الرئيس المشاط : أولوياتنا مواجهة العدوان والحفاظ على الجبهة الداخلية واصلاح مؤسسات الدولة
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
عمران – سبأ:
أكد فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، أن مواجهة العدوان والحفاظ على الجبهة الداخلية وإصلاح مؤسسات الدولة كانت ولاتزال الأولويات الثلاث للدولة، والتي أكد عليها قائد الثورة مرارا.
وحيا الرئيس المشاط في كلمته اليوم خلال لقاء موسع ضم أعضاء مجلسي النواب والشورى والسلطة المحلية والمكتب التنفيذي والأعيان والوجهاء بمحافظة عمران، كل الشرفاء من أبناء حاشد وبكيل في محافظة عمران الوفية.
وأوضح أن تكلفة المشاريع التي تم افتتاحها ووضع حجر الأساس لها بالمحافظة تعادل ستة مليارات ريال في مجالات المياه والطرق والسدود وغيرها.
وقال” أتينا إليكم وشعبنا يستعد ويتأهب لاستقبال مولد خير البشر محمد صلوات الله عليه وعلى آله، وأعياد ثوراتنا المباركة، ولنا الفخر والاعتزاز بالانتماء لهذه المحافظة وهذه القبائل الحرة الوفية التي تحطمت على عمق تاريخها كل مؤامرات الأعداء”.
وخاطب الرئيس المشاط قبائل عمران قائلا” أنتم القبائل الوفية التي وقفت ولا زالت تقف، وقفة الرجال والأبطال، إزاء الهجمة الشرسة والعدوان الغادر الغاشم الذي استهدف بلدنا لما يقارب تسع سنوات”.
وقال” فأنتم يا أبناء همدان يا ملوك سبأ، كنتم السيف الصارم في وجه هذه الغطرسة التي يتزعمها عدونا بقيادة أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات وكل شذاذ الآفاق في هذا العالم، الذين يتطلعون لغزو واحتلال بلدنا، لكن هيهات لهم ذلك وفي بلدنا مثل هذه القبائل الوفية”.
وأضاف” ورغم محدودية الإمكانات وحرمان الماضي إلا أننا سنبذل كل جهدنا فبلدنا في خير وإلى خير بإذن الله، فلا تسمعوا المحبطين والمغفلين، فنحن سنقوم بترميم بلدنا ونستعيد عافيته، وكونوا على ثقة بأن لدينا قيادة قادرة على استعادة كل أمجاد بلدنا”.
وأشار فخامة الرئيس، إلى أنه ورغم الظروف الصعبة إلا أنه وبقوة أبناء هذا الشعب وهذه القبائل والتراكمات الماضية التي أثبتها الرجال الأوفياء في مضمار الصبر والصمود، سيكون لكل ذلك الدور الكبير في اخراج البلد من المأزق الذي يمر به، وعلى الجميع التكاتف ووحدة الموقف والتناصح باعتبارها من أهم عوامل مواصلة الصمود.
ولفت إلى أن اليمن تجاوز المنعطفات الخطيرة، والأمور الجسام التي اقتحمها بفضل الله وصمود هذا الشعب، ولم يتبق سوى القليل للوصول إلى ما يصبو ويتطلع إليه الشعب اليمني.
وكشف الرئيس المشاط أن القوة الصاروخية اختبرت بالأمس أفضل التقنيات التي وصلت إليها والتي اربكت القوات الأجنبية في البحر الأحمر.. وأضاف” أنا قلت من هذه المحافظة الأبية في العام الماضي أن النصر حليفنا ولا شيء غير النصر، واليوم أصرح من هنا إن هذه التجربة أربكت القوات الأجنبية في البحر الأحمر، وهذه هي الوعود التي قلناها في الماضي وستسمعون أكثر منها بإذن الله”.
وأشار إلى أن التحلي بروح المسؤولية عامل أساسي لمواصلة الصمود.. لافتا إلى أن أبناء القوات المسلحة والأمن وقيادة الثورة المباركة، وهذا الشعب والقبائل الوفية هم صمام الأمان أمام مؤامرات العدو.
وأكد فخامة الرئيس، أن العدو عجز عن المواجهة العسكرية فحرص على استبدال خططه كما قال السيد القائد حفظه الله في الخطة (ب)، وستفشل الخطة (ب) كما فشلت الخطة (أ).. مبينا أن إثارة المشاكل وتشغيل الغوغائيين كلها تأتي في هذا السياق وللأسف الشديد، ينجر كثير من الحمقى وراء ذلك وهم لا يعرفون أن المخطط من السفارة الأمريكية في الرياض التي تعتبر مقراً للسفارة الأمريكية في صنعاء.
وقال” نحن مطلعون على خطة السفارة الأمريكية في الجمهورية اليمنية لخمسة أعوام، من 2020 إلى 2025م، وأقول للإخوة الذين يتحركون بحسن نية وبسوء نية كفى، أنتم تخدمون العدو من حيث تشعرون أو لا تشعرون، فالخطة موجودة لدينا”.
وأوضح الرئيس المشاط، أن البرنامج الموجود في خطة السفارة الأمريكية من شهر يوليو 2023 عنوانه الشفافية وكل الكتابات والهرطقات والدعايات تأتي تحت هذا العنوان.
وتابع” إذا تحدثنا عن الراتب فالمسؤولية علينا لكن امكانيته ليست عندنا، بل لدى العدو، وأقول للحمقى من هذا المكان، أنتم بحسن نية أو بسوء نية، تبرئون العدو من التزامه بالراتب بعد أن التزم به، أنتم تأتون لتبرئوه وتقولون لا نريد الراتب من عندك، وهذه خدمة للعدو بشكل واضح”.
وأردف ” تمكنا بالضغط على عدونا أن نجعل قضية تسليم المرتبات أمرا مسلما به لدى الأمم المتحدة وأطراف العدوان، حتى جاء هؤلاء الغوغائيون الذين يتبعون الإمارات وبعض الجهات التابعة لها، وبرأوا العدو وخففوا عليه، والآن بدأ يتهرب من التزامه، وهنا أقول للموظفين إن هؤلاء هم من أعاقوا وأخروا تسليم الراتب سواءً بحماقة أو بسوء نية، هم أخروا الراتب عندما وفروا فرصة للعدو أن يتهرب من التزاماته، والقانون سيردع من يخدم هذا العدو”.
وقال” تحملنا المسؤولية في ظروف صعبة، يوم هرب الآخرون، وتخلوا عن المسؤولية، وتحملناها -بفضل الله- بكل جدارة واقتدار، وقدنا هذا البلد في أصعب الظروف، وأحلك الأوقات، وأخرجنا الله -سبحانه وتعالى- من كل هذه المنعطفات الخطيرة، فلا داعي للمزايدة”.
ولفت الرئيس المشاط، إلى أن الحلول التي تأتي من هنا أو هناك كلها هرطقات، وقد تم بحث كل الحلول.. وقال” نحن نريد الخير لكل موظف، وإذا تحدثنا عن راتب فالراتب في المقدمة لرجال الرجال في الجبهات، لهم الأولوية، ولا يعني هذا سقوط حق الآخرين الكل يستحق، وهذه مسؤوليتنا، لكن عندما يأتي البعض ويقول إن الراتب لدينا فهذه مزايدة وخدمة للعدوان”.
وخاطب موظفي الجمهورية” قولوا للمزايدين والحمقى كفى مزايدة بمعاناتكم لعدة سنوات، نحن لا نغفل ولا نتساهل ولن نتساهل -بإذن الله-، وجاهزون في سبيل توفير المرتبات لكل موظفي الجمهورية اليمنية، حتى لو دخلنا في تصعيد عسكري لانتزاع هذا الراتب”.
ولفت إلى أن الجبهة لا زالت مستعرة.. وقال” كنا خلال الأسبوع الماضي في حرب مع سفينة “سينمارجينت”، وسفينة “بوليفار” القادمتان إلى ميناء عدن لنهب الغاز اليمني، وقد رجعتا أكثر من أربع مرات، آخرها بالأمس لنهب أربعين ألف طن من مادة الغاز”.
وأضاف” أقول لأبناء المحافظات الجنوبية سمحنا بإمداد الكهرباء في عدن بالطاقة من مأرب لأجلكم، وهي خدمة لم يوفروها إلى الآن، وللأسف الشديد، سمحنا بنقل النفط والغاز من مأرب وشبوة إلى عدن لأجل أبناء عدن الأوفياء المظلومين، لكننا لن نسمح بأن يأتي اللصوص ليسرقونها ويصدرونها، وقد أبلغنا الشركات المالكة للسفينتين أننا سنضربهما، ونحن على أهبة الجهوزية والاستعداد لذلك إذا ما قررتا الدخول لنهب الغاز من ميناء عدن”.
وتطرق الرئيس المشاط إلى ما يتم تداوله من أخبار عن نزول المارينز والقوات البريطانية في المحافظات المحتلة والذين حذرهم من التمادي في اليمن كون ذلك خطُا أحمرا.. مؤكدا أن اليمن يمتلك الطائرات المسيرة، والصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى، ويمتلك قائداً يده خفيفة على الزناد.
ولفت إلى أنه وفي إطار خطة السفارة الأمريكية حتى العام 2025م سيتم في الأيام القادمة إثارة مشاكل بذريعة أن هناك قمع للحريات ومبررات تعتمد جميعها على الأكاذيب، أما في العام 2024م فلديهم خطة لاستقطاب شخصيات سياسية واجتماعية عبر المنظمات وعقد ندوات في الخارج لاستقطابهم.. مبينا أن الخطة تتضمن أيضا إنشاء منظمات مجتمع مدني يجندون من خلالها بعض الشخصيات.
وأضاف” نحن نراهن على الله في المقدمة، وعلى وعي هذا الشعب، وشجاعة وحكمة قيادتنا، فهذه هي المقومات التي ستخرج بلدنا من هذه المحنة إلى بر الأمان”.
وعبر الرئيس المشاط في ختام كلمته عن الشكر لأبناء قبائل حاشد وبكيل وأبناء عمران قاطبة على ما يتمتعون به من روح وثابة وعملية وما يقومون به من جهود لدعم المبادرات، والتي سيصل عددها هذا العام إلى نحو 400 مبادرة بالمحافظة وستحظى بالدعم والاهتمام.
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نبيل الصوفي السفارة الأمریکیة الرئیس المشاط هذا الشعب إلى أن
إقرأ أيضاً:
العودة إلى شمال غزة .. إرادة صمود أعجزت ترسانة العدوان الإسرائيلي
يمانيون ـ تقرير | يحيى الربيعي
تسبب العدوان الإسرائيلي على غزة الذي بدأ في السابع من أكتوبر 2023 واستمر لأكثر من 470 يوما، في أضرار بشرية ومادية واسعة النطاق في البنية التحتية للقطاع.
حجم الحطام الناتج عن هذا العدوان هو الأكبر في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي ، حيث بلغ ما يعادل 17 ضعف إجمالي حطام جميع الحروب السابقة مع العدو الإسرائيلي منذ عام 2008.
وفقًا لبيانات من منظمات دولية، فإن حجم الحطام في عام 2024 وحده بلغ نحو 51 مليون طن، مما يسلط الضوء على التدمير الهائل الذي وقع في كافة جوانب الحياة في القطاع، بما في ذلك المنازل، المستشفيات، والمدارس. من المتوقع أن تستغرق عملية إزالة جميع الأنقاض أكثر من 21 عامًا، وهي فترة طويلة تعكس الأبعاد الكارثية للعدوان وتحديات إعادة الإعمار التي ستواجه الشعب الفلسطيني.
هذه الأرقام والمؤشرات تلقي الضوء على مدى معاناة السكان الذين يعيشون في ظل هذه الظروف المأسوية، ويفتح النقاش حول الأسلحة والسياسات المدمرة التي يستخدمها العدو بدعم غربي، وتأثيرها المباشر على حياة المدنيين. تشير التقديرات إلى تضرر حوالي 80 في المئة من مباني غزة، ومعظم الأضرار في الشمال. يقول سام روز، المسؤول في وكالة الأونروا، إن عدد السكان العائدين “من المرجح أن يتضاعف”، ولكنهم سيواجهون مشاهد مدمرة.
لكن، ورغم كل اليأس والألم، يبقى الأمل مضيئًا في قلوب الغزيين العائدين إلى ديارهم، حيث يسعون لإعادة بناء حياتهم من جديد، رغم كافة التحديات التي تواجههم.
نشوة النشرة وفرحة العودة
ومع تراجع دوي القذائف، بدأت الصور تعكس واقعًا مؤلمًا لشعب غزة العائد إلى دياره. علي يحيى، أحد هؤلاء الفلسطينيين، عاد إلى منزله في مدينة الزهراء بعد أشهر من النزوح، ليستأنف البحث عن حياة جديدة تحت سقف مأوى مهدم في أكتوبر 2023.
عائلة علي، مثل العديد من العائلات، دُمرت منازلهم بفعل القصف، مما جعلهم يتنقلون داخل غزة بحثًا عن الأمان. فقال علي: “رغم أن الحزن يتملكني، إلا أنني أشعر بفرحة العودة.” ويعبر عن شعوره بنشوة النصر بينما يسير مع الآلاف من الفلسطينيين الذين يرتدون آمالهم ويحملون أحلامهم في أكياس بسيطة.
ويشعر علي بالقلق والأسى على جيرانه، ويتساءل: “ماذا حدث لهم؟ هل نزحوا أم قتلوا أم اعتقلوا؟ هل عاد معي جميع جيراني اليوم؟” تحمل هذه الأسئلة مشاعر متضاربة بين الأمل في اللقاء والقلق من المصائر المجهولة.
عمل علي كمصمم ملابس، ولكنه اضطر لترك كل شيء: “تركت شمال غزة وبيتي وعملي، كل شيء ذهب. الأهم أنني لا أزال أبحث عن مصير الأشخاص الذين أحببتهم. لا زلت أحلم خلال رحلة عودتي يمكنني أن أراهم وأن نعيش معًا ذكريات تثبت العودة والبناء.”
حمل علي معه أثناء فراره حقيبتين فقط تحتويان على أشياء بسيطة لكنها مهمة: جهاز آي باد، وثائق، سترة بغطاء للرأس (هودي)، زجاجة مياه، ومجموعة إسعافات أولية. هذه الأشياء تمثل جزءًا من حياته السابقة، وذكرى من زمن لم يكن فيه الخوف والدمار هم الحاضر الوحيد. عودة علي وأمثاله هي تجسيد قوي لروح النضال الفلسطيني، هي العودة إلى جذورهم، ورغم الدمار، يبقى الأمل يتلألأ في عيونهم، حيث يسعون لإعادة بناء حياتهم وأرضهم.
وعلى أمل أن يحمل المستقبل المزيد من الصمود حتى نيل كل الحرية، عاد أدهم البرطاوي، الشاب البالغ من العمر 31 عامًا، إلى منزله في شمال غزة بعد أكثر من عام من التهجير. كان يأمل أن يجد الوضع أفضل، لكنه صُدم بما قابلته عينه. وسط أنقاض منزله في مدينة الزهراء، قال: “نصف منزلنا اختفى تمامًا”. فقد دمرت الجرافات كل شيء؛ غرفة المعيشة والمطبخ والشرفات، ولم يتبقى سوى غرفتين وحمام، وهو يشعر بالقلق من احتمال نهب ما تبقى.
أدهم هو واحد من مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين بدأوا بالعودة إلى شمال غزة بعد البدء في تنفيذ الاتفاق وانسحاب العدو الإسرائيلي.
بدا عماد علي الزين، الذي عائد أيضًا إلى منزله في جباليا، محطماً. “من المستحيل وصف الدمار الذي يحيط بي”، قال عماد البالغ من العمر 48 عامًا، وهو يحاول إخلاء المكان لنصب خيمة. “كنت سعيدًا في طريق العودة، لكنني شعرت بخيبة أمل عند رؤية المشهد الكارثي”. ما زالت جثامين آلاف الشهداء مفقودة تحت الأنقاض، وتظل الذخائر غير المنفجرة تمثل خطراً كبيراً.
الحياة في أحضان الأم “الأرض”
عادت الحياة ببطء إلى شمال غزة، حيث احتشد آلاف الغزيين عند شارع الرشيد في صباح يوم الاثنين الماضي، مستبشرين بإعلان مسؤول في وزارة الداخلية في قطاع غزة أن مسيرة العودة بدأت بالفعل وأن العدو الاسرائيلي بدأ في انسحاب من محور “نتساريم”.
تجاوزت عملية التحرك من جنوب غزة إلى الشمال خطواتها ببطء، ولكن العائدين لم يفقدوا الأمل. قال أحد النازحين مبتسمًا: “على الأقل إحنا راجعين لبيوتنا. الآن بقدر أقول إن الحرب خلصت، وأتمنى أن يستمر الهدوء.”
خطواتهم كانت على بقايا المدن القديمة، حيث كان بإمكانهم رؤية الأصدقاء يتبادلون التحيات والعناق، وسط الأنقاض. فيديوهات من المواقع تظهر كيف كان الناس يمرون عبر كتل من الحطام، بينما الباعة يقفون بجانب الطريق، يعرضون الحفاضات والنقاط الضرورية.
مع مرور الوقت، بدأ الغزيون يعودون إلى منازلهم، فكان الطريق المليء بالذكريات يحمل بين طياته العواطف المتباينة. أحد العائدين عبر عن شعوره: “الشعور لا يوصف. أنا أعود ورأسي مرفوعًا. لقد تحملنا الإذلال والمعاناة، ولكن في النهاية، سنعوض ما فقدناه.”
لكل عائد قصة، ولكل قلب حلم بالعودة إلى الحياة في أحضان الأم “الأرض”، غير أن طريقهم إلى ذلك مليء بالتحديات، والأمل يبقى رائدهم. في أجواء من الفوضى، وقف رجل بجانب سيارته يصنع القهوة، بينما صور من فوق ركام تُظهر حجم الدمار الهائل الذي عانت منه المدينة. كانت المشاعر متضاربة، حيث عبر فلسطيني بقلب مليء بالحزن عن مشاعره: “الحزن يتملكني”، وكأن الكلمات لا تكفي لتصف معاناتهم في ظل كل هذا الدمار والفقد.
المشهد مبارك للغاية. وسعادتنا هائلة
تقول التقديرات إن أكثر من 200 ألف شخص قد عبروا بالفعل إلى الشمال سيرًا على الأقدام، بعد أن عاشوا لفترة طويلة في خيام جنوب القطاع. وحول مشاعرهم عند العودة، شارك عائد آخر: “المشهد مبارك للغاية. وسعادتنا هائلة.” ومع ذلك، اعترف العديد منهم بأن الرحلة كانت “صعبة للغاية”، إلا أنهم أضافوا: “نحن سعداء لأننا سنلتقي بعائلاتنا وأحبائنا.”
ومع بلاغات العودة، كانت منصات التواصل الاجتماعي، تنقل لحظات من الحزن والارتياح لدى النازحين الفلسطينيين. وعلى طريق الرشيد، كانت علامة “مرحبا بكم في غزة” ترحب بالآلاف العائدين، لكن الدمار كان مشهداً مأساوياً. على الجانبين، تظهر المباني المدمرة، فيما لم يتبق من الحديقة الساحلية سوى ذكراها.
يعكس واقع العودة إلى شمال غزة مأساة عميقة، حيث لا تزال آثار العدوان الإسرائيلي حاضرة بوضوح. تجريف الشوارع وتدمير البنية التحتية، من شبكات المياه والكهرباء، وكذلك تدمير المنازل، هي مشاهد تتكرر يوميًا في حياة الفلسطينيين. العدو لم يترك شيئًا إلا وأخضعه للتدمير، من خلال الاقتحامات، والاغتيالات، والاعتقالات، والتي كانت تمثل حياة يومية مليئة بالإجرام الصهيوني.
عادت الحياة إلى الشوارع المحطمة، حيث انعدام وسائل الحياة اليومية. لم يعد هناك خدمات كافية، في ظل غياب آليات النظافة والموارد الأساسية مثل الأسواق والمعامل والمصانع. عادت الحياة، رغم ما حاول العدو صناعته من أشعة الألم والإهانة. استباحة الدماء، الإبادة، وجرائم الحرب أصبحت واقعًا مأساويًا.
تأثرت وسائل الحياة بشكل كارثي، إذ نسفت البنى التحتية شوارع، مياه، وكهرباء، ومواصلات واتصالات، وتوقفت الأسواق، المدارس، المشافي، الحدائق، المنتزهات وكل مرافق الخدمة العامة محى الدمار ذكرها من الوجود، لتحل محلها مشاهد محاولات العائدين المستميتة لاستخراج الملابس من تحت الركام وغسلها لاستخدامها، بينما يتم نصب الخيام من بقايا الأثاث والمفروشات المتبقية.
شموخ على طريق العودة
في شمال غزة، حيث لا يبقى سوى العتمة والبؤس الناتج عن آلة الحرب الإسرائيلية، تتجلى قصة صمود مستمرة لن تنتهي إلا بالنصر الكامل. آثار القتل والتدمير تركت منازل مهدمة، بينما تظل الأرواح الشاحبة تحفر للأمل في قلب هذا الدمار القاسي.
العائدون، رغم كل شيء، يستمرون في الصمود، وفي خضم هذا الدمار، تظل رحلتهم إلى منازلهم شاقة وصعبة، رحلة لا يجرؤ على خوضها إلا العظماء من شعب فلسطين العصية على كل محاولات التهويد. هذا الشعب الذي، رغم ما يواجه من عذابات، يختزل الكثير من عنفوان الشجاعة، وكأنه يحمل بين طياته بذور أمل قابلة للتكاثر، تنمو مع كل جولة من جولات الجهاد على طريق العودة إلى كامل الأراضي المحتلة.
في نظر الفلسطينيين، الحرية ليست مجرد كلمة، بل هي الأمل الذي ينتظرونه صباحًا، يُعبر عن ذلك السؤال القائم في نفوسهم: “أليس الصبح بقريب؟” وهذا ما تجيب عليه الأفواج الفلسطينية الجائعة إلى العودة، التي تتقدم كالأمواج الهادرة على طول قطارات العودة إلى الشمال.
تلك هي القصة الحقيقة لتاريخ الجهاد الفلسطيني، والتي تجسد تحديًا مستمرًا ضد الاضطهاد والمظالم. إن فصول هذا الجهد، التي طبعها الألم والدموع، هي وثيقة حية للصرخة الجماعية للشعب الفلسطيني، الذي لا يزال يثبت للعالم أن صموده يمثل رمزًا للأمل، وقوةً لا يمكن كسرها، حتى في أحلك الظروف. فكلما زادت المحن، اقتربت الهمم من الفجر المشرق الذي يُبشر بنصر قريب.
سنعيش عليها أو في باطنها
هنا، وفي خضم هذه الأجواء المفعمة بالعنفوان، تصاعدت الأصوات في سماء غزة، تردد بحماس وتأكيد على الصمود والإصرار، مُعبرةً عن الفخر والشجاعة للتمسك بالأرض. تلك الأصوات هي أصداء مفعمة بدموع الانتصار، حيث يحقّق دم الفلسطينيين، رمزية الحياة والمقاومة، انتصارات على العدو الصهيوني.
تجد هذه الأصوات دعمها من “مخازن ذخيرة الصمود”، التي تمثل قوتهم وإرادتهم في مواجهة غطرسة العدو الإسرائيلي، الذي يسعى إلى تنفيذ مخططاته عبر القتل والتهجير. إنها رسالة واضحة تُوجه إلى العالم.
ولدعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الناعق بتهجير شعب فلسطين إلى مصر والأردن كان رد الشعب الفلسطيني مزلزلا ، صادحا بالهتافات الرافضة للاستسلام، مُعلنةً: “لن نبرح عن أرضنا، سنعيش عليها رغم كل شيء، سواء كنا أجسادًا محطمة على ظهرها أو جثامين تحت التراب.” تؤكد هذه الكلمات أن الحياة الفلسطينية مترابطة بشكل وثيق مع الأرض، التي تُعتبر مصدر الهوية والحياة.
يُخبر الفلسطينيون العالم، خاصة ترامب، أنهم لن يقدروا على تحقيق ما فشل فيه العدو الإسرائيلي ومعه الأمريكي بالقتل والإجرام.
تلخص هذه الأصوات حالة الإصرار والتحدي التي تواجه العدو الإسرائيلي، وتجسد الرفض الفلسطيني لمجرد القبول بمناقشة أي محاولات للتهجير أو تزييف الحقائق. إنها احتفالية بالصمود، تُبرز الإرادة القوية للشعب الفلسطيني في الحفاظ على هويته وأرضه، مهما كان الثمن.
المصدر: موقع أنصار الله