انتبهوا.. أبناؤنا في خطر
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
خليفة بن عبيد المشايخي
halifaalmashayiki@gmail.com
يتجه العالم اليوم وغداً وبعده إلى التغلغل في ثورة رقمية هائلة وإلى ظهور تقنيات عالية ستحدثها كبرى الشركات العالمية المتخصصة في ذلك والمصنعة لها وللرقميات والأجهزة اللوحية والحواسيب والإنترنت والتكنولوجيا والجوّالات، وبرامج البث والإرسال والاستقبال والتواصل الاجتماعي، مما سيخلق تنافسا محموما بينهن في غزو جديد بكل ما هو ضار ونافع، هذا الكوكب الذي أصبح قرية كونية مصغرة، يعلم ما في أولها آخرها والعكس، فالعالم سيكون أمام ومع كل جديد وحديث في عالم الرقميات والتقنية، سيجعل البشر في حال ذهول وانشغال مستمر، وسيكون ذلك حتى على مستوى الكبار من الجنسين والناشئة والصغار والأطفال.
وإذا كانت برامج التواصل الاجتماعي والتطبيقات والمنصات الإلكترونية والرقمية كالواتس اب والسناب شات والانستجرام والتوك توك وتويتر والفيسبوك واليوتيوب وغيرها الكثير من هذه البرامج عطلت الكثير واشغلت الكثير عن الأهداف السامية العلمية منها والعملية والإنسانية والأخلاقية بما تقدمه وتروج له ويحدث فيها ويعرض؛ سواء بسرية تامة أو بشكل علني، نتج عنه تغير في عادات البشر وأخلاقهم وتعاملهم وسلوكهم، وانغماس بعضهم في أمور سيئة كإقامة علاقات محرمة وتواصل مخل بالأدب والشرف، يتيح للطرفين ارتكاب أخطاء تضر بالأسرة وبمكوناتها يكون نتيجتها حدوث طلاق وضياع الأطفال وتشردهم، ما جعل المؤسسات الحكومية والأمنية والقضائية تواجه ضغطًا كبيرا في تلقي أعداد كبيرة من الشكاوى والمشاكل والقضايا والبلاغات التي تسجل وتأتي إليهم وتحدث وينظر فيها بشكل يومي.
مع تلك المعطيات والأحداث المؤسفة اليومية، فإنَّ المؤشرات تقول إن القادم سيكون أكثر خطورة وسوءًا ودمارًا ومشاكلَ، خاصة إذا علمنا أن نسبة ما يعرض في وسائل التواصل الاجتماعي ويحدث في المجتمع من دروس دينية وإصلاحية قليل جدًا، مقارنة مع ما يُنشر ويعرض من فساد وتفسخ وانحلال في القيم والآداب والأخلاق والقيم الإسلامية الحميدة، والترويج لذلك وللفساد بشكل كبير.
الأمر الذي أشاع الفساد وأوجد ظاهرة سيئة أتت بها تلك الممارسات والأدوات والسبل والطرق والبرامج على نحو يشكل خطرًا وتهديدًا على استقرار وحياة الفرد والأسرة والمجتمع، التي انكوت بنيران تلك الممارسات والأفعال والبرامج المضللة التي استغلها البعض في التعري وقلة الأدب والتفسخ، وإعطاء صورة سيئة عن المجتمعات المحافظة أنها لم تعد محافظة، وإعطاء صورة أكثر فداحة عن سوء تربية الأشخاص؛ سواء رجالا أو نساء، وانعدام الأدب فيهم وكذلك انعدام الغيرة على الزوجة والبنت والأم والأخت، وإلا ماذا نسمي أعداد النساء اللاتي يعرضن أنفسهن بشكل يومي في تطبيقات مثل سنابشات وإنستجرام وفي السوشال ميديا بملابس خليعة كاشفة لأجسادهن، وهن متبرجات مبديات زينتهن لغير أزواجهن ومحارمهن.
إن كل ذلك يوحي باختفاء الحياء وانعدامه من وعن الكثيرين، وعدم وجود رادع أخلاقي ووازع ديني، وبات اللهث وراء الشهرة وطلب المال وحب الظهور وكل ذلك، على حساب الأدب وتربية الأجيال القادمة تربية حسنة أحد الأسباب الرئيسية المشجعة والمساعدة على انتشار الفساد.
كمية ما يعرض ويتداول اليوم يدل على كثرة القبيح والسيئ وانتشاره كانتشار النار في الهشيم، فمتى سنعي ذلك وسننتبه ونتصدى له؛ فالنار من مستصغر الشرر، وعدوى إصابة الشخص الصالح بما يعرض من فساد، حتمًا ستكون واقعة وحادثة لا محالة، لأن كثرة الطرق يبطل اللحام.
إن انطلاق العام الدراسي يوم الثلاثاء الماضي وتوجه أعداد كبيرة من طلابنا وأبنائنا إلى مدارسهم في ظل استخدام الكثير من طلابنا لهذه التطبيقات الإلكترونية، يُضاعف المسؤولية على الجهات الحكومية والإصلاحية والدعوية، لأن يكون التعليم والنهج العام للبلد انطلاقًا من هذا العام مختلفا تماما، من حيث التفكير في أنه كيف سنجعل استفادة طلابنا من التعليم والمواد التعليمية والمقررات الدراسية مفيدًا، في ظل ظروف تنهش الكثير من الأسر.
إعداد الكتب للطلاب في مختلف مراحلهم الدراسية، وصل أول أمس إلى أعداد كبيرة تجاوز بعضها إلى 18 كتابًا، فالسؤال الذي يطرح نفسه، متى سيجد الطالب وقتاً لقراءة وفهم كل تلك الكتب والمقررات، خاصة في الأسر والبيوت التي لا يتواجد فيها الأب والأم إلا بعد المغرب، لتواجدهم وارتباطهم بالعمل والوظيفة.
ففي ظل هذه الأوضاع ألن تكون برامج التواصل الاجتماعي وبقيتها وغيرها من وسائل الانحراف والفساد وإضاعة الوقت، هي الحاضنة لوقت أؤلئك الطلاب والناشئة والأبناء، في وقت أصبحت المرأة الأم كل وقتها في السوشال ميديا، تارة تصور نفسها وهي متبرجة منحلة من الأخلاق والأدب والعفة والشرف، وتارة تصور أكلها، وتارات أخرى مع مراسلة من يتغزل فيها ويبعث لها ممتدحا جمالها وحسنها، وهي تعيش الدور والتمثيلية والمصخرة وقلة الأدب، ومضحية بأولادها وزوجها وبيتها الذي لا تجده إلا قذرا ووصخا، بسبب عدم اهتمامها وعدم قدرتها على التنظيف والترتيب والمذاكرة لأولادها.
القادم بهذه الصورة والكيفية سيجعل المشاكل متفاقمة في البيوت، وسنرى أعدادًا كبيرة من القضايا والبلاغات عن حدوث مشاكل في البيوت بين الزوج وزوجته، وبين أولياء الأمور وأولادهم، في وقت يفترض أن يكون هنالك زيادة وعي وفهم وثقافة وتدين وهداية وصلاح في المجتمع، فتلك المؤسسات والجهات التي ذكرتها صلاحياتها ومسؤولياتها معروفة ومحدودة، وليس بإمكانها حل كل تلك المشكلات في كل بيت وفي كل أسرة.
الحل في زيادة الوعي وترسيخ الوازع الديني في نفوس النشء، لأنهم المستقبل المشرق الذي ينتظر وطننا في قادم السنوات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
2024 يُسجل مستوى قياسياً في أعداد الصحافيين القتلى
يمن مونيتور/قسم الأخبار
وصل عدد الصحافيين الذين قتلوا خلال العام الماضي إلى مستوى غير مسبوق، ونحو 70 في المئة منهم كانوا فلسطينيين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، في ارتفاع نسبته 22 في المئة مقارنة بعام 2023.
وقالت لجنة حماية الصحافيين في التقرير الذي يتضمن الحصيلة السنوية للضحايا الصحافيين إن هذا العدد المرتفع يعكس «ارتفاع مستويات الصراع الدولي والاضطرابات السياسية والجريمة في أنحاء العالم كافة».
ووفقاً للجنة حماية الصحافيين، فإن 124 صحافياً من 18 دولة قتلوا في 2024 الذي وصفته بأنه العام الأكثر دموية بالنسبة للعاملين في هذه المهنة منذ بدأت بإعداد سجلاتها قبل ثلاثة عقود.
وأكدت لجنة حماية الصحافيين أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة السبب الأول في نسبة ارتفاع الصحافيين القتلى حول العالم، إذ قتلت قوات الاحتلال «82 صحافياً فلسطينياً»، بحسب اللجنة. ومن المهم الاشارة إلى أن عدد الصحافيين الفلسطينيين الشهداء في غزة، خلال الفترة نفسها، أعلى بكثير وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في القطاع، والذي قال إن مئتي صحافي استشهدوا بحلول نهاية العام الماضي.
وتختلف الإحصاءات لأن اللجنة تعتمد منهجية مختلفة؛ حيث تعتبر لجنة حماية الصحافيين الحالة «مؤكدة» حين تكون متيقنة من أنّ «الصحافي قُتل كرد انتقامي مباشر على عمله، أو في القتال أو تبادل إطلاق النار؛ أو أثناء تنفيذ مهمة خطيرة».
ورصدت لجنة حماية الصحافيين «ارتفاعاً مثيراً للقلق في عدد عمليات القتل الاستهدافي»، إذ أن «24 صحافياً على الأقل في أنحاء العالم كافة قُتلوا عمداً بسبب عملهم عام 2024». وفي غزة ولبنان، وثقت «10 حالات استُهدف فيها صحافيون على يد الجيش الإسرائيلي، في تحدٍ للقوانين الدولية التي تُعرّف الصحافيين على أنهم مدنيون أثناء النزاع». وأفادت اللجنة بأنها تحقق أيضاً في 20 جريمة قتل أخرى تعتقد أن إسرائيل ربما استهدفت فيها الصحافيين تحديداً.
وأعادت اللجنة التذكير بأن إسرائيل تتبع نهجاً في قتل الصحافيين منذ ما قبل العدوان الأخير على غزة، حيث في عام 2023، أصدرت اللجنة تقريراً عنوانه «نمط فتاك: 20 صحافياً قتلوا بنيران القوات الإسرائيلية خلال 22 سنة من دون أن يُحاسب أحد»، انطلقت فيه من جريمة قتل مراسلة قناة «الجزيرة» شيرين أبو عاقلة برصاص إسرائيلي عام 2022، لتوثّق مسؤولية جيش الاحتلال عن مقتل 20 صحافياً على الأقل منذ عام 2001،
ووجدت «نمطاً في الاستجابة الإسرائيلية يبدو مصمماً للتملص من المسؤولية. فقد أخفقت إسرائيل في إجراء تحقيقات كاملة بشأن أحداث القتل هذه، ولم تجرِ تحقيقات معمقة إلا عندما يكون الضحية أجنبياً، أو عندما يكون الصحافي القتيل موظفاً لدى مؤسسة إعلامية بارزة. وحتى في تلك الحالات، سارت التحقيقات ببطء شديد، واستغرقت أشهراً أو سنوات، وانتهت بتبرئة الأشخاص الذين أطلقوا النيران».
وأشارت اللجنة إلى أن السودان وباكستان حلا في المرتبة الثانية في قائمة الدول حيث قتل العدد الأكبر من الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي خلال عام 2024، حين قتل في كل منهما 6 من ممارسي المهنة. أما جرائم القتل الأخرى فوقعت في هايتي 2 والمكسيك 5 وميانمار 3 وموزمبيق 1 والهند 1 والعراق 2.
والصحافيون المستقلون يشكلون أكثر من 35 في المئة من إجمالي جرائم القتل حول العالم عام 2024، بسبب افتقارهم إلى الموارد، ويصل عددهم إلى 43 من إجمالي عدد الصحافيين الذين قُتلوا في 2024. ووفقاً للجنة، فإن 31 منهم هم من الفلسطينيين الذين كانوا يغطّون الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، حيث لا تزال المؤسسات الإعلامية الأجنبية ممنوعة من الدخول إلا بمرافقة جيش الاحتلال. وعلقت الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحافيين، جودي جينسبيرغ، على هذه الحصيلة، بالقول: «اليوم هو الوقت الأكثر خطورة على الصحافيين في تاريخ اللجنة». وأضافت «الحرب في غزة غير مسبوقة في تأثيرها على الصحافيين، وتظهر تدهوراً كبيراً في المعايير العالمية لحماية الصحافيين في مناطق الصراع. لكن قطاع غزة ليس المكان الوحيد حيث يتعرض الصحافيون للخطر. تُظهر أرقامنا أن الصحافيين يهاجَمون في أنحاء العالم كافة». وشددت على أن «ارتفاع حالات قتل الصحافيين جزء من اتجاه أوسع نطاقاً لتكميم وسائل الإعلام على مستوى العالم. هذه قضية يجب أن تقلقنا جميعاً، لأن الرقابة تمنعنا من التصدي للفساد والجريمة ومحاسبة النافذين».
وكانت اللجنة قد أصدرت حصيلتها السنوية للصحافيين المعتقلين حول العالم في كانون الثاني/يناير الماضي، ووجدت أن عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية العام 2024، وأشارت إلى أنّ إسرائيل احتلّت المرتبة الثانية في قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين بعد الصين. وفي الأول من كانون الأول/ديسمبر، كانت الصين تحتجز في سجونها 50 صحافياً، بينما كانت إسرائيل تعتقل 43 صحافياً، وميانمار 35 صحافياً، وفقاً للمنظمة التي اعتبرت أنّ هذه «الدول الثلاث هي الأكثر انتهاكاً لحقوق الصحافيين في العالم».
وأشارت اللجنة إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي زادت فيها أعداد الصحافيين المعتقلين منذ بدء حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وأكّدت أن «إسرائيل حلّت في المرتبة الثانية بسبب استهدافها التغطية الإعلامية للأراضي الفلسطينية المحتلّة».
يشار إلى أن لجنة حماية الصحافيين «Committee to Protect Journalists» هي مؤسسة مستقلة غير ربحية مقرها مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.