لجريدة عمان:
2024-06-30@02:25:11 GMT

الأمن الغذائي.. الأزمة التي تحاصر العالم

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

الأمن الغذائي.. الأزمة التي تحاصر العالم

من المفارقات الكبرى التي نعيشها في عصرنا الحالي أن يصل التقدم التكنولوجي إلى ذروته الكبرى، في وقت يعاني فيه العالم من انعدام الأمن الغذائي!

وتمثل هذه الأزمة المتصاعدة، المدفوعة بمجموعة من العوامل بما في ذلك تغيُّر المناخ، والنمو السكاني، والصراعات الجيوسياسية، تحديا هائلا يتطلب اتخاذ إجراءات فورية وتعاونية على نطاق عالمي.

إن الأمن الغذائي، وهو الشرط الذي يحصل فيه جميع الأفراد على أغذية آمنة ومغذية تلبي احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية لحياة نشطة وصحية، ليس مضمونًا على الإطلاق. لقد أدت الاضطرابات الناجمة عن تغيُّر المناخ في النُظم الزراعية إلى أنماط مناخية غير منتظمة، وفترات جفاف طويلة الأمد، وعدم القدرة على التنبؤ بإنتاجية المحاصيل. وفي الوقت نفسه، يستمر عدد سكان العالم في الارتفاع، ومن المتوقع أن يصل إلى ما يقرب من 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050. وتؤدي هذه القضايا المعقدة إلى إجهاد شبكات إنتاج وتوزيع الغذاء الهشة بالفعل.

إن تداعيات انعدام الأمن الغذائي واسعة النطاق ومتعددة الأبعاد. ويعاني الملايين في العالم من سوء التغذية والجوع، خاصة في البلدان النامية، مما يؤدي إلى توقف النمو، وضعف النمو المعرفي، وضعف أجهزة المناعة. وتتسع الفوارق الاجتماعية والاقتصادية حيث يكافح السكان الضعفاء من أجل توفير سبل العيش الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لندرة الغذاء أن تثير الكثير من الاضطرابات وتؤدي إلى تفاقم الصراعات مع اشتداد المنافسة على الموارد.

ولمواجهة هذا الخطر الجسيم، يجب على الدول اعتماد نهج متعدد الأوجه يعالج التحديات المباشرة والأسباب الكامنة وراء انعدام الأمن الغذائي. أولا وقبل كل شيء، يعد الاستثمار في الممارسات الزراعية المستدامة أمرا بالغ الأهمية، ويتعين على الحكومات تحفيز ودعم المزارعين لتبنّي تقنيات قادرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ، مثل تنويع المحاصيل، والري الفعال، والزراعة في المحميات، ومن الممكن أيضا أن يؤدي البحث في أصناف المحاصيل المقاومة للجفاف ودمج تقنيات الزراعة الدقيقة إلى تعزيز الإنتاجية، ويمكن للتقنيات الحديثة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي أن تكون أحد المعينات في هذا الجانب.

لكن لا بد من التأكيد على أهمية التعاون الدولي. غالبا ما تؤدي الصراعات الجيوسياسية إلى تعطيل سلاسل الإمدادات الغذائية، مما يؤدي إلى نقص الغذاء وارتفاع الأسعار كما هو حاصل الآن نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية. يجب أن تعطي الجهود الدبلوماسية الأولوية لحل النزاعات وحماية البنية الأساسية الحيوية مثل طرق النقل ومراكز التوزيع. يمكن للمبادرات التعاونية أن تحمي من النقص من خلال تسهيل تبادل فائض الإنتاج بين الدول.

ومن المهم بالقدر نفسه الحد من هدر الطعام، وهذا الجانب أساسي في ديننا الإسلامي كما في بقية الأديان الأخرى. إن جزءا كبيرا من الأغذية المنتجة عالميا لا تصل أبدا إلى أطباق المستهلكين، ما يهدر موارد قيّمة، ويؤدي إلى تفاقم ندرتها. وينبغي للبلدان أن تنفذ سياسات لتعزيز كفاءة توزيع الغذاء وتخزينه واستهلاكه، ويمكن لحملات التوعية العامة تثقيف المواطنين حول الاستهلاك المسؤول والأضرار البيئية الناجمة عن النفايات.

وفي هذا السياق، يؤدي التعليم دورا محوريا في مكافحة انعدام الأمن الغذائي، فتزويد الأفراد بالمعرفة حول النُظم الغذائية المتوازنة، وممارسات الطهي المستدامة، وأهمية النُظم الغذائية يُمكن أن يمكِّن المجتمعات من اتخاذ خيارات مستنيرة. ومن خلال تعزيز ثقافة احترام الغذاء ومصادره، تستطيع المجتمعات الحد من الاستهلاك الزائد وتخفيف الضغط على الموارد.

إن شبح انعدام الأمن الغذائي يشكل تهديدا عالميا خطيرا يتطلب اتخاذ إجراءات فورية ومتضافرة. وبينما تتصارع البلدان مع التحديات التي يفرضها تغيّر المناخ، والنمو السكاني، والحروب، فإن تبنّي ممارسات زراعية مستدامة، وتعزيز التعاون الدولي، ومعالجة هدر الغذاء، تشكل خطوات أساسية نحو ضمان مستقبل أكثر أمنا. ومن خلال إعطاء الأولوية لهذه التدابير، يمكن للعالم أن يتحرك نحو غد أكثر إنصافا وتغذية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: انعدام الأمن الغذائی ر المناخ

إقرأ أيضاً:

غريفيث: وضع الأمن الغذائي في غزة لا يحتمل والأرقام تظهر وضعاً قاسيا

قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث "إن وضع الأمن الغذائي في غزة لا يحتمل، وإن الأرقام لا تزال تظهر وضعاً قاسياً بشكل مدهش".

 

واضاف غريفيث في تصريحات صحفية بمقر الأمم المتحدة في جنيف" أن الحديث عن نحو نصف مليون شخص يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد لا يزال غير محتمل، وما زلنا نريد وقف إطلاق النار والذي بدونه لن يكون الناس في أمان".

 

وشدد، على ضرورة فتح جميع نقاط العبور وأمن وسلامة قوافل المساعدات وخفض الاشتباكات وعدم استهداف عمال الإغاثة والمؤسسات الصحية.

 

وتأتي تصريحات غريفيث تعليقا على تقرير (التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) الصادر عن 19 وكالة إنسانية تابعة للأمم المتحدة، والذي أفاد بأن نحو 96 بالمائة من سكان غزة (2.1 مليون شخص) يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم أكثر من 495 ألف يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد في المرحلة الخامسة، التي تواجه فيها الأسر نقصا شديدا للغذاء والتضور جوعا". 


مقالات مشابهة

  • «فايننشال تايمز»: العالم يتجه نحو «حروب الغذاء»
  • تقرير جديد خطير بشأن السودان
  •  الأمم المتحدة: 557 ألف امرأة بغزة يعانين من انعدام الأمن الغذائي
  • مسؤولون أمميون يحذرون من تأثير انعدام الأمن الغذائي في السودان
  • غريفيث : وضع الأمن الغذائي في غزة ” لايحتمل “
  • انعدام الأمن الغذائي يهدد رُبع سكان لبنان
  • غريفيث: وضع الأمن الغذائي في غزة لا يحتمل والأرقام تظهر وضعاً قاسيا
  • الأمم المتحدة: أكثر من نصف السودانيين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد
  • الصحة العالمية: 755 ألف سوداني يواجهون مستويات انعدام أمن غذائي كارثية
  • الفاو تحذر من ارتفاع خطر المجاعة فى جميع أنحاء قطاع غزة