خلال كتابة هذه السطور كانت أفريقيا على موعد لانقلاب جديد تفقد خلاله فرنسا مخزن بترول مهمًا مثلما فقدت من قبل منجم اليورانيوم الفرنسى بانقلاب النيجر.
الانقلاب الجديد حدث فى الجابون خامس مصدر للبترول فى أفريقيا وإحدى مستعمرات فرنسا السابقة.
لم تكن الجابون واحة الديمقراطية الفرنسية كما ستحاول باريس تسويقها بعد الانقلاب؛ لمحاولة إجهاضه، وإنما الجابون حكمها لعقود أب هو عمر بونجو وورثها عنه ابنه على بونجو.
أصابع الرئيس الروسى بوتين بالطبع ليست غائبة عما حدث فى الجابون ومن قبلها انقلابات مالى وبوركينا فاسو والنيجر والتى انتهت جميعها بطرد القوات الفرنسية للأبد من هذه الدول لتحل محلها قوات فاجنر الروسية.
ولا يخفى على أحد الإعجاب الواضح من كل قادة الانقلابات فى هذه الدول بشخصية الرئيس الروسى بوتين، ونزعة التحرر الواضحة التى تجتاح أفريقيا رغبة فى إنهاء الوجود التاريخى لفرنسا فى تلك الدول
هذا الإعجاب الذى بدا واضحا على قائد انقلاب بوركينا فاسو الشاب العسكرى إبراهيم تراورى الذى لقب ببوتين الأسود.
الكابتن إبراهيم تراورى، كما يطلقون عليه يقال عنه إنه كان تلميذا ذكيا وخجولا، أحدث ضابط يستولى على السلطة فى انقلاب عسكرى فى بوركينا فاسو، إحدى مستعمرات فرنسا السابقة فى الغرب الأفريقى.
أطاح تراورى برفيقه السابق، اللفتينانت كولونيل بول-هنرى داميبا فى 30 سبتمبر الماضى، بعد أن اتهم الأخير بعدم الوفاء بتعهده بالقضاء على التمرد الإسلامى الذى تشهده بوركينا فاسو منذ عام 2015.
ولد تراورى عام 1988، أى أنه يبلغ من العمر 34 عاما، ما يجعله أصغر زعيم دولة فى أفريقيا، ويضعه فى مصاف قائدَى الانقلاب الآخريَن فى أفريقيا حاليا، الزعيم الغينى الكارزمى الكولونيل مامادى دومبويا الذى ولد عام 1981، وزعيم مالى الكولونيل أسيمى غويتا المولود فى عام 1983.
وقال الكابتن تراورى لمسؤولى حكومة بوركينا فاسو بعد الانقلاب : «أعلم أننى أصغر من معظمكم هنا. إننا لم نكن نريد ما حدث، لكن لم يكن أمامنا خيار».
وعلى نهج ابراهيم تراورى أو بوتين الأسود يسير باقى قادة الانقلابات الجديدة متوجهين جميعا نحو موسكو التى وجدوا فيها الكرامة الأفريقية التى سلبتها فرنسا منهم على مدار عقود، وكما قال أحد قادة الانقلابات الجدد فى تلك الدول:كنا نعامل كعبيد فى بلادنا
خرجت فرنسا والغرب من أهم معاقلهم ومصدر ثرواتهم رويدا رويدا وانفرط عقد الاستعمار الناعم الذى كان يقوم على سلب الثروات،والسيطرة على القرار الأفريقى بوضع عملاء باريس على رأس السلطة فى هذه الدول
هل استبدلت افريقيا استعمارا فرنسيا بآخر روسى؟ بوتين يلعب بذكاء شديد ويطرح روسيا شريكا لأفريقيا وليس مستعمرا يبحث عن إرث فرنسا فى ثروات افريقيا، بل يعرض بوتين إرسال الحبوب والغذاء إلى إفريقيا، ويتكفل بتوفيره للقارة الجائعة، ويلوح بورقة بريكس وضم دول جديدة للتجمع الاقتصادى الذى تقوده روسيا، ويستهدف بالأساس دول الجنوب وفى القلب منها إفريقيا.
انفرط العقد الغربى الفرنسى، وإفريقيا تتشكل من جديد بطموحات قومية وقادة شباب يرون فى بوتين رمزا لتحررهم، ومعها تتشكل خريطة جديدة للعالم تنهى تحكم القطب الواحد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها فى أوربا، وقد تصبح إفريقيا الجائعة والغنية فى نفس الوقت بثرواتها لاعبا أساسيا فى العالم الجديد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بوتين الأسود السطور الانقلاب الجديد بورکینا فاسو
إقرأ أيضاً:
بوتين يحذر الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح ضد روسيا
حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الخميس من أن موسكو لا تستبعد ضرب الدول التي تستخدم أوكرانيا أسلحتها ضد الأراضي الروسية، وذلك بعدما ضربت كييف العمق الروسي مستخدمة صواريخ أميركية وبريطانية.
وقال بوتين -في خطاب بثه التلفزيون العام- إن "الصراع بدأ يأخذ طابعا عالميا".
وأضاف "نعتبر أن من حقنا استخدام أسلحتنا ضد المنشآت العسكرية العائدة إلى دول تجيز استخدام أسلحتها ضد منشآتنا، وفي حال تصاعد الأفعال العدوانية سنرد بقوة موازية".
كما أكد أن الهجوم الذي شنته بلاده اليوم على أوكرانيا جاء رد فعل على الضربات الأوكرانية لأراض روسية بصواريخ أميركية وبريطانية في وقت سابق من الأسبوع الجاري.
وأعلن أن روسيا سوف توجه تحذيرات مسبقة إذا شنت مزيدا من الهجمات باستخدام مثل هذه الصواريخ ضد أوكرانيا كي تتيح للمدنيين الإجلاء إلى أماكن آمنة، محذرا من أن أنظمة الدفاع الجوي الأميركية لن تكون قادرة على اعتراض الصواريخ الروسية.
عابر للقاراتواتهمت كييف في وقت سابق اليوم الخميس روسيا بإطلاق صاروخ عابر للقارات قادر على حمل رأس نووي على أراضيها، وهو أول استخدام لهذا السلاح ويشكل تصعيدا غير مسبوق للنزاع والتوترات بين روسيا والغرب.
وقال سلاح الجو الأوكراني في بيان إن القوات الروسية استخدمت الصاروخ في هجوم في الصباح الباكر على مدينة دنيبرو (وسط) شمل أنواعا عدة من الصواريخ واستهدف منشآت حيوية.
وقال مسؤول أميركي كبير إن موسكو "تسعى الى ترهيب أوكرانيا والدول التي تدعمها عبر استخدام هذا السلاح أو إلى لفت الانتباه، لكن ذلك لا يبدل المعطيات في هذا النزاع".
ويأتي الهجوم في وقت بلغت التوترات أعلى مستوياتها بين موسكو والغرب، مع اقتراب عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني المقبل، والتي ينظر إليها على أنها نقطة تحول.
وعلى الطرف المقابل، استخدمت أوكرانيا قبل أيام صواريخ أتاكمز الأميركية التي يبلغ مداها 300 كيلومتر، وذلك لأول مرة ضد منشأة عسكرية في منطقة بريانسك الروسية بعد حصولها على إذن من واشنطن.
كما أكدت موسكو أن أنظمة الدفاع الجوي لديها أسقطت صاروخين من طراز "ستورم شادو" (ظل العاصفة) بريطانية الصنع، و6 صواريخ أميركية من طراز هيمارس، و67 طائرة مسيرة.
وزودت دول غربية عدة كييف بصواريخ بعيدة المدى، لكنها لم تسمح باستخدامها على الأراضي الروسية خوفا من رد فعل موسكو.
وعززت روسيا تحذيراتها النووية في الأيام الأخيرة، وفي عقيدتها الجديدة بشأن استخدام الأسلحة النووية -التي أصبحت رسمية أول أمس الثلاثاء- يمكن لروسيا الآن استخدامها عند وقوع هجوم "ضخم" من قبل دولة غير نووية ولكن مدعومة بقوة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة.