال
  • الإثنين.. مركز الطفل للحضارة والإبداع يستضيف "لمحات من الهند"
  • ما العمر المناسب لتلقي الطفل لقاح الإنفلونزا الموسمية وعينة الكعب؟
  • استشاري حساسية: «الشخير» الليلي عند الأطفال مؤشر لمشاكل صحية
  • الثقافة تنهي المرحلة الأولى من مبادرة "أنا موهوب" بالتعاون مع التضامن الاجتماعي
  • الصحة العالمية: تعرض 3 من بين كل 5 أطفال للعنف الأسري يوميًا
  • مركز «الطفل للحضارة والإبداع» ينظم ورشة عن فن «الأوريجامي» الجمعة المقبل
  • أسرع علاج للنزلات المعوية عند الأطفال