مشاريع "قوانين الحريديم" تهدد مستقبل إسرائيل
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
رأى الكاتب دان بيري أن وضع اليهود المتطرفين في إسرائيل لا يُمكن أن يستمر، والدراسة الدينية طويلة المدى يجب أن تكون للحكماء الحقيقيين، وليس لجميع الحريديين.
وقال الكاتب في مقال بصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، إنه لا أحد يعرف ما يمكن توقعه في غضون أشهر قليلة، عندما يحين الوقت للتشريع المزمع بإضفاء الطابع الرسمي على الإعفاء العسكري الشامل للشباب الحريدي.
وقال إن هذا التشريع من شأنه أن يضفي طابعاً رسمياً على ما يحدث منذ سنوات، وهناك مجموعة من العلمانيين تُهدد بعدم الامتثال لأوامر التعبئة، إذا تم إقرار مشروع القانون، بحجة أن شبابهم سيخاطرون بحياتهم بدلاً من الشباب الحريدي، الذي لا يخدم في الجيش، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى "زلزال" نتائجه وخيمة.
ومن دون رادع، تخطط عناصر في التحالف الحكومي لمزيد من الإجراءات، التي يبدو أنها ستسبب اضطرابات كبيرة.
وأضاف الكاتب: "سيتم إعلان أن طلاب المدارس الدينية يعادلون الجنود، ويجب أن يحصلوا على نفس الراتب من خزائن الدولة، ما يضعهم في صفوف الطلاب النادرين في جميع أنحاء العالم الذين يحصلون على أجور جيدة"، كما أن هناك مشروع قانون مقترح لتجريم إهانة الحريديم على غرار الإشارة إليهم بأنهم "هاربون من التجنيد"، على أسس غير منطقية مثل "العنصرية".
This bill would make official that which has been happening ad hoc for many years, and has been accepted by other Israelis even if through gritted teeth.#Israel | #NationalServicehttps://t.co/m5Gxz2nFnw
— The Jerusalem Post (@Jerusalem_Post) August 30, 2023
225 قانون
وفقاً للكاتب، تشمل الإجراءات الأخرى من بين 225 قانوناً دخلت في طور التشريع، أو قيد الإعداد، نقل الصلاحيات من المحاكم العادية إلى المحاكم الحاخامية، الملتزمة فقط بالقانون اليهودي، وهذا من شأنه أن يعطي التفوق للرجال على النساء على نطاق أوسع، ويسهل الطريق أمام الفصل بين الجنسين في الأماكن العامة.
وعلق الكاتب: "يبدو الأمر كما لو أن الائتلاف قد قرر بذل كل ما في وسعه لنسف الترتيب الدقيق للغاية، الذي مكّن الجمهور العلماني من التسامح مع الأمور وممارسة أعماله بقدر ضئيل من التضامن الوطني"، متوقعاً رد فعل علماني عنيف.
وأكد الكاتب أن كل هذه الأسباب تجعل الوضع الراهن غير قابل الاستمرار، معتبراً أن الإصرار على رواتب من الدولة لطلاب المعاهد الدينية، حتى سنوات البلوغ، سيرتب الكثير من الوظائف البيروقراطية الدينية الضخمة وغير الفعالةـ والتي يدفع ثمنها المكلفون الإسرائيليون.
ودافعو الضرائب على الأغلب ليسوا من الحريديم، حيث أظهرت دراسة إجرتها وزارة المالية العام الماضي أن القطاع الحريدي يمثل أدنى عائدات ضريبية للفرد، في مقابل فوائد كبيرة، وإعانات وخصومات يحصلون عليها.
أزمة ديموغرافية
يشار إلى أن معدل مواليد المجتمع الحريدي 7 أطفال لكل أسرة، في ظل إبعاد الشباب بشكل كبير عن المجتمع العلماني والإنترنت، ونسبة الحريديم تتضاعف كل جيل. وتساءل الكاتب: "كيف تتوقعون من الآخرين أن يدفعوا لكم ويدافعوا عن حدودكم وأنتم الأغلبية؟، هل تريدون أن تكون غالبية الإسرائيليين جاهلة بالرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية؟ ما هي الخطة؟ وكيف يتوافق هذا مع اليهودية؟".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني إسرائيل الجيش الإسرائيلي الحريديم التعديلات القضائية
إقرأ أيضاً:
إليك 5 أدوات في حياتنا تحكمها قوانين فيزياء الكم
أعلنت اليونسكو عام 2025 سنة دولية للعلوم والتكنولوجيا الكمية، احتفاء بعلم غيّر فهمنا للكون وفتح آفاقا جديدة للتطور التكنولوجي. إنها فيزياء الكم، فيزياء الأشياء متناهية الصغر مثل الذرات والجسيمات، عالم مواز لعالمنا تحكمه قوانين غريبة ومختلفة جذريا عن تلك التي تتحكم في الأجسام الكبيرة من حولنا.
لم تعد الفيزياء الكمية التي نشأت في بداية القرن الماضي، مجرد نظرية علمية فحسب، بل أصبحت أساس أهم التطبيقات التي نستخدمها في حياتنا اليومية. لكن لكي نفهم أهمية الفيزياء الكمية والثورة التي أحدثتها في التقنيات التي نستخدمها اليوم، يتعين أولا فهم أهم القوانين التي ينبني عليها هذا العلم والظروف التي أدت لنشأتها.
يقول الدكتور عادل الطرابلسي أستاذ الفيزياء الكمية في كلية العلوم بتونس في حوار خاص مع الجزيرة نت، إن الفيزياء الكمية نشأت في بداية القرن الـ20. في تلك الفترة بدت بعض المسائل مثل تبادل الطاقة بين الأجسام غير قابلة للتفسير بواسطة الفيزياء الكلاسيكية. وكان لا بد من البحث عن حلول مبتكرة خارج النظريات العلمية التقليدية التي وضعها علماء كبار في تاريخ العلوم مثل نيوتن وغاليلي وماكسوال وغيرهم، ولم يكن ذلك بالأمر الهين.
ويضيف الطرابلسي أن عالم الفيزياء الألماني ماكس بلانك كان أول من أدرك أن طاقة الموجات الضوئية تتكون، عكس التصور التقليدي، من حزم متناهية الصغر من الطاقة غير المتصلة سماها "الكوانتا".
إعلانوتمثل هذه الفكرة الأساس الذي انبنت عليه الفيزياء الجديدة. بعد ذلك قام العديد من العلماء بتطوير نظرية كان أولهم عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين الذي اعتبر أن حزم الطاقة التي تحدث عنها بلاك هي في الحقيقة ليست كمية طاقة بل هي جسيمات فوتون. ثم قام مجموعة من العلماء من بينهم النمساوي أروين شرودنغر والألماني فيرنر هايزنبرغ والإنجليزي بول ديراك الذين قدموا إسهامات جوهرية لوضع أسس فيزياء الكم.
خصائص غريبةتتميز هذه الفيزياء بقوانين أو خصائص تجعل الجسيمات متناهية الصغر مثل الفوتون والإلكترون، تتصرف بطريقة عجيبة. وفق الطرابلسي، يمكن لجسيم في هذا العالم المجهري أن يكون في حالتين متناقضتين مثل أن يكون ساكنا ومتحركا في الوقت نفسه أو يدور من اليمين إلى الشمال ومن الشمال إلى اليمين في وقت واحد.
كما يمكن لعنصرين أن يترابطا بشكل وثيق بينما يفصل بينهما الكون، فإذا تعرض أحدهما لتأثير خارجي تجاوب الثاني مع هذا التأثير بمثل طريقة الأول حتى وإن كانت تفصلهما مسافة كبيرة كما تقول الدكتورة سهام الجزيري أستاذة الفيزياء الكمية بكلية العلوم بتونس في حوار مع الجزيرة نت.
وحسب مبادئ فيزياء الكم فإن الجسيمات المادية، مثل الإلكترونات، تُظهر خصائص موجية إضافة لخصائصها كجسيم مادي، مما يعني أنها يمكن أن تتصرف كموجة وتتداخل وتؤثر على بعضها البعض كما تفعل الأمواج.
كما يحدث أن يتفاعل جسيمان بطريقة تجعل حالة أحدهما مرتبطة بحالة الأخرى، ويكونا في حالة تشابك، بغض النظر عن المسافة الفاصلة بينهما. وإذا تم قياس حالة أحد الجسيمات، فإن الجسيم الآخر يتأثر على الفور، وهو ما يتحدى فهمنا التقليدي للزمان والمكان.
ويمكن لهذه الجسيمات أيضا أن تتجاوز حواجز طاقية تبدو مستحيلة، فيما يطلق عليه العلماء اسم "تأثير النفق" وهو ما يفسر ظواهر مثل النشاط الإشعاعي.
هذه الخصائص الغريبة، كانت وراء العديد من التطبيقات التقنية الأساسية في حياتنا اليوم مثل الحواسيب والإلكترونيات الدقيقة التي تقوم على الترانزستور.
إعلانوالترانزستور هو أول جهاز تطبيقي كمي يستعمل خصائص الكمية للإلكترونات داخل المادة كما تقول الدكتورة سهام الجزيري أستاذة الفيزياء الكمية في كلية العلوم بتونس.
تعتمد الترانزستورت على مبادئ ميكانيكا الكم، وتحديدا على حركة الإلكترونات داخل المواد شبه الموصلة وفق خاصية "تأثير النفق" التي تسمح للإلكترون بالدخول والخروج دون تعديل مجموعة الذرات المكونة للترانزستور.
وتتحكم هذه الترانزستورات في تدفق التيار الكهربائي، مما يسمح بتمثيل البيانات ومعالجتها. وبدون الترانزستورات، لم يكن من الممكن لجميع الأجهزة الإلكترونية من حولنا مثل الهواتف وأجهزة التلفاز والحواسيب أن توجد.
أشعة الليزرالليزر هو شعاع ضوء اصطناعي تم تطويره من قبل علماء الفيزياء من خلال تطبيق قوانين الكم، ويعتمد على مبدأ الانبعاث المحفز للإشعاع، وهو ظاهرة كمية تقوم خلالها فوتونات ذات طاقة محددة بتحفيز ذرات لإطلاق فوتونات أخرى بنفس الطاقة والطور والاتجاه، مما ينتج عنه شعاع ضوء متسق وعالي الكثافة.
وتشمل تطبيقات الليزر مجالات واسعة، من قراءة الأقراص الضوئية والاتصالات عبر الألياف الضوئية إلى الجراحة الدقيقة وحتى الأبحاث العلمية المتقدمة.
تقول الدكتورة الجزيري إن الليزر، يمثل مع الترنزستور أبرز أسس الثورة الكمية الأولى التي انطلقت منذ أواسط القرن الماضي.
عند درجات حرارة منخفضة للغاية، لا تتصرف الإلكترونات كجسيمات منفصلة داخل شبكة الذرات، بل تتحول إلى موجات عملاقة طبقا لقانون الموصلية الفائقة. وبفضل هذه الظاهرة الكمومية، يمكن للعلماء إنشاء حقول مغناطيسية كبيرة تشكل أساس تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي.
تتسبب هذه الموجات في اهتزاز نوى الهيدروجين (البروتونات) الموجودة في جميع الأنسجة الحية. وبما أن كل عضو يحتوي على كمية معينة من الهيدروجين ويكتسب بالتالي ترددا موجيا خاصا به (زنين طاقي)، يمكن إنتاج صورة ثلاثية الأبعاد للأنسجة الداخلية للجسم.
إعلان أنظمة تحديد المواقعتم إطلاق أول نظام عالمي لتحديد المواقع في عام 1978، وتستخدم اليوم هذه الأنظمة التي تعتمد على ميكانيكا الكم، على نطاق واسع في الهواتف الذكية وأنظمة الملاحة في السيارات، والمعدات العسكرية والعديد من التطبيقات الأخرى.
وتعمل أنظمة تحديد المواقع العالمية، مثل نظام "جي بي إس"، وفق الجزيري، باستخدام الساعات الذرية المضمنة في الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض. وعلى عكس ساعة البندول التي تعتمد على حركة البندول وتتأثر بالعديد من المتغيرات، فإن دقة الساعة الذرية تعتمد على الذرات عنصر السيزيوم المعروفة بثبات ترددها.
الحوسبة الكمومية ستقود الثورة الكمية الثانيةالحوسبة الكمومية هي تقنية ناشئة تستخدم مبادئ ميكانيكا الكم لمعالجة المعلومات بطرق جديدة. على عكس أجهزة الكمبيوتر التقليدية، التي تستخدم البتات كأصغر وحدة للمعلومات، تستخدم أجهزة الكمبيوتر الكمومية البتات الكمومية.
ويشرح الدكتور عادل الطرابلسي الفرق بين الحوسبة الكمية والتقليدية بقوله "في الحاسوب الكلاسيكي، يمكن للعمليات التي يتم إجراؤها بالبتات أن تكون لها قيمتان أو حالتان فقط هما صفر أو واحد. أما في الحاسوب الكمومي، فيمكن أن تكون البتات في الحالتين في الوقت نفسه (تراكب الحالات)، وتُسمى هذه الوحدات بالبتات الكمومية أو كيوبتات. كما يمكن أيضا ربط الجسيمات كميا بشكل وثيق مع بعضها البعض بفضل خاصية التشابك".
وأضاف المتحدث أن تطبيق هذين المبدأين يضاعف الاحتمالات الممكنة، وكأننا نقوم بعدة حسابات متوازية في الوقت نفسه. وهذا ما يسمح لحاسوب الكمومي بإجراء حسابات معقدة بشكل أسرع بكثير من الحواسيب الحالية، حيث إن العمليات التي تستغرق الحوسبة الكلاسيكية مئات السنين لحلها، قد لا تأخذ سوى ثوان قليلة في الحوسبة الكمية.
يجري حاليا تنافس كبير بين الباحثين لتطوير الحوسبة الكمية وقد بدأت تطبيقاتها تنتشر بالفعل، وفق الدكتورة سهام الجزيري مضيفة أنها في طور إحداث ثورة كمية ثانية.
إعلانمنذ أن وضع ماكس بلانك حجر الأساس قبل أكثر من قرن، تحولت الفيزياء الكمية من نظرية غامضة إلى قوة تكنولوجية تغير حياتنا. سواء كنت تتصفح هاتفك، أو تسخن طعامك في الميكروويف، أو تتابع موقعك على الخريطة، فإن الكم موجود حولك. وبينما نحتفل بهذا العلم في 2025، يبدو أننا على مشارف حدوث طفرة تكنولوجية جديدة ستجعل المستحيل حقيقة، وكل ذلك بفضل عالم الجسيمات الصغيرة الذي تحكمه قوانين فيزياء الكم الغريبة.