السعودية لن تقبل أقل من دولة فلسطينية شرطا للتطبيع
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية تقريرا عن الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية وما اشترطته الأخيرة في هذا الإطار، بما في ذلك استئناف تمويلها للسلطة الفلسطينية وتخفيف العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. وفي الموضوع نفسه، ذكرت صحيفة إسرائيلية أن ثمن السلام السعودي الإسرائيلي يتضمن قيام دولة فلسطينية.
وأوردت "وول ستريت جورنال" -في تقرير لمراسلها الأمني السابق ديون نيسنباوم، نقلا عن مسؤولين سعوديين وفلسطينيين سابقين- أن المملكة عرضت استئناف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية من أجل تأمين علاقات مفتوحة مع إسرائيل، مما يمنح المزيد من الشرعية لأي اتفاق سعودي إسرائيلي نهاية المطاف ويحبط أي اتهامات بأن المملكة ستضحي -لتحقيق أهدافها الخاصة- بالجهود الفلسطينية لإقامة دولة مستقلة.
تحوّل في نهج السلطةوأضافت الصحيفة الأميركية أن الخطوة السعودية أثارت جدلا بين القادة الفلسطينيين إزاء ما إذا كانوا سيدعمون تطبيع المملكة مع إسرائيل، وهي خطوة من شأنها أن تمثل تحولا كبيرا عن اتهامات الفلسطينيين لقادة الخليج بطعنهم في الظهر عندما أقاموا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام 2020.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن السلطة الفلسطينية سترسل الأسبوع المقبل وفدا كبيرا إلى السعودية لمناقشة ما يمكن للمملكة القيام به في المحادثات مع إسرائيل لتعزيز الآمال بإقامة دولة فلسطينية.
ونسب التقرير إلى فلسطينيين وسعوديين مطلعين قولهم إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أثار فكرة استئناف التمويل لأول مرة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال اجتماع في أبريل/نيسان الماضي، رابطا بين استئناف المساعدات وتخفيف العنف في الضفة.
لا تراجع عن الدولة الفلسطينية المستقلةونقل التقرير عن مسؤولين سعوديين أيضا قولهم إن المملكة لن توافق أبدا على أي اتفاق مع إسرائيل يهدد الجهود الرامية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف أن بعض مستشاري عباس يريدون من القيادة الفلسطينية أن تقدم للسعوديين مطالب معقولة لتنازلات يمكن أن يطلبوها من إسرائيل من شأنها أن تعزز الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية.
وكان وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي قال في وقت سابق من هذا الشهر "العلاقات السعودية الفلسطينية قوية ولدينا ثقة بها، نود كثيرا أن نستمع إلى السعوديين، وأن ننسق معهم، وأن نرى كيف يمكننا تأييد وتعزيز موقفهم عندما يتعلق الأمر بهذه المسألة بالذات، وكيف يمكن للسعوديين أن يسمعوا منا عن الخطوات التي يجب عليهم اتخاذها كخطوات ضرورية من أجل حل قضية فلسطين".
وذكر التقرير إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كثيرا ما أشار إلى أن السعودية لا تهتم كثيرا بالفلسطينيين وأنه لن يضطر إلى الموافقة على أي شيء يعزز الآفاق الواقعية لدولة فلسطينية مستقلة، لكن القادة السعوديين أصروا علنا على أنهم لن يقبلوا أقل مما هو موجود في مبادرة السلام العربية التي تقدمت بها الرياض ووافقت عليها قمة عربية عام 2002.
التطبيع ثمنه دولة فلسطينية مستقلة
وقالت صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" إن ثمن السلام السعودي الإسرائيلي يشمل دولة فلسطينية، وإن الحد الأدنى من متطلبات التطبيع يستلزم تأسيس دولة مستقلة عاصمتها القدس.
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن المملكة تعتبر حل القضية الفلسطينية محوريا لأي اتفاق تطبيع مع إسرائيل، وأن السعوديين والفلسطينيين صاغوا موقفين: "أمثل" و"واقعي" مشيرة إلى أن "الأمثل" هو أن توافق إسرائيل على مبادرة السلام العربية عام 2002، وأن "الواقعي" هو قرار يسمح للسعوديين بضمان نتائج كبيرة من إسرائيل قابلة للتنفيذ، وللتحقق من تنفيذها، وتؤدي إلى قيام دولتين خلال فترة زمنية محددة بدقة.
اتفاق "واقعي"ونشرت الصحيفة الإسرائيلية 14 نقطة قالت إن الاتفاق "الواقعي" يُفترض أن يشملها، ومنها:
توحيد المناطق أ، ب، ج في الضفة وتسليمها للسلطة الفلسطينية خلال فترة لا تتجاوز 3 إلى 5 سنوات. إبرام اتفاق أمني شامل بين القوات الفلسطينية والإسرائيلية بمساعدة من أميركا والاتحاد الأوروبي والأردن ومصر والسعودية. يُسمح لإسرائيل بضم المستوطنات الكبيرة القريبة من الخط الأخضر لعام 1967 مقابل أراض إسرائيلية مساوية لها في المساحة والأهمية الإستراتيجية بالنسبة للفلسطينيين. تخضع المستوطنة أو المستوطنتان الإسرائيليتان الكبيرتان داخل فلسطين للسلطة القضائية الفلسطينية. تصبح فلسطين دولة محايدة ومنزوعة السلاح ويكون لها قوى أمن داخلي، وتشرف مجموعة من القوات الإسرائيلية والفلسطينية والأردنية والمصرية على حدود فلسطين مع إسرائيل والأردن ومصر. بناء طريق سريع يربط الضفة الغربية بغزة، والسماح للفلسطينيين باستخدام مطار القدس وبإعادة بناء مطار غزة الذي دمرته إسرائيل. تُكفل حرية التنقل للفلسطينيين وبضائعهم داخل الضفة الغربية وقطاع غزة وبينهما، ولن يسمح بنقاط التفتيش الإسرائيلية إلا على حدود إسرائيل. بناء ميناء غزة واستخدامه لاستيراد وتصدير البضائع لفلسطين. والقيد الوحيد على السلع التي تستوردها فلسطين وتصدرها يتعلق بالمعدات العسكرية. وتقوم الحكومة الفلسطينية بتحصيل الرسوم الجمركية مباشرة. الحفاظ على الوضع الراهن للأماكن المقدسة في (مدينة) القدس، وبقاء الأردن حارسا للمواقع الدينية الإسلامية والمسيحية في القدس. القدس الشرقية عاصمة لفلسطين. وسيسمح لفلسطين بأن يكون لها مجمع دبلوماسي -على سبيل المثال- على الأسس القائمة لبيت الشرق. وسيُرفع العلم الفلسطيني، ويقوم الفلسطينيون بأعمال دبلوماسية في تلك المنشأة. وستظل رام الله قاعدة للحكومة الفلسطينية. يُمنح اللاجئون الفلسطينيون خيار التعويض النقدي وسيبقون في البلد المضيف بموافقة الأخير. وقد يختار اللاجئون المعوَّضون الهجرة إلى بلدان أخرى. وأولئك الذين يريدون العودة إلى الدولة الفلسطينية المنشأة حديثا يخضعون لحصة سنوية تحكمها عوامل متعددة من شأنها أن تعطي الأولوية لعودتهم. تعود موارد فلسطين الطبيعية إلى الحكومة الفلسطينية، ويشمل ذلك الموارد المائية الحالية والنفط والغاز المحتمل اكتشافهما على اليابسة أو قبالة شاطئ غزة. ويُسمح للفلسطينيين بالوصول إلى البحر الميت وموارده المعدنية الغنية.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دولة فلسطینیة مع إسرائیل
إقرأ أيضاً:
مع اقتراب موعد تنصيبه.. هل يملك ترامب حلولا حقيقة لقيام دولة فلسطينية؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وسط التوترات المتصاعدة في المنطقة، يبرز تساؤل جوهري حول قدرة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، على الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق أي تقدم في القضية الفلسطينية، وسط توقعات بأنه ما زال يفتقر إلى رؤية سياسية واضحة يمكن أن تمهد الطريق لحل مستدام رغم التهديدات المتكررة التي أطلقها منذ فوزه في الانتخابات، فبعد فشله في تنفيذ "صفقة القرن" التي طرحها في 2018، والتي لم تقدم سوى تصورات ضبابية حول كيان فلسطيني غير محدد المعالم، يبقى السؤال الأبرز: هل يمكن لترامب أن يحقق أي تغيير حقيقي في ظل تعنت الاحتلال الإسرائيلي؟، ومع غياب أي إشارات واضحة من الإدارة الأمريكية الحالية، تبدو آفاق التوصل إلى تسوية سياسية حقيقية بعيدة المنال، خاصة في ظل الاستمرار في إغلاق جميع المسارات التي قد تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية ذات سيادة.
هل لدى ترامب أوراق ضغط على إسرائيل؟وفي هذا الصدد أبدى الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، عدم اعتقاده بأن الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، يحمل في جعبته ما يضغط به على الاحتلال الإسرائيلي وسط تهديدات متكررة بدأت بعد فوزه بالانتخابات في ديسمبر، ثم عاد مرة أخرى ليهدد المنطقة والشارع الفلسطيني من جديد، مشيرًا إلى أنه لا يتحدث عن رؤية سياسية حتى الآن رغم ما يثار من ادعاءات بأن ترامب هو "رجل الصفقات".
وقال: "فشل ترامب في تحقيق ما يسمى بـ «صفقة القرن» التي طرحها وغادر دون تنفيذها بشكل كبير جدًا في عام 2018 حيث كان يتحدث عن كيان فلسطيني غير واضح المعالم وقال خينئذ «إذا أردتم أن تسموها دولة فسموها»، وكان يتحدث عن كيان تتسع رقعته الجغرافية في غزة في حين تتقلص من ناحية أخرى في الضفة الغربية وتتقسم إلى مدن منفصلة عن بعضها البعض"، مستكملًا: "إن كان ترامب أتى إلى فترته الرئاسية الجديدة بهذه الرؤية فأعتقد أنه لا يحمل في جعبته الجديد وسيفشل كما انتهت ولايته الأولى بالفشل أيضًا في تحقيق مشروعه".
سلام بلا دولة فلسطينية.. هل يكرر ترامب أخطاء الماضي؟وتابع الرقب: "ترامب كما هو معروف يريد أن يكمل ما يطلق عليه "صفقة القرن" أو "السلام الإبراهيمي"، وهو ما لن يتمكن من رؤية النور إلا بقيام دولة فلسطينية أو على الأقل مسارات واضحة لذلك"، وتساءل: "هل اليمين الحاكم في تل أبيب يقبل بالدول الفلسطينية؟ وهل هو مقتنع بفتح مسارات سياسية تفضي إلى حل سياسي بشأن قيام دولة فلسطينية؟"، مجيبًا: "لا أعتقد أن هذا وارد في ظل وجود اليمين الإسرائيلي بشكل كبير جدًا داخل كيان الاحتلال، ورغم كل ذلك سننتظر ما سيحمل ترامب في جعبته".
وأردف: "على المستوى الشخصي أعتقد أن ترامب سيدخل البيت الأبيض ويخرج منه دون أن يحقق شيئًا في هذا الأمر وسيفشل أمام إصرار اليمين الإسرائيلي، حيث ستنتهي فترة نتنياهو القانونية هو وحكومته الحالية في فبراير عام 2026، متسائًلا: "هل سينتظر ترامب عامين كاملين ليغير المشهد بعد غياب نتنياهو واليمين المتطرف عن الحكم داخل الكيان المحتل أم أنه سيمارس ضغطًا على الشعوب والقيادات العربية في المنطقة ليحقق مبتغاه؟"، وأجاب: "أعتقد أنه لا العرب ولا المسلمون ولا الفلسطينيون أنفسهم، سيقبلون بالإملاءات التي لا تُفضي بعد كل هذه التضحيات وعمليات القتل الممنهجة من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، إلى نتيجة ملموسة على الأرض".
وشدد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، على ضرورة أن ينطلق أي سلام أو تسوية، من منطلق واحد وهو قيام دولة فلسطينية، متوقعًا أن تختلف الأمور، إذا اقتنع الأمريكيون وتحديدًا ترامب بذلك، متوقعًا أن محاولات ترامب ستكون بلا جدوى وستبوء بالفشل، إذا سارت الأمور على غير ذلك.
قرارات دولية لا «فيتو» أمريكيوأكد أن قيام دولة فلسطينية مرهون بإصدار قرارات دولية، وألا يتهرب الأمريكان ويستخدموا الفيتو لعرقلة الحصول على الحق في إعلان دولة فلسطينية على حدود الرابع من يوليو عام 1967 وأن يعترف المجتمع الدولي بالحق في هذه الدولة.
واختتم الدكتور أيمن الرقب: "الأمور صعبة على الأمريكان، وترامب تحديدًا إذا أراد أن يكون له تأثير في المشهد السياسي عليه أن يقتنع بقيام الدولة الفلسطينية ويدفع باتجاه مسارات واضحة في هذا الشأن، وما دون ذلك أعتقد أنه سيكون بلا جدوى".