حرق القرآن.. أدوات تصعيد عراقية !
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
أغسطس 30, 2023آخر تحديث: أغسطس 30, 2023
محمد حسن الساعدي
ما أن يذهب الوضع السياسي والأمني في العراق، نحو الاستقرار والهدوء، حتى تظهر مرة أخرى شرارة التصعيد، بألوان مختلفة وأدوات ومفاعيل مختلفة، تظهر بصورة سريعة ومفاجئة، لتعبر عن غاياتها وأهدافها في ضرب هذا الاستقرار.. على الرغم من كل الجهود التي تقوم بها حكومة السوداني، لإثبات قدرتها على النجاح، وعبور المرحلة وسط التصعيد السياسي، إلا أن هناك من يسعى إلى قلب الطاولة وضرب هذا الاستقرار، ليعيد إلى الأذهان صورة الأجواء التي سادت، في حكومتي السادة عبد المهدي والكاظمي.
قد تبدوا الصورة قاتمة غامضة لا وضوح فيها، فمسألة حرق نسخة من القران الكريم، على يد عراقي مسيحي يسعى للحصول على الجنسية السويدية،والذي كان أحد العناصر الموجودة في العراق، وجزء من القوى التي كانت تقاتل ضد داعش، تحت مسمى اللواء السرياني،وكان قريباً من قيادات سياسية، ليبعث بذلك رسالة مفادها، أن هناك من يحرك الخيوط الداخلية، وفق ما يريد ووقت ما يشاء.. هذا ما أنعكس في طريقة تعاطيه وتعامله، مع هذا الملف الحساس والمهم، والذي يلامس مشاعر ملياري مسلم في العالم . قطع العلاقات مع السويد وطرد سفيرتها، كانت قرارات قوية اتخذتها حكومة السيد السوداني،واستدعاء القائم بأعمالها في ستوكهولم، كان قراراً صائباً يعبر عن موقف رسمي، ضد هذا التجاوز على مقدسات المسلمين،بالمقابل يمثل اختباراً خطيرا لقدرة حكومة السوداني، على الحد من تأثير مفاعيل السياسة الداخلية، والتي أخذت كثيراً بجوانب السياسة العراقية، تجاه مجمل القضايا الخارجية،على حسابها وأولوياتها، المتمثلة بمتابعة العلاقة الإقليمية والدولية المتوازنة بين العراق والعالم.
السيد مقتدى الصدر دخل على خط الأزمة، في محاولة لعودتهم إلى الحياة السياسية،فمنذ اعتزاله الذي فرضه على نفسه، كان ينتظر باحثاً عن فرصة، لإعادة شعبيته وجمهوره إلى الشارع، في استعراض للقوة ضد الائتلاف الحاكم، والذي أصبح حدث حرق نسخة القرآن الكريم هو الوسيلة.. لذلك فان ردود أفعال السياسيين ومنهم الصدر، لها علاقة بالسياسة الداخلية، بقدر ما لها علاقة بدعم قدسية القرآن الكريم، وهذا دفع الحكومة العراقية للرد على، اقتحام أتباع الصدر للسفارة السويدية، بقطع العلاقات الدبلوماسية معها وطرد السفيرة، ولوقف زخم الصدر، وحرمانه من الحصول على منافع سياسية، واستغلال هذا الحدث، حول من هو المدافع الأفضل عن الدين والقرآن.
ربما مثل هذا الإجراء يهدد العلاقة مع حكومة تسمح بتدنيس القرآن الكريم، وقد يكون منحدراً زلقاً له عواقب وخيمة، على العلاقات الدولية العراقية،وربما ستجد الحكومة صعوبة في التخلص منه، حيث يحتمل حصول أحداث مماثلة، في وقت ما في دول أوربية أخرى ايضاً،وهذا الأمر سيضع السوداني باختبار صعب، في الحد من تأثير السياسة الداخلية،ولا سيما المنافسة بين السياسيين الشيعة، على أولويات السياسة الخارجية، المتمثلة في إدارة العلاقات الإقليمية والدولية المتوازنة.. كما أن رد الفعل العراقي، يعتبر أختباراً أيضاً حول قدرة حكومته، وبالتحديد القوى الأمنية في الوفاء بالتزاماتها القانونية، لحماية البعثات الدبلوماسية على النحو المنصوص عليه، في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
ترجيحات باستغلال العقوبات الامريكية لضرب حكومة السوداني قبل الانتخابات - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
قدم أستاذ العلوم السياسية، مثنى العبيدي، اليوم الأثنين (3 آذار 2025)، رؤية حول إمكانية استغلال بعض الأطراف السياسية العراقية للعقوبات الأمريكية المفروضة على البلاد لضرب حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مع اقتراب موعد الانتخابات.
وقال العبيدي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "القوى السياسية العراقية تتنافس بقوة في الانتخابات المقرر عقدها في تشرين الأول المقبل، حتى بين المتحالفين داخل الإطار التنسيقي، حيث يسعى كل طرف إلى تحقيق مكاسب أكبر في البرلمان القادم"، مشيرًا إلى أن "التنافس واضح، لكن السيناريوهات المقبلة قد تحمل متغيرات تؤثر في الخارطة الانتخابية، ليس بفعل العقوبات، بل من خلال استثمار التطورات الإقليمية والدولية وارتداداتها على الداخل العراقي".
وأضاف أن "هناك قوتين رئيسيتين ستنافسان حكومة الإطار التنسيقي في الانتخابات المقبلة، هما التيار الصدري وحزب تقدم، وكلاهما يحاولان تعزيز وجودهما في المشهد الانتخابي"، موضحًا أن "زعيم التيار الصدري دعا أنصاره مؤخرًا إلى تحديث سجلاتهم الانتخابية، ما يعكس استعداده للمشاركة بقوة في الانتخابات القادمة".
وتابع العبيدي أن "المرحلة المقبلة ستشهد تحالفات مختلفة، وهناك ضغوط من بعض القوى لتقديم بديل عن نهج المحاصصة عبر تشكيل أغلبية سياسية، لكن من الواضح أن المحاصصة ستظل قائمة"، لافتًا إلى أن "الحكومة المقبلة قد تُشكل وفق مبدأ أن تتولى جهة واحدة إدارتها، فيما تكون هناك معارضة فعلية، على عكس ما حدث في الحكومات السابقة التي شاركت فيها جميع القوى دون وجود معارضة حقيقية".
وأشار إلى أن "الفترة المقبلة ستكون صعبة، خاصة أن أي تأثير على المستوى المعيشي للمواطن سيدفع جميع الشرائح الشعبية للتحرك"، مؤكدًا أن "الجمهور العراقي لن يقبل بأن يتأثر وضعه المعيشي أو الاقتصادي بسبب مصالح دول أخرى، وسيتساءل عن جدوى استعداء بعض الدول على حساب مصلحة العراق".
وأوضح العبيدي أن "ملف تهريب العملة وخرق العقوبات سيؤدي إلى ضغوط متزايدة على العراق، وسيدفع المواطن ثمن هذه السياسات، ما قد يؤدي إلى تحركات احتجاجية"، مضيفًا أن "بعض القوى السياسية داخل الدولة قد تجد نفسها مضطرة إلى الانضمام لهذا الحراك، خاصة إذا رأت أن استمرارها في السلطة سيجعلها في دائرة الاتهام بأنها مسؤولة عن الأزمة الاقتصادية".
وختم بالقول إن "الحراك القادم قد يبرز في أي لحظة، وهناك قوى سياسية ستسعى لاستغلاله بما يخدم مصالحها، مما قد يؤدي إلى متغيرات سيكون لها تأثير على نتائج الانتخابات المقبلة في 2025".
الى ذلك قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لن يواصل عزلته السياسية وسيعود لمعارضة الإطار التنسيقي خلال المرحلة المقبلة.
وقال فيصل، لـ"بغداد اليوم"، انه "كما يبدو ان الصدر لن يستمر في المقاطعة المستمرة بل سيستمر التيار الوطني الشيعي كمعارضة سياسية سلمية تتبنى برنامج للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما تبنى ملاحظات نقدية عميقة للأخطاء التي ارتكبها الإطار التنسيقي الشيعي، ونذكر في هذا المجال وقوف التيار الصدري كمعارضة بجانب صفوف ثوار تشرين كما تبنى منهجا داعما للتغيير عبر المطالبة بإلغاء المحاصصة الطائفية وإلغاء الصناديق الاقتصادية واعتماد الكفاءة وليس الحزبية في اختيار الوزراء أو المسؤولين في الدولة".
وأضاف انه "كما تبنى مشروع الاغلبية الوطنية وليس الاغلبية الشيعية، مما يتميز به التيار الوطني الشيعي، فمن ناحية جوهرية يتعمق التباين بين الإطار التنسيقي الذي يعتبر نفسه اغلبية شيعية يجب أن تحتكر الحكم وبين التحالف الوطني الشيعي الذي يتبنى تحالف الأغلبية الوطنية بمعنى: الشيعة والسنة والأكراد والتركمان ومختلف الاطياف والمكونات العراقية في تحالف وطني ضمن إطار الدستور".