كشف تذبذب قيمة الروبل الروسي عن صدع في الاقتصاد الروسي المحصن، وهي نقطة ضعف سرعان ما تغلب عليها الفريق الاقتصادي في الكرملين، في خطوة سمحت للعملة باستعادة مكانتها، على الأقل في الوقت الحالي.

ومع ذلك، فإن التصحيح، لا يمكن أن يخفي المعضلة الكامنة في قلب الاقتصاد الروسي، في كيفية تمويل المؤسسة العسكرية مع استمرار الحرب في أوكرانيا، مع عدم تقويض العملة الوطنية، وزيادة أعباء الاقتصاد بتضخم محرج سياسياً.


وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، تسير الحياة في موسكو بشكل طبيعي، على الرغم من العقوبات الشاملة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، ورحيل مئات الشركات الغربية ذات العلامات التجارية الشهيرة.

الاقتصاد الروسي لا يزال ينمو.. رغم أقسى العقوبات

https://t.co/XTk0KEGl5b

— 24.ae (@20fourMedia) August 3, 2023 وتقول إن "المقاييس الاقتصادية الرئيسية هي أيضاً في النطاقات الطبيعية. فالبطالة منخفضة، والنمو الاقتصادي أفضل مما توقعه الكثيرون، والتضخم معتدل وفقاً للمعايير الروسية، عند 4% في يوليو (تموز)، رغم أنه صعب على ذوي الدخل المحدود".
لكن الروس قلقين من تأثيرات بعيدة المدى على اقتصادهم، وهو ما حدث بعد انهيار الاتحاد السوفييتي حيث عانى الاقتصاد لفترة طويلة بأثر رجعي من مؤشرات سلبية.
وتضيف الوكالة الأمريكية "بعض الضربات التي يتعرض لها الاقتصاد واضحة، وخاصة صناعة السيارات، بعد أن تخلى المصنعون الغربيون عن أعمالهم الروسية، لكن واردات السيارات الصينية تزداد". ضغط على الروبل وتابعت "عندما يتعلق الأمر بالضغط على الروبل، فإن روسيا، وهي واحدة من أكبر موردي النفط في العالم، تكسب أقل من بيع نفطها بسبب العقوبات الغربية، وهذا يؤدي إلى تضييق الفائض التجاري للبلاد مع بقية العالم، لأن الشعب الروسي والشركات الروسية يشترون أيضاً المزيد من المنتجات من الخارج".
وقالت إن "كسب المزيد من الصادرات مقارنة بما يتم إنفاقه على الواردات يدعم الروبل عادة، وفي حين أدى تقلص الفائض التجاري إلى انخفاض العملة بشكل مطرد، فقد استفادت موسكو لأن سعر الصرف الأضعف يساعد الحكومة في الواقع على دفع فواتيرها، وذلك لأن الدولارات المكتسبة من النفط يمكن استبدالها بكمية أكبر من الروبلات لإنفاقها على الوكالات الحكومية وأجور العمال ومعاشات التقاعد".

هل يستطيع المصرف المركزي الروسي لجم تدهور الروبل؟ https://t.co/3W2IVi6ZI4 pic.twitter.com/00OgaS6p3q

— 24.ae (@20fourMedia) August 17, 2023 وأضافت "لكن العملة الروسية انخفضت إلى حد كبير لم يرضِ الكرملين (أقل من 100 روبل مقابل الدولار) في 14 أغسطس (آب)، وهو مستوى مهم من الناحية النفسية. ودفع ذلك البنك المركزي إلى إجراء زيادة طارئة كبيرة في أسعار الفائدة، بنسبة 3.5 نقطة مئوية، بهدف تهدئة الطلب المحلي على الواردات.
وارتفعت العملة إلى 92 مقابل الدولار، في الأيام التي أعقبت رفع سعر الفائدة، لكنها تراجعت بشكل مطرد منذ ذلك الحين.
وأشارت إلى أنه رغم أن سعر الصرف أضعف من مستويات العام الماضي التي بلغت حوالي 60 روبلاً للدولار، إلا أن انخفاض سعر الصرف لا يمثل أزمة حتى الآن، إذا كان من الممكن تجنب السقوط الحر.
وأضافت "عمل الكرملين على حماية الاقتصاد من العقوبات، بعد ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عام 2014، كما حوّل إنتاج الغذاء إلى الشركات المحلية من خلال حظر واردات الاتحاد الأوروبي، ودفع الشركات المصنعة إلى الحصول على المواد الخام محلياً".
وتابعت "بفضل عائدات النفط، أصبح لدى الحكومة ديون لا تذكر واحتياطيات قوية، على الرغم من أن حوالي نصف هذا المخزون تم تجميده بسبب العقوبات".

هل دمّرت الحرب الأوكرانية الاقتصاد الروسي أم عززته؟https://t.co/oOPzD79On6 pic.twitter.com/HK9ztpSQQc

— 24.ae (@20fourMedia) April 11, 2023 احتراق بطيء وقال كبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي روبن بروكس، إنه "على المدى الطويل، يواجه الاقتصاد الروسي احتراقاً بطيئاً تحت ضغط العقوبات وإنفاق بوتين على الحرب".
وقال بروكس: "المعضلة تكمن، من ناحية في أنه يتعين عليه إنفاق الكثير من المال، فخوض حرب أمر مكلف للغاية، فكيف يمكنك التوفيق بين الحاجة إلى النقد ورفع أسعار الفائدة لمنع الصورة من الخروج عن نطاق السيطرة؟ من وجهة نظري لا يوجد حل جيد".
ويواجه النفط الروسي حظراً غربياً وسقفاً للسعر فرضته مجموعة الدول السبع على مبيعاته إلى دول أخرى.
وقال بروكس إن "مجموعة السبع يمكن أن تجعل هذه المقايضة أكثر صعوبة بالنسبة لبوتين، من خلال خفض سقف الأسعار من 60 دولاراً إلى 50 دولاراً، مما يقلل من عائدات روسيا من النفط".
وأضاف ذلك "سيضع ذلك المزيد من الضغوط على الروبل، والمزيد من الضغوط على البنك المركزي الروسي لرفع أسعار الفائدة، وسيجعل هذه المقايضة أكثر صعوبة".
وقال الرئيس التنفيذي ومحلل الاقتصاد الروسي في شركة ماكرو الاستشارية بارتنرز الاستشارية كريس ويفر،: "على المدى القصير، فإن انخفاض الروبل ليس علامة على أن روسيا على وشك الدخول في أزمة مالية كبرى".
وأضاف "مع عدم وجود استثمارات أجنبية في العملة، يمكن للكرملين التأثير على سعر الصرف ببساطة، عن طريق إبلاغ المصدرين الذين تسيطر عليهم الدولة متى يبيعون العملات الأجنبية مقابل الروبل".

#الروبل_الرقمي.. أداة روسية جديدة للالتفاف على العقوبات

https://t.co/AW6XY5XEqE

— 24.ae (@20fourMedia) August 15, 2023 خنق الاقتصاد وقالت الخبيرة الاقتصادية في البنك الدولي جانيس كلوج إن "رفع أسعار الفائدة لتعزيز الروبل يؤدي إلى خنق الاقتصاد الخاص، أو الجزء غير المرتبط بالحرب والصناعات الدفاعية، بحيث تبقى موارد كافية لاستمرار الحرب".
وأضافت "الحرب أولوية واضحة للحكومة الروسية على حساب رفاهية الأسر، وخيارات بوتين على المدى الطويل ستؤدي إلى تآكل النمو الاقتصادي، وتضع المزيد من الضغط على الروبل، على المدى الطويل. وبدون الاستثمار الأجنبي اللازم لتصنيع السلع المعقدة، فإن روسيا ستنتج أقل مما تحتاجه بمفردها، وستستورد المزيد".

وتابع "وهذا يعني أنه في المستقبل، لن يتمكن المواطنون الروس من تحمل نفس المستوى، ونفس أسلوب الحياة الذي كانوا عليه في السنوات الماضية".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية روسيا الاقتصاد الروسی أسعار الفائدة على الروبل المزید من سعر الصرف على المدى

إقرأ أيضاً:

ما بعد الفيتو الروسي

ياسر عرمان

أُشبع الفيتو الروسي تحليلاً وتخميناً بمعلومات صحيحة من مظانها الحقيقية وأخرى خاطئة عن قصد أو دونه من مختصين ومطلعين وآخرين قافزين بالزانة أو بالشباك، ليس لدي ما أضيفه ونحن نتعامل مع العلاقات الإقليمية والدولية في أخطر فترة يواجهها المجتمع والدولة السودانية الحديثة منذ نشأتها.

يجب أن نكون حذرين وصبورين في التعامل مع جيراننا الأقربين وفضائنا الحيوي وامتداداتنا في الجغرافيا السياسية والمصالح المتقاطعة سيما في البحر الأحمر والقرن الأفريقي وحزام الساحل الذي تشهد بعض بلدانه انهيار الدولة الوطنية مثلنا والأطماع في الموارد وغياب النواة الصلبة التي توحد التنوع وضبابية الرؤية وعدم وحدة القيادة.

الوطنيون حقاً يخشون على بلادنا من ثلاثة مصادر أولها إطالة أمد الحرب وثانيها تقسيم شعبنا وأرضنا وثالثهم الشيطان عودة النظام القديم في دولة هشة، وبحكم مشاركتي في قضايا الحرب والسلام وامتداداتها في العلاقات الإقليمية والدولية كتبت أكثر من عشر مقالات في هذه القضية منذ بداية الحرب في محاولة للمساهمة في الحوار الهام بين قوى الثورة والتغيير حول كيفية الوصول إلى إطار متكامل وحزمة منسجمة لوقف وإنهاء الحرب تضع الإغاثة قبل السياسية والحقوق الطبيعية قبل السياسية، وتجعل من مخاطبة الكارثة الإنسانية وتطبيق مبدأ حماية المدنيين مدخلاً للعملية السياسية التي يجب أن تقوم في فضاء مفتوح قائم على حماية المدنيين ومشاركتهم، وأن تكون ذات مصداقية لا أن تقوم على الحلول التجارية السريعة القائمة على الربح والخسارة وغير المستندة على المبادئ والمؤقتة والهشة.

شهد الشهر الأخير بداية جديدة وصحيحة في أوساط القوى المدنية في التركيز على قضية حماية المدنيين ومخاطبة الكارثة الإنسانية قبل الدخل في أي عملية سياسية لا توفر الأمن والطعام والسكن والعلاج واتساع الفضاء المدني قبل الدخول في حوار يرقص على ساق قسمة السلطة.

ما بعد الفيتو الروسي

أصدر مجلس الأمن قرارين حول السودان، ورغم انقسام المجلس، فإن الخمسة الكبار سمحوا بتمرير القرارين في شهري مارس ويونيو (٢٧٢٤- ٢٧٣٦)، عجز القراران ناجم عن عدم توفر الآليات لتطبيقهم وعدم وجود بعثة سلام للفصل بين القوات والتحقق، وصدروهما خارج الفصل السابع، ورغم أن الكارثة الإنسانية والنزوح واللجوء وجرائم الحرب في بلادنا هي الأكبر على مستوى العالم، لكن يتهرب المجتمعان الإقليمي والدولي من التزاماتهم في ظل انقسامات حادة وقضايا أخرى تستأثر باهتمام سيما أوكرانيا وغزة.

الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين مدخل لوحدة قوى الثورة والعملية السياسية:

الكارثة الإنسانية وتطبيق مبدأ حماية المدنيين تشكلان الحد الأدنى لوحدة قوى الثورة وأساس الحقوق الطبيعية في الحياة والإقامة، وفي نفس الوقت تشكلان المدخل الصحيح للعملية السياسية القائمة على حق الشعب في حقوقه الطبيعية قبل السياسية، وهي تحرج المجتمعين الإقليمي والدولي، وتذكرهما بالتزاماتهم المنصوص عليها في المواثيق الإقليمية والدولية والقانون الإنساني والدولي.

مجلسا الأمن الأفريقي والدولي يوفران الإجماع:

في ظل الانقسام الذي يشهده مجلس الأمن الدولي علينا العمل مع أعضاء مجلس الأمن الأفريقي وتصعيد خطابنا حول الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين في السودان، حتى يخرج مجلس الأمن والسلم الأفريقي بخارطة طريق ستجد القبول والإجماع في مجلس الأمن الدولي كما جرت العادة في ظل الانقسام الحالي، بل يجب الدعوة إلى اجتماع في مقر الاتحاد الأفريقي بين مجلسي الأمن الأفريقي والدولي كما تم من قبل وبعد اتفاق نيفاشا، وقد عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً في نيروبي قبل الاتفاق وزيارة للخرطوم بعد الاتفاق، ومن الضروري مشاركة الجامعة العربية في هذا الاجتماع.

المناطق الآمنة أم نزع السلاح؟ تقليص الفضاء المدني أو العسكري؟

مفهوم المناطق الآمنة للمدنيين علينا طرحه في إطار توسيع الفضاء المدني وتقليص الفضاء العسكري وحق المدنيين في نزع السلاح من أماكن تواجدهم لا عبر تحديد مناطق معزولة تقلص الفضاء المدني وتوسع الفضاء العسكري، ويجب أن يتم ذلك بتطبيق القانون الإنساني الدولي الذي يعطي المدنيين حرية الحركة، ويطالب العسكريين بالخروج من المناطق المدنية حتى تكون آمنة، الأمن يعني انسحاب العسكريين وحصر تواجدهم وليس العكس، وفي أي ترتيبات مقبلة لوقف العدائيات أو إطلاق النار سيطالب العسكريين بالرجوع إلى أماكنهم قبل الحرب برقابة وتحقق من بعثة السلام، وهذا لن يتوفر إلا باتفاق الطرفين أو تطبيق الفصل السابع، وفي الوضع الدولي الحالي وعدم الاهتمام بالسودان الحل هو في تصعيد الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية معاً.

نواصل..

الوسومياسر عرمان

مقالات مشابهة

  • نصيحة الأطباء لفتيات مصر.. طريقة واحدة لإبطال مفعول مخدر الاغتصاب
  • السيسي يوجه بمواصلة تحسين مناخ الاستثمار ومعالجة التحديات الهيكلية التي تؤثر على الاقتصاد المصري
  • المركزي الروسي يواصل تخفيض سعر الروبل مقابل العملات الرئيسية
  • حزب «المصريين»: تثبيت سعر الفائدة يستهدف خفض التضخم وجذب الاستثمارات
  • حزب المصريين: تثبيت سعر الفائدة يستهدف خفض التضخم وجذب الاستثمارات
  • ما بعد الفيتو الروسي 
  • مصرفيون: قرار «المركزي» بتثبيت الفائدة يجهض أوهام وشائعات التعويم
  • بعد قرار المركزي بـ « تثبيت أسعار الفائدة »..نواب يكشفون لـ" صدى البلد " مستقبل الاقتصاد المصري
  • ما بعد الفيتو الروسي
  • المركزي الروسي يخفض سعر صرف الروبل أمام العملات الرئيسية