يلتف الأطفال في مراكز إيواء النازحين بمدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان حول فرقة مسرحية تنشط في تقديم أعمالا درامية تحت ما يعرف بـ”فن العرائس” لتخفيف آثار الحرب عن هؤلاء الصغار.

وتقدم المبادرة التي يقوم عليها ممثلون سودانيون صورة مغايرة لواقع القتل ورعب البنادق التي كونها الأطفال قبل فرارهم مع أسرهم من الحرب المحتدمة في الخرطوم، من خلال مسرحيات بسيطة مليئة بالحياة والأمل والمستقبل المشرق.

ولم يتوقف عمل الدراميون عند حد تمثيل المسرحيات القصيرة بل يمتد إلى الإشراف على ورش عمل من الرسم والتلوين يقوم بها الأطفال في مراكز الإيواء كجزء من برنامج العلاج النفسي لهم.

ويعد الأطفال الفئة الأكثر تضرر من الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي، فراح الآلاف منهم ضحية للقتل والتشريد والجوع.

وتشير منظمة يونيسف إلى أنها نقلت 2500 انتهاك صارخ لحقوق الطفل – بمتوسط واحد على الأقل في الساعة، الى جانب نزوح 1.9 مليون طفل داخل السودان، وأجبر 1.7 مليون طفل إضافة على ترك منازلهم وهم يتنقلون الآن داخل البلاد وعبر حدودها.

وتقول مؤسس مبادرة “مسرح العرائس” مواهب الماحي لموقع “اسكاي نيوز عربية” إن “فكرة العمل وسط الأطفال النازحين جاءتها بمجرد خروجها بعائلتها من الخرطوم عقب اندلاع الحرب وهي مستوحاة مما شاهدته من تأثيرات على صغارها بسبب القتال”.

وتضيف: “فكرت في أن يكون الطفل في مراكز إيواء النازحين منتجاً لشتى الفنون الإبداعية من رسم وحكايات حتى يتمكن من التغلب على آثار الحرب التي تمثلت في الخوف والرعب وغياب الإحساس بالأمان”.

وتشير إلى أن عملها يقوم على ثلاث عرائس: (بنت الماحي) وهي الجدة صاحبة السبعين عاماً والتي تعرف محلياً بـ”الحبوبة” والتي تحظى بحب الأطفال نظراً لحكاياتها المشوقة وغير المملة، جانب العروستين (ميمي) و(تمبوشة) وهن صغيرتان يتحدثا بلغة وأسلوب الأطفال.

وتعمل الماحي إلى جانب طبيب نفسي يدعى معاذ شرفي والذي يقوم بتصميم الرسائل التوعوية حسب حاجة الأطفال في كل مركز إيواء بناء على ما تعرضه له، ومن ثم يقوم الممثلين بتقديمها بشكل مختصر يناسب حالة الصغار.

وتوجد في مدينة ود مدني أكثر من 30 مركزاً لإيواء النازحين من الحرب الجارية في الخرطوم، وتضم آلاف الأطفال الذين يعيشون وسط نقص في الأغذية وظروف إنسانية بالغ السوء، وفق منظمات تطوعية.

وتقول مدير مركز الإرشاد النفسي بجامعة النيلين السودانية أسماء محمد جمعة لموقع “سكاي نيوز عربية” إن أطفال السودان كانوا يعانون العديد من المخاطر قبل اندلاع الحرب من بينها ارتفاع معدلات الإصابة بسوء التغذية والتسرب المدرسي ووجود الملايين خارج مظلة التعليم، فالقتال فاقم هذه المشكلات.

وتضيف: “جميع هذه المؤشرات ارتفعت بعد الحرب خاصة سوء التغذية والتعليم الذي أصبح جميع الأطفال خارج مظلته بعد إغلاق كل المدارس، ويضاف إلى ذلك مستجدات الرعب والخوف التي خلفها الصراع المسلح”.

وتشير إلى أن كل هذه المعطيات تحدم ضرورة وجود برامج قوية للعلاج والدعم النفسي للأطفال، فالمسرح وسائر الفنون تعتبر وسائل ناجعة لمحو آثار الحرب عن الأطفال.

وتابعت: “نحن بحاجة إلى مزيد من المبادرات الهادفة من مسرح وفنون ورسم تعمل وسط الأطفال النازحين حتى يتمكنوا من تجاوز هذه المصاعب النفسية، ومن دون ذلك سيكون هناك تهديد وجودي لنواة المستقبل في البلاد”.

سكاي نيوز عربية

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

السودان نحو “سقوط حر” وقتلى الحرب 150 ألفا

وصفت لجنة الإنقاذ الدولية ما يجري في السودان بـ”السقوط الحر”، وحذرت من أن الأزمة الإنسانية في البلاد ستتفاقم أكثر ما لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات حازمة لمعالجة الوضع الذي مزقته الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وأشارت اللجنة في تقرير أصدرته في نيويورك، أمس الثلاثاء، إلى أن تقديرات ضحايا الحرب في السودان تصل إلى 150 ألف شخص، أي أعلى بكثير من التقديرات المعلنة والتي تتحدث عن 15 ألف قتيل.
وقالت اللجنة “بدون تحول في النهج الدولي من الجمود إلى العمل، فإن السودان يواجه خطر التمزق بسبب الصراع، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على ملايين المدنيين والأمن الإقليمي”.
وأضاف أن السودان يواجه بالفعل أزمتين مزدوجتين تتمثلان في أكبر عدد من النازحين داخليا في العالم، حيث فر 12 مليون شخص من بيوتهم منذ بدء الاشتباكات، منهم 10 ملايين داخل السودان ومليونان إلى بلدان مجاورة. كما أن 25 مليون شخص من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، في حين يواجه 18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد في ظل نقص في الغذاء والمياه والدواء والوقود.
وألقت اللجنة باللوم على جنرالات الجيش السوداني والقوى الإقليمية والمجتمع الدولي في “خذلان شعب السودان، مما أدى إلى كارثة إنسانية متفاقمة”.
ودعت اللجنة إلى دفع دولي أكبر نحو تعزيز السلام في السودان وإعادة ضبط الاستجابة الإنسانية بشكل عام.
وأضافت: “من المتوقع أن يموت أكثر من 222 ألف طفل جوعا في الأشهر المقبلة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة”.
وفي سياق متصل، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” إن السودان يواصل الانزلاق نحو الفوضى مع تفاقم الأزمة الإنسانية.
واوضح “حياة 800 ألف شخص، من النساء والأطفال والرجال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة، معلقة على المحك مع استمرار القصف في المناطق المكتظة بالسكان، مما يتسبب في أضرار واسعة النطاق وطويلة الأمد للمدنيين”.
وفشلت حتى الآن الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى إعادة طرفي الحرب إلى طاولة المفاوضات، لكن الاتحاد الأفريقي أعلن السبت تمسكه بخارطة الطريق الأفريقية المكونة من 6 نقاط.
ودعا في بيان عقب اجتماع اسفيري، برئاسة الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني، إلى اتخاذ إجراءات جريئة لمواجهة الأزمة المتفاقمة في البلاد.

سكاي نيوز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الحرب.. أزمة التعليم ترسم ملامح تقسيم السودان
  • اليونيسف: السودان يشهد أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم
  • السودان نحو “سقوط حر” وقتلى الحرب 150 ألفا
  • البرهان يبحث مع مسؤولة باليونسيف إعادة النازحين إلى ديارهم
  • قبل وصولها لبورتسودان.. المديرة التنفيذية لـ «يونسيف» تلتقي أطفال السودان في نيروبي
  • للأمهات.. طرق التعامل المثلي مع كوابيس الأطفال ونوبات الهلع
  • غزة.. أطفال يصارعون السرطان والجوع والحرب (فيديو)
  • ممثلة يونسيف في السودان لـ «التغيير»: الأوضاع مروعة وتدفع البلاد نحو كارثة إنسانية
  • الصحة العالمية تستعد لنقل 6 أطفال فلسطينيين إلى خارج غزة لغرض العلاج
  • “إنقاذ الطفولة”: عدد الأطفال الضحايا والمتضررين بالسودان ارتفع 6 أمثال