كشفت منظمة العفو الدولية (أمنستي)، الأربعاء، أن عدد ضحايا الاختفاء القسري في العراق وسوريا ولبنان واليمن تجاوز المليون و368 ألف شخص، متهمة الحكومات في معظم هذه البلدان بعدم اجراء أي تحقيقات بشأن حالات الاختفاء.

وقالت المنظمة في تقرير نشر على موقعها الرسمي، بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، إن "الأسر في سوريا والعراق ولبنان واليمن تُثابر على كفاحها في سبيل الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة لأحبائها المخفيين والحصول على تعويض عما قاسته من جراء اختفائهم".

وأضافت أن "سلطات الدول والأطراف الفاعلة غير التابعة للدولة، مثل جماعات المعارضة المسلحة، في مختلف دول الشرق الأوسط، تقوم باختطاف الأشخاص وتعريضهم للإخفاء، باعتبار ذلك طريقة لسحق المعارضة وترسيخ جذور سلطتها وبث الرعب في المجتمعات؛ وكثيرا يتم ذلك في ظل الإفلات الكامل من العقاب".

وشددت المنظمة أنه "غالبا ما يُستهدف تحديدا المدافعون عن حقوق الإنسان والمتظاهرون السلميون والصحفيون والمعارضون السياسيون".

وقالت المنظمة إن أسر المخفيين وأحباؤهم تعيش في حالة من عدم اليقين ويقاسون عذابا نفسيا مستمرا على مدى أعوام عديدة، بل وأحيانا على مدى عقود من الزمان".

العراق

نال العراق حصة الأسد مقارنة بالدول الثلاث التي أوردها التقرير، حيث تمتلك البلاد "أحد أكبر الأعداد من حالات الاختفاء في العالم".

تقول المنظمة أن عدد المفقودين في العراق يتراوح بين 250 ألف ومليون شخص منذ عام 1968، وفقا لما ذكرته لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري.

وتبين المنظمة أن هؤلاء تعرضوا للاختطاف والإخفاء القسري منذ عهد نظام رئيس النظام العراقي السابق صدتام حسين ولغاية الحملة القمعية ضد المتظاهرين في عام 2019 وفي أعقابها.

"وعلى الرغم من تصديق العراق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري، تقاعست الحكومات العراقية المتعاقبة بصورة متكررة عن اتخاذ أي خطوات فعالة لإجراء تحقيقات بشأن حالات الاختفاء، أو الكشف عن مصير المخفيين وأماكن وجودهم، أو محاسبة المُشتبَه بمسؤوليتهم الجنائية عن وقوع هذه الحالات". 

وتشدد المنظمة أن "من الأمور بالغة الأهمية أن السلطات العراقية لم تعترف بعد بالإخفاء القسري باعتباره جريمة قائمة بذاتها في التشريعات الوطنية، ولم يُقاضَ أي أفراد مُشتبه بمسؤوليتهم الجنائية عن وقوع حالات الاختفاء القسري". 

وطالبت المنظمة بـ"ضمان إجراء تحقيقات مستقلة ووافية بشأن حالات الاختفاء القسري على وجه السرعة ومُوافاة عامة الجمهور بمستجدات سير هذه التحقيقات بانتظام ومع مراعاة الشفافية".

كذلك طالبت بـ"ضمان حماية أولئك الذين يلتمسون العدالة من التعرض لأعمال انتقامية".

سوريا

تُقدر منظمات حقوق الإنسان عدد المخفيين في البلاد بأكثر من 100 ألأف إنسان.

وعرضت الحكومة السورية عشرات الآلاف من مُعارضيها، سواء كانوا فعليين أو مُفترَضين، للإخفاء القسري، وفقا للتقرير.

وشملت عمليات الاختفاء القسري نشطاء سياسيين ومتظاهرين ومدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين ومحامين وأطباء وعاملين في مجال المساعدات الإنسانية. 

وبينما كانت عمليات الإخفاء القسري تُرتكب قبل اندلاع النزاع في 2011، تقول المنظمة أن الحكومة السورية صعّدت، منذ ذلك الحين، من وتيرة عمليات الإخفاء القسري، باعتبارها أداة للمعاقبة والترهيب. 

وجاءت موجة عمليات الإخفاء القسري التي نفذتها الحكومة السورية منذ 2011 في إطار هجوم واسع النطاق وممنهج على السكان المدنيين، وبالتالي، فإنها ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، وفقا للمنظمة. 

كذلك بينت أشارت إلى فقدان الآلاف من الأشخاص بعد احتجازهم لدى جماعات المعارضة المسلحة وتنظيم داعش.

وطالبت المنظمة الدولية السلطات السورية بـ"وضع حدٍ على الفور لعمليات الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي وأعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة وعمليات الإعدام خارج نطاق القضاء".

كذلك شددت على أهمية "إبلاغ الأسر بمصير جميع المحتجزين لديها وأماكن وجودهم ووضعهم القانوني وتسهيل السبل أمام لَمّ شمل الأسر، بما في ذلك إطلاع الأسر على إحداثيات مواقع المقابر الجماعية وتسليمها رفاة ذويها للتمكّن من دفنها بصورة لائقة".

ودعت إلى "منح المراقبين الدوليين المستقلين سبل الاتصال بجميع الأشخاص المحرومين من حريتهم من دون أي عوائق، والسماح لهم بالتحقيق في الظروف داخل جميع منشآت الاحتجاز ورصدها".

لبنان

في أعقاب الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت بين عامي 1975 و1990، أصدرت الشرطة تقريرا في عام 1991 سُجلت فيه أكثر من 17 ألف حالة اختفاء خلال النزاع المسلح. 

وحتى اليوم، لا تعلم أسر المفقودين على نحو مؤكد ما إن كان أحباؤهم أمواتا أم أحياء، وفقا لمنظمة العفو.

وتابعت أن حالات الاختفاء القسري استمرت حتى بعد أن انتهت الحرب، ولكن على نطاق أضيق. 

المنظمة ذكرت أن القانون اللبناني "لم يُجرِّم الإخفاء القسري ولم ينص على أي سبل لمحاسبة المُشتبَه بضلوعهم في هذه الممارسة".

ودعت المنظمة السلطات اللبنانية لـ"اتخاذ خطوات ملموسة لتحديد مصير المخفيين وأماكن وجودهم من خلال تحديد أماكن المقابر الجماعية وضمان حمايتها وحماية عمليات استخراج الجثث منها وحفظ عينات الحمض النووي للجثث في قواعد بيانات للحمض النووي، بما يتماشى مع المعايير الدولية".

اليمن

وثقت منظمة العفو الدولية ومنظمات أخرى لحقوق الإنسان العديد من حالات الاختفاء القسري للمدنيين ارتكبها جميع أطراف النزاع في اليمن. 

على سبيل المثال تقول منظمة "مواطنة" لحقوق الإنسان، وهي إحدى منظمات المجتمع المدني وتتخذ من صنعاء مقرا لها، إنها وثقت 1,547 حالة اختفاء قسري واختطاف منذ 2015.

تشير منظمة العفو الدولية إلى أن أشخاصا من كلا الجنسين تعرضوا للإخفاء بسبب معتقداتهم السياسية والدينية، وكثيرا ما اُستُهدِف الصحفيون والعاملون في مجال المساعدات الإنسانية والمدافعون عن حقوق الإنسان. 

ودعت المنظمة إلى "إنشاء هيئة مستقلة ومحايدة تختص بتحديد مصير المفقودين وأماكن وجودهم، بما في ذلك من خلال الإفصاح عن مواقع جميع السجون وضمان إتاحة الوصول إليها وضمان إجراء المساءلة وتوفير سبل الانتصاف للضحايا".

وطالبت أيضا بـ"توفير الحماية والمساعدة للأسر والأقارب الذين يسعون إلى معرفة الحقيقة وإحقاق العدالة من أجل أحبائهم الذين إما تعرَّضوا للإخفاء أو الاختطاف".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: العفو الدولیة حقوق الإنسان منظمة العفو المنظمة أن

إقرأ أيضاً:

الرجل الذي اشترى كل شيء.. hبن سلمان وانتهاكات الصندوق السيادي السعودي

نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا مطولا عن صندوق الاستثمارات العامة السعودية، وكيف استخدمه ولي العهد محمد بن سلمان لتعزيز سطوته على الدولة، بالإضافة للانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان التي رافقت إنشاءه.

وقالت المنظمة، إنه في غضون سنوات قليلة، تحول "صندوق الاستثمارات السعودي من صندوق
ثروة سيادي غامض ومدار بشكل محافظ إلى أحد أكبر الصناديق وأكثرها شراسة في العالم، حيث تقدر  قيمته بأكثر من 925 مليار دولار.

وأضافت أن هذا الارتفاع الصاروخي الذي حققه الصندوق يعود إلى ولي العهد، ورئيس الوزراء، ورئيس الصندوق، والحاكم الفعلي والمستبد محمد بن سلمان، حيث عزز من خلال الصندوق تفرده بالقرار؛ إذ تكاد تنعدم القيود على تصرفه بثروة البلاد، التي من المفترض أن يستفيد منها الشعب السعودي بأكمله.



وأوضحت رايتس ووتش، أن ابن سلمان أشرف على أسوأ فترة لحقوق الإنسان في تاريخ البلاد، بعد أن شن قمعا واسعا وعنيفا على المجتمع المدني، والمعارضين والمحافظين الدينيين، ومنافسي النظام، ورجال الأعمال البارزين. ما منحه سلطة مطلقة على أجهزة الدولة ساعدته على إعادة هيكلة الصندوق.

 وأشارت إلى أن الصندوق السيادي السعودي استفاد مباشرة من انتهاكات حقوقية مرتبطة برئيسه محمد بن سلمان، بما يشمل حملة مكافحة فساد عام 2017 تضمنت اعتقالات تعسفية، وانتهاكات بحق المحتجزين، وابتزاز ممتلكات النخبة السعودية.

وتحدثت المنظمة عن تسهيل الصندوق من خلال الشركات التي يملكها انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، حيث استقل المتورطون بالعملية طائرتين تعودان لشركة "سكاي برايم للخدمات الجوية" التي يمتلكها الصندوق السيادي السعودي.

كما ارتبطت انتهاكات حقوق الإنسان ببعض المشاريع التي يديرها الصندوق، وعلى رأسها مشروع مدينة "نيوم"، حيث طردت السلطات السعودية عشرات الأسر من قبيلة الحويطات التي تسكن قرب المشروع.

وأردفت بأن محمد بن سلمان، مدعوما بمجموعة صغيرة من النخبة السعودية غير الخاضعة للمحاسبة، يسيطر على الدعامات الأساسية لاقتصاد البلاد، موظفا المال العام لخدمة مصالحه على حساب الصالح العام بشكل تعسفي.

ولفتت المنظمة إلى أن استثمارات الصندوق تستخدم لغسيل الانتهاكات الحكومية السعودية، إذ يعمد الصندوق لجعل استثماراته في الولايات المتحدة وبريطانيا وغيره قوة داعمة للسعودية تهدف لحشد دعم أجنبي غير ناقد لأجندة محمد بن سلمان، وإسكات المنتقدين لسياساته وسجل حقوق الإنسان في المملكة.

كما توفر استثمارات الصندوق في البلدان حوافز للسكون عن وصرف الاهتمام عن انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، ونشر روايات مزيفة عن الإصلاح، ودعم ابن سلمان، رغم مسؤوليته المباشرة عن تلك الانتهاكات.

وذكر التقرير أن الصندوق يلعب لعبة مزدوجة، فقد أظهرت وثائق محاكمات، أن الصندوق زعم أن استثماراته في الخارج تتعلق بالأمن القومي السعودي، لكن حيث ما كان ذلك ملائما سياسيا، يزعم حينها أن استثماراته تستند إلى المنطق الاقتصادي فقط.



وتحدثت هيومن رايتس ووتش، أن ابن سلمان يحاول تلميع صورته، وجذب المستثمرين الأجانب، عبر حفلات تستضيف كبار النجوم في العالم.

كما أشارت المنظمة إلى "الغسيل الرياضي" الذي يعمل على تلميع صورة الحكومة السعودية، عبر استضافة أحداث كبرى، في حين يتم صرف النظر عن الانتهاكات الحقوقية الكبيرة في السعودية.

وبحسب المنظمة، فإنه على الرغم من مزاعم الرياض دعم الاستثمار في الطاقة النظيفة، فإن الصندوق يعتمد بشكل كلي على الوقود الأحفوري.

مقالات مشابهة

  • أكثر من 30 طفل قتلوا في سوريا.. و5 آلاف قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري
  • بيان فضل العفو والتجاوز عن المعسر رغبة في الثواب
  • منظمة العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
  • منظمة العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقاً رسمياً
  • طال مسيحيا بتهمة أنه إخواني.. كيف أصبح الاختفاء القسري في مصر واقعا مأساويا؟
  • طال مسيحيا بتهمة أنه إخوان.. كيف أصبح الاختفاء القسري في مصر واقعا مأساويا؟
  • حماس: عمليات الهدم القسري بالقدس جرائم تطهير عرقي
  • انعقاد أعمال الدورة ال66 للمجلس التنفيذي لإيدسمو بمشاركة وفود 11 دولة عربية للنهوض بالتنمية الاقتصادية
  • الرجل الذي اشترى كل شيء.. ابن سلمان وانتهاكات الصندوق السيادي السعودي
  • الرجل الذي اشترى كل شيء.. hبن سلمان وانتهاكات الصندوق السيادي السعودي