الديسمبريون الذين ينحازون إلى معسكر الكرامة والسيادة الوطنية وذلك بدعم الجيش في الحرب ضد المليشيا وحلفاءها في قحت يبدا انحيازهم برأي معتدل بسيط ولكنه سرعان ما يتحول إلى موقف صارخ وقوي وشرس. عكس أولئك الذين يقفون على الحياد أو مع المليشيا، موقفهم دائماً مهزوز ومرتبك. وهذا أمر طبيعي.

صحيح أن ثورة ديسمبر في بعد من أبعادها هي تعبير عن تطلع السودانيين بمختلف أطيافهم نحو واقع أفضل، ولكنها انتهت سياسياً إلى أكبر كارثة سياسية تحل بالبلد أدت إلى فتح البلد للتدخل الخارجي وضياع السيادة الوطنية، وأصبحت “قوى الثورة” التي مثلتها قحت ولجان المقاومة التابعة لها ممثلاً لأجندة الخارج؛ تحالفاً أو تواطئاً أو عمالة صريحة.

وبلغ هذا المشروع أوجه مع الاتفاق الإطاري وتحالف حميدتي مع قحت والذي انتهى إلى محاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة.

الإنقلاب الذي خطط له الدعم السريع وحلفاءه والذي كان يهدف إلى اعتقال البرهان أو حتى قتله كان يُراد له أن يكون انقلاباً في إطار ثورة ديسمبر؛ إنقلاب ضد الجيش الذي يرمز للنظام السابق فيما يمثل الدعم السريع القوى الثورة الصاعدة والتي انحازت إلى الثورة والتغيير؛ ولكنه في الجوهر هو مشروع خارجي ضد سيادة البلد واستقلالها. مشروع يستهدف الجيش لا لأنه يمثل النظام السابق وحسب، وإنما أيضاً لأن الجيش كجيش وطني هو عقبة أساسية أمام مشروع استتباع السودان، فهو جيش متمرد على الهيمنة الغربية والأمريكية تحديداً، جيش مستقل في تدريبه وتسليحه وفي عقيدته على الغرب وعلى أمريكا بالذات. وهنا التقت أجندة عدة أطراف ضد الجيش، المليشيا وطموح قائدها، قوى الثورة التي ترى في الجيش معقلاً للإسلاميين والغرب الاستعماري ودول إقليمية لديها أطماع في السودان ولا تريده بلداً مستقلاً ذو سيادة على قراره وموارده. كل هؤلاء يجمعهم هدف مشترك؛ وبالضرورة فإن عدوهم هو كل ما يمثل الإرادة الوطنية الحرة ويعبر عنها؛ سواء كان الجيش، الإسلاميين، القوى المحافظة، الحركات المسلحة أو غيرهم. إذا كنت مع استقلال القرار الوطني وسيادة البلد فأنت ضد مشروعهم وهم ضدك. هكذا كان الاصطاف قبل الحرب وبعدها. ولكنه لم يكن بذلك الوضوح على الأقل بالنسبة للبعض.

الحرب خلقت اصطفافاً جديداً وعلى أسس جديدة ولكن هذه الأسس لم تتبلور بعد بشكل واضح للجميع. لأن أوهام ديسمبر ما تزال مسيطرة على البعض. وهي الأوهام التي كانت و ما تزال بوابة للتدخلات الخارجية باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان ومساندة الشعب السوداني، ولكن هدفها الأساسي هو تمكين وكلاء المستعمر الغربي والإقليمي من السلطة في البلد ودونكم حكومة حملة الجوازات الأجنبية التي تسمى حكومة الثورة برئاسة حمدوك. يجب إعادة تعريف وتوضيح الأجندة الوطنية بعيداً عن أوهام الديمقراطية وحقوق الإنسان بمعناهما الغربي، لأن هذا هو أساس المشكلة. بل يجب إعادة النظر في الديمقراطية نفسها كشيء مسلم به والفكير بحرية في النظام السياسي الأنسب للسودان.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

سعد لمجرد يفاجئ الجمهور بمنشور غامض

متابعة بتجــرد: أعلن النجم سعد لمجرد من خلال منشور على موقع “أكس” عن عزمه إطلاق عملة رقمية خاصة به، وهو ما أثار حماس واستغراب معجبيه.

وكشف لمجرد في التغريدة عن اقتراب موعد إطلاق عملته الرقمية، مشيراً إلى أن العملة ستتضمن مزايا حصرية مثل اللقاءات المباشرة معه وحضور حفلاته. ولكنه لم يقدم أي توضيحات إضافية حول هذه المبادرة التي تحدث عنها فقط على حسابه بشكل مقتضب.

تفاعل الجمهور بشكل واسع مع إعلان الفنان المغربي الغريب، واعتبر البعض أن هذه الخطوة جريئة لمواكبة التطورات التكنولوجية والتقرب من الجمهور، مشيرين إلى تجارب مشابهة لفنانين عالميين مثل أيكون، الذي أطلق مشروعاً رقمياً مشابهاً. في المقابل، انتقد آخرون الخطوة على اعتبار أن الفكرة لا تزال غير مفهومة وغير مألوفة وسط النجوم العرب.

وجاء إعلان سعد عن العملة الرقمية الغامض بعد فترة قصيرة من كشفه عن علامته التجارية الخاصة بالأزياء والموضة.

وتشير تقارير إعلامية مغربية إلى أن لمجرد يُعرف بشغفه بالتكنولوجيا الحديثة، مما دفعه إلى خوض هذه التجربة التي لا تزال دوافعها وتفاصيلها غير واضحة بشكل كامل.

My dear fans and followers, I’m planning to launch my own token, but I want to do it differently not the usual way. My goal is to create a token that genuinely benefits my fans and followers, with tokenomics designed to bring communities closer together. I’d love for it to tie…

— Saad Lamjarred (@saadlamjarred1) March 4, 2025 main 2025-03-10Bitajarod

مقالات مشابهة

  • أعمال حليم وأم كلثوم وفوزى بأصوات المواهب الواعدة فى الأوبرا
  • «مدبولي»: لن يتم زيادة أسعار الوقود قبل شهر ديسمبر من العام الجاري
  • معيط: مصر ملتزمة بخطة رفع الدعم نهائياً عن الوقود والمحروقات بحلول ديسمبر 2025
  • قطط تتجول في فنادق بغداد !؟
  • السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع وكالة رويترز: الأمن والازدهار الاقتصادي مرتبطان بشكل مباشر برفع العقوبات الأمريكية التي فرضت على نظام الأسد، فلا نستطيع أن نقوم بضبط الأمن في البلد والعقوبات قائمة علينا
  • أوهام اقتصاد الحرب في أوروبا
  • سعد لمجرد يفاجئ الجمهور بمنشور غامض
  • أول رد من الزاملي على اتهامات سعد قيس: البعض أصبح يتحسس من أي عتب
  • إذ أراد الجيش انتصار بالخرطوم عليه التصدي بشكل حاسم لظاهرة الشفشفة في المناطق التي يستعيدها
  • عمليات سرقة ونهب لبيوت المواطنيين في المناطق التي حررها الجيش