فىِ رسالته إلى جريدة «لو جورنال» الفرنسية يوم 24 أغسطس 1927 – اليوم التالى لوفاة زعيم الأمة سعد زغلول – كتب الصحفى الفرنسى «سان بريس» من القاهرة (أنا ما قابلت زغلول باشا مرة إلا وسألت نفسى: كيف أمكن لهذا الرجل أن يمارس على شعب بأسره تأثيرا مغناطيسيا بالمعنى الحقيقى لهذه الكلمة. فهو طويل القامة جدا، وصلب البنيان، وهو بارد الطبع للغاية، وقليل الكلام جدا.
قبل أيام قليلة حلت الذكرى السادسة والتسعون لوفاة الزعيم الوطنى الكبير سعد زغلول الذى كانت سيرته الوطنية فى زمانه مصدر إلهام للكثير من حركات التحرر الوطنى فى العالم– وكثير من الوثائق تؤكد التقدير الكبير الذى كان يكنه الزعيم الهندى التاريخى المهاتما غاندى لسعد زغلول باشا – وفى هذا السياق قال سودهيندرا كولكارنى، رئيس مؤسسة أوبزرفر البحثية الهندية، إن الزعيم الهندى غاندى كانت له علاقات وثيقة بمصر، حيث أرسل خطابًا للسيدة صفية زوجة الزعيم سعد زغلول فى ديسمبر عام 1931، أعرب فيه عن رغبته فى لقائها وزيارة قبر سعد زغلول.
ما دفعت به ذكرى رحيل الزعيم التاريخى سعد زغلول الذى يصفه الدكتور لويس عوض فى مذكراته «أوراق العمر» بآخر العرابين الكبار – نسبة إلى ثورة الزعيم الوطنى الكبير أحمد عرابى.. أن سعد زغلول باشا هو باعث روح الوطنية المصرية التى لبست كل المصريين من كل التوجهات – يمين ويسار، ورأسماليين وشيوعيين، ومسلمين وأقباط.. هذا الزعيم الوطنى هو الأب المؤسس للوطنية المصرية الذى لم يحتل فى صفحات التاريح المصرى المعاصر وفى مناهج التعليم المساحة التى شغلها مراهق سياسى أو حاكم دفعت به الصدفة إلى سدة الحكم.. فى ثقافتنا المصرية ظل هناك خلط متعمد بين سعد زغلول وأخطاء رفاق رحلة نضاله وتلاميذه من بعد وفاته وحتى قيام ثورة 1952.. تعمدت أنظمة وقوى مجتمعية ونخب أن يضعوا سعد زغلول باشا فى خانة ملكية أطاحت بها ثورة يوليو 52 متجاهلين أو جاهلين بأن نضال سعد وشراسته فى التفاوض من أجل الاستقلال الوطنى ظل وسيظل الرصيد الوطنى الملهم لكثيرين من الذين يحلمون بقيم الحرية والعدالة.
وسط ظروف وطنية شديدة التعقيد شب سعد زغلول باشا واستوعب حقائق الصراع داخل وخارج مصر وتأكد له أن استقلال مصر لن يتأتى إلا بوحدة وطنية حقيقية تقوم على مواطنة حقة.. من هنا كان حلم سعد زغلول باشا بدولة قانون ومجلس تشريعى حقيقى يراقب ويحاسب.. فى 12 يناير عام 1924 سقط فى أول انتخابات نيابية دستورية حرة رئيس الوزراء آنذاك يحيى باشا إبراهيم والذى كانت وزارته تشرف على الانتخابات، ونجح منافسه بالدائرة الشاب أحمد مرعى مرشح سعد زغلول على قوائم الوفد.. سعد زغلول لم يكن من كبار الملاك.. ربما كان من أفراد الصف الأخير بالوفد–قياسا بما يملك–ولكنه سيظل فى صدارة الفكر السياسى الوطنى المصرى الحر الذى لم نقرأه قراءة يستحقها منذ رحيل سعد باشا يوم 23 أغسطس 1927 وحتى اللحظة الراهنة.. أى محاولة للتقدم تحتاج أن نتأمل تجارب التاريخ، وأن نحسن اختيار ودراسة رموزه.. لكل وطنية آباؤها المؤسسون – وبدون آباء تصبح حدثا لقيطا.
كتابة التاريخ بصدق وتجرد بعيدًا عن الانحيازات العابرة والضيقة، أحد مفاتيح التطور الصحيح، والبيئة الصالحة لاستنبات انتماء وطنى يبنى الأجيال الجديدة بناء سليمًا وقويًا. شخصية وطنية وتاريخية مثل سعد زغلول باشا ستحل مئوية رحيلة فى 23 أغسطس 2027، والتاريخ ليس بعيدًا، والشخصية من الثراء الذى يسهل على كل مؤسسات الدولة المعنية من تعليم وثقافة وفنون وغيرها أن تبدأ من الآن الاستعداد للاحتفاء بهذا الزعيم الوطنى الكبير كفكر وتاريخ وانتماء وقدرة على التفاوض وكاريزما نادرة. فى الخطط البرامجية لمختلف محطات الراديو والتليفزيون يجب البدء من الآن فى إعداد برامج متنوعة عن شخصية سعد زغلول باشا، وعلى مستوى الدراما أتمنى أن يتم إنتاج عمل درامى كبير يليق باسم سعد زغلول.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سعد زغلول زعيم الأمة الصحفي الفرنسي سعد زغلول باشا
إقرأ أيضاً:
الوطنى للذكاء الاصطناعي يناقش الجهود المبذولة للحوكمة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عقد المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى اجتماعه برئاسة الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ وتناول الاجتماع الجهود المبذولة لحوكمة الذكاء الاصطناعى لضمان الاستخدام الأمثل لهذه التقنيات، وتعظيم الاستفادة من امكانياتها فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.
وشارك فى الاجتماع بالإضافة إلى أعضاء المجلس، عدد من الخبراء المعنيين فى المجالات الاقتصادية والتكنولوجية المختلفة.
هذا وقد تم خلال الاجتماع استعراض خطة تنفيذ الميثاق المصرى للذكاء الاصطناعى المسؤول الذى تم إطلاقه ويعكس التزام مصر بتطبيق مبادئ الذكاء الاصطناعى المسؤول وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية. ويستند إلى المعايير الدولية، وأفضل الممارسات فى الدول الرائدة. ويهدف الميثاق إلى تعزيز جاذبية مصر الاستثمارية وإرشاد مطورى الذكاء الاصطناعي، وتمكين المواطنين من المطالبة بممارسات أخلاقية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
ويأتى هذا الميثاق متوافقا مع المبادئ الدولية ويتناسب مع السياق المصري، مع التركيز على البشرية كمقصد (محورية الإنسان)، والمساءلة، والعدالة، والأمن والأمان، والشفافية وقابلية التفسير.
وتشمل خطة التنفيذ؛ تحديد اطار إدارة المخاطر فى الذكاء الاصطناعى، والاسترشاد بأفضل الممارسات الدولية، والتوعية والتدريب وبناء القدرات للجهات الحكومية والشركات، ومتابعة وتوجيه الشركات المحلية المطورة لتطبيقات الذكاء الاصطناعى بالتعاون مع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "ايتيدا"، وتطوير مبادئ توجيهية متخصصة للقطاعات ذات الأولوية لتوجيه استخدامها للذكاء الاصطناعي.
كما تطرق الاجتماع إلى الجهود المبذولة لإنشاء مركز الذكاء الاصطناعى المسئول والذى يختص بتطوير إطار عمل يتضمن إرشادات ومجموعة أدوات وأساليب وأفضل الممارسات لتمكين تبنى الصناعة المصرية للذكاء الاصطناعى المسؤول، وتطوير إرشادات ومعايير لتصنيف مخاطر نظم الذكاء الاصطناعى ولتحديد وتقييم قدرات الذكاء الاصطناعى فى الجهات الفاعلة فى مجال الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تطوير متطلبات واجب استيفاؤها من نظم الذكاء الاصطناعى وتطوير إجراءات تقييم مطابقة النظم لتلك المتطلبات، فضلا عن تطوير برامج تدريبية حول الذكاء الاصطناعى المسؤول، ودعم مبادرات التعليم والبحث العلمى فى مجال الذكاء الاصطناعي، كما يختص المركز بوضع معايير مهارات القوى العاملة فى مجال الذكاء الاصطناعي، وإجراء البحوث المتعمقة والتحليلية فى هذه التقنيات واتجاهاتها وتأثيراتها الأخلاقية، وبناء الشراكات مع أصحاب المصلحة من الصناعة والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدنى وتسهيل الحوار والتعاون فى القضايا المتعلقة بالذكاء الاصطناعى المسؤول، وكذلك التعاون الدولى وتبادل المعرفة مع المنظمات الدولية المعنية والجهات المماثلة على مستوى العالم.
كما استعرض الاجتماع مسودة قانون الذكاء الاصطناعى والذى يأتى من ضمن أهدافه حوكمة نظم الذكاء الاصطناعى بما يضمن تعزيز الهوية الوطنية للدولة المصرية ودعم وتشجيع الشركات العاملة فى مجال الذكاء الاصطناعى وخاصة الشركات والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر و تعزيز مكانه مصر فى تبنى تقنيات الذكاء الإصطناعى والمشاركة الدولية فى تطويرها ليعزز التنمية المستدامة.
وخلال الاجتماع تم الإشارة إلى المرحلة الثانية للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى (2025-2030) والتى من المقرر إطلاقها قريبا.
وجدير بالذكر أنه كان قد تم إنشاء المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى وفقا لقرار الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء فى نوفمبر 2019 بهدف وضع وحوكمة الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعى من خلال التنسيق بين الجهات ذات الصلة للخروج باستراتيجية موحدة تعكس أولويات الحكومة وكافة الجهات المعنية باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى، كما يختص المجلس بالإشراف على تنفيذ هذه الاستراتيجية ومتابعتها وتحديثها بما يتماشى مع التطورات العالمية.