لجريدة عمان:
2025-04-26@00:07:27 GMT

فيسبوك.. حياة تشبهنا ولا تشبهنا!

تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT

تراتبية الأوضاع والعلاقات في الحياة الإنسانية الواقعية دائما ما تجعل بين الناس وبين بعضهم البعض مساحةً مقدرة، وهذه المساحة ليست بالضرورة مساحة للتعالي أو ما شابه، بل هي مساحات مقدرة؛ من شأنها أن تضع حدودا تمسك هوية الأمور، فمبدأ الهوية الذي نفرز من خلاله تمايزا بين الأنواع يصلح في هذه المقاربة التي نظن أن الحديث من خلالها مناسبا.

تطرح الحياة على سطح فيسبوك تفاعلات مختلفة ومعقدة أحيانا حيال التعامل مع طبيعتها ومحتوياتها فيما نعرفه وننكره منها.

وإذا كانت اليوم ترجمة معنى كلمة فيسبوك إلى العربية حرفيا غير كافية لفهم المعنى الدقيق بالضبط لهوية هذه المنصة، وما إذا كانت إعلاما جديدا، أم منبر تواصل اجتماعي فقط، فإن مما سنعرفه وننكره من أحوال تلك المنصة وتفاعلاتها سيجعلنا أكثر استغرابا أمام هويتها.

حين يدخل داخل جديد عالم فيسبوك لأول مرة - حتى وإن كان هذا الداخل شخصا محدود الثقافة - سيلاحظ ذلك التناقض بين ما يبهره من أدوات سلطة الكتابة والتعبير والاعتراض والتعليق التي تمنحها له أيقونات فيسبوك، وبين ما يمكن أن يقع عليه من محتوى لا يرقى إلى أن يقال حتى وراء الغرف المغلقة ناهيك عن الأحواش، وفي الوقت ذاته ذلك الشخص المتخفي وراء ذلك المحتوى التافه هو شخص يمتلك حسابا على قدم المساواة معك!

وحيال تجربة كهذه قد يقع عليها أي متصفح جديد وخالي ذهن على فيسبوك، فإن أول ما سيلاحظه هو غياب أي تراتبية تقتضيها أحوال الحياة العامة لكنها تنتفي في ذلك الفضاء الأزرق؛ الأمر الذي سيجعله في حيرة من أمره.

هل يمكننا أن نعيش حيواتنا العامة ونخالط ميادينها المختلفة بمعزل عن تراتبية معينة تضع أمامنا مساحات بينية مقدرة ومقنعة لنا كي نقيم الفرز والفرق وبالتالي نفهم كل سياق ضمن هويته الخاصة؟

إذا كان الجواب "نعم" كبيرة، فإن أول اهتزاز يصدم قناعة الداخل الجديد إلى فيسبوك هو ما يمكن أن يلاحظه من تلاش لتلك التراتبية!

لكنه في الوقت ذاته يجد ذلك الشخص ما يشبه طبيعة حياته في فيسبوك، فما دام فيسبوك محاكاة رقمية عشوائية للحياة في المجال العام فإن خط التلاشي لتلك التراتبية هو الذي سيكون مثار استغراب الداخل الجديد في فهم الحياة الخام بكل ما تحمله من تناقضات على سطح فيسبوك!

وإذا ما أزحنا سؤال الحربة في هذه المنصة، نظرا للتداخل العجيب في فلسفتها حيث تمنح الكل بالتساوي حريةً متساهلة، فإن ما يمكن استغرابه هو إصرار المنصة على قبول من جعل صفحته صفحة للعامة، لكل المناولات المؤذية وكيفما اتفق!

إن تجاور ما يمكن أن يشبهنا وما لا يشبهنا، في الوقت ذاته، في الحياة على سطح فيسبوك ربما كان تمرينا على تحمل الأذى إلى درجة القبول بالتصالح معه مع مرور الوقت والتعود على تقبل ذلك!

هناك أمور كثيرة تشبهنا فيما نتقبله مما يجري في حياتنا العادية، وهناك أمور لا تشبهنا لكن لها وجود في الحياة مستقل عنا وعن مزاجنا بتلك التراتبية والمساحة التي تكون بيننا، بيد أن هذه المسافة غير الموجودة في فيسبوك ستظل هي التي تضع دائما أمامنا ما يشبهنا وما لا يشبهنا في عالم افتراضي واحد !

هل يمكن القول إن ذلك المعنى الذي يجعل من القائمين على منصة فيسبوك يضعون متصفحي منصتهم على ذلك النحو من إلغاء للتراتبية هو فلسفة تتوخى النسبية المطلقة التي يتعذر معها إدراك الحسن والقبيح، بالاستناد إلى إمكانية أن ما يمكن أن يكون قبيحا في مجتمع قد لا يكون كذلك في مجتمع آخر؟

ربما علمنا فيسبوك الصبر على الأذى بطريقة في التحمل لا يمكن أن تجعلنا قادرين على تحملها إلا بمخالطة أهل هذا الكوكب الأزرق، وإذا كان فيسبوك لهذه الناحية يزرع في المشتركين قدرة على تنمية الصبر على الأذى فتلك إحدى حسناته بالطبع ضمن حسنات كثيرة له بكل تأكيد.

قد يكون فيسبوك في هذه المرحلة الانتقالية من حياة البشر مستخدمي السوشيال ميديا في العالم بمثابة منصة تهيئة لمستقبل جديد تتحضر له البشرية، وكما أن كل المراحل الانتقالية فيها تجريب مؤذٍ، أحيانا، لكن إلى أي مدى يمكن تدريب الناس على قبول ما لا يألفونه وباستمرار!

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ما یمکن أن

إقرأ أيضاً:

كيف أنقذت وظيفة ماسك في البيت الأبيض استثماره في إكس؟

مر استثمار إيلون ماسك في منصة "تويتر" سابقا و"إكس" حاليا بالكثير من المحطات المختلفة، ولكن أبرزها كان فقدان المنصة لقيمتها، إذ انخفضت قيمة المنصة بعد شراء إيلون ماسك لها إلى معدل 14.75 مليار دولار وفق تقرير "ذا غارديان" (The Guardian) في مايو/أيار 2023، فضلا عن وصولها إلى أقل من 10 مليارات في سبتمبر/أيلول الماضي، وذلك بعد أن استحوذ ماسك عليها مقابل 44 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022.

ورغم محاولات ماسك المستمرة لتغيير وضع المنصة وإنقاذ استثماره فيها، فإنها كانت تعاني كثيرا ولم تتمكن من العودة إلى قيمتها الأصلية التي دفعها ماسك، رغم إطلاق ماسك للعديد من الميزات الجديدة في المنصة مثل الذكاء الاصطناعي الخاص بها، وحتى تغيير اسم المنصة وهويتها بشكل كامل.

ولكن في مارس/آذار الماضي، وبعد إتمام الصفقة بما يقرب من 3 سنوات، عادت "إكس" إلى نقطة الصفر مجددا مع إيلون ماسك، وأصبحت قيمتها أخيرا توازي القيمة التي دفعها ماسك سابقا، إذ وصلت الآن إلى 44 مليار دولار، وذلك وفق تقرير "فايننشال تايمز" (Financial Times).

منصة "إكس" عانت كثيرا ولم تتمكن من العودة إلى قيمتها الأصلية التي دفعها ماسك (وكالات) الفضل لحكومة ترامب

يعود الفضل في انتعاش "إكس" وإنقاذ استثمار إيلون ماسك في المنصة للحكومة الأميركية التي اتخذ منصب رئيس قسم الكفاءة الحكومية بها، ورغم أن هذا المنصب يعد استشاريا أكثر من كونه منصبا تنفيذيا، فإنه أتاح لماسك الظهور بجوار الرئيس الأميركي في العديد من اللحظات المهمة.

عزز منصب ماسك الجديد من وجود "إكس" داخل البيت الأبيض وظهور الأنباء المتعلقة بالحكومة الأميركية بشكل مستمر عبر المنصة، وذلك ما ظهر بوضوح خلال أحد المؤتمرات الصحفية بالبيت الأبيض، إذ تفاجأ الحضور بوجود جون ستول، الذي تم تعيينه مؤخرا رئيسا للأخبار في منصة "إكس"، وذلك وفق تقرير "نيويورك تايمز" عن الحادثة.

تضمن التقرير وصفا واضحا لما حدث في هذا المؤتمر، إذ كان شرف السؤال الأول من نصيب ستول بعد أن قدمته كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، موضحة أن المنصة تضم ملايين المستخدمين ومن بينهم مئات الآلاف من الصحفيين من مختلف بقاع الأرض.

إعلان

ولكن، لم تقتصر المزايا التي حازتها منصة "إكس" داخل البيت الأبيض على الحضور وسط الصحف والمنافذ الإعلامية العريقة فقط، بل امتدت لتصبح ما وصفه إيلون ماسك سابقا بصحافة الشعب ومستقبل الصحافة الرقمية.

صحافة رسمية بطابع عصري

يقول ديفيد كاي، أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا الذي يدرس الخطاب عبر الإنترنت عما يفعله إيلون ماسك: "إنه يحول "إكس" إلى وسيلة إعلام حكومية، دون أي نوع من الرقابة"، وبينما يبدو هذا الوصف مبالغا قليلا ولكنه الأقرب إلى الواقع.

ففي فبراير/شباط الماضي، أسس ماسك مجموعة من الحسابات التي تحمل شعار هيئة الكفاءة الحكومية ولكنها مرتبطة بالهيئات الفدرالية الأخرى، وبالطبع منحها جميعا شعار التوثيق الرمادي الذي يدل أنها تابعة لهيئات حكومية.

تنشر هذه الحسابات مجموعة من النصائح والمنشورات التوعوية للجمهور، كما أنها تتيح لهم التفاعل معها والتبليغ عن أي إهدار فدرالي يحدث من الهيئات المختلفة، وذلك رغم أن هيئة ماسك تملك حسابا رسميا لها وجميع الهيئات الحكومية الأخرى تملك حسابات مماثلة.

وبينما كان وجود ستول مفاجئا في غرفة الصحافة بالبيت الأبيض، فإنه كان منتظرا، فإدارة "إكس" ابتدعت هذا المنصب خصيصا ليجد مكانا بالبيت الأبيض، فضلا عن ذلك، قامت إدارة ترامب بوضع مقعد خاص له بجوار سكرتير البيت الأبيض الصحفي، في إشارة واضحة إلى أهمية "إكس" والصحافة الجديدة بحسب ما وصفه البيت الأبيض.

ولا يمكن أن نتجاهل القوة الناعمة التي تحظى بها منصة "إكس"، فحتى وإن لم تكن منصة معتمدة من حكومة ترامب ولها حضور رسمي واضح، فإن مجرد وجود ماسك وترامب بها وتفاعلهم المستمر مع المستخدمين يمنح المنصة قوة تفوق بقية منصات التواصل الاجتماعي مجتمعة.

هذه القوة دفعت العديد من المستخدمين الراغبين في الجلوس مع ماسك أو ترامب أو حتى الحديث معهم للتوجه إلى المنصة وإنشاء حسابات هناك، أملا في التفاعل المباشر مع من يديرون البيت الأبيض.

منصب ماسك الجديد عزز وجود "إكس" داخل البيت الأبيض (شترستوك) انتعاشة اقتصادية

جاءت إدارة ترامب حاملة راية الازدهار الخضراء لمنصة "إكس"، فبعد أن كانت المنصة تعاني من القروض والعوائد عليها مع ضعف الإعلانات، أصبحت الآن على الطريق الصحيح لتحقيق الأرباح المرجوة منها، ومع تخفيض التكاليف والعمالة المستمرة التي يقوم ماسك بها، فإن الشركة قد تنجح في تحقيق الربحية.

إعلان

وتجدر الإشارة أن "إكس" شهدت عودة الحملات الإعلانية من حسابات "آبل" و"أمازون" بعد غياب طال لسنوات، وذلك تزامنا مع وصول ماسك للبيت الأبيض والظهور المستمر إلى جوار الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وهذا يدفعنا للتساؤل، هل ينجح "إكس" في تحقيق الربحية وتعويض استثمار ماسك في خلال الفترة المتبقية من مدة حكم ترامب، فضلا عن موقف المنصة بعد انتهاء فترة ترامب الحالية؟

مقالات مشابهة

  • منصة «تريد لينس» رائدة التكنولوجيا في الشحن العالمي
  • الحرمان من الأرباح | حملة جديدة لـ فيسبوك لمواجهة البوستات المزيفة
  • بحرمانها من تحقيق الأرباح.. حملة جديدة لـ فيسبوك لمواجهة "البوستات" المزيفة
  • منظمات دولية تحذر: أمراض يمكن الوقاية منها تهدد الملايين
  • القبض على المتهم ببيع المخدرات على فيسبوك
  • عاجل. ترامب: عدم السيطرة على كامل أراضي أوكرانيا هو التنازل الذي يمكن أن تقدم
  • ياسر سليمان: الجائزة العالمية للرواية العربية أصبحت المنصة التي يلجأ إليها الناشر الأجنبي
  • وزارة الإعلام تطلق أول منصة إعلامية للطفل في سلطنة عُمان
  • Cartea: دليلك‎ ‎الذكي‎ ‎لعالم‎ ‎السيارات‎ ‎في‎ ‎الشرق‎ ‎الأوسط
  • كيف أنقذت وظيفة ماسك في البيت الأبيض استثماره في إكس؟