العلاقة بين نجيب محفوظ والسينما متشعبة متعددة الأبعاد، وله دور مهم في تاريخ السينما المصرية. تحول عدد كبير من رواياته وقصصه القصيرة إلى أفلام، كما أنه قدم مجموعة من السيناريوهات والمعالجات السينمائية المباشرة، ومن الملامح المهمة أيضا أن السينما لها موقع مهم في كتاباته. حول بعض هذه المحاور، يدور الحوار مع الروائي والناقد مصطفى بيومي، أحد أبرز المهتمين بنجيب محفوظ والفن السينمائي


* نجيب محفوظ "لعلك تندهش لو قلتلك إني أول ما شفت السينما في الحي ده و أنا صغير جدا اربع او خمس سنين لان كان عندنا في الكلوب المصري سينما تعتبر من اقدم السينمات في مصر شفنا فيها أفلام رعاة البقر و شارلي شابلن و ماركس لندر و حبينا السينما حب لا يعلى عليه" كما قال فيما يتعلق بأول مرة اكتشف فيها السينما أنه لما غادر القاعة بحث عن الناس التي رآها متجسدة في الشارع.

فكيف ترجم نجيب هذا الاهتمام المبكر و المتزايد للسينما إلى جزء من بنية حياة و انطلاقا من ذلك جزءا من عالمه الروائي؟
لا يملك روائي من المعاصرين أن ينجو من التأثر بالسينما وأدوات بنائها، فهو يفيد منها بالضرورة في صياغة الصورة الأدبية وتشكيل الشخصية وتكثيف اللغة ومرونة وسرعة الإيقاع. عندما نقرأ قصة "تحت المظلة"، التي كُتبت بعد هزيمة 1967، ندرك بلا عناء أهمية الدور الذي تلعبه السينما في البناء الروائي والقصصي عند نجيب، وهو ما نجده أيضا في "ثرثرة فوق النيل" و"الحب تحت المطر" وأعمال أخرى. في كتابي "السينما في أدب نجيب محفوظ"، الذي نشرته مكتبة الإسكندرية سنة 2005، توقفت تفصيلا عند إحاطة نجيب بمكانة السينما في الحياة المصرية، فهي نشاط إنساني وجزء أصيل من نسيج الحياة اليومية.


* ماهي القيمة المضافة التي أتت بها المعالجات السينمائية التي قام بها نجيب محفوظ  (لك يوم يا ظالم، ريا وسكينة، فتوات الحسينية، الوحش، بين السما والأرض، احنا التلامذة، الاختيار، المذنبون) لعالم السيناريو؟
لا يشارك نجيب في الإعداد السينمائي للأفلام المستمدة من إبداعاته، ولا يتدخل فيها أو يبدي رأيا بعد عرضها. موقفه هذا يكشف عن وعيه بحقيقة مهمة: لغة الأدب تختلف عن لغة السينما، وهما فنان متكاملان وليسا متماثلين. في المقابل، يسهم نجيب في كتابة السيناريو لأعمال أدباء آخرين، مثل إحسان عبد القدوس، ويقدم أعمالا غير مستمدة من الأدب، وبعضها من علامات السينما المصرية، مثل "لك يوم يا ظالم" و"ريا وسكينة" و" الوحش" و"بين السما والأرض" و"إحنا التلامذة" و"الاختيار" و"المذنبون". هذه الأفلام وغيرها تؤكد أن نجيب محفوظ اسم بارز مؤثر في تاريخ السينما، لكن الاهتمام الأكبر ينصب بالضرورة على إنتاجه الروائي.


* السينما فن أوسع انتشارا من الأدب لذلك تغلبت قراءة نجيب محفوظ من خلال الأفلام المقتبسة من أعماله الأدبية عن إنتاجه الأدبي؟ ماذا يترتب عن ذلك؟ ما مدى خطورته؟ كيف يمكن الإحاطة بذلك الخطر؟
السؤال على هذا النحو قد لا يكون عادلا دقيقا. عندما تتحول الرواية إلى فيلم لا يحق لنا أن نتساءل: أيهما أفضل؟ الأمر نسبي من ناحية، وآليات النقد والتقييم مختلفة من ناحية أخرى. أعتقد أن أفلاما مثل "بداية ونهاية" و"الحب فوق هضبة الهرم"، على سبيل المثال، من التجارب الناجحة في الترجمة السينمائية الأمينة للنص الأدبي، لكن أعمالا أخرة تتعرض لتغيير جوهري وضروري لأسباب تتعلق بالرقابة أو المواءمة الاجتماعية والثقافية مثل "القاهرة 30" و"الطريق" و"السمان والخريف".


* هل أفادت السينما نجيب محفوظ أم أساءت إليه؟
هل أفادت السينما نجيب محفوظ وأضافت إليه أم سلبت من رصيده وأساءت؟. أعتقد أنها أفادته من حيث الانتشار والشعبية، لكنها لم تكن إيجابية عند قطاع عريض ممن يشاهدون الأفلام ولا يهتمون بالنص الروائي. جمهور السينما يُقدر بالملايين، وقراء الرواية لا يتجاوزون الآلاف. أعرف من يتحدثون عن نجيب من خلال أفلامه ويتوهمون أنها ترجمة للمكتوب بلا تدخل، وعندئذ يصدرون أحكاما سياسية وأخلاقية ظالمة قاسية.

 

* تقلد نجيب محفوظ منصب المسؤول عن رقابة المصنفات الفنية؟ كيف يمكن تقييم أدائه مقارنة بأداء إداري صرف؟ فلنتذكر أن نجيب ابن الإدارة المصرية بامتياز (37 سنة موظفا)
عندما تولى نجيب وظيفة قيادية مهمة في مؤسسة السينما كان موظفا ملتزما بمهام العمل الوظيفي، وميز دائما بين إبداعه وأفكاره التي يعتنقها وما تفرضه الوظيفة من قواعد لا شأن لها بما يراه ويكتب عنه. لم يسمح بإنتاج أي من أعماله ابتعادا عن شبهة المصلحة الشخصية، فهوكما تعرفين موظف مثالي نزيه.


* ما الفارق بين علاقة نجيب محفوظ بالسينما و علاقة كبار أدباء المرحلة طه حسين، توفيق الحكيم، احسان عبد القدوس، يوسف السباعي، فتحي غانم بها؟
الأسماء التي تشيرين إليها مهمة جدا، طه حسين وتوفيق الحكيم ويحيى حقي وإحسان عبد القدوس ويوسف السياعي وفتحي غانم ويوسف إدريس، وكلهم ممن تهتم السينما المصرية بتحويل العديد من مؤلفاتهم إلى أفلام. أيهم أكثر نجاحا؟ سؤال بالغ الصعوبة، بل هو مستحيل الإجابة، وأعتقد أن المكتبة العريية تحتاج إلى مزيد من الدراسات التي تستكمل ما قدمه سمير فريد ومحمود قاسم وآخرون عن العلاقة بين الأدب والسينما.


 * لماذا لم يُنتج بعد فيلما يقدم السيرة الذاتية لنجيب محفوظ؟
فيلم عن نجيب محفوظ؟. ياله من حلم. نحتاج إلى أفلام تسجيلية وفيلم روائي ومسلسل تليفزيوني، والأمل أن يتحقق ذلك قريبا، لكن من يفعل وينجز؟.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نجيب محفوظ نجیب محفوظ السینما فی

إقرأ أيضاً:

"ذاكرة المدينة" مسابقة عن الهوية المصرية لطلاب كليات الإعلام والفنون

أعلنت هالة جلال رئيس مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة  تنظيم مسابقة خاصة  تحت عنوان "ذاكرة المدنية"، وذلك بالتعاون مع هيئة التنسيق الحضاري، وتحت إشراف المخرج والمنتج شريف فتحي سالم ، تستهدف المسابقة طلاب السنة الثالثة في الكليات ذات التخصصات الفنية والإعلامية، لتشجيعهم على إنتاج الأفلام التسجيلية القصيرة و تعكس موضوعات ترتبط بالهوية والذاكرة المدنية.

وقالت جلال ان برنامج المسابقة يتضمن ورشة مجانية في صناعة الفيلم التسجيلي القصير، يحاضر خلالها أيضا  ،المخرجة الاستاذة حنان راضى، المخرجة الاستاذة تغريد العصفورى، مدير التصوير ورئيس قسم التصوير بالمعهد العالى للسينما الدكتور محمد شفيق ،المونتيرة الاستاذة منى عبد الربيع، مهندس الصوت استاذ مهاب عز.

وتُعقد بمقر المجلس الاعلي للثقافة بدار الأوبرا المصرية، خلال الفترة من 26 إلى 28 يناير 2025، حيث تقام الورشة على مدار ثلاثة أيام. وستعقب الورشة مرحلة تصوير الأفلام التي يتعين تسليمها قبل انطلاق الدورة الـ26 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والمقرر انطلاقها في 5 فبراير المقبل.

وسبقت الورشة اليوم جلسة تمهيدية بمقر التنسيق الحضاري بالقلعة بحضور رئيس الجهاز المهندي محمد ابو سعدة والمخرجة هالة جلال والمخرجة تغريد العصفور ، والمخرج شريف فتحي سالم لتعريف الطلبة بالموضوعات المرشحة للأفلام، والتي ستتنافس خلال أيام المهرجان على جوائز مالية مقدمة من هيئة التنسيق الحضاري.

يقدم المهرجان دعمًا كاملاً للمشاركين، بما في ذلك تصاريح التصوير والإقامة خلال فترة المهرجان.

 

وتنطلق فعاليات النسخة السادسة والعشرين من مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في الفترة من 5 إلى 11 فبراير 2025، ويعد المهرجان يُعد أحد أعرق المهرجانات السينمائية في أفريقيا والعالم العربي، بتخصصه في الأفلام التسجيلية والقصيرة، ما يجعله منصة هامة لتسليط الضوء على أصوات متنوعة من مختلف أنحاء العالم.


قال مروان عمارة، مدير مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة، إن المسابقة الرسمية للأفلام التسجيلية الطويلة استقبلت خلال الفترة من 25 سبتمبر إلى من العام الماضي، 349 فيلمًا من كافة أنحاء العالم، وبعد عملية اختيار دقيقة، تم اختيار 10 أفلام استثنائية أنتجت في العام الماضي، لتتنافس في المسابقة، وتعكس هذه الأفلام تنوعًا مذهلًا في الأسلوب والموضوع، بدءًا من الأعمال التوضيحية والصريحة، وصولاً إلى الأفلام الشاعرية والتأملية.

وأضح عمارة، إن الهدف من الاختيارات هو تقديم برنامج غني بالأعمال التي تجسد روح السينما وأثرها الكبير.

وأكد أن الأفلام المختارة تُظهر تباينًا ملحوظًا، سواءً على المستوى البصري أو الموضوعي، مما يجعل البرنامج نافذة تطل على التنوع الثقافي والإنساني.


وأضاف مدير مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة، أن اللجنة اختارت أفلامًا تمثل مناطق جغرافية مختلفة، مع التركيز على إبراز أصوات العالم العربي والجنوب العالمي تضمنت القائمة أفلامًا من أفريقيا وتشمل دول الكونغو، مصر، موزمبيق، وأمريكا اللاتينية: وتشمل دول الأرجنتين، كوبا، آسيا وتشمل: لبنان، فلسطين، أوروبا وتشمل : ألمانيا، سويسرا، الولايات المتحدة: فيلم واحد.

وأشار "عمارة" إلى أن البرنامج يتضمن ثلاثة أفلام ناطقة بالعربية، في إطار حرص المهرجان على دعم الإنتاجات السينمائية التي تعكس التجارب العربية.

 

تضم لجنة التحكيم ثلاثة أعضاء يتمتعون بخبرات واسعة في صناعة الأفلام هم وجان ماري تينو  من الكاميرون مخرج ومنتج متخصص في القضايا الأفريقية ما بعد الاستعمار، وخودريجو بروم من البرازيل منتج وباحث مهتم بتحديات الإنتاج في الجنوب العالمي، ونادين صليب من مصر، مخرجة أفلام لديها خبرة في الإخراج والكتابة والتدريس.

 

قامت لجنة الاختيار، بقيادة مروان عمارة وبمساعدة نور الدين أحمد، سلمى الشرنوبي، ومحمد شريف بشناق، بمراجعة دقيقة للأفلام، بدعم إداري من أميرة عبد الفضيل، المنسق العام للمهرجان، كما ساعد فريق التصفيات المكون من مجموعة من الشباب الواعد في إنجاح عملية الاختيار.

 

وجه "عمارة" شكرًا خاصًا إلى هالة جلال، رئيسة المهرجان، مشيدًا بدورها الملهم في تقديم تجربة فريدة هذا العام. 
كما أعرب عن امتنانه لفريق المكتب الفني “أحمد نبيل، ماجي مورجان، ومصطفى يوسف”.


اختتم مروان عمارة كلمته بتوجيه الشكر لصناع الأفلام الذين قدموا أعمالهم للمشاركة في المسابقة، مؤكدًا أن المهرجان سيظل منصة تحتفي بالفن السينمائي الهادف الذي يعكس قصص وتجارب شعوب العالم.

 

مقالات مشابهة

  • المعالم المصرية تسيطر على الفيلم العالمي«Inheritance».. رحلة مثيرة من نيويورك إلى القاهرة
  • هالة جلال لـ البوابة نيوز: تطوير مهرجان الإسماعيلية هدفه خلق رؤية جديدة في ظل التحديات
  • "ذاكرة المدينة" مسابقة عن الهوية المصرية لطلاب كليات الإعلام والفنون
  • أول وجه نسائي في السينما المصرية.. بهيجة حافظ تروي قصة التحدي والنجاح
  • قبل إقرار البكالوريا.. «البوابة نيوز» تتساءل.. هل هى البديل الأمثل للثانوية العامة؟
  • «المطعني» يرصد أفضل 50 ممثلا خلال قرن في كتاب جديد عن السينما المصرية
  • تأكيدا لانفراد البوابة نيوز .. اتحاد الكرة يعلن تعيين أحمد رمضان جاد مديرا فنيا لمنتخب الكرة النسائية
  • «رحلة 404» أمام هووليود جيت.. الأفلام المرشحة بجمعية نقاد السينما المصريين
  • جمعية نقاد السينما المصريين تعلن الأفلام المرشحة لجوائزها السنوية
  • مارى منيب.. الحماة التي سرقت قلوب الجماهير وضحكات السينما